I'm the villains' favorite - 1
- الصفحة الرئيسية
- جميع القصص
- I'm the villains' favorite
- 1 - ظهُور خالِي الذِي لم أعلم بوجُودِة قَط؟
الفصل الأول
“يا لقسوتك.”
قالتها امرأة في منتصف العمر، بصوت بارد، وهي تعنف فتاة صغيرة وتصفعها على وجهها.
صفعة قوية ترددت أصداؤها، وأدارت رأس الفتاة التي لم تتجاوز الثانية عشرة من عمرها. كانت نحيفة، هزيلة، تثير الشفقة. وبملامح بريئة، لم يكن للعين أن ترى فيها قسوة تُذكر، وكأن وصف المرأة كان بعيدًا عن الحقيقة.
“أليست تلك السيدة فاليس؟ ما الذي اقترفته هذه الصغيرة حتى تُعامل بهذه القسوة؟”
نطقت امرأة أخرى بدهشة، وقد وضعت يدها على فمها محاولة كتمان صدمتها. فجاءها الرد سريعًا ودون اكتراث.
“لا أعلم، لكن دعكِ منها. تلك الفتاة هي الابنة الكبرى لعائلة لانشوس.”
“آه، إذًا هي…!”
بمجرد أن سمعت السيدة الأخرى أنها ابنة اللانشوس، تلاشت مشاعر التعاطف من قلبها.
لوميانا لانشوس.
الابنة الكبرى لأسرة الكونت لانشوس.
وليدة زواج سياسي خالٍ من المشاعر، لم تترك لها والدتها المتوفاة سوى حياة ملؤها البؤس.
فما كان من والدها إلا أن تزوج بأخرى فورًا، وتُركت لوميانا لتعيش كالظل في قصر العائلة. وبعد وفاة والدها، استمرت حياتها تحت وطأة الظلم والجور.
“لا شك أنها ستهرب باكية قريبًا، فهي مجرد طفلة صغيرة.”
الجميع توقع أن تنتهي هذه الحادثة في لحظات، فما كانت لوميانا إلا طفلة، بلا قوة أو خبرة في مواجهة تلك المرأة.
بالفعل، بدأت الدموع تتجمع في عينيها.
“منذ جنازة والدتك، كنت أعلم أنكِ طفلة شريرة، شريرة كأمك.”
بدت المرأة واثقة من نفسها، وكأن نظرات اللامبالاة من الآخرين كانت دليلاً على تأييدهم لها.
بثقة متزايدة، راحت المرأة تُلقي بأشد الكلمات قسوةً، مما أثار قلقًا بين الحاضرين. لكن لم يكن هذا القلق بسبب الفتاة “لوميانا”.
“ألا ترون أن هذا كثير، حتى وإن كان أثناء الجنازة؟”
“إنها جنازة، وينبغي أن يسودها الاحترام، لكن ما يحدث الآن غير لائق تمامًا.”
في وسط هذا الجو الحزين والمهيب، كان الكونت لانشوس وزوجته الثانية، والدا لوميانا من جهة والدها وزوجة أبيها، قد وافتهم المنية في حادث مؤسف، والجنازة كانت تجري في ظل صمت تام وخشوع.
لكن ما حدث كان أشبه بمشهد مبتذل من روايات العامة، مما أثار استياء النبلاء. ومع ذلك، لم يرغبوا في تفويت هذا العرض العجيب، فأبصارهم لم تغادر لوميانا ولا تلك المرأة.
كانت رموش لوميانا المرتجفة تشير إلى تأثرها، وعيناها المحمرتان بالدموع تُظهران الحزن. أما وجنتاها البيضاوان، فقد تركت عليهما صفعة المرأة أثرًا أحمر واضحًا.
ظن الحاضرون أنها ستشكو ظلمها في أي لحظة، وأخذوا يخمنون أنها لم تستطع الرد بسبب ضعفها. لكن الحقيقة لم تكن كذلك.
‘لقد عضضت داخل فمي بالخطأ، كم هي قوية هذه المرأة رغم سنها!’
كانت لوميانا تستمع إلى كلمات المرأة بغير اكتراث، تسمعها بأذن وتُخرجها من الأخرى.
“أيتها الفتاة! هل تستمعين إلى حديثي؟”
كانت لوميانا شاردة، حتى أفاقت على صرخة المرأة القوية، فرفعت عينيها ونظرت إليها بتركيز.
تلك المرأة كانت شقيقة الكونت لانشوس الراحلة.
