It Is Not Your Child!? - 3
في تلك اللحظة التي كانت تهرول فيها بسرعة أسفل التل دون حتى أن تجرؤ على الالتفات لمعرفة المسافة التي تفصلها عن مطاردها.
“آه!”
علقت نهاية عصاها بحجر بارز. ومع سقوط العصا من يدها، انحنى جسدها إلى الأمام فجأة. سقطت على منحدر التل وبدأت تتدحرج، وفكرت إيريكا أثناء تدحرجها:
“نعم، التدحرج أسرع من الجري.”
لكن عندما توقفت عند أسفل التل، تغير رأيها.
رفعت رأسها من بين الأعشاب الطويلة لتجد نفسها تقف وجهًا لوجه مع الذئب الذي لحق بها. حاولت النهوض بسرعة، لكنها فقدت قوتها وسقطت مجددًا.
“لا… لا تقترب! أنا قاسية المذاق ولن يعجبك طعمي!”
كانت أمها دائمًا تقول إن لحمها صلب مثل الأوتار حتى أن الدببة ستتخلى عنها بعد قضمة واحدة.
لكن الذئب، الذي لم يفهم هذا التحذير الغريب، أخذ يشم رائحتها واقترب بخطوات بطيئة. وبينما كانت إيريكا تزحف للخلف بخوف، شعرت بشيء في يدها.
لقد كان الفأس الذي تحمله دائمًا للدفاع عن النفس والمربوط حول خصرها.
لم تنسَ إيريكا تجربتها في حياتها السابقة عندما قُتلت أثناء دفاعها عن نفسها بيدين فارغتين أمام خاطفيها. منذ أن تعلمت المشي، لم تفارقها أداة الدفاع هذه.
ولهذا السبب كانت تحتفظ به لهذه اللحظة تمامًا.
“آه…!”
عندما قفز الذئب باتجاهها، لوّحت بالفأس وأصابته في فمه مباشرة. لكن عندما هز الذئب رأسه بعنف، طار الفأس بعيدًا.
“أوه لا…”
أصدر الذئب زئيرًا مخيفًا، كاشفًا أنيابه الحادة بينما كان يقترب منها. لم تترك حتى خدشًا بسيطًا على جلده القاسي، مما أثار غضبها حقا.
“هل ولدت من جديد فقط لأكون وجبة شهية لهذا الذئب الجائع؟”
فتح الذئب فمه و أغمضت إيريكا عينيها، تغطي وجهها بذراعيها.
“لا أريد أن أموت بهذه الطريقة!”
أريد أن أموت براحة في هذا العالم المعقد!
في اللحظة التي كانت تتمنى فيها أمنيتها السخيفة ، ومض ضوء قوي عبر جفنيها المغلقين. سُمع صوت تحطّم، تبعه صرخة قصيرة.
‘لم يكن هذا صوتي، أليس كذلك؟’
ثم حلّ الصمت. سمعت ايريكا صوت خطوات قادمة من بعيد، ففتحت عينيها.
“ما الذي حدث هنا؟”
رأس الذئب، الذي كان على وشك أن يقتلها، كان مشقوقًا إلى نصفين، وفأسها مغروس في منتصفه.
نظرت بعيدًا لترى ظلًا يقترب منها. بسبب وقوفه عكس الشمس، لم تتمكن من رؤية وجهه بوضوح، لكنه كان رجلًا طويلًا ذو أكتاف عريضة.
هل هو مجرد مرتزق عابر؟
توقف الرجل الذي كان يمشي على مهل وبدأ يركض نحوها.
“إيريكا؟”
‘هل يعرفني؟’
“أنت إيريكا، أليس كذلك؟”
“من أنت؟ لا أظن أنني أعرف رجلًا وسيمًا مثلك…”
تحدث إليها الرجل غير المألوف الذي ركض نحوها بنبرة ودية، ثم انحنى ومد يده إليها.
