I’m the Dying Emperor’s Doctor - 39
“لا تزال تعامل أبناءكَ وكأنهم كلاب، يا دوق غرينوود المبجّل ذو السمعة الأخلاقية العالية.”
قال نوكتورن مبتسمًا دون أن يكترث، أثارت كلماته رجفةً طفيفةً في حاجب الدوق، الذي تابع الحديث مباشرة.
“لا بد أنكَ فعلتَ ذلك لسببٍ وجيه.”
“هل تعترف بذلك أخيرًا؟ الآن فقط؟”
ردّ نوكتورن ساخرًا وهو يضحك ضحكةً خافتة، أجاب الدوق.
“أيعقل أنكَ ظننتَ أنني سأرسل أوفيليا لتسميم الإمبراطور؟”
“ليس أمرًا مستحيلًا بالنسبة لك، أليس كذلك؟”
“….”
“بالطبع، أعلم أنكَ لستَ من النوع الذي يلجأ إلى حِيَلٍ وضيعةٍ كهذه. كنتُ فقط أتأكّد. تبيّن لي أنه مجرّد شراب فاكهةٍ عادي.”
نظر الدوق إلى نوكتورن نظرةٍ باردة، تلك النظرة التي كانت تخيفه عندما كان صغيرًا، لكنها لم تعد كذلك الآن.
كلّما انخفض مستوى القوّة، زادت حريّة نوكتورن في الابتعاد عن تأثير الدوق، رغم أنه لم يتحرّر بالكامل بعد، إلّا أنه كان أفضل حالًا من ذي قبل.
“ولكن لماذا تخلّصتَ منه؟ شقيقتكَ ستكره ذلك للغاية إذا عرفت بذلك.”
“ومتى كانت تحبّني أصلًا؟ لم أفعل سوى أنني أمرتُ بالتخلّص منه لأنه لم يكن مناسبًا لإعادته.”
أخفى نوكتورن ابتسامته وراء وجهٍ مبتسم، لكنه كان قد تخلّص منه بعدما اكتشف مؤخّرًا أنه يسبّب لإيشيد حساسية. لم يكن هناك حاجةٌ لإخبار الدوق بذلك.
من ملامح الدوق، بدا واضحًا أنه لم يكن على علمٍ بحساسية لإيشيد.
بدأ العرق يتصبّب داخل القفازات، وأصبح الشعور بالخدر في يديه مألوفًا أثناء مواجهته مع الدوق.
“هل قلتَ كلّ ما لديكَ الآن؟ أودّ الانصراف.”
“انتظر.”
“قُل ما تريد.”
“سمعتُ أن طبيبة الإمبراطور تستشيركَ مؤخرًا.”
تجمّدت الابتسامة على وجه نوكتورن عند سماعه ذلك الاسم، ونظر إلى الدوق.
“هل تقصد الآنسة سيرينا فنسنت؟”
“نعم، تلك المرأة.”
أشار الدوق إليها بلفظة ‘تلك المرأة’ بدلًا من ‘السيدة’، وهو ما أزعج نوكتورن وجعله يشعر بأنها إهانةٌ موجّهةٌ إليه، لكنه احتفظ بهدوئه منتظرًا ما سيقوله الدوق.
كان من السهل جدًا على الدوق معرفة هذا الأمر، تمامًا كما كان نوكتورن يزرع جواسيسه داخل قلعة الدوق.
“إنها ذات نظرةٍ قوية. واصِل مراقبتها.”
“لو سمعكَ أحدٌ تقول ذلك، لظنّ أنني أتبع أوامركَ في الاقتراب منها.”
“بما أنكَ تمتلك ذلك الوجه الوسيم، لا بأس لو استخدمته لإغوائها. مثل هذه النساء عندما يقعن في الحب، لا يتوقّفن عند أيّ شيء.”
ضحك الدوق وهو يحتسي النبيذ.
“توقّف.”
حاول نوكتورن إخفاء ارتباكه وهو يزمّ شفتيه. كان يشعر دائمًا بالاشمئزاز عندما يستخدم الدوق الناس كقطع شطرنجٍ في حياته السياسية.
“غضبكَ يدلّ على أنكَ تكنّ بعض المشاعر لها، أليس كذلك؟”
“دوق.”
“أنتَ نفسكَ استخدمتَ خدعةً عليها، أليس كذلك؟”
“لا أفهم ما تقصده.”
