انا حامل بالطفل الطاغية - 31
قامت بإمالة رأسها للأعلى ونظرت بهدوء للسقف بينما بياترس تساعدها في الإستحمام، تنهدت فيونا وغمرت نفسها في الحمام شعر قلبها بالثقل حتى بعد الاستحمام في ماء عطري دافئ لا تزال تشعر بالتعب أرادت فقط ان تضع رأسها فوق الوسادة وتنام، لكن لا يزال هناك الكثير من الأشياء تحتاج لتفقدها
كانت قد طلب طبيب ليعالج جروح سيسيل ويتفقد اليسيا أيضا اذا كانت تعاني من شيء ما احتياطا فقط، لم تعرف كيف تتكلم مع سيسيل أو تناقش اليسيا في موضوع التبني
اصدرت معدتها صوتا متذمرا تذكرت أنها لم تتناول شيء منذ عشاء البارحة خرجت من الحوض امسكت بالمنشفة ومررتها على جسدها ارتدت فستان شتوي بمساعدة بياترس كان الجو كارثيا في الخارج، ازدادت حدة هطول الثلوج لتغطي الحديقة الخضراء المنعشة، سرحت شعرها هذه المرة بمفردها لترفعه على شكل كعكة فوضوية لم تضع أي زينة
اتخدت قرارها بالتكلم مع سيسيل أولا ثم الذهاب لاليسيا،خرجت فيونا من غرفة نومها وصعدت على الفور لطابق الثالث وقفت أمام غرفة سيسيل لتطرق الباب بخفة
“ادخل”
سمعت صوت خافت من داخل الغرفة، قبل ان تطأ قدمها الغرفة رفعت فيونا شفتيها قليلا كما لو كانت تقول “كل شيء بخير”
في هذه اللحظة فتح الباب بمفرده نظرت بدهشة للشعر الرمادي المجعد الذي يرفرف عاليا بسبب الهواء القوي الذي يدخل من النافدة
“ا…اختي!”
كانت هذه المرة الأولى التي يخاطبها هكذا، تقدمت للداخل بعدما ابتعد وسمح لها بالدخول كان الجو في الغرفة بارد نظرت لملابسه الخفيفة وتوجهت سريعا لتغلق النافدة اقتربت منه وفحصت درجة حرارته كانت حرارة جسده منخفضة نظرت للملابس الموضوعة بعناية فوق السرير لتحملها وتعطيها له
“اذهب وغير ثيابك ستصاب بالزكاء على هذا الحال، جراحك تحتاج لتلتئم”
ابتسمت فيونا بهدوء، لمعت عيون البحر الزرقاء لتتسع عينا سيسيل للحظة وهو يحدق بها لم يهتم له احد من قبل او يقلق على صحته
“حسنا اختي” اتجه للحمام وغير ثيابه بسرعة كان يبتسم مثل الابله لكن لم يستطع التعبير عن سعادته إلى بهذه الطريقة اهتمامها جعله يشعر كأنها يملك كل شيء لم يفكر في يوم من الأيام أن يتحدث او يراها مباشرة تحت سقف واحد
جلس في طرف السرير ينتظرها ان تتكلم، كان الجو هادئ داخل الغرفة فتحت فيونا فمها لتتكلم اولا
“تحدث”
“هييه”
ابتسمت فيونا بابتسامة مشرقة ثم بدأت تهمس بهدوء
“أنت تريد ان تخبرني بشيء ما”
“هذا صحيح لكنني..”