“هل أنت بخير؟”
“…..”
“هل أصبتِ ؟”
كانت إيريكا تحدّق في وجهه بدهشة، ثم مدت يدها بتردد وأمسكت بيده الكبيرة.
هذا الرجل لم يكن غريبًا عليها.
على الرغم من كل المفاجآت التي مرّت بها في تلك اللحظات القصيرة، فإن المفاجأة الأكبر كانت أن هذا الرجل الذي ظهر فجأة لينقذها…
“رودريك؟”
كان صديق طفولتها الذي اختفى منذ خمس سنوات.
***
هل هو حقًا رودريك؟
“إيريكا، لماذا لا تجيبين؟ هل أصبتِ رأسك؟”
ظهر صديقها الذي اختفى فجأة، ولم تصدق ما تراه. نظرت إليه من رأسه حتى أخمص قدميه بذهول. وفجأة، وضع يديه على وجنتيها.
“انظري إليّ.”
رفعت ايريكا رأسها تلقائيًا والتقت عيناها بعينيه. كان اللون الأزرق الداكن كما تذكرته تمامًا.
تجعدت حاجباه قليلاً وهو يفحص وجهها بعناية. انتهزت إيريكا الفرصة لتحدق في وجهه الذي لم تره منذ وقت طويل.
‘هل هذا حقًا رودريك؟’
نفس النظرة الحادة. أنفه المستقيم الحاد الذي يبدو كأنه قادر على قطع الأشياء. وحتى تلك النقطة الصغيرة في طرف شفتيه التي لا يمكن ملاحظتها إلا عن قرب.
نعم، كان رودريك الذي تعرفه. لكنه بدا أكثر نضجًا و رجولة مما تتذكره.
بعد كل شيء، مضت خمس سنوات منذ آخر مرة التقيا، وهذه السنوات كانت كافية لتحويل الصبي الوسيم الذي كان يتسابق مع راعية مثلها إلى شاب بالغ أطول منها بكثير.
ارتجف رودريك، الذي كان يتفقد وجه إيريكا بحثًا عن أي جروح، عندما التقت عيناه بعينيها… .
“آه…”
خفض رودريك عينيه وسحب يديه عن وجهها بسرعة كما لو أنه كان يحترق بالنار.
“لقد ارتكبت خطأ ، أعتذر.”
“آه، وأنا أيضًا…”
تراجعت إيريكا بسرعة عندما أدركت فجأة أنها كانت تلمس خديه أيضًا.
‘كان الوضع غريبًا بعض الشيء بالنسبة لشخصين بالغين.’
كانا يمسكان وجهي بعضهما وينظران مباشرة في عيني بعضهما البعض. لو رآهما شخص غريب، لظن أنهما على وشك تبادل قبلة.
هبّت نسمة ريح خفيفة بذكاء، لكنها لم تبدد الإحراج الذي كان يحوم بين الاثنين بعد ابتعادهما خطوة عن بعضهما.
في وسط هذا الصمت الغريب، فتحت إيريكا عينيها ببطء. كان رودريك يخفض بصره إلى الأسفل بزاوية حادة بينما يمرر يده المرتدية قفازًا على مؤخرة رقبته. كانت البقعة التي لمسها قد احمرت مثل الفراولة البرية في الحقول.
“احم احم…”
نظفت إيريكا حلقها فجأة ونفضت العشب وبتلات الزهور عن تنورتها.
“أنا لم أتعرض لأي إصابة.”
“هل أنتِ متأكدة؟”
عندما نظر إليها رودريك بعينين مشككتين، حركت ذراعيها بقوة مثل الجندي وأخذت تخطو في مكانها.
ولكن، لماذا حركت ذراعها وساقها من نفس الجهة في الوقت نفسه؟ مشهدها المضحك جعل رودريك يضحك ضحكة خفيفة.
