I’m the Dying Emperor’s Doctor - 29
في الحقيقة، كان اعتقاد إيشيد خاطئًا بأنها كانت هادئة.
كانت سيرينا تشعر بالارتباك والقلق من قدوم الإمبراطور ليقبض عليها.
للآن، وبما أنها خرجت من القصر دون إذنٍ بسبب خطأها، كانت مستعدّةً لتقبّل أيّ عقوبةٍ تُفرَض عليها.
نظر إيشيد إلى سيرينا بذهول.
نفس الملابس، نفس الهيئة كما بالأمس.
وفي غرفةٍ غريبةٍ في النُزُل.
لم يستطع تفسير سبب انزعاجه الشديد من الأمر.
في تلك اللحظة، سمع صوتًا متراخيًا يناديه.
“هل وصلت؟”
هل وصلت؟ بكلّ هدوء؟
التفت إيشيد نحو السرير بسرعةٍ وبعينين مشتعلة، ليُفاجأ.
“!!!…”
كان جاك يبدو مريضًا بوضوح.
ظهرت ضماداتٌ حول بطنه من خلال القميص المفتوح، وإحدى عينيه بدت في حالةٍ سيئة.
رغم ابتسامته، بدت شفتاه شاحبتين وعيناه غائمتين.
نظرة إيشيد، التي كانت كمن يطارد عاشقًا خائنًا، تحوّلت إلى اضطراب واضح.
“ما حالتكَ هذه؟”
عندما رأى إيشيد إصابات جاك، شحب وجهه على الفور، وبدت عليه صدمةٌ واضحة.
راقبت سيرينا إبشيد وهو يدخل بغضبٍ ثم يبدو وكأنه سينهار فجأة.
‘لهذا السبب طلبتُ منكَ أن توضّح له مسبقًا.’
نظرت سيرينا إلى جاك بنظرةٍ عابرة.
كان الإمبراطور لا يحتفظ بأشخاصٍ كُثُرٍ حوله، لكنه كان متشبثًا بمَن لديه بقوّة.
خصوصًا المجموعة التي تربطه به علاقةٌ منذ الطفولة.
أحدهم كان جاك جوردون، وكان من الطبيعي أن يصدمه رؤيته مستلقيًا بتلك الحالة.
اقتربت سيرينا من إيشيد بهدوءٍ لتهدئته.
“إنه بخير، اكتشفتُ حالته مبكرًا، لذا لا تقلق، حياته ليست في خطر.”
“ماذا حدث؟”
سألها إيشيد بصوتٍ مُرتجف.
كانت عيناه الزرقاوان، المشابهتان لعاصفة، مليئتين بالارتباك، وأمسك بكمّ سيرينا بتردّد.
تابعت سيرينا شرحها وهي تمسك بيده لتهدئته.
“هذا … حدث أن عثرتُ على السيد جاك جوردون مصابًا بالأمس. للأسف، تأخر الأمر بالنسبة لعينه اليسرى، لكن تم إنقاذ حياته.”
“مصاب؟ مَن فعل ذلك؟”
نظر إيشيد إلى سيرينا بذهول.
كان تعبيره مختلفًا تمامًا عن الشخص الذي كان يصرخ بغضبٍ قبل لحظات.
كان يبدو وكأن روحه غادرت جسده.
بالطبع، رؤية أفضل أصدقائه يفقد عينه فجأةً أمرٌ مروّع.
قبل أن تجيب سيرينا، تدخّل جاك قائلاً وهو يهزّ كتفيه.
“كان هجومًا مفاجئًا.”
“لا يمكن أن يكون بسبب أمرٍ أصدرتُه …”
“صاحب الجلالة.”
قاطع ليونارد كلمات إيشيد، وهو يهزّ رأسه نافيًا بسبب وجود سيرينا.
“هاه.”
بدا إييد مذهولًا واهتزّت خطواته.
أمسكت سيرينا به بقلقٍ وسألته:
“هل أنتَ بخير؟”
زفر إيشيد بعمقٍ ورفض مساعدة سيرينا، متّجهًا ببطءٍ نحو جاك.
نظر إلى جاك وسأله.
“ألم أقل لكَ أن تبتعد إن كان الوضع خطيرًا، جاك جوردون؟”
تفاجأت سيرينا بنبرة إيشيد الغاضبة.
