I’m the Dying Emperor’s Doctor - 56
“جلالتك، منذ متى كنتَ تقف هناك؟”
عندما تعرّف نوكتورن على وجوده، ابتعد إيشيد ببطءٍ عن العمود. اقترب من نوكتورن بخطًى هادئة، وتحدّث.
“حسنًا، منذ أن كنتما تمسكان بأيدي بعضكما وتضحكان على حلواي، ربما؟”
“أوه، هل أتيتَ تطاردنا لاستعادة حلواك؟”
“لديّ الكثير من الحلوى المخفيّة.”
ابتسم إيشيد، وكأنه مستمتعٌ بالسؤال. ومع ذلك، فإن نظراته الحارقة جعلت نوكتورن يتعرّق بشدّة.
بدا وصف سيرينا لشخص ‘يبتسم ابتسامةً صفراء’ دقيقًا للغاية في هذه اللحظة. شكّك نوكتورن في أن الأمر يتعلّق حقًا بالحلوى؛ بدا الأمر أكثر ترجيحًا أنه يتعلّق بسيرينا.
أجبر نفسه على ابتسامةٍ مشرقةٍ وسأل.
“هل تتحدّث عن الحلوى التي من المؤكّد أن الآنسة سيرينا ستجدها قريبًا؟”
“بالضبط. إنه أمرٌ رائع حقًا. بغض النظر عن المكان الذي أخفيهم فيه، فإنها تجدهم كالشبح. مثل قطةٍ تشمّ الأسماك تمامًا.”
وافق إيشيد دون تردّد ولم ينفِ سؤال نوكتورن. ثم، بتعبيرٍ جاد، تمتم حول ما إذا كانت سيرينا قد تستخدم نوعًا من السحر.
كانت بالطبع مزحةً متنكرةً في هيئة جديّة. كانت ثقته في سيرينا واضحة.
وجد نوكتورن الأمر مثيرًا للاهتمام. لقد شعر أن سيرينا ليست شخصًا عاديًا عندما التقيا لأوّل مرّة، لكنه لم يتخيّل أبدًا أنها ستتمكّن من الفوز حتى بإيشيد.
ثم التفت إيشيد إلى نوكتورن وقال.
“أنا جادٌّ تمامًا هنا.”
“ربما يجب على جلالتكَ التحقّق من ملحقاتك. ربما قد تكون أخفت هناك جهاز تعقّبٍ أو جهاز استماعٍ دون علمك.”
“نوكتورن، كما فعلتَ بسيرينا؟”
“……”
تجمّدت ابتسامة نوكتورن وهو ينظر إلى إيشيد. جعلت الملاحظة غير المتوقّعة عينيه ترمش.
على النقيض من ذلك، كان إيشيد هادئًا. كانت نبرته خفيفة، مثل شخصٍ يحيّي صديقًا في نزهة.
“هل تعرف الآنسة سيرينا؟”
سأل نوكتورن بتعبيرٍ مضطرب. هز إيشيد رأسه.
“لا. لو كانت تعلم، لما كانت تضحك وتتحدّث بحريّةٍ في وقتٍ سابق.”
ألقى بالشارة في يده في الهواء وأمسكها مرّةً أخرى بينما واصل.
“أعتقد أنني أعطيتُكَ متّسعًا من الوقت لشرح الأمر. إلى متى كنتَ تخطّط لإخفائها عني؟”
“لأطول فترةٍ ممكنة؟”
عندما ابتسم نوكتورن ابتسامةً واسعة، نظر إليه إيشيد. تحدّث نوكتورن بحفاوة دون أن يغيّر تعبيره.
“أنتَ تعرف أنني شخصٌ مشبوهٌ ومخادع.”
“هل ستخبرني أن هذا كان من أجلي مرّةً أخرى؟”
“بالضبط، صحيح. لذت، هل يمكنكَ ترك الأمر يمرّ؟”
أجاب نوكتورن دون تردّد، ممّا دفع إيشيد إلى التنهّد لفترةٍ طويلة.
