I'm the only one who doesn't know you're a man - 11
هل كنتِ تقرئين كتابًا يا آنستي؟”
كانت المتحدثة هي سالي، التي دخلت الغرفة بابتسامة لطيفة.
لكن راشيل لم ترفع عينيها عن الكتاب الذي كانت منهمكة فيه، متجاهلةً السؤال تمامًا.
أخذت ملامح سالي تعكس انزعاجها تدريجيًا.
صحيح أن راشيل كانت بطبعها قليلة الكلام، لكنها كانت تتبادل الحديث أحيانًا مع مارغريت وسالي، على الأقل قبل ظهور فيفيان.
‘حسنًا، الآن وقد اختفى هذا العائق، حان وقت تقوية علاقتي مع راشيل من جديد.‘
ابتسمت سالي بخبث واقتربت من راشيل بخفة.
“آنستي، ليس هذا وقت الدراسة! ألا يمكننا الاستراحة قليلاً؟ أريد أن ألعب بالدمى!”
“…”
“أو ربما نلعب لعبة المنزل؟ ما رأيكِ؟”
اقترحت سالي عدة ألعاب، لكن راشيل لم تلتفت إليها أو تُظهر أي اهتمام، بل استمرت في قراءة الكتاب.
أخذت ملامح الضيق والغضب تظهر بوضوح على وجه سالي.
لكن بدلاً من أن توجه هذا الغضب إلى راشيل، نقلته إلى فيفيان في عقلها.
‘بالتأكيد، كل هذا بسبب تلك الفتاة القروية المزعجة!‘
بدأت سالي بالكلام مجددًا، محاولةً جذب انتباه راشيل:
“أليس من الجيد أن هذه الفتاة القروية الصاخبة لم تعد تأتي؟ كانت تسبب لكِ صعوبة في قراءة كتبكِ، أليس كذلك؟”
رفعت راشيل بصرها من الكتاب ونظرت إلى سالي.
ظنت سالي أن تلك النظرة تحمل اتفاقًا معها، فتابعت حديثها بسعادة:
“منذ البداية، كنت أعلم أن تلك الفتاة ستفر هاربة بسرعة. كانت دائمًا تتظاهر باللطف والمودة، لكنني كنت أعلم حقيقتها.”
“…”
“على أي حال، لا تقلقي يا آنستي، سأبقى دائمًا بجانبكِ—”
“اخرجي.”
“عفوًا؟”
“قلتُ اخرجي، لأنكِ مزعجة.”
تجمدت سالي في مكانها للحظة، متأثرة ببرودة صوت راشيل القاسي.
عيناها الزرقاوان كانتا تحملان برودًا يخترق الأعماق.
دُفعت سالي تحت وطأة ذلك البرود، وغادرت الغرفة متوجهة إلى الحديقة الخارجية. كانت تغلي من الغضب.
“كل هذا بسبب تلك الفتاة!”
وبينما كانت تسير غاضبة، ركلت إحدى الأحواض المجاورة بعنف، فسقطت وتكسرت على الأرض.
“كيف تجرؤ فتاة قروية تافهة على محاولة سرقة الرجل الذي سيكون زوجي؟”
أعادت سالي تكرار كلمات والدتها بحدة:
“راشيل قد تكون فتاة الآن، لكنها عندما تكبر ستعود إلى طبيعتها الحقيقية كرجل وسيتزوجكِ.”
“أنا؟ أتزوج راشيل؟” سألت سالي بدهشة عندما سمعت ذلك للمرة الأولى.
“نعم. لذا عليك أن تقترب منه وتلعبي معه جيدًا. فهمتِ؟”
“لن تفيدها محاولاتها، لأن راشيل سيكون لي في النهاية!”
“يا فتاة صغيرة.”
بينما كانت سالي غارقة في أفكارها الغاضبة، سمعت صوت رجل غريب بجانبها.
كان ذلك الرجل أحد الضيوف الذين أرسلهم الإمبراطور إلى قصر إيدلباين منذ أسبوع.
ابتسم ابتسامة لطيفة، لكنه تابع بنبرة تحمل ظلالًا من الغموض:
“هل يمكنكِ أن تشرحي لي ما كنتِ تقولينه؟”
“عفوًا؟”
“كيف يمكن للآنسة، التي هي فتاة، أن تصبح زوجكِ؟”
رغم ابتسامته الهادئة، كان بريق عينيه يُثير القشعريرة.
في وقت متأخر من الليل
كان كالتس في مكتبه منهمكًا في مراجعة بعض الأوراق، حينما قُطع الصمت بنقر خفيف على الباب.
“سيدي، هل لي بالدخول قليلاً؟”
دخل أوين، ثم تقدم بخطوات ثابتة ليعلن خبرًا:
“المراقبون يخططون للعودة إلى العاصمة بعد غد.”
“بهذه السرعة؟” رفع كالتس حاجبًا مستغربًا.
“ظننت أنهم سيمكثون شهرًا على الأقل بعد هذا الطريق الطويل.”
الإمبراطور كان قد أرسل المراقبين بحجة الاطمئنان على أستاذه المقيم في الريف، لكن كالتس كان يعلم أن الغرض الحقيقي هو المراقبة.
‘الإمبراطور يخشى أن أكون أخطط لتمرد.‘
إذا تم اكتشاف أن راشيل هي في الحقيقة صبي، فإن النتيجة ستكون…
‘سيحاولون قتل راشيل.‘
بالطبع، ظاهريًا سيُقال إنه مجرد طفل غير شرعي، لكن الخطر الحقيقي يكمن في الأفعال السرية.