كان من الصعب عليه الحديث احس وكأن فمه عقد من جانب اخر أراد إفراغ كل شيء في قلبه والحديث دفعة واحة إلا أنه لم يعرف ما هي النظرة التي ستطالعه بها
“سأستمع لك حتى النهاية لن اقاطعك”
“لا اعرف أين أبدأ لكنني اريد ان اعتذر عن كل ما جرى معك بسببهم اشعر بالخجل عندما انظر لك اتذكر ماذا فعلوا لك كل تلك السنين أعرف أنك ستقولين أنني لست الملام في كل هذا لك وانني كنت طفل حديث الولادة، أردت دائما أن اتقرب منك وأن اناديك بأختي سعدت جدا كلما حضرت لحفل ما واجدك موجودة هناك كنت استمتع بالنظر لك من بعيد وارى كيف تتعاملين مع الكل اردت الاقتراب وتحيتك او أبدأ حوار معك كأي اخوة طبيعين، لكن رغم هذا انا سعيد سنحت لي الفرصة لمناداتك باختي والحديث معك شخصيا لذا كل ما حدث سابقا أصبح من الماضي حتى لو اردتي الابتعاد سأكون سعيدا بأي قرار تتخدين في شأني”
شعر بالراحة لقوله كل هذا أفرغ ما بداخله دفعة واحدة اخفض بصره ونظر ليده بتوتر، انتظر ردا منها حتى احس بيدين تحاوطه كانت تعانقه بقوة لم ترد تركه
“هل تريد القول انني سأتخلى عنك؟، هذا هراء أنت أخي الوحيد وكل ما حدث صار من الماضي كل واحد منهم أخد جزائه ولن يوجد احد يعرقل حياتنا بعد الآن”
نظر سيسيل لوجهها المسالم وارخى شفتيه أخيرا في هذه اللحظة لم يشك بما قالته بالمرة كان يأمل فقط بجدية ان تستمر علاقتهم على هذا الحال
“انا سعيد بقولك هذا”
تمتم بهذه الكلمات لتتسع ابتسامتها أكثر، قامت فيونا بتمسيد شعره برفق
“لا تفكر بالمغادرة فأنا لن اسمح لك ستعيش معي حتى تتزوج وتبني لك أسرة ويمكن أن تأتي وتعيش معنا رفقة زوجتك أيضا”
قهقه بخفة على كلامها لم يعرف أن اخته تملك مثل هذه الافكار الغريبة، اومئ بإيجاب لتقف
“سأذهب الآن خد قسطا من الراحة قبل موعد العشاء، ولا تفتح النافدة مجددا”
وبخته بصوت متذمر، قادها لباب الغرفة بإبتسامة واسعة لم يتخيل أنه سيعيش معها في منزل واحد كان حلما بعيد المنال لكن مع ذلك الوقت ليس للعب سيجذر به إعادة منزل الماركيز كما كان، هو لم يبلغ سن الرشد بعد لذا كل الأعمال ستوضع على كتف فيونا
“انا لست شخص عديم الفائدة ساعيد بناء مكانتي بنفسي”
هذا ما ردده قبل ان يغلق الباب ويتجه للنافدة ويحدق بالثلج الذي يتساقط بشرود، أما فيونا فقد توجهت لغرفة اليسيا التي كانت بجانب غرفة نوم سيسيل رفعت يدها لتطرق الباب ليفتح على الفور
“ادوارد!”
فتح إدوارد باب الغرفة ليترك لها المجال لتدخل كانت اليسيا تجلس على جانب السرير تنظر للاسفل بتفكير
“انا موافقة ليس لدي اي مكان اذهب إليه داك القصر كان كالجحيم بالنسبة لي ولن اعود له”
التفتت فيونا لتنظر لادوارد الذي كان ينظر لها بإبتسامته المعتادة، كانت عيونها مشرقة كالعادة تلمع ببريق غريب، تواصلت فيونا بصريا معه لتنظر مباشرة هذه المرة لاليسيا
“مرحبا بك في عائلتنا” اتسعت عينا اليسيا للحظة وهي تحدق بها فجأة بدأت دموعها في الهطول تشتت رؤية ادوارد لينظر لها بصدمة لم يفهم سبب بكائها اقتربت فيونا لتجلس بجانبها بسرعة، تيبست بشرة فيونا لعدم تمكنها من اسكاتها