“تظاهر بعدم الفهم إن شِئت.”
أنهى الدوق كوب النبيذ دفعةً واحدة، ووضعه على الطاولة بابتسامةٍ باردة.
“سأتغاضى عن هذا الأمر هذه المرّة فقط. تذكّر مَن الذي يسيطر على حياتك.”
ابتسامة الدوق القاسية جعلت نوكتورن يضغط على شفته السفلى بقوّة. لا يزال الدوق يصرّ على تقييد أبنائه وترويضهم.
ما كان يثير أعصابه أكثر هو شعوره بالعجز. كان من الصعب قطع الحبل الذي يربطه بالدوق طالما بقيت نقاط ضعفه مكشوفة، لكن هذا لا يعني أنه لم يستعدّ لذلك.
لوح الدوق بيده.
“يمكنكَ الذهاب الآن.”
“إذن.”
انحنى نوكتورن قليلًا، ثم خرج من المكتبة. فور وصوله إلى الدَرَج، أسرع بالنزول وملامحه قد انقلبت إلى تعبيرٍ غاضب.
“يا له من عجوزٍ خرف.”
تمتم نوكتورن لنفسه وهو يعضّ على باطن فمه قبل أن يصعد إلى العربة.
***
زارت سيرينا مقرّ قمّة جوردون قبل انطلاقها إلى منطقة غرينوود. كانت قد تواصلت مسبقًا مع جاك باستخدام حجر الاتصال، لذا كان في انتظارها هناك.
“ما الأمر؟ تُبادرين بالاتصال؟”
“لديّ طلبٌ أودّه منك.”
قالت سيرينا دون مقدّماتٍ وهي تُخرِج ورقةً جلديةً وتقدّمها له.
“ألم تقل أنكَ صنعتَ حجر الاتصال في المرّة السابقة؟”
“حسنًا، إذا كانت هناك مخطّطات، فأفعل.”
“أتيتُ لأنني أريد صنع أداةٍ سحرية.”
“مممم. دعينا نلقي نظرةً ونقرّر.”
خفض جاك، الذي كان متّكئًا على كرسيّه، الجزء العلوي من جسده بتعبيرٍ جاد.
بدت نظراته الحادّة مثل تاجرّ مخضرم، ممّا أكّد أنه لم يكن يحتلّ مكانته كرئيس القمّة بلا سبب.
“ما الغرض من هذه الأداة؟ يبدو وكأنها تحتوي على مضخّةٍ في الداخل.”
رفع جاك نظره من المخطّط نحو سيرينا.
“إنها نواة مانا اصطناعية. أداةٌ طبيّةٌ مُساعِدةٌ من نوعٍ ما.”
“همم؟”
ظهرت الحيرة على وجه جاك، فأكملت سيرينا شرحها بهدوء.
“إنها أداةٌ يمكن استخدامها لأولئك الذين يعانون من تشوّهٍ في قلب المانا أو الذين لا تعمل لديهم بشكلٍ مؤقّت ….”
قبل أن تُكمِل سيرينا حديثها، سأل جاك.
“لا تقولي إنكِ تريدين أن تصبحي من الصحوة!”
توقّفت سيرينا عن الحديث ونظرت إلى جاك بنظرةٍ فارغة. كان تفكيره طفوليًا حقًا. هزّت سيرينا رأسها وقالت.
“لماذا سأزعج نفسي بشيءٍ كهذا؟”
“إذاً لماذا؟”
“لا أفهم لماذا تسألني أنا عن أداةٍ طبيّة، جاك.”
“آه.”
بدا أن جاك تذكّر أخيرًا أن سيرينا تعمل كطبيبةٍ لإيشيد.
“إنها أداةٌ مُساعِدةٌ تهدف إلى منع الانفجارات الناتجة عن فرط تحميل المانا. وليس من الممكن لأيّ شخصٍ غير مستيقظٍ استخدامها.”
“هل تريدين صنعها من أجل إيشيد؟”
“نعم، يبدو أن المشكلة تتعلّق بقلب المانا لديه، لذلك صمّمتُ هذه الأداة لتقديم المساعدة.”
“انتظري، لحظة. هل تقولين أنكِ أنتِ مَن صمّم هذه؟”
نظر جاك إليها بدهشة، وكان ذلك منطقيًا؛ ففكرة أن سيرينا، الطبيبة، قد صمّمت أداةً سحريةً متقدّمةً كهذه أمرٌ يدعو للدهشة.