لم تره بهذا الغضب من قبل.
لم تعد متأكّدةً إن كان نفس الشخص المتراخي الذي كان دائمًا يستلقي على السرير بكسل.
توقّف جاك عن الابتسام وقال بجدية.
“أعتذر، لقد كنتُ مُهمِلًا.”
“….. عليكَ التوقّف عن المشاركة في هذا.”
“ولكن …”
رفع جاك صوته احتجاجًا، لكن ليونارد تدخّل بينهما.
“جلالتك، حالة جاك ليست جيدة، الأفضل تأجيل هذا النقاش.”
“ليونارد، لا تتدخّل.”
لعق ليونارد شفتيه الجافّة من التوتّر عند صوت إيشيد البارد.
راقبت سيرينا الأجواء المشحونة وهي تدور بعينيها.
في الحقيقة، منذ أن رأت إصابة جاك، شعرت أنه كان متورّطًا في أمرٍ خطير.
لم يكن من المنطقي أن يصاب شخصٌ بمهاراته بجروحٍ خطيرةٍ كهذه من قبل مشاغبي شوارع عاديين.
لكن الآن، يبدو أن الأمر يتعلّق بأوامر إيشيد.
‘ما الذي تفلعه بحق الجحيم في الخفاء؟’
أدركت أنها كانت تقيّم إيشيد بشكلٍ سطحيٍّ للغاية.
ظنّت أنه إمبراطورٌ كسول، لكن ربما كان يقاتل بشراسةٍ من وراء الكواليس.
شعرت سيرينا بالقلق على إيشيد.
وجهه الشاحب جعلها تتساءل عن حالته الصحيّة.
في تلك اللحظة، تحدّث ليونارد باحترام.
“آنسة سيرينا، هل يمكنكِ مغادرة الغرفة لبعض الوقت؟”
“آه، نعم …”
عندما حاولت سيرينا المغادرة، أمسك إيشيد بيدها فجأة.
“لا حاجة لأن تخرجي.”
“ماذا؟”
“جاك، بدءًا من اليوم، أنتَ قيد الإقامة الجبرية. لا تغادر منزلك.”
“إيشيد!”
احتجّ جاك جوردون بغضب، لكن إيشيد لم يلتفت إليه. ظلّ ممسكًا بيد سيرينا بإحكامٍ وخرج من النُزُل. بدا وكأن أطراف أصابعه كانت ترتعش.
كانت هناك عربة تنتظرهم في الخارج. سألت سيرينا، التي تم سحبها إلى الخارج دون أن تفهم شيئًا.
“هل لا بأس أن نغادر هكذا؟”
“هذا ليس من شأنكِ.”
ردّ إيشيد بحدّةٍ وهو يدفع سيرينا برفقٍ إلى داخل العربة. رغم حدّة كلماته، كان تصرّفه لطيفًا بما يكفي ليجعلها في حيرة.
بطريقةٍ ما، شعرت سيرينا بأن إيشيد كان خائفًا من الوضع أكثر ممّا بدا عليه. داخل العربة، أمسكت سيرينا بيديه اللتين كانتا ترتعشان وسألته بهدوء.
“هل تحاول الهروب الآن؟”
“…..”
فتح إيشيد عينيه على اتّساعهما عند سؤالها المفاجئ. في المساحة الضيّقة داخل العربة، تلاقت نظراتهما عن قرب.
بدأت سيرينا تداعب يديه بلطفٍ وقالت:
“لن أقول أيّ شيءٍ إن كنتَ تهرب. أنا فقط قلقةٌ عليك، جلالتك.”
“…..”
“يداك باردتان. لقد كنتَ متفاجئًا، أليس كذلك؟ لا تقلق كثيرًا بشأن جاك. في الوقت الحاضر، هناك العديد من الأدوات السحرية، ويمكنه الحصول على عينٍ اصطناعية.”
تابعت كلامها بنبرةٍ هادئةٍ لتهدئته.
“بالطبع، قد تكون غير مريحةٍ قليلاً، لكنها أفضل من الموت.”
شعرت سيرينا بالندم عندما تذكّرت كيف كان بإمكانها أن تُهيّئه للموقف مسبقًا، كان متفاجئًا للغاية، وكان بإمكانها انتظاره أمام الغرفة قبل دخوله وأن تشرح له الأمر.
