انا حامل بالطفل الطاغية - 33
لكل بداية نهاية ولكل نهاية بداية الحياة ليست بسهلة لا تعطينا البدايات التي نتوقعها ولا النهايات التي نريدها
كان يؤمن بهذه الكلمات ويرسخها بعقله جيدا،سلبت الحياة منه الكثير ولا تزال، كلما يغلق عينيه يتذكر صورتها جيدا ابتسامتها رائحتها لم يستطع تفكير او تخيل غيابها طويلا قالت أنها ستعود قريبا لكنه لا يسعه الانتظار أكثر
نبضه يتسارع كلما فكر بها يحب هذا الشعور، يزداد اشتياقه لها اكثر بينما هو داخل دوامة أفكاره اقتحم لوك غرفته بتعابير ساخطة
“أشعر بالملل” تذمر لوك بصوت عالي محاولا إيقاظ الحالم من أحلامه، زفر دانيال بإنزعاج أشار للباب
“هذا ما وظيفته؟”
“أريد أن أخرج سأموت هنا”
“أغلق فمك أنا أفكر”
اغلق لوك فمه وشاهد دانيال في صمت اتخد خطوة سريعة الى الأمام ورمى نفسه فوق سريره،كان متأكدا أن دانيال سيوافق ويهربه من القصر
“هيا”
رفع لوك جسده بسرعة وسارع ليصل للباب قبله اتبعه دانيال من الخلف بخطوات بطيئة ما سبب الإزعاج للوك
“هييه تحرك أسرع قليلا”
لم يهتم دانيال بكلامه واستمر في المشي بنفس الوثيرة ببطء وكأنه يحاول ايغاضته، شعر لوك بتغيره فمنذ رجوعهم للقصر أصبح يتصرف بغرابة يعرف جيدا ان مسؤولية القصر اصبحت على عاتقه وفهو لا يزال لم يعين رسميا كإمبراطورا، حياة ومشاعر دانيال غامضة لا يفصح لأي أحد عنها
بينما دانيال لا يزال شاردا كانوا قد وصلوا بالفعل للاسطبل، تساءل لوك عن ما يفكر به، جهز أحد العاملين حصان دانيال ولوك كلاهما ارتدى عباءات طويلة من القماش العادي والبسيط
صعد لوك اولا وأمسك بمقاليد الحصان بإحكام لوهلة تذكر اليوم الذي سقط به من على الحصان وهو بالثامنة لا يزال يشعر بالرعب من الركوب فوقهم
“يا رجل ليس لدينا اليوم بطوله”
جلس دانيال بالفعل على السرج ركل قدمه برفق في خصر الحصان، قام بتأرجح زمام الحصان برفق، كانت وجهتهم للعاصمة استمر لوك في طرح الاسئلة طول الطريق حتى اصبح رأس دانيال يغلي
“انا بخير لا اعاني من اي مرض حالتي العقلية جيدة ومجددا سأقول لك أنا لن أهرب”
” ولما كل هذه العصبية يا رجل ستصبح لديك الكثير من التجاعيد ولن تحبك النساء بعد الان”
تكلم لوك بمنطقية وهو يحاول تهدئة الأوضاع قبل ان يقتله دانيال هنا والآن، لم يبقى الكثير ليصلوا للعاصمة فقد اتخدوا طريقا مختصرا وبعيد عن الأنظار
ابتسم لوك بإتساع وهو يرى الأسواق لا تبعد الكثير عن مكانهم أسرع الحصان من وثيرته وكأنه استشعر حماس صاحبه لوهلة شعر لوك بأنه سيسقط على الأرض ليتشبث أكثر باللجام
“اصبحت أكره الأحصنة أكثر” همس ببرود، اصبحت العاصمة امام بصرهم على اي حال فكر في طريقة للهرب من بين أيادي دانيال، فكر مليا لينزل من على الحصان ويقوم بربطه اللجام بغصن شجرة اتبعه دانيال من الخلف كأنه يقول “جرب أن تهرب”
فكر بأنه لن يسمح له بالهرب وأنه تعلم من المرات السابقة تذكر عدد المرات التي هرب بها بطرق مختلفة لا يستخدم ذكائه إلا في الخطط الشيطانية
نظر للمكان حوله بملل ويمكننا ان نقول أنه استسلم وتقبل الأمر الواقع كان المكان مكتظا ومن الصعب المرور بين الناس
“من أين يخرج كل هذا العدد من الناس؟”
تكلم مخاطبا دانيال انتظر رد منه لثواني نظر خلفه لكن لم يجد أي أحد بحث حوله ونفس الشيء ارتفعت شفته بإبتسامة اذا سأله سيقول أنه بحث عنه مطولا ولم يجده
