The Time-Bound Saint Believes in the Devil - 20
حتى المظهر البائس والمغبر الذي اعتقدته سابقًا، بدات الآن مثل الشخص المجنون بعمله لدرجة أنه لا يجد وقتًا للاستحمام.
لم تستطع ريليا أن تمنع نفسها من تغطية فمها بيدها.
‘إلريدا، أنتِ…!’
بالطبع، كل هذه كانت مجرد أوهام في مخيلة ريليا.
قامت ريليا بسرعة بمشاهدة الفساتين الأخرى. لطالما اعتقدت أنها لا تهتم بالملابس، ولكن ربما لم ترَ ملابس جيدة من قبل.
“ما رأيك؟”
“لم أرَ الكثير من الفساتين في حياتي، لكنها فعلاً جميلة.”
يبدو أن إلريدا تفضل التصميمات الفاخرة، لكن الفساتين كانت تنضح بجمال لا يتأثر بالذوق الشخصي، حتى بالنسبة لريليا التي لا تفضل الفخامة.
وبينما كانت ريليا تتفحص الفساتين، لفت انتباهها فجأة الفستان الأخير. وفي تلك اللحظة، شعرت بأنها تغرمت به.
اقتربت ريليا بسرعة وبدأت في فحص الفستان بتمعن. وأخيرا قررت.
سولار؟ بابينا؟ لا حاجة لأي شيء آخر. يجب أن أحصل على هذا!
“إلريدا! كم سعر هذا الفستان؟”
“ماذا؟ آه، هذا! يبدو أنك تمتلكين عيناً ناقدة!”
اقتربت إلريدا بسرعة صارخة، وجهها يشع بفرحة لأن ريليا سألت عن السعر.
هذا الفستان كان أقل بريقاً من بقية الفساتين التي صنعتها، لكنه كان يفوقها أناقة، وريليا وقعت في حبه من الوهلة الأولى.
هذا مناسب.
“أما هذا الفستان فهو…”
بدأت إلريدا بحماس في سرد ميزات وفوائد الفستان الذي صنعته. بصراحة، لم تفهم ريليا نصف ما قالت، أو بالأحرى أكثر من 80% مما قالته، لكنها أصرت على الاستماع.
لأنها وقعت في الحب! هكذا هو الحب بطبيعته.
“همم. لم أكن أنوي بيع هذه التحفة، لكن إذا كنت تريدينها بالفعل…”
بعد أن انتهت من الشرح، قالت إلريدا السعر بوجه مستحىّ قليلاً.
وبالطبع، لم تتنازل الصانعة عن السعر.
أفرغت ريليا ما لديها من جواهر ونقود لتجميع المبلغ.
حتى بعد جمع كل شيء، ما يزال المبلغ غير كافٍ قليلاً، فقالت إلريدا إنه يمكن لريليا دفع الباقي لاحقاً مراعاةً لصداقتهما.
رغم أنها وجدت نفسها فجأة مديونة، إلا أن ريليا لم تترد كثيراً، فقد فكرت أنه يمكنها بيع بعض الملابس غير المستخدمة لتغطية الدَين.
“لكن حقاً… قمت ببيعها لأنك طلبتِ، ولكن هل هذا حقاً يناسبك؟ ليس أنني أشك في جمالية الفستان، لكن إذا سألت سيدتك عن اسم الصانعة، فقد لا يكون اسمي مثيراً للفخر…”
بمعنى آخر، كانت إلريدا قلقة بشأن أن سيدة ريليا قد تقلق حول سمعة صانعة الفستان.
وبالطبع، كان هذا قلقاً لا داعي له. لان ريليا تختر الفستان لنفسها.
لكنها لم تستطع أن تقول ذلك مباشرةً، فاكتفت ريليا بالابتسام.
“سيدتي لا تهتم بهذه الأمور، لا تقلقي.”
“حقاً؟”
“نعم. هي شخص بلا أحكام مسبقة.”
شعرت ريليا ببعض الحرج وهي تقول ذلك.
“إذاً، سنمضي قدماً. لا أستطيع إعطائك الفستان بهذه الحالة، سأقوم بتعديله وفقاً لمقاسك. أعطني المقاسات والوقت والمكان الذي سأرسله إليه.”
سارعت ريليا بإعطاء القياسات. إلريدا، بعد سماع القياسات، مالت برأسها بشكل متعجب.
“مقاساتك تماماً؟ حقًا؟”
فوجئت ريليا، فقد شعرت بتورطها الفور. كيف يمكنها معرفة ذلك من النظر فقط؟
ضحكت ريليا محاولة تبرير ذلك بالقول إن بنيتها الجسدية متشابهة، ثم غيّرت الموضوع سريعًا بسؤالها إذا كان بالإمكان تحضير الفستان خلال يومين.
عندما أوضحت أنها بحاجة للفستان قبل اليوم الذي ستُعين فيه القديسة، لمعت عينا إلريدا.