‘هل هي عمتي؟’
بما أنها من عائلة والدها، فلا شك في ذلك.
“يا سيدتي، أليس من الأفضل أن نتحلى بالصمت في أثناء الجنازة؟” قالها رجل محاولاً تهدئة الأمور، بينما كان يراقب الوضع بحذر.
لكن المرأة صرخت قائلة: “هل لم تسمع ما قالته هذه الفتاة؟ لقد تمنت موت والديها! مثل هذه الفتاة المتعجرفة لا تُصلحها إلا صفعات قاسية.”
تمنت الموت.
نعم، لقد قالت تلك العبارة، ولكن لم يكن المقصود بها والديها، بل نفسها.
مسحت لوميانا وجنتها الحمراء بلا تعبير يذكر على وجهها.
كانت صدمة عمتها قد أفادتها جزئيًا، فقد استيقظت من حالة الذهول وأدركت أن ما يحدث ليس حلمًا بل واقعًا.
ولكن إن كانت الصدمة قد جعلتها مطيعة، فلا، هذا لم يحدث.
‘لو أن الصفعة يمكن أن تغيرني، لكنتُ شخصًا جيدًا عندما تُصفع يميني، وسيئًا عندما تُصفع يساري.’
لو كان تغيير الناس بتلك البساطة، لكان الأمر مريحًا.
كانت تفكر بذلك ببرود، حتى التقت عيناها بعيني عمتها، والتي كانت تنظر إليها بنظرة حادة وكأنها تريد أن تمزقها إربًا. وفي تلك اللحظة…
تقدمت لومينا بخطوة ثابتة نحو عمّتها، ثم…
صفعة!
هذه المرة كان الدور على خد العمة، فقد صفعته لومينا دون أدنى تردد.
تدلت شفتا العمة قليلاً، وكأنها لم تستوعب الموقف للحظات.
“أنتِ… أنتِ الآن ماذا…!”
صاحت العمة بعينين متسعتين، غير مصدقة لما جرى.
وردت عليها لومينا، دون أن يظهر عليها أي أثر للخوف أو التردد، بوجهها البريء والهادئ.
“ألم تقولي أن الصفعات تعيد العقل إلى صاحبه؟ يبدو أن عمتّي بحاجة لأن تعود إليها رشدها.”
“أجننتِ؟ أنتِ بلا شك فقدتِ صوابك!”
كان واضحاً أن العمة، التي كانت قد توقعت أن تتلقى لومينا الصفعة بصمت، قد اشتعلت غضباً لدرجة أن الرغوة كادت تخرج من فمها.
أما لومينا، فكانت تتصرف ببرود وثقة على عكس العمة المتوترة.
“أنا في كامل قواي العقلية، ولكن يبدو أن عقل عمتّي لم يعد إليها بعد. هل ترغبين في صفعة أخرى لتعود لكِ حواسكِ؟”
كان في حديثها نوع من الرقة التي زادت من هول الموقف.
شحب وجه العمة حتى صار كالشمع.
“أيتها المجنونة!”
“واو، كيف عرفتِ ذلك؟ إنه حقاً لقبي بين الناس.”
ردت لومينا بعينين ثابتتين دون أن ترمش.
“إذا كنتِ تعلمين أنني مجنونة، ألم يكن من الأفضل لكِ أن تبتعدي عن طريقي؟”
لو كانت هذه الفتاة الصغيرة لا تزال بريئة، لما تجرأت على النطق بكلمة واحدة أمام أقاربها الأكبر منها بكثير، بل لكانت استسلمت تماماً.
‘وهذا ما كان يحدث بالفعل.’
لكن الأمور لم تعد كما كانت.
‘في منزل ليس لدي فيه أحد يساندني، ما الفائدة من التظاهر بالطاعة سوى أنهم سيزدادون استهانةً بي؟’
استعادت لومينا ذكرياتها عن حياتها الأولى، تلك التي كانت مليئة بالاستغلال، حيث أُجبرت على الزواج من رجل لم تره في حياتها، وكل ذلك كان لأجل المال فقط.
‘كان زواجاً سياسياً بحتاً، لم يكن المال إلا ذريعةً لملء جيوب الأقارب.’
أخذ أقاربها يُهذبونها ببطء، ليجعلوها طيّعة، غير قادرة على الاعتراض.
كان استرجاع تلك الذكريات يُثير قشعريرةً في جسدها.
‘عمتّي ربما تزوجت مبكراً وأقامت عائلتها، لكنها كانت دائماً تطمع في ثروة العائلة. لذا، من المرجح أنها تورطت في موتي.’
