I’m the Dying Emperor’s Doctor - 22
بمجرد أن رأى ريفن الرجل، ركض نحوه بسرعة.
‘جاك؟ جاك جوردون من قمّة جوردون؟’
سيرينا، التي كانت مرتبكة، ثبتت نظرتها على الرجل الذي كان يُدعى جاك جوردون.
عند التدقيق، كان شعره البني القصير المبعثر وعينيه الخضراوين مطابقتين تماماً لوصف جاك جوردون. في حياتها السابقة، لم تلتقِ به أبداً من قبل، لذا لم تتعرّف عليه على الفور.
كان جاك رجلاً غامضاً، ولم يسبق له أن جاء إلى القصر الإمبراطوري لمقابلة الإمبراطور.
بينما كانت سيرينا متجمّدةً في مكانها، كان جاك يحتضن ريفن ويعبث بشعره قائلاً بابتسامة.
“أجل، أيها الصغير! ألم ترني إلّا الآن؟”
“آه! سيد جاك! شعري سيتلف!”
حاول ريفن الهروب من بين ذراعي جاك وهو يرتجف، لكنه لم يكن يستطيع التفوّق على رجلٍ بالغ.
“ما أهمية أن يتلف شعرك؟ إذا جعلتَ السيد جاك ينتظر، فيجب أن تُعاقَب!”
“آه! لقد أخطأت، سامِحني!”
بعد أن أزعج جاك ريفن لفترةٍ طويلة، تركه أخيرًا. عندها بدأ ريفن يطرح على جاك سلسلةً من الأسئلة بعينين لامعتين.
“سمعتُ أنكَ ذهبتَ إلى الجنوب، متى عدت؟ أم أنكَ لم تذهب إلى الجنوب حقاً؟”
“بلى، ذهبتُ إلى الجنوب بالفعل. وغدًا، سأذهب إلى الغرب.”
“أنتَ حقًا لا تستطيع أن تبقى في مكانٍ واحدٍ أبداً! لهذا السبب لا تمتلك حبيبة ….آه! لقد أخطأت، سيد جاك!”
عندما قام جاك مرّةً أخرى بمحاصرة رأس ريفن في ذراعه، أصدر ريفن صوتاً متألّماً.
بعد أن أعطاه ضربةً خفيفةً على رأسه، تحدّث جاك اليه.
“أين كينزو وإلدا؟ أردتُ أن أراهما قبل أن أغادر.”
تمتم ريفن بتذمّر.
“يبدو أن والديّ أصبحا مشهورين اليوم.”
حوّل جاك نظره إلى سيرينا. على الرغم من أنه لم يُظهِر أيّ اهتمامٍ بها من قبل، إلّا أن نظراته الآن كانت ثابتةً عليها.
في تلك اللحظة، ردّ ريفن.
“أبي ذهب لجمع الأعشاب، وأمي ذهبت لتسليم البضائع لقمّة جوردون.”
“أوه، إذن اليوم هو يوم التسليم.”
“كيف استطاع شخصٌ مثلكَ أن يطون رئيسًا لــ ….. آه! لا تضربني، إذا ضربتَني مرّةً أخرى سأغضب!”
تراجع ريفن بسرعةٍ إلى الخلف ورفع قبضته مزمجراً، نظراته كانت تشير إلى أنه لن يستسلم بسهولةٍ هذه المرّة.
لكن جاك كان أكثر دهاءً. رفع كتفيه بطريقةٍ غير مبالية، وكأن تصرّفات ريفن مُبالَغٌ فيها، ممّا جعله يشعر بالإحراج.
‘إن كان الرئيس، إذًا فهو حقًا جاك جوردون نفسه.’
كان انطباعه مختلفًا تمامًا عن جاك جوردون الذي تخيّلته سيرينا. توقّعت أن يكون شخصيةً غامضةً مثل الكونت هاريسون، لكنه بدا أكثر بساطةً ووِدًّا.