تلاشت النظرة التي توحي وكأنه يشاهد مريضة في حالة خطيرة قد تموت في اي لحظة ، و هذا ما جعل إيريكا تشعر بتحسن. لكن لسبب ما، احمرت مؤخرة عنقها هذه المرة.
“شكرًا لأنك أنقذتني. لو لم تكن هنا، لكنت وجبة غداء للذئب.”
حاولت إيريكا التظاهر بالهدوء.
“ولكن…”
عندما بدأت صدمة إيريكا تخف وبدأت تعود إلى وعيها، تدفقت الأسئلة في رأسها.
لماذا أنت هنا؟
لا، أين كنت وماذا كنت تفعل طوال هذه الفترة؟
اختفى صديقها فجأة وظهر الآن فجأة، تمامًا مثل أمير على حصان أبيض، في اللحظة التي كانت على وشك الموت.
أمير على حصان أبيض؟
فارس على حصان أبيض.
لا، ليس من الممكن أن يكون فارسًا.
لم يكن ذلك لأن مهارات رودريك في استخدام السيف سيئة، بل لأن الفارس في هذا العالم لا يمكن أن يكون إلا من طبقة النبلاء، وهذا ما جعلها تفكر بهذا الشكل.
‘لكن، ما قصة هذا الحصان؟’
حصان أبيض كان يقترب ببطء من بعيد وبدأ بفرك أنفه على كتف رودريك. لم يكن مجرد حصان عابر، بل كان حصان رودريك.
‘ليس فقط أن الخيول باهضة الثمن. بل إن هذا حصان أبيض أيضا!’
لكن كان هناك شيء أكثر إثارة للدهشة.
أمسكت إيريكا بفأسها الذي كان مغروسًا في جثة الذئب وسألت
“كيف فعلت ذلك؟”
كان من المدهش أن يرمي الفأس من بعيد و يصيب الذئب بدقة، لكن أن يقتله بضربة واحدة…؟ وبهذه الفأس القديمة؟
عندما ضربته ايريكا بكل قوتها، لم تستطع حتى خدش جلده السميك.
“هل ما زلتِ تظنيني رودريك الضعيف الذي عرفته سابقًا…”
“لا.”
رؤية أكتافه العريضة وعضلاته البارزة تحت قميصه كانت كافية لإثبات العكس.
“ما أقصده هو أن الأمر مستحيل مهما كانت قوتك.”
مد رودريك يده بسرعة وانتزع الفأس من يد إيريكا.
“هذا ما كنت سأقوله. من ماذا صنعتِ هذا الفأس؟”
“آه؟ اشتريته من حداد القرية المجاورة قبل ثلاث سنوات.”
“هل تريدين مبادلته بفأسي؟”
عندما أخرج رودريك فأسه من ظهر حصانه، انتزعت إيريكا فأسها بسرعة وأخفته خلف ظهرها.
“لا. لماذا أستبدله؟ إنه فأس جيد.”
“ماذا عن مقايضته بقطعة ذهب؟”
“واو، أخيرًا وجد الفأس مالكه الحقيقي!”
تمت عملية المقايضة على الفور: الفأس القديم وقطعة ذهب مقابل الفأس الجديد.
‘لقد ظننت أنه سيشتري فأسي القديم فقط، فلماذا أعطاني فأسه الجديد أيضًا؟’
لقد كان الفأس الجديد أقوى وأكثر دقة بكثير.
“لابد أنه مكلف للغاية.”
وكان يحتوي أيضًا على حبل جلدي مربوط في نهايته، مما يعني أنه لن ينزلق من يدها كما حدث من قبل.
“واو، هذا رائع!”
بينما كانت إيريكا تقطع جذع شجرة بالقرب منها بحماس، لاحظت وهجًا أزرق خافتًا ينبعث من خلف رودريك. لكنه اختفى بمجرد أن رفع يده، وعاد الفأس القديم إلى حالته الأصلية .