“حفل تعيين القديسة؟ أليس هذا خاصًا بالنبلاء الكبار فقط؟”
“مم… نعم…”
“إذاً أنتِ خادمة لعائلة مرموقة أكثر مما توقعت. يومان… الوقت ضيق قليلاً، ولكن بما أنني عاطلة الآن، فأعتقد أنه يمكنني فعل ذلك.”
رغم أن هناك سوء فهم، لم ترغب ريليا في التوضيح. فهي مرشحة للقداسة في الحفل، وهذا ليس كذباً بالكامل، أليس كذلك؟
بعد إنهاء كافة المحادثات، تبقى بعض الوقت. فكرت ريليا أنه إذا عادت إلى العاصمة الآن، فقد تتمكن من زيارة المكتبة والبحث عن كتاب آخر.
بينما كانت تستعد للمغادرة، سألتها إلريدا:
“هل ستذهبين؟”
أومأت ريليا برأسها. كان يبدو على إلريدا بعض الأسى.
“أنتِ مشغولة لأن الوقت ضيق، وأنا لدي أعمالي أيضاً. سأذهب الآن.”
“يمكنني أن أبدأ من الغد!”
قالت ذلك وهي تمسك بطرف لباس ريليا. نظرت ريليا إليها بحيرة. بالنظر إلى شخصيتها حتى الآن، كانت تتوقع أن تودعها بدون كلام كثير، فهل هي لا تحب الافتراق؟
ترددت ريليا قليلاً. في نهاية المطاف، كانت تنوي قضاء اليوم بأكمله في البحث عن فستان، لذا لم يكن لديها مشكلة بالبقاء لبعض الوقت. رغم أنها شعرت أن الوقت ثمين جداً للقراءة، إلا أنها لا تستطيع تجاهل من ساعدتها عندما طلبت منها البقاء.
تنهدت ريليا بصوت منخفض ثم استدارت نحوها.
“حسنًا.”
ابتسمت إلريدا بوجه مشرق، فابتسمت ريليا أيضاً بشكل لطيف.
“كنت أود أن أقول ذلك منذ البداية، لماذا لا تذهبين للاستحمام أولاً؟”
انتظرت ريليا في غرفة إلريدا بالطابق الأول، وهي أنظف غرفة في المنزل. وأثناء الانتظار، قدمت لها إلريدا بعض الكوكيز لتأكلها حتى لا تشعر بالملل.
قضمت ريليا الكوكيز وابتسمت.
“إنها لذيذة. من أين حصلت عليها؟ علي أن أسألها لاحقاً.”
غير مدركة كم من الوقت مضى، فتحت الباب ودخلت إلريدا.
وكادت ريليا تسقط الكوكيز من فمها من شدة المفاجأة.
“أنتِ… أنتِ…!”
بعد أن استحمت وارتدت ملابس نظيفة، بدت إلريدا كشخص مختلف تماماً. لم تتخيل ريليا أبداً أن شعرها يمكن أن يبدو بهذا الجمال والنعومة.
“أنتِ، لماذا لم تقومي بذلك من قبل…!”
“المصممة نحتاج فقط لصنع الملابس بشكل جيد. ولكن مع ذلك، ارتديت أفضل ثيابي من أجلك.”
قالت إلريدا وهي تجلس على السرير.
لن يكون هناك شك في أنها لن تُطرد إذا ذهبت إلى سولار بهذا المظهر. بل ربما سيعتقدون أنها نبيلة ويستقبلونها بحفاوة. هذا التغيير كان مذهلاً إلى هذه الدرجة.
“…؟”
بينما كانت ريليا غارقة في أفكارها، بدأت تشعر بالغرابة.
تذكرت أنه قبل أن تذهب إلريدا للاستحمام، كان هناك بعض النمش على خديها. لكن من غير المعتاد أن يختفي النمش بعد الاستحمام…
نظرت ريليا مرة أخرى إلى وجه إلريدا. كان وجهها نظيفًا للغاية دون أي بقع. النظارات التي كانت ترتديها دائمًا عند خروجها، لم تكن على وجهها الآن.
هل رأيت بشكل خاطئ…؟
رغم أنها تعلم أن هذا غير ممكن، إلا أن ريليا فكرت بذلك. ففي النهاية، اختفاء النمش كان أقل واقعية من أن تكون رؤيتها مجرد وهم. هزت ريليا رأسها بخفة.
“مع ذلك، بوجود هذا الجمال الطبيعي، من المبالغة أن لا تهتمي بنفسك بشكل صحيح. هل قمتِ بخياطة هذا الفستان بنفسك؟ يبدو رائعًا عليكِ، كأنك نبيلة.”
لم تكن تلك مجرد مجاملة. في تلك اللحظة، كانت إلريدا تبدو أكثر نبلاً ورُقيًّا من أي نبيلة أخرى رأتها ريليا في حفلات الشاي.
بالطبع، بعد قول ذلك بدأت ريليا تضحك وقالت: “يا للغرابة، إلريدا نبيلة، هاهاها.”
ثم قالت إلريدا بهدوء:
“أنا نبيلة فعلًا.”
بوم.