في تلك اللحظة، لمحت سيرينا الساعة دون قصد. و بالنظر إلى الأماكن والطرق التي عليها سلكها، أدركت أنها بحاجةٍ إلى المغادرة.
“ريفن، لديّ أماكن أخرى للذهاب إليها، لذا عليّ أن أرحل الآن.”
“أوه، أمي وأبي سيعودان قريباً …..”
“فقط أخبِرهم أنني كنتُ هنا. ستكون هناك فرصةٌ أخرى في المستقبل للقائهم.”
“إذن، هل أطلب من القصر الإمبراطوري الدفع؟”
“نعم. سأدفع نصف المبلغ الآن.”
دفعت سيرينا المال الذي جلبته مسبقاً إلى ريفن، الذي سارع في كتابة الإيصال.
وخلال ذلك، كان جاك يحدّق في سيرينا بوضوحٍ دون إخفاء ذلك. لكن سيرينا لم تُعِره أيّ اهتمام، ولم تنظر إليه على الإطلاق.
بعد أن أخذت الإيصال، غادرت الصيدلية على الفور.
***
المكان الذي توجّهت إليه سيرينا بعد مغادرتها الصيدلية كان مكتب نوكتورن.
في الحقيقة، الهدف الحقيقي من خروجها اليوم كان للحصول على نصيحةٍ من نوكتورن.
استقبلها نوكتورن بوجهٍ متفاجئ.
“لم أكن أتوقّع أن تأتِ إليّ بالفعل.”
كانت سيرينا قد أرسلت له رسالةً تسأله فيها عمّا إذا كان بإمكانها زيارته إلى العنوان المكتوب على البطاقة التي حصلت عليها مُسبقاً.
وبعد أن تلقّت الرّد بالموافقة، جاءت فوراً، لذا تردّدت قليلاً بسبب ردّة فعله المتفاجئة.
“أرسلتُ رسالةً أُخبِرُكَ أنني سأزورك ….. هل كان ذلك تصرّفاً غير لائق؟ أكانت مجاملةً فارغة؟ لقد أتيتُ وأربكتُك.”
ردّ نوكتورن بسرعة.
“لا، ليس كذلك. فقط تفاجأتُ لأنني لم أتوقّع أن تأتِ بهذه السرعة. في الواقع، كنتُ أنا مَن ينتظر رسالة الآنسة.”
“إذن، هذا مريح.”
“أهلاً بكِ في أيّ وقت. لا داعي لإرسال برقيةٍ مُسبقاً.”
“كيف يُعقَل لي أن ….”
“أنتِ الطبيبة الخاصة لجلالته. بالإضافة إلى ذلك، أنتِ طبيبةٌ حصلتِ على إيسلينغ حتى، لذا من الطبيعي أن تتلقّي هذا التعامل.”
“كما هو متوقّع، لقد لاحظتَ بالفعل أنني مهتمّةٌ بـ ‘قلب المانا’ بسبب حالة جلالته الصحيّة.”
سألت سيرينا وهي تضيّق عينيها، ابتسم نوكتورن بهدوءٍ دون أن يجيب، وهو تأكيدٌ صامت.
‘بالطبع، إنه ليس شخصاً عادياً.’
انزعجت سيرينا نوعًا ما من تعابيره غير القابلة للقراءة، وتصرّفاته غير المفهومة.
السبب وراء حذرها الخاص تجاهه، على الرغم من كونه أحد أصدقاء الإمبراطور المقرّبين، هو أنه كان ابنًا غير شرعيٍّ من عائلة غرينوود.
على عكس علاقة سيرينا وآل فنسنت،التي عاشت لديهم وكآنها لم تُولَد قط، كان نوكتورن في علاقةٍ تعاونيةٍ مع دوق غرينوود. حتى المكتب الذي يستخدمه الآن كان في موقعّ تجاريٍّ يقع في غرينوود.
‘في آخر مرّةٍ رأيتُه، بدا على علاقةٍ جيدةٍ مع ايشيد أيضاً.’