كان الإمبراطور معروفًا باتخاذ خطوات قاسية دون تردد.
‘ومع نمو راشيل، ستزداد صعوبة إخفاء حقيقته.‘
لذلك، كان على كالتس أن يضع خطة دائمًا لحمايته ومع ذلك، لم يكن متوقعًا أن يُرسل المراقبون بهذه السرعة، ثم يستدعيهم فجأة.
‘من خلف الستار، سيحرك أناسًا في الخفاء.‘
كان هذا ما توقعه بشأن الإمبراطور، ولم يكن شكه في محله فحسب، بل كان يقينه يزداد مع الوقت. الإمبراطور الذي يعرفه، لا يمكن أن يتقبل وجود ابن أخٍ يتفوق عليه حتى بمجرد الوجود.
فقط مجرد معرفته بوجود قريبٍ له يمتلك مهارات أو سمات تفوقه، كان كافيًا لإشعال نار الحقد والخوف في قلبه.
لم يكن انتقالهم إلى الريف البعيد إلا هروبًا من ذلك التهديد. كلما كبر راشيل، ازدادت صعوبة إخفاء حقيقة كونه صبيًا.
لكن حتى في تلك العزلة، كان يعلم أن تجنب المراقبة تمامًا أمر مستحيل. لذا، اتخذ خطوة مسبقة وأحضر “يفيان كوسيلة لحرف الانتباه. ومع ذلك، لم يتوقع أن يبدأ الإمبراطور بإرسال عيون المراقبة بهذه السرعة.
‘مع ذلك، أن يتم سحب تلك العيون سريعًا بعد إرسالها، أمر لا يبشر بالخير.‘
أمام تلك الأفكار القاتمة، طفت على سطح ذاكرته صورة ابنته التي، حتى في لحظات احتضارها، لم تشغل بالها سوى راديس، حفيده. كان صوتها المتوسل الأخير لا يزال محفورًا في ذاكرته:
“أبي، احمِ راديس… احمِ حفيدك.”
خرج من شروده بتصميم متجدد وهو يصدر أوامره:
“شدد الحراسة على القصر.”
“أمرك.”
بعد أن انتهوا من هذا النقاش، قدم له “أوين” ملفًا آخر قائلاً:
“هذا تقرير جمعتُه عن فيفيان هيسن ووالدها دياس هيسن.”
أسبوع مضى منذ وصول مراقبي الإمبراطور، وخلال ذلك الوقت أمر كالتس بالتحقيق بشأن فيفيان. بدا أن توقيت وصولها إلى القصر تزامن بشكل مريب مع وصول المراقبين، ما أثار قلقه.
بالطبع، هو نفسه من أذن بدخول فيفيان للقصر، لذا كان احتمال علاقتها بالإمبراطور ضعيفًا، لكنه أراد التأكد.
“أوين” بدأ عرضه قائلاً:
“عائلتها تتكون من والدها فقط. دياس هيسن، يبلغ من العمر 29 عامًا، يدير مخبزًا في البلدة حاليًا.”
“وماذا عن والدتها؟”
“توفيت قبل أن يستقروا هنا. يبدو أنه ربّى ابنته بمفرده منذ ذلك الحين.”
“ما هو انطباع الناس عنهما؟”
“العلاقة بينهما وبين أهل البلدة ممتازة، ويبدو أن الأب وابنته يتمتعان بعلاقة وطيدة للغاية.”
“ومتى استقروا في البلدة؟”
“قبل خمس سنوات. لا يبدو أنه كان خبازًا قبل ذلك، لكن لا أحد يعرف تفاصيل ماضيه قبل انتقالهم.”
رغم ذلك، لم يظهر شيء يربطهم بالإمبراطور. دياس وابنته كانا في البلدة قبل أن يشتري كالتس القصر. إلا أن احتمال استمالة الإمبراطور لهم بعد ذلك كان قائمًا. لذا استفسر:
“هل تواصل رجال الإمبراطور مع والد فيفيان؟”
“زار الفرسان المخبز يوم وصولهم، لكن يبدو أنهم لم يجدوا شيئًا يُذكر.”
“هل حدث أي شيء آخر؟”
“حتى الآن، لم تسجل أي محاولات تواصل إضافية. لكن…”
ناوله أوين دفترًا صغيرًا، مكتوبًا عليه بخط يد طفولي:
“خاص بفيفي.”
“ما هذا؟”
“إنه تقرير كتبته فيفيان بنفسها وأرسلته لك، يتحدث عن ملاحظاتها حول فرسان الإمبراطور.”
كان هذا غريبًا بما يكفي ليجعله يفتح الدفتر، ليقرأ كلمات مليئة بالبراءة والبديهة معًا:
“21 مارس. الجو كان مشمسًا.
بعد تناول عشاء لذيذ، عدتُ للمنزل فوجدتُ ثلاثة من الفرسان.
أحدهم كان ضخمًا، الآخر نحيفًا، والثالث بدا وكأنه قائدهم.
سألوني عن أحوال الآنسة الشابة وما إذا كنت رأيتُها تستخدم السحر.
عندما قلت إنني لم أرَ شيئًا كهذا، غضبوا.
أبي حاول تهدئتهم، لكنهم ازدادوا غضبًا.
لذا، طردتُهم قبل أن يبدأ الشجار.”
ضحكة خفيفة تسللت من كالتس وهو يغلق الدفتر، لم يستطع إلا أن يشعر بشيء من الإعجاب بتلك الصغيرة التي، رغم صغر سنها، أظهرت شجاعة وذكاءً فطريًا.