في الحقيقة، بين أصدقائه الثلاثة، كان فكّ ألغاز نوكتورن هو الأصعب. كان نوكتورن لا يكشف عن الإجابات أبدًا حتى يكتشفها، لذلك لم يكن لديه خيار سوى اكتشاف ذلك بنفسه.
نظرًا لانه كان أقرب مساعدٍ لدوق جرينوود، كان نوكتورن بارعًا في التعامل مع مثل هذه الأمور. لقد أنقذ إيشيد من العديد من المخاطر وأثبت أنه لا يقدر بثمن مرارًا وتكرارًا.
كان ولاء نوكتورن مطلقًا تقريبًا، إلى الحد الذي قد يطلق عليه المرء عميلًا سريًا لإيشيد.
شعر إيشيد بالاختناق عندما فكّر أن زرع جهاز تنصّتٍ على سيرينا كان على الأرجح فعلًا من هذا الولاء.
“ليس عليكَ القيام بأشياء لم أطلبها منكَ أبدًا.”
“هل جعلتكَ تشعر بعدم الارتياح مرّةً أخرى؟ لأنني تصرّفتُ بدون إذن؟”
“الأمر ليس كذلك.”
“ثم ماذا؟”
“لا تحتاج إلى إظهار نفس النوع من الولاء لي كما فعلتَ لجرينوود.”
نظر نوكتورن إلى إيشيد وكأنه لم يفهم. كرّر إيشيد مجدّدًا.
“أنا بحاجةٍ إلى صديق، وليس مرؤوسًا أو كلب صيد.”
“أنا أعلم. لهذا السبب أحبّك، إيشيد.”
ابتسم نوكتورن، تاركًا إيشيد بلا كلامٍ للحظة.
“بالنسبة لشخصٍ نشأ ككلب صيد، إنها مجرّد عادة. إنه أيضًا نوعٌ من التأمين في حالة حدوث أشياء غير متوقعة.”
“أفترض أنها كذلك.”
“فكّر في الأمر على أنه الطريقة التي أعامل بها أصدقائي، إيشيد.”
“لديّ أصدقاء مرعبين حقًا، إذن.”
هزّ إيشيد رأسه بابتسامةٍ ساخرة، وضحك نوكتورن.
“كنتُ أتساءل كيف يمكنني استرداده، لكنكَ تمتلكه الآن. كنتُ أفكّر في طلب المساعدة من لصّي الصغير المتدرب.”
“لصٌّ صغيرٌ متدرّب؟”
“باي. قطّتي هي أوّل مَن سرقت تلك الشارة.”
أجاب نوكتورن بطاعةٍ بضحكةٍ صغيرة، وفكّر إيشيد في القطة الرمادية التي كانت دائمًا بجانب نوكتورن. كانت باي هجينًا من وحشٍ سحريٍّ قط وشيطان.
“الآن بعد أن ذكرتَ ذلك، لم أرها مؤخّرًا. ماذا تفعل؟”
“إنها ذات روحٍ حرّةٍ تمامًا. يبدو أنها ربما وجدت لنفسها سيدًا جديدًا.”
“على أيّ حال، أنا مدركٌ تمامًا لمودّتكَ الساحقة تجاهي، لذا لا تفعل هذا النوع من الأشياء بعد الآن.”
“هذا يؤلم، إيشيد. يبدو الأمر وكأنكَ تخبرني بالتوقّف عن حبّك.”
متظاهرًا بتعبيرٍ عابس، جعلت كلمات نوكتورن إيشيد يرتجف.
“لا تلقي نكاتكَ المقززة.”
“لقد أمسكتَ بي؟ هاها.”
لم يستطع نوكتورن كبح ضحكته، بينما حدّق إيشيد فيه بتعبيرٍ محتار. أخيرًا، توقف نوكتورن عن الضحك وقال.
“أردتُ فقط التحقّق ممّا إذا كان لديها أيّ دوافع خفيّة لأنها بدت وكأنها تحاول جاهدة.”