كانت سيرينا تحدّق في خاتم ‘إيسلينغ’ اللذهبي الذي كان يرتديه نوكتورن على إصبعه. كان هذا الخاتم على درجتين أدنى من خاتم ‘إيسلينغ’ الأحمر الذي تلقّاه كلٌّ من ليونارد وليلي.
بالطبع، من المحتمل أن الخاتم الأحمر مُنِح لليونارد وليلي لأنهما فارسان ويمكنهما قيادة فرقة النخبة الأولى من فرسان الإمبراطورية في حالة الطوارئ.
أما نوكتورن، فلم يكن يجيد استخدام السيف. ومع ذلك، كان الناس يثرثرون بأن الإمبراطور يتجنّب نوكتورن لأنه ابنٌ غير شرعيٍّ لعائلة غرينوود.
في الواقع، بعد تتويج ايشيد، كان غالباً ما يُرسِل نوكتورن خارج الإمبراطورية تحت ذريعة التجارة، لذا ربما لم تكن تلك الشائعات بلا أساس.
خاتم ‘إيسلينغ’ الذهبي يمنح حامله القدرة على ترخيصٍ للسلطات نيابةً عن الإمبراطور خارج الإمبراطورية، ويسمح له بعبور الحدود بحريّة.
كان هذا الخاتم ضرورياً لنوكتورن، الذي كان ينفّذ الاتفاقيات التجارية بشكلٍ متكرّرٍ، وهو نفس اللون الذي تلقّاه دوق غرينوود من الإمبراطور السابق.
في تلك اللحظة، دخل السكرتير حاملاً إبريق شاي، وسكب الشاي الأخضر. لم تتحدّث سيرينا حتى خرج السكرتير.
“في الحقيقة، كنتُ أقرأ كتاباً وطرأت لي بعض الأسئلة.”
“ما الذي يثير فضولكِ؟”
“يُقال إن ردود الفعل غير الطبيعية لـ ‘قلب المانا’ تظهر عندما يتعرّض الشخص لصدمةٍ جسديّةٍ أو نفسية. هل هناك استثناءاتٌ لهذه القاعدة؟”
“دعيني أرى. سمعتُ أنه في بعض الحالات، قد ينمو ‘قلب المانا’ بشكلٍ مشوّهٍ منذ الولادة.”
“مشوّه؟”
عندما سألت سيرينا بفضول، بدأ نوكتورن في توضيح الأمر بشكلٍ دقيق.
“نعم. عادةً ما يُحدَّد مقدار المانا في الجسم منذ الولادة، ويعمل ‘قلب المانا’ كوعاءٍ لتخزين المانا.”
“أعرف ذلك.”
“عندما نتحدّث عن النمو المشوّه، نعني أن ‘قلب المانا’ يكون أصغر من كمية المانا في الجسم أو لا يؤدّي وظيفته بشكلٍ صحيح.”
نزع نوكتورن نظارته المستخدمة في العمل وأكمل حديثه.
“ماذا يحدث إذا صببتِ كميّةً من الحساء أكبر من حجم الوعاء الصغير؟”
“سوف يفيض.”
في الواقع، كانت سيرينا قد بحثت في هذا الموضوع من قبل. سمعت أن ‘قلب المانا’ المشوّه يكون عادةً أقل وضوحاً مقارنةً بمستويات النقاء لدى أصحاب المانا الآخرين.
‘لكن، كانت علامة إيشيد واضحةً جداً.’
كانت هذه حقيقةً لا يمكن إنكارها، حيث كانت تتحقّق منها يومياً.
ثم طرحت سيرينا سؤالاً آخر.
“هل هناك أيّ أبحاثٍ حول حقن المانا من جسم شخصٍ آخر في ‘قلب المانا’؟”
أجاب نوكتورن بوجهٍ جاد.
“هل تقصدين المانا الداخلية للشخص، وليس المانا النقية من الطبيعة؟”
“نعم، بالضبط.”
عبس نوكتورن وكأنه يفكّر بعمق، بدا كمُعلِّمٍ يفكّر في كيفية شرح هذا الموضوع بشكلٍ صحيح.