أسقطت ريليا الكوكيز الذي كانت تحمله في يدها.
“…”
“…”
ساد الصمت.
هل سمعتُ خطأ؟ ريليا بدأت بتنظيف أذنيها وهي تحاول أن تستوعب ما قالته إلريدا. كانت تتوقع أن تضحك إلريدا وتقول إنها تمزح، لكنها لم تفعل.
هل أنا في حلم؟ ريليا قرصت خدها. كانت متألمة.
“على ماذا تتفاجئين بهذا الشكل؟ هل الأمر يستحق كل هذا؟”
سألت إلريدا بنبرة مذهولة. كانت الإجابة واضحة جدًا لدرجة أن ريليا شعرت بأنها لا تستحق الرد.
في الحقيقة، كان هناك الكثير من الأمور الغريبة. كيف لها أن تعيش في هذا المنزل الكبير وحدها؟ وكيف أن كل ملابسها فاخرة بشكل لا يصدق؟
عند التفكير في الأمر بعمق، لم تكن تلك الملابس من الأشياء التي يمكن صنعها بدون إنفاق الكثير من المال على الملابس والطعام. حتى لو لم تكن تعرف الكثير عن الملابس، لم تستطع أن تلاحظ إلا الآن.
ضحكت إلريدا بخفة عند رؤية نظرة الدهشة على وجه ريليا. ثم نهضت وجذبت ذراع ريليا لتجلسها على السرير.
“لا يجب أن تكوني مندهشة بهذا القدر. بعد أن تركت الأسرة، أصبحت مواطنة عادية الآن.”
لم تكن ريليا بحاجة إلى سماع المزيد لتفهم. من الواضح أن حياة إلريدا لم تكن حياة نبيلة عادية.
ربما كانت تجربتها مشابهة لتجربة ريليا، أو حتى أكثر صعوبة.
ثم بدأت إلريدا في سرد قصتها، وكأنها تحل لغزًا.
وُلدت إلريدا في الأحياء الفقيرة. وبعد أن ولدت، تتبعت والدتها والدها بفضل مظهرها، وأصبحت خليلة باستخدام الطفلة كوسيلة ضغط.
أن يدخل أحدهم خليلة من الأحياء الفقيرة لم يكن أمرًا مشرّفًا، لكنه كان أكثر شيوعًا مما يتصور الناس، فلم يضر كثيرًا بسمعة العائلة النبيلة. لكن حياة إلريدا، كونها ابنة للخليلة، كانت مليئة بالعثرات.
لم تتطرق إلريدا إلى تفاصيل حياتها المعقدة، ولم تسألها ريليا عن المزيد. اكتفت إلريدا بقول أنها عاشت في المنزل حتى سن السادسة عشرة، ثم توسلت إلى والديها للسماح لها بترك الأسرة.
لم تتحدث إلريدا عن لقب العائلة الذي تخلت عنه. وبالطبع، لم تكن ريليا مهتمة بمعرفته. شعرها البرتقالي وعيناها الخضراوان. تلك السمات وحدها كانت كافية لتحديد هويتها بسهولة، لكن لم تكن هناك حاجة لذلك.
تحدثت إلريدا عن كيف أن المنزل الذي تعيش فيه الآن قد حصلت عليه من والدها عندما غادرت، وأنه يرسل لها مصروفًا شهريًا بانتظام، وكيف أن حياتها أصبحت ممتعة جداً بعد مغادرتها لمنزل عائلتها.
“لو لم أغادر، لكنت ما زلت عالقة في العلية، غير قادرة على لمس القماش، وأرسم ملابس فقط على الورق.”
بالرغم من أنها تُعامل بازدراء من قبل أشخاص مثل إيدانا فايثوس وتُفصل من وظائفها، إلا أنها تشعر بالسعادة لأنها تعيش حياتها بحرية.
شعرت ريليا بشيء من الغيرة تجاه حياة إلريدا. خاصةً لأنها كانت تفكر في مغادرة المنزل بعد سنتين.
هل كنت مترددة للغاية؟ ماذا لو كنت قد توسلت إلى والديّ مباشرةً بعد أن تحسنت صحتي، بدلاً من جمع المال للاستعداد للمغادرة مثلما فعلت إلريدا؟ هل كانوا سيوافقون؟
‘… لكن الآن فات الأوان…’
مع اقترابها من أن تصبح قديسة، من المستحيل أن تسمح لها عائلتها بالمغادرة. عندما تنهدت ريليا بعمق، ربما ظنت إلريدا أن تنهدها يعود إلى شعورها بالإحباط بسبب قصتها، فربت على ظهرها بخفة متحدثة بنبرة حيوية لتعطيها دفعة من الطاقة.
“لماذا تتنهدين؟ دعينا نتحدث عن شيء آخر. هل تريدين بعض الكوكيز؟”
شعرت ريليا بأن لا داعي لتوضيح موقفها، فاكتفت بالإيماء برأسها. ثم غيرتا موضوع الحديث، واستمرتا في تبادل القصص الممتعة دون أن تشعرا بمرور الوقت.