بينما كانت غارقةً في هذه الأفكار، نظر إيشيد إلى يديها المتشابكتين بذهولٍ وسأل بصوتٍ منخفض.
“لماذا؟”
“ماذا؟”
“لماذا أنتِ قلقةٌ عليّ؟”
“هذا ….”
رفع إيشيد نظره إليها. اتّسعت عينا سيرينا على منظره الذي تراه للمرّة الأولى.
عيناه الرطبتان بدتا وكأنهما ستذرفان دموعًا في أيّ لحظة. كانت رموشه الذهبية الطويلة ترفرف باستمرار وكأنه يحاول إخفاء ذلك.
كانت نظرته خليطًا من الحذر والتوقّع ومشاعر أخرى لم تستطع سيرينا فهمها بالكامل.
جذب يدها برفقٍ ليقلّل المسافة بينهما. سقطت خصلات شعرها الأرجوانية على كتفها. نظر إليها إيشيد وهَدَر.
“مَن تكوني لتقلقي عليّ؟”
كانت قبضته على يدها قويّة. كانت نظرته الحادّة، التي تخفي دموعه، تشبه وحشًا مفترسًا يكشف أنيابه.
تلك النظرة التي كانت تهدّد بابتلاعها جعلتها تشعر بالرهبة.
لقد كان ضغطًا من شأنه أن يجعلها ترتجف وتركع لتتوسّل من أجل المغفرة لو كانت هي في الماضي.
على العكس من ذلك، شعرت سيرينا بخيبة أملٍ بدلاً من الخوف. اعتقدت أنها قد أصبحت أقرب إلى إيشيد، لكن يبدو أن تقديرها كان خاطئًا.
رغم ما أظهره من ضعفٍ أمامها بسبب حالة جاك، إلّا أنه ظلّ متوتّرًا وحذرًا منها. ربما كان ردّ فعله الحادّ بسبب إحراجه لإظهاره لها نقطة ضعفه.
‘وماذا في ذلك؟’
تساءلت سيرينا بمرارة.
هل يبرّر هذا استخدام كلماتٍ مؤذيةٍ للدفاع عن النفس ؟ وهذا ضد شخصٍ قلقٍ عليك؟
عضّت سيرينا داخل شفتيها وشعرت بالبرد والفراغ يجتاح رأسها.
نظرة الإمبراطور لم تتغيّر. باردةٌ وقاسية، كما كانت دائمًا.
شعرت بأنها كانت مخطئةً في الاعتقاد بأن لطفه الظاهريّ يعني أنه بدأ يثق بها.
‘هذا صحيح، لماذا أقلق عليكَ حتى؟’
بصوتٍ هادئ وعينين بلا مشاعر، أجابت سيرينا.
“طبيبتكَ الشخصية فقط، جلالتك.”
نعم، هذا هو دور سيرينا.
لا يمكنها التدخّل في شؤونه إلّا في ما يخصّ العلاج.
حتى لو شَفَت جاك جوردون، أو إن شَفَت مرض الإمبراطور نفسه، لن يتغيّر شيء.
ردّ إيشيد ببطءٍ على نبرة سيرينا الواضحة والجادة.
“لم يمضِ وقتٌ طويلٌ على معرفتكِ بي.”
“العلاقات بين الناس لا تعتمد على زمن المعرفة، جلالتك.”
‘وبالإضافة إلى ذلك، أنا أعرفك قبل أن أموت مرّتين.’
ضحك إيشيد بسخريةٍ على إجابة سيرينا المتبجّحة.
“هل يعني هذا أنني علاقتُكِ؟”
“مَن يدري؟ أنا لا أعرف.”
لم تكن سيرينا تعرف السبب وراء عودتها في كلّ مرّة.
كلّ ما كانت تعرفه هو أنها كانت تعود لتجده.
ربما كان هذا لعبةً من القدر، أو مِزحةً من الآلهة.
مهما كانت الأسباب، قرّرت سيرينا رفض أن تكون لعبةً في يد هذا المصير.
سحبت سيرينا ذراعها بقوّةٍ من قبضة إيشيد. ضاقت المسافة بينهما أكثر، حتى كادت جباههما تتلامس.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1