أما بالنسبة لدانيال كان قد زفر بحنق وهو يبحث بين الناس عن لوك، رطب حلقه ليهم بمغادرة السوق فكر بإنتظاره بجانب الاحصنة لحين عودته عندما رفع بصره من بعيد قوبلت العيون الذهبية المتلألئة بأخرى رمادية التي توسعت بدهشة شعر بقلبه يبنض بقوة حتى أنفاسه لم تعد منتظمة تقدم نحوها بارجل مخدرة وكأن كل همه امساكها بين يديه وجدها اخيرا بعد طول انتظار لم تخلف وعدها وهاهي على بعد خطوات قليلة
بعد التحديق في وجهها الغريب عنه لفترة طويلة مد دانيال يده لف يديه الكبيرتان حول خديها وبدأت في مداعبتها بلطف كما لو أنه ما زال لا يثق في رؤيته لها وهي تقف أمامه هكذا
على رغم من رياح الشتاء الباردة إلا أن يديه دافئة جدا كان هذا أول ما فكرت به قبل ان تظهر ابتسامة خفيفة على شفتي دانيال وهو يمسك بالجلد الرقيق الناعم لخديها
ناعمة وطرية
كان مغرما بالإحساس الذي شعر به من خلال أصابعه قام بقرص خديها عدة مرات لتعبس تعبيراتها
“هذا مؤلم”
وهي تحدق في عينيه العميقة البعيدة وكأنه على وشك ابتلاعها شعرت بعدم مقدرته على الكلام وكأنه مصدوم
“ألم تشتق لي”
صوتها كان جميلا يجعل من تفكيره محدود لم يشعر بأي أحد آخر غيرها
ابتسمت له بإشراق لتضع يدها فوق يده تتحسسها برفق وكأنها تؤكد له بأن كل ما يراه ليس حلما بل حقيقة
“لقد وعدتك بأنني سأعود وها أنا لا اخلف وعدي دانيال”
احب ان يسمعها تنطق بإسمه أراد أخبارها أن تردده مجددا لكن واخيرا شعر بوجود شخص آخر غيرهم
“انستي الصغيرة؟”
نظر للخلف بوجه متصلب رأى دانيال فتاة صغيرة قصيرة القامة حتى ان رأسها في اقل تقدير سيصل لخصره كانت تتنفس بصعوبة وكأنها شاركت في مسابقة جري
“بحثت عنك طويلا”
تكلمت بسرعة قبل ان تنظر للشخص الذي يحتضن سيدتها لتصرخ مرعوبة
“متحرش”
نظر الجميع لهم بأعين مرعوبة بعض الرجال قد تقدموا بأيديهم عصي خشبية مستعدين للقتال
“إنه ليس متحرش هذا خطيبي”
تكلمت بصوت عال لترفع رأسها لتقابل أعين دانيال الذي لم يظهر أي تعبير بل كان مستعدا للهجوم في أي لحظة
“هل هذا صحيح أيتها الفتاة؟”
اردف أحدهم بشك لتهز رأسها أمسكت بيد دانيال تبتعد عن المكان، اتبعتهم الخادمة الصغيرة من الخلف لم تفهم اي شيء من هذا الشخص؟ واين تعرفه سيدتها؟
“نوري انتظري بداخل العربة لحين عودتي لن أتأخر”
هذا ما قالته قبل أن تهم مسرعة رفقة دانيال وتتركها بمفردها تحاول بجد إيجاد اجوبة لاسئلتها
اخدته لمكان هادئ نسبيا جلست على الارض تريح قدميها قبل ان تنزع العبائة التي ترتديها ويظهر شعرها ذو اللون البرميتي، نظر مطولا لملامح وجهها وكأنه يحفظها
“جسد من هذا؟”
“فتاة نبيلة توفيت بعد محاولتها للانتحار كان اقوى جسد وجدته لحد ساعة لم افكر كثيرا حتى استيقظت به”
“هل هو بخير؟ أعني هل يتطابق روحك مع هذا الجسد”
“نعم ليس هناك أي صعوبة حتى الآن أعيش حياتي كهايلي ريتشارد إبنة الدوق الوحيدة”
بالعيون التي نظرت إلى الأسفل مرة اخرى نظر لهايلي ومد يده ليلمسح شعرها الوردي الذي يشبه الحلوى القابلة للأكل مسح خديها بأصابعه فكر بأنه لن يسمح لها بالذهاب مرة أخرى
“سأذهب”
اردفت بهدوء لتقف بسرعة، تلاشت نظرة دانيال مثل الظلام احست هايلي بالبرد وكأن هناك عاصفة ثلجية بجانبها
“فكر جيدا أنا لم أقع لك بالكامل، حاول بجد داني”
فكر طويلا في اسمه الذي تحول من دانيال لداني، والتحدي الذي أعلنته
لم تستطيع هايلي إلا ان تضحك بصمت، لتمر من جانبه تحاول وضع وجهها الصارم
“سأعطيك شهرين لتجعلني أقع في حبك”
كان دانيال يظن أن الأمر سيكون سهلا لكنه لم يعرف أن هناك تحدي أكبر من جعلها تحبه شخص سيكون كجدار لخططه المستقبلية رفقتها
يتبع..