It Is Not Your Child!? - 2
ناول كبير السكرتارية الحقنة ثم غادر نحو خزان المياه بجانب الطريق بحجة أنه بحاجة إلى التبول.
أما الأخ المزيف، فلم يفرّط في قبضته على شعر إريكا، وأزال غطاء الحقنة بأسنانه وبصقه بعيدًا. تلألأت الإبرة الحادة تحت ضوء القمر وهي تتجه نحو عنقها.
“اجعلي الأمر سهلًا على نفسكِ…”
“هذا مستحيل!”
كبت الغضب لا يعني الاستسلام، بل هو وسيلة لتهيئة الفرصة المناسبة للهجوم. بلمح البصر، نطحت إريكا رأسه بقوة مستخدمة جبينها.
“آااه!”
“أااه!”
صرخ الاثنان في نفس اللحظة. شعرت إريكا بالدوار للحظة ورأت النجوم تتطاير أمام عينيها، لكنها صححت فكرتها عنه—لم يكن مجرد أحمق، بل كان رأسه صلبًا كالصخر.
تمايل الرجل متألمًا، وخفّ ضغط قبضته على شعرها. لم تفوّت إريكا الفرصة، فحرّرت نفسها ووجّهت لكمة بكلتا يديها المقيدتين مباشرة إلى وجهه.
“أرغ!”
“آه!”
لابد أن وجهه مصنوع من الحجر أيضًا.
ترنح الرجل ثم سقط على الأرض، وسقطت معه الحقنة، التي قُذفت في الهواء قبل أن تختفي وسط الأعشاب المظلمة.
رغم أنها تمكنت من إسقاط رجل ضخم أقوى منها، إلا أن القلق تسلل إليها.
كانت لا تزال مقيّدة اليدين والقدمين. في هذه الحالة، لن تتمكن من الهرب بعيدًا قبل أن يمسكوا بها مجددًا، ولا يمكنها حتى سرقة السيارة والفرار.
“هيه، يبدو أنكَ لا تفهم الوضع بعد…”
قررت إريكا أن تلجأ إلى الإقناع.
“لقد أرسلت نتيجة اختبار الأبوة إلى والدي عبر الرسائل بالفعل.”
تجمد الرجل في مكانه وهو يحاول النهوض.
“حسنًا، فكر في الأمر… إذا لم أعد سالمة من هذا، فمن سيكون المشتبه به الأول؟ إذا اكتشف والدي اختطافي قبل أن تعيدوني، فسيبلغ الشرطة، وقد ينتهي الأمر بك إلى أسوأ سيناريو ممكن…”
يبدو أن وصفه بالأحمق كان تقييمًا مبالغًا فيه. حتى بعد أن وضعت له قطعة الخبز كطريق النجاة، لم يستطع تتبعها أو حتى استيعابها. بدلاً من ذلك، استدار بعينيه المجنونتين ونهض فجأة ليهاجمها مجددًا.
“لا يهم!”
كان غارقًا في أوهامه، يكرر نفس الكلمات كالمجنون، بينما يطبق بكلتا يديه على عنقها بعنف.
“إذا اختفيتِ، سأصبح الملك الوحيد لهذه المجموعة.”
بدأت أطراف إريكا ترتخي، وبدت وكأنها توقفت عن التنفس. عندما لاحظ ذلك، ارتخت يداه عن رقبتها.
“هاي… هاي! استيقظي!”
لم يكن يملك حتى الفطرة الأساسية للتحقق من نبضها. حاول صفعها برفق عدة مرات، وعندما لم تستجب، بدأ في الذعر كالأطفال، متجولًا أمام جسدها الملقى على الأرض.
“تبا… اللعنة… لم يكن من المفترض أن تموت! إذا ماتت، سأتلقى العقاب…”
في تلك اللحظة، سمع أصوات خطوات تقترب من جهة خزان المياه. ارتبك بشدة، ثم سارع برفعها ووضعها داخل صندوق السيارة مرة أخرى.
كانت يداه ترتجفان بشدة.
“ماذا؟ هل حدث شيء؟”
“آه، لا… لا شيء على الإطلاق.”
“هل أصبحت هادئة؟”
“نعم؟ آه، نعم.”
“إذن، لننطلق قبل أن تستيقظ مجددًا. نحن في عجلة من أمرنا، العجوز بدأ بالبحث عنها مجددًا.”
“في الواقع، هناك شيء يجب أن أخبرك به…”
بدا أن عقله المتأخر بدأ يعمل أخيرًا، فقام بإبلاغ كبير السكرتارية بالكلمات التي قالتها إريكا سابقًا.
“ماذا؟ تبا… اللعنة. وأنت، لماذا لم تمنعها من فعل ذلك؟!”
“ك-كيف كان يمكنني منعها؟ المراقبة لم تكن مسؤوليتي، بل كانت مسؤولية والد… أقصد، مسؤوليتك أنت يا سيد كيم…”
“هل تجرؤ على مجادلتي الآن؟! أعاملك كالسيد الشاب، فبدأت تظنني تابعًا لك؟!”