“اليسيا ما بك صغيرتي؟”
حدقت فيونا في وجنتيها المحمرتين ارتعشت رموشها وفتحت عينيها ببطئ احست اليسيا بالحرج لبكائها هنا وامامهم بالضبط لكنها بالسعادة لرؤية ملامحهم المرتبكة كانوا قلقين عليها
“هل استطيع مناداتك بأمي؟”
هتفت بحماسة كانت اليسيا شخص يتطلع لحب العائلة، تقوست شفتي فيونا بإبتسامة راضية
“بالطبع”
شعر إدوارد أن لا فائدة له في هذا المنزل بعد الآن الكل يتجاهله وحتى ابنته الصغيرة لم تهتم له وفضلت فيونا عليه
“هل استطيع….؟”
التفتت له اليسيا لتحدق به بوجه متردد كانت خائفة منه شخصيا شخص سمعت عنه الكثير من الشائعات في حياتها السابقة سيصبح اباها في التبني
“بالطبع ناديني بما تشائين”
اشرق وجهها لتتشبث بفيونا أكثر ابتسم كليهما على منظرها اللطيف
“انستي العشاء جاهز”
نادت الخادمة بأدب لتخبرها بموعد العشاء، فتح ادوارد باب الغرفة لتتفاجئ الخادمة انحنت بسرعة نظرت له بإعجاب كانت خادمة جديدة عينت قبل يومين ولم تسنح لها الفرصة برؤيته مباشرة لكنها تأكدت من الشائعات التي تقول بأنه وسيم
استطاعت فيونا تفسير طريقة نظرها لادوارد في هذه اللحظة اتتها الكثير من الأفكار مثل شد شعرها وصفعها بقوة على خدها فكرت أن هرمونات الحمل تزيد فقط من حساسيتها، التزمت الصمت لتتمسك بإدوارد كان رأسها يصل لصدره نظرت لهم اليسيا من الخلف تحاول جاهدة ألا تضحك بصوت عالي
“سأتي قريبا”
علقت ابتسامة مسترخية على شفتي اليسيا بينما تنظر لعلاقتهم القوية ربطت شعرها الأشقر بفوضوية لم تنظر للمرآة حتى خرجت من الغرفة ونظرت للخادمة التي لا تزال تقف في مكانها تبتسم بإتساع، تنهدت اليسيا بقلة حيلة لتتخطاها
“انتظري قليلا”
توقفت في مكانها تحاول تذكر أين سمعت هذا الصوت من قبل ليظهر أمامها بشعره الفضي وعيونها الزرقاء نظرت له مطولا
“أريد شكرك على المرة السابقة شكرا لمساعدتك هناك لولاك لما استطعت الخروج”
مجرد النظر له جعلها تشعر بالاختناق لسبب ما شعرت بجسدها قد تخدر اصبحت نبضات قلبها أسرع واحست برعشة غريبة تجتاح عمودها الفقري لكن كل هذا ازداد بإبتسامته لم تنظر له جيدا في المرة السابقة لانها كانت مشغولة بمراقبة تحركات اكليس لكنها تذكرت على الفور صوته الذي لن تنساه، لم تشعر بمغادرته إلا بعد ثواني شعرت أنها اصبحت مثل الخادمة التي كانت لا تزال تبتسم ببلاهة وتقف في نفس البقعة لا يزال لها الكثير لتعتاد على الوجوه الجميلة في هذا القصر
نزلت اليسيا على الفور لردهة، رأت الخدم مصطفين أمام المدخل، انحنوا لها جميعا في الحال ربما سمعوا بخبر كونها الابنة بالتبني للدوقين اومأت رأسها بخفة
ودخلت لقاعة الطعام إدوارد يترأس الطاولة كالعادة تجلس فيونا بجانبه الأيمن قرب ايفان بينما الجانب الايسر قد احتله سيسيل تحركت قديمها لتجلس بجانبه نظرت امامها لتلتقي بأعين فيونا سرعان ما ابتسمت وحدقت بها بهدوء
نظرت اليسيا للذي يجلس بجانبها كانت ملابسه أقل رسمية كان ينظر لطبقه بشرود حدقت فيه بخذر قبل ان تلتقط قطعة الخبز كان الجو دافئ وصاخب نوعا ما لم تستطع اخفاء ابتسامتها.