“إذن، هل وجدتَ أيّ دوافع؟”
ردًّا على سؤال إيشيد، هزّ نوكتورن رأسه بخفّة.
“يبدو أنها مجرّد شخصٍ يعمل بجدٍّ ويقوم بعمله جيدًا.”
“لنكون دقيقين، هي شبحٌ ميتٌ لا تستيطع أن تكو طبيعية ومهووسةٌ بالعمل.”
ضحك إيشيد بوعي وكانه يعرف ما يتحدّث عنه، وأومأ نوكتورن برأسه موافقًا.
“مع ذلك، فهي رائعةٌ جدًا. لقد كانت تستخدمني بكفاءةٍ لفترةٍ من الوقت الآن، لكنها لم تشارك أيّ شيءٍ مهمٍّ عنك.”
“اعتقدتُ أنها ستتحدّث بحريّةٍ لأنكما صديقان، لكن من المدهش أنها صامتة.”
“قد تكون أكثر حذرًا لأنني صديقك. ولأنني من جرينوود.”
“إنها امرأةٌ ذكية.”
انحنت شفتا إيشيد إلى الأعلى قليلاً عندما فكّر في سيرينا. راقبه نوكتورن بعنايةٍ وسأل.
“إذن، هل تحبّها؟”
“ماذا؟”
تجمّد إيشيد للحظةٍ بلا تعبيرٍ قبل أن يتفاعل كما لو أنه سمع شيئًا سخيفًا.
“هل أحبّها؟ أنا؟ سيرينا؟”
“هذا ما اعتقدتُه.”
“لا على الإطلاق.”
أنكر إيشيد ذلك بشدّة بوجهٍ جاد. كان من الواضح أنه لم يكن خاليًا تمامًا من المشاعر تجاهها لأنه كان ينكر ذلك بشدّة. وأضاف.
“هذا، كما تعلم، شيءٌ مثل الرفقة. لقد قضينا الكثير من الوقت معًا لدرجة أنني أصبحتُ على علاقةٍ وثيقةٍ معها.”
هذا لا يبدو كرفقة.
سخر نوكتورن من إيشيد، الذي تصرّف بطفوليّةٍ في الأمور الرومانسية. بدا الأمر وكأنه لا يستطيع أن يرى ما هو واضحٌ للجميع
“إذا كنتُ شخصًا يمكنه أن يحبّ الناس بمجرّد قضاء الكثير من الوقت معهم، فسأحب دوق جرينوود أيضًا.”
“هل تقارن هذا الرجل بسيرينا بجديّة؟”
لماذا لا يكونان متشابهين؟
ابتلع نوكتورن هذه الكلمات. لم يكن بإمكانه أن يقول صراحةً، ‘أنتَ تحبّ هذه المرأة’.
سيكتشف إيشيد ذلك بنفسه بحماقة في الوقت المناسب، ولم يكن هناك ما يمكنه فعله حتى لو كان لا يعرف ذلك حتى النهاية.
“من الجيد أنكَ حصلتَ على رفيقةٍ جيدة، إيشيد.”
“يبدو هذا ساخرًا بشكلٍ لا يصدّق.”
“مُحال.”
ضيّق إيشيد عينيه بريبة، ممّا دفع نوكتورن إلى تغيير الموضوع.
“ماذا عن ليونارد؟ لقد كان حولكَ دائمًا، لكن يبدو أنه يغيب عن مقعده كثيرًا عندما يأتي إلى هنا.”
“حسنًا، يحتاج ليونارد إلى استراحةٍ أيضًا.”
أجاب إيشيد بشكلٍ عرضي، لكن نوكتورن راقبه باهتمام. برؤيته هكذا، سأل إيشيد.
“لماذا؟ هل لديكَ شيءٌ لتقوله لليونارد؟”
“ليس حقًا.”
ألقى نوكتورن نظرةً خاطفةً على ساعة جيبه قبل أن يواصل حديثه.
“يجب أن أغادر.”
“هل ستعود إلى العاصمة؟”
“لقد صنعتُ له مشهدًا هنا، لذا لن يقول أيّ شيءٍ إذا غادرتُ الآن.”