أخرج كبير السكرتارية غضبه على ابنه، ثم أغلق صندوق السيارة بعنف.
“هيا، قد السيارة بسرعة! ماذا تنتظر؟ تحرك!”
“نعم، نعم!”
عندها فقط تمكنت إريكا من أخذ نفس عميق داخل الظلام، محاولة تهدئة أنفاسها التي كانت تحبسها طوال الوقت.
سمعت الأبواب تُغلق بقوة، ثم هدير المحرك وهو يعمل. أخذت لحظة لإعادة ترتيب أفكارها.
‘بما أن كبير السكرتارية لديه عقل، فمن المحتمل أنه سينقذني و يستخدمني كورقة مساومة لإنقاذ نفسه…’
…و بالطبع كان التوقع خاطئا بسبب المتغير غير المتوقع—الشخص الذي يمسك عجلة القيادة بيدين مرتعشتين.
“آاااااه!”
ما إن انطلقت السيارة، حتى مالت إلى الأسفل بشكل مفاجئ واتجهت نحو شيء ما بسرعة كبيرة.
تحطم!
دوّى صوت ارتطام هائل، وفجأة بدأ الماء البارد يتسلل من خلال شقوق صندوق السيارة. لقد اندفعت السيارة مباشرة إلى خزان المياه!
“ما هذا؟! من يقود هذه السيارة؟!”
في حالة من الذعر، دفعت باب صندوق السيارة بأقصى ما تستطيع، و هي تلعن الرجل ذو الرأس الحجري الذي من الواضح أنه أخطأ في الفرامل ودواسة الوقود. كانت تتساءل من أصدر له رخصة القيادة، لكن الباب لم يتزحزح، ربما بسبب ضغط الماء.
“اغغ…”
تم غمر صندوق السيارة في الماء في لحظة. حبست إيريكا أنفاسها لأنه لم يكن هناك حتى جيب هوائي لتتنفس منه، وعززت إرادتها تجاه الحياة التي أصبحت تدريجيًا بعيدة في وعيها المتلاشي.
‘هل تعتقدون أنني سأموت هكذا؟! لن أموت قبل أن أنتقم منكم جميعًا!’
في آخر لحظة، جمعت كل ما تبقى من قوتها و ضربت الباب بجسدها بأقصى ما تستطيع.
*آآآه!*
فُتح الباب فجأة، و دفعتها المياه إلى الخارج.
استنشقت الهواء بعنف. هل خرجت بالفعل إلى السطح؟ كان جسدها مشبعًا بالماء بالكامل، لكنها كانت قادرة على التنفس، مما يعني أنها نجت.
“آه”
…هاه؟
لكن لماذا بدا صوتها هكذا؟
أغلقت فمها بصدمة. في تلك اللحظة، شعرت بشخص يرفعها بلطف.
هل هو رجل الإنقاذ؟
“إنها فتاة سليمة.”
على عكس توقعاتي، كان الصوت الذي سمعته صوت امرأة مسنّة.
‘فتاة سليمة؟ هل أنجبت إحداهنّ طفلاً؟ إذن، هل نُقلتُ بالفعل إلى المستشفى؟’
شعرت بالضوء يخترق جفني، ففتحتهما على الفور. في تلك اللحظة، وقع نظري على انعكاسي في الماء… والتقت عيناي بعينيّ فتاة صغيرة.
‘هاه؟ لماذا شعري أشقر مائل إلى الوردي؟!’
وجهي بدا أصغر بكثير مما كنت أذكر—أصغر بحوالي 30 عامًا!
‘لحظة، هذا الوضع…’
لم أنجو من السيارة إذن. لا، لقد متّ وأُعيدت ولادتي في جسد آخر!
ليس هذا فقط، بل يبدو أنني الآن في عالم خيالي مليء بالتنانين والأرواح والشعر الوردي المشرق!
‘إذا كنت سأموت، ألم يكن من المفترض أن أعود بالزمن إلى الوراء؟! لماذا تجسّدتُ في جسد آخر؟! وماذا عن انتقامي؟ هل رأى والدي نتيجة اختبار الأبوة؟ هل نجا من قتلني؟ هل قُبض عليه؟ هل دخل السجن؟ كان يمكن على الأقل أن يخبرني أحد بهذه الأشياء! كيف يمكنك أن تغفو هكذا بعد أن جعلت نهايتي بهذا الشكل، أيها الحاكم؟!’
لكن بغض النظر عن مدى صراخي، فإن الصوت الوحيد الذي خرج من فمي كان…
“واااه! آآآه!”
“إريكا، لماذا تبكين مجددًا؟ لقد أطعمتكِ للتو.”
‘هل تتوقعين أن أكون قادرة على الأكل في هذه الحالة؟!’
قضيت عامي الأول في هذه الحياة الجديدة غارقة في البكاء. لا بد أن والديّ الجدد اعتقدا أنني مجرد طفلة مزاجية، لكنني كنت أبكي مظلومة بحق!