“كلاكما توقفا عن اظهار هذه التعابير”
صرح إدوارد بوجه متجهم ينظر لفيونا التي تبعد طبق السمك من أمامها وايفان الذي ينظر له كأنه وحش سيأكله في اي لحظة
“مذاقه سيء”
خفت تعابير إدوارد عند كلامه وسرعان ما وجه نظره لفيونا التي تأكل بشراهة
“ألم تقولي من قبل أنه لذيذ؟”
“هذا كان في الماضي اعطني الارز الذي بجانبك أريد تجربته”
“خدي” رد بسخرية ليمرر الصحن لها،بالنسبة لسيسيل واليسيا لم يعتادوا على هذا الدفئ المفاجئ، كانت فيونا تمرر لهم الطعام وتملئ صحونهم وتجبرهم على ثناولها جميعها او مشاهدة مشاحنات ادوارد وايفان، لم يشعروا انهم غرباء عن هذه العائلة
انتهى العشاء لتطلب فيونا من الخادمات تجهيز الشاي وبعض الحلوى والمقبلات الخفيفة، جلس إدوارد بهدوء على الأريكة واسند مرفقه على ذراعه قبل ان يريح خده على ظهر يده تناثر شعره الاسود على جبينه بدى أنه في مزاج جيد لسبب ما، كانت اليسيا تجلس بجانبه بطريقة مهذبة تتكلم مع فيونا بشتى المواضيع بينما ايفان الذي اراد المغادرة لم تسمح له فيونا بذلك يلعب الشطرنج مع سيسيل بإهتمام الذي كان مستمتعا وعلى وشك هزيمته
تسلل برايف للغرفة التي يجلسون فيها قفزت اليسيا بفزع وتشبثث بيد إدوارد وارتعشت بشدة
“اليسيا لن يلمسك إنه أليف”
تدلت رموش فيونا ترتشف من الشاي بهدوء
“امي كيف تقولين عن ذئب أنه أليف”
ابتلعت لعابها بذعر كأنها تتخيل ما سيحدث لها اذا أمسك بها، كانت ترتعش بخوف ابتعد برايف عنها وتمدد بجانب قدم فيونا
مع ذلك فرت اليسيا هاربة بحجة انها متعبة وتريد ان ترتاح بينما ايفان شعر بأنه لن يفوز على سيسيل وقرر الاستسلام
دخل إدوارد للغرفة وذهب للحمام مباشرة نظرت فيونا للسرير لتجده فارغا لم تجد الوقت لتتساءل حتى سمعت صوت طرق خفيف في الباب كانت بياترس تحمل بديها صندوق هدايا صغير
“اسفة سيدتي لتأخري كنت ابحث عن الالوان التي طلبتي ”
“لا بأس شكرا لعملك”
انحنت بخفة لتغادر بسرعة تاركة إياها حائرة تشدد جسدها المرتبك لتضع الصندوق فوق السرير غيرت مكانها في كثير من المرات ابتسمت بإتساع لتقف بفخر وسط الغرفة، امتدت يد لتمسكها من خصرها كانت عيناه الحمراء والشفافة تنظران لها بحب، رائحة الصابون اللطيفة تنبعث منه حدقوا في بعضهم البعض كما لو ان الوقت توقف نظرت له فيونا كما لو انها ممسوسة
“اشتقت لك”
همس بالقرب من اذنها ليرتعش جسدها، حاولت تشتيت انتباهها لتشير للسرير وضع قبلة لطيفة على خدها ليتجه ويجلس في طرف السرير أمسك بالعلبة وقام بفتحها بحذر نظر لمحتواها بأعين ضيقة نظر للجوارب الصغيرة كان صدره ثقيلا وهناك حرارة بعنقه وقف على عجل ليتجه ويمسك بخصرها بين يديه
“هل أنت؟”
همس بعدم تصديق ينظر لها من حين لاخر ثم يمرر بصره لجهة السرير بمجرد ان اومأت برأسها شعر ادوارد بفرحة غامرة لم يصدق انه سيكون أبا مجددا ولربما هذه المرة قد تكون فتاتا تخيل فتاة صغيرة شبيهة بفيونا تركض وتناديه بأبي
“أخبريني مجددا”
“ادوارد أنا حامل”
“هل سيكون لدي طفل اخر؟”
بدى انه في حالة صدمة ظهرت ابتسامة على الفور على شفتي فيونا، اجتاحت يده جلدها الناعم وداعب خدها
“سيكون لدينا توأم لطيف”
يتبع…