جميع الكبار هنا كانوا عمياناً بالمال.
لم يكن لديهم أي وازع من إلقاء حياة فتاة صغيرة في هاوية البؤس، ولا حتى يشعرون بالذنب. بل إن من بدأ بالصفع كانت عمّتي.
شدّت لومينا قبضتيها، وكأنها تستعد لتوجيه لكمة، بعد أن أعادت ترتيب أفكارها.
‘حياة مريعة كتلك لا أحتاجها مرة أخرى.’
لم تكن لتدع الفرصة التي أتيحت لها بعد موتها المؤسف تضيع سدى.
بالرغم من أن لومينا كانت الوريثة الشرعية لأسرة الكونت لانشوس، إلا أنها عوملت وكأنها أقل من ابنة غير شرعية.
وقد بدأت تلك الحظوة البائسة بوفاة والدتها.
ما أن توفيت زوجة الكونت لانشوس، حتى بادر بالزواج مجددًا. كانت زوجته الثانية تصحب معها ابناً يصغر لومينا بعامين، وقد كان الابن صورة طبق الأصل من الكونت، حتى إن المرء ليتساءل إن كان الكونت قد استعاد شبابه.
ذلك الابن، إنديميّون، كان الدليل الواضح على أن الكونت خان عهوده الزوجية في زيجته السابقة.
ومع ذلك، كانوا يتصرفون وكأنهم الأحق بالوجود.
لو لم تكن والدة إنديميّون من العامة، ولو لم تُرغم والدة لومينا الكونت على الزواج منها بفضل ثروتها، لما كان لزواج الكونت من والدة لومينا أن يتم.
وكان الجميع يجمعون على القول بأن والدة لومينا كانت عقبةً في طريق الحب، ولم تكن شخصاً محموداً على الإطلاق.
وفقًا لمزاعمهم، كانت والدة لومينا هي الشريرة.
وبالتالي، فإن سعي لومينا، ابنة هذه الشريرة، إلى السعادة مع عائلتها الجديدة كان يُعد جحوداً لا يليق.
وبينما كانت لومينا تعيش حياة مليئة بالاضطهاد والاحتقار، توقعت أن يستمر هذا الوضع حتى يُغادرها كل أقاربها أو تتزوج وتترك البيت.
ولكن تلك الأيام التعيسة انقضت على غير المتوقع.
فبعد خمس سنوات من زواج الكونت لانشوس، وحينما بلغت لومينا الثانية عشرة من عمرها، وقع حادثٌ مروع أودى بحياة الكونت وزوجته الجديدة. الناجي الوحيد من الركاب الذين كانوا على متن العربة كان إنديميّون.
“رحماك يا الله، فلترأف بأرواحهم الضعيفة. نحن هنا اليوم لنشيع جنازة الكونت لانشوس وزوجته، الذين رحلوا إلى رحمتك.”
كان المشهد جنازة حضرها الأقرباء جميعهم.
جلست لومينا في مكانها، تتمنى انتهاء الطقوس بسرعة.
وعندما أوشكت المراسم على نهايتها…
“لومينا! لقد كبرت كثيراً منذ آخر مرة رأيتك فيها!”
صرخ رجلٌ واقترب منها بلهفةٍ، كأنه وجد ابنته الضائعة، واحتضنها دون سابق إنذار.
“من أنت؟”
“أوه، عذراً، لم تتعرفي عليّ لأن التواصل انقطع بعد وفاة أختي كلوي. أنا خالكِ، رأيتكِ عندما كنتِ رضيعًة، ولكن يبدو أنكِ نسيتِني!”
من البديهي أنه من غير الممكن أن تتذكر طفلةٌ شخصاً رآها لفترة وجيزة عند ولادتها.
ورغم ذلك، ادعى هذا الرجل أنه خالها، وتحدث بنبرةٍ مبالغ فيها.
“آه، يبدو أنكِ قد مررتِ بمحن قاسية، فالضعف الذي يظهر عليكِ يدل على ذلك. ومن الطبيعي أن يكون قلب الابنة مضطرباً بعد وفاة والديها.”
قال ذلك وكأنه يفهم كل شيء.
“هل يمكننا الانتقال لمكان آخر للحديث؟”
أومأت لومينا برأسها موافقةً، ليتفاجأها بعد ذلك باقتراح غير متوقع.
“لومينا، أعتقد أنه يجب أن تكوني رئيسة العائلة.”