“حسنًا. أراكَ لاحقًا في العاصمة.”
“نعم، أراكَ في العاصمة، جلالتك.”
انحنى نوكتورن بلطفٍ وودّعه. راقب إيشيد شخصيته المنسحبة للحظةٍ قبل أن يمضي قدمًا.
***
لقد مرّ أسبوعٌ منذ انتهاء مهرجان الصيد وعادوا إلى القصر. وعلى عكس مخاوف سيرينا، انتهى المهرجان دون وقوع حوادث كبيرة.
بعد عودتها إلى القصر، انغمست سيرينا في كتاب <ميلاد السحر>، كان كتاب ليندا الذي أهداه لها أمين المكتبة.
في الحقيقة، حاولت سيرينا عدّة مرّاتٍ مقابلة أمين المكتبة قبل المغادرة إلى القصر لكنها لم تتمكّن من ذلك. يبدو أنه تم إيقاف أمين المكتبة عن العمل، حيث كانت الحرائق في غرفة التخزين كبيرة تدمير على وشك ان تدمّر الغابة.
وفقًا لإيشيد، كان الإيقاف مؤقتًا فقط، لذلك ربما يعود إلى مهامه في الوقت المناسب.
‘أردتُ أن أشكره على إهدائي مثل هذا الكتاب النادر.’
نظرًا لعدم تمكّنها من مقابلته قبل المغادرة، فقد أرسلت سيرينا خطاب شكرٍ إلى أمين المكتبة المؤقت قبل العودة إلى العاصمة.
تبين أن <ميلاد السحر> أكثر إثارةً للاهتمام ممّا كانت تتوقعه، وفي نفس الوقت، جعل سيرينا منغمسةً بعمق.
كانت سيرينا تقرأ الكتاب اليوم أيضًا.
“[في بعض الأحيان، هناك حالاتٌ حتى بعد ظهور جوهر المانا، لا يستطيع الفرد استخدام السحر فيها. يمكن حلّ هذه المشكلة ببساطة من خلال تحديد نوع السحر الذي يناسبه.]”
بعد قراءة المقطع بصوتٍ عالٍ، ألقت سيرينا نظرةً على السطور التالية وانفجرت.
“[المشكلة هي أن أيّ شخصٍ يعرف ذلك لا يمكنه إلّا أن يستخدم السحر. إنهم ليسوا إلّا أغبياء.] … ماذا؟ أغبياء؟! أليس هذا فظًّا جدًا؟”
حدّقت في الكتاب بسخط. ما يسمى ‘الغبي الذي لا يستطيع استخدام السحر’ الذي وصفه المؤلف لم يكن سوى نفسها.
“هاا، بجديّة!”
قامت سيرينا بتجعيد شعرها في إحباط. لم تكن هذه هي المرّة الأولى التي يدفعها الكتاب إلى الحائط.
لقد قضت حياتها كلها تُدعى عبقرية. كان التعرّض لمثل هذا النقد الصريح – وخاصةً حول ذكائها – تجربةً جديدةً ومذلّة تمامًا.
‘هل كونكِ مؤلِّفة يمنحكِ الحق في أن تكوني وقحةً إلى هذا الحد؟’
دون أن تدرك ذلك، دخلت سيرينا في معركةٍ صامتة مع المؤلف.
كان كتاب <ميلاد السحر> ثاقبًا للغاية وناقدًا بوحشية، وكانت صفحاته غير مفلترة في تعليقاتها الحادّة. بدأت سيرينا تفهم سبب تردّد الناشرين في طباعته.
كانت كلمات الكتاب الثاقبة تضربها مثل الخناجر في كلّ مرّةٍ تفتحها. ومع ذلك، لم تستطع أن تمنع نفسها من التوقّف عن القراءة، فقد احتوى على إجاباتٍ كانت تبحث عنها بشدّة.
صرَّت سيرينا على أسنانها في إحباط، وواصلت القراءة، وانتقلت إلى المقطع التالي.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1