“كان لنوكتورن دورٌ كبيرٌ في ذلك.”
منذ أن اكتشفت أن مرض إيشيد مرتبطٌ بقلب المانا، حصلت سيرينا على مساعدةٍ من نوكتورن لتطوير هذه الأداة السحرية.
تذكّرت سيرينا حديثها السابق مع نوكتورن.
“لورد نوكتورن، لا تعتبر هذا كلامًا غريبًا واستمع لي.”
“ما الذي يجعلكِ تتردّدين؟ قولي ما لديكِ.”
“إذا كانت المشكلة في عدم قدرة قلب المانا على أداء وظيفتها، ماذا لو استخدمنا أداةً سحريةً مُساعِدة؟”
“فكرةٌ جيدة. هناك أدواتٌ تساعد السحرة الذين يفتقرون إلى المانا النقية، لذلك قد يكون من الممكن تصميم أداةٍ لدعم قلب المانا.”
“أليس كذلك؟ إذا صمّمنا أداةً لدعم قلب المانا، فقد تكون مفيدةً للإمبراطور، وربما تسمح لغير المستيقظين باستخدام السحر أيضاً.”
“لا، من دون قلب مانا، لن يتمكّن الشخص من تحمّل السحر حتى باستخدام الأداة المُساعِدة.”
“أجل، هذا مخالفٌ لطبيعة الأشياء.”
بفضل نوكتورن، تسارعت أبحاثها. ومع الجمع بين معرفته في السحر ومعرفتها في الطب، كان التقدّم يسير بسلاسة.
إذا اجتازت الأداة الاختبارات بنجاح، كانت تخطّط لتصغير حجمها لتصبح أكثر قابليةً للحَمل وتقديمها كهديّةٍ لإيشيد.
رغم ذلك، لم تُخبِر نوكتورن بعد عن توافق المانا بينها وبين إيشيد. لم تكن مستعدةً للكشف عن كونها من الصحوة، وكان لديها بعض الوثائق التي أرادت مراجعتها قبل الحديث معه.
لحسن الحظ، كانت تلك الوثائق في مكتبة دوق غرينوود، وكانت تخطّط لقراءتها خلال زيارتها.
كان علاج مرض إيشيد، بالإضافة إلى معالجة مشكلة قلب المانا غير الفعّال الخاصة بها، من أولوياتها.
في تلك اللحظة، قطع جاك تسلسل أفكارها.
“يبدو أن حصولكِ على لقب أصغر ناجحةٍ في امتحانات القصر الإمبراطوري لم يكن مجرّد إشاعة.”
“ياله من أمرٍ مخيفٍ أن أسمع ذلك من شخصٍ مثلك.”
عبست سيرينا بينما ضحك جاك بصوتٍ عالٍ، لقد اعتادت بالفعل على هذا المزاح بينهما.
رغم أنها لم تعرف جاك منذ فترةٍ طويلة، إلّا أنها شعرت بالرّاحة معه. ربما لأنها عاشت حياتها كعاميّة، ممّا جعلها لا تشعر بأيّ تنافرٍ مع شخصيته.
جمع جاك المخطّطات وأعطاها لأحد موظّفيه قبل أن يسأل:
“متى تريدين أن يكون جاهزًا؟ هل أمرُها مُستَعجَل؟”
“لا. سأكون في غرينوود قريبًا من أجل مهرجان الصيد، لذا يمكنني استلامها بعد ذلك.”
“حسنًا، سأبذل قصارى جهدي.”
مدّ يده للمصافحة بابتسامةٍ واثقة، وأجابت سيرينا وهي تصافحه.
“سأثق في مهارات قمّة جوردون.”
“يمكنكِ ذلك بالتأكيد.”
***
في اليوم الذي انطلقت فيه إلى منطقة غرينوود لحضور مهرجان الصيد، شعرت سيرينا مجدّدًا بمدى الرفاهية التي يتمتّع بها الأرستقراطيون الأثرياء.
استغرقت الرحلة التي تحتاج أربعة أيامٍ كاملةٍ للوصول ساعةً واحدةً فقط باستخدام البوابة السحرية.
سمعتُ أن تشغيل البوابة يتطلّب كميةً كبيرةً من الأحجار السحرية.
أهذا ما يعنيه شراء الوقت بالمال؟
نقرت سيرينا على ماري، التي كانت تحدّق في الفراغ، وسألتها.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1