انتظرت سيرينا بصمتٍ حتى يجيب نوكتورن.
في الواقع، كانت قد حقنت كميةً صغيرةً من المانا في جسم إيشيد عدّة مرّاتٍ للتحقّق من حالة ‘قلب المانا’ لديه.
كانت تجد صعوبةً في الحصول على قراءةٍ دقيقةٍ لأنه كان يتمّ امتصاصها سريعًا، لذا استخدمت أدوات السحر لقياس الحالة.
‘ومع ذلك، كان هناك تحسّنٌ مؤقّتٌ عندما كانت المانا تُحقَن.’
فقط في حالة، توقّفت مؤخَّراً عن حقن المانا وبدأت في استخدام الأدوات السحرية للتحقّق من حالة ‘قلب المانا’.
كان واضحاً أن الحالة كانت أفضل عندما كانت تَحقِن المانا مباشرة، على الرغم من أن التحسّن كان طفيفاً وغير حاسم.
ومع ذلك، كان ذلك بمثابة اكتشافٍ كبيرٍ لأنها وجدت متغيّراً مستقلّاً. و بعدها، بدأت في محاولة حصر المتغيّرات الخارجية واستخدام المانا الخاصّة بها للعلاج.
كانت سيرينا تبحث في طرق العلاج، ولكنها لم تجد أيٍ حلٍّ في العديد من أبحاث السحر حول حقن المانا الداخلية. و كان من الصعب العثور على حالاتٍ دراسيّةٍ حول حقن المانا الداخلية لشخصٍ آخر.
‘من الغريب أن لا يوجد أيّ بحثٍ حول هذا الموضوع. هل من الممكن أن يكون قسم السحر غير مهتمٍّ بالطب؟’
عندما انتهى نوكتورن من التفكير، فتح فمه اخيرا.
“حسناً، عادةً لا يتم القيام بمثل هذه التجارب المخيفة.”
“تجارب مخيفة؟”
“على عكس المانا النقية، المانا الداخلية هي مانا تم تعديلها لتناسب الفرد. و لتبسيط الأمر ….”
اعتذر نوكتورن لفترةٍ وجيزةٍ وسحب كوب الشاي الأخضر الذي كانت سيرينا تشربه أمامه.
“في الواقع، لكي أشرح الأمر بدقّة، أحتاج إلى إحضار الماء والزيت، ولكن بما أنني لا أملكُ زيتًا الآن، من فضلكِ فكّري في هذه القهوة كزيت.”
“نعم. ولنفترض أن هذا الشاي الأخضر هو المانا الداخلية للجسم A، وهذا الزيت هو المانا الداخلية للجسم B، والماء الموجود في الغلاية هو مانا نقية.”
قال وهو يضع الماء، و الشاي الأخضر، والقهوة أمامه. ثم بدأ بصب الماء في أكواب الشاي الأخضر والقهوة بالتوالي.
“الماء يختلط بشكلٍ جيدٍ مع الشاي الأخضر والقهوة، ولكن ماذا سيحدث إذا خلطنا مانا A مع مانا B؟”
أجابت سيرينا فوراً.
“لن يختلطا، لأن الزيت لا يختلط.”
ابتسم نوكتورن وهو يصبّ القهوة في كوب الشاي الأخضر.
في اللحظة التالية، بفضل سحره، لم تختلط القهوة بالشاي الأخضر، بل تشكّلت طبقتان. ولكن، بعد فترة، بدأت حدود بين السائلين في الغليان.
“آه ……”
شعرت سيرينا بالقلق، حيث انفجر السائل الموجود في الكوب فجأةً مُسبِّباً فوضى في الكوب وتغيير لون الشاي الأخضر.
لاحظ نوكتورن عدم ارتياحها، لكنه واصل بحديثٍ هادئ.
“السبب في عدم وجود أبحاثٍ حول هذا الموضوع بسيط. كما ترين …..”
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: دانا
تدقيق: مها
انستا: le.yona.1