ثم، في أحد الأيام، شعرت فجأة وكأن ومضة من الإدراك قد ضربتني.
‘ربما لم أُعد بالزمن إلى الوراء، بل تجسّدتُ في جسد آخر لأن حياتي السابقة كانت ميؤوسًا منها تمامًا… ربما هذه رسالة من الحاكم لي لأبدأ من جديد!’
قد يكون هذا مجرد تفكير عابر، خاصة بعد تناول وجبة مشبعة والنوم بعمق. لكن مقارنة بحياتي السابقة، حيث كنت أدرس وأعمل بلا توقف لكسب رضا والدي، فإن تناول الطعام والنوم بدون قلق كانا أكثر إرضاءً.
وهكذا، في ذلك اليوم، اتخذت إريكا قرارها
الحياة القصيرة والمضطربة مرهقة جدًا. في هذه المرة، سأعيش حياة هادئة وطويلة.
وُلدتُ هذه المرة في قرية جبلية نائية داخل مملكة بعيدة. اسمي إريكا. لا أملك اسم عائلة. لم أولد بملعقة ذهبية، ولا حتى ملعقة حديدية—أنا ابنة مزارع فقير.
هل هناك مكان أكثر مثالية للعيش كإنسانة عادية تسعى لحياة عادية؟
‘رائع. هذه الحياة ستكون هادئة وسلمية، وليست مليئة بالفوضى مثل السابقة.’
في البداية، كان كل شيء يسير وفق خطتي تمامًا. حياة هادئة جدًا، تكاد تكون مملة. لكن في ربيع عامي العشرين، تسببتُ في حادث قلب هذه الحياة الهادئة رأسًا على عقب!
***
في أحد الأيام المشمسة، حيث كانت الأغنام ترعى بهدوء على تلال خضراء أسفل جبل شاهق، صدح صوت غناء اليوادل بين الحين والآخر.
{ اليودل نوع من الموسيقى}
استنشقتُ عبير الأزهار البرية التي جلبها النسيم العليل، ثم نطقتُ بكلمات بدت غير متناسبة مع المكان:
“حتى جبل جُمكانغ لا بد من زيارته بعد تناول الطعام!”
بمجرد أن رفعت القماش الذي كان يغطي السلة، انتشر في الهواء عبير طعام شهي.
كان غداؤها اليوم عبارة عن شطائر مصنوعة من خبز الشوفان الطازج، مع البطاطا المهروسة والبيض المسلوق والبصل المفروم، ممزوجة مع الزبدة والملح.
أخذت إريكا قضمة كبيرة، وارتسمت على وجهها ابتسامة مشرقة كأشعة الشمس.
“هذه هي السعادة الحقيقية.”
وهكذا، كانت تستمتع بوجبتها البسيطة بسلام، حتى…
خشخشة.
لكن السلام لم يدم طويلًا.
“ذئب!”
على بعد عشر خطوات، انشقّت الأدغال ليظهر رأس ذئب رمادي، يحدق بعينيه الصفراء الجائعة نحو نعجة وصغيرها، اللذين كانا يرعيان قرب الأشجار.
“مستحيل!”
كانت هذه الأغنام مملوكة للورد الإقطاعية، مما يعني أنه في حال قُتلت، سيكون على إريكا دفع ثمنها.
بمجرد أن استوعبت ذلك، تلاشت صورة “الأميرة الهادئة” التي كانت تستمتع بغدائها الأنيق!
كان مظهرها أشبه براعية أغنام صلبة لا تخشى شيئًا، أكثر من كونه مظهر فتاة نبيلة رقيقة!
رمت إيريكا خبزها على الفور وأمسكت بعصا الرعي، وبدأت تلوّح بها بعنف أمامها وهي تركض نحو الذئب، صارخة بصوت عالٍ مثل أي راعية أغنام شجاعة.
“ابتعد من هنا !”
ولكن، بدلًا من أن يهرب الذئب، كانت الأغنام هي التي فرت مذعورة.
“ما هذا؟ لماذا لم يهرب الذئب؟”
عادةً، عندما يفعل الناس ذلك، يصاب الذئب بالخوف ويفر هاربًا. ولكن هذا الذئب، بدلًا من التراجع، اندفع مباشرة نحو إيريكا. كانت عيناه الجائعتان تلمعان بوضوح، مستهدفةً إياها.
“يا إلهي، هذا ليس جيدًا!”
استدارت إيريكا على الفور واستأنفت الركض بأقصى سرعة، وكأن النيران تشتعل تحت قدميها.
“إذا ماتت أغنام اللورد، فسأدفع ثمنها، لكن إن متُّ أنا، فلن يعوّضني أحد عن حياتي!”
اهتزت الأرض تحت قدميها بسبب الدوس العنيف للذئب من خلفها، وسرعان ما بدأت تسمع التنفس الثقيل لحيوان يركض نحوها في مكان قريب.
“هل… هل سينتهي بي الأمر مأكولة؟!”