أنا على وشك أن ألتهم من قبل الشرير الذي قمت تربيته || i’m about to be devoured by the villain i raised - 6
في صباحٍ غائم من عطلة نهاية الأسبوع، أطل اليوم المنتظر لزيارة المدينة التي تهيمن عليها الإمبراطورية.
خطوت بخطوات ثابتة نحو الإسطبل المجاور للمتجر العام، حيث كان ينتظرني حصاني الوفي “برق“، الذي جلبته معي من مسقط رأسي الحبيب.
“لننطلق، يا برق”
“صهيل!”
رغم عيبه الصغير المتمثل في مضغ خصلات شعري بين الحين والآخر، كان “برق” حصانًا نبيلًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
وبينما كان الفجر لا يزال في طور الولادة، استيقظ كايا ليعتني بحذوة حصاني، وسألني بقلق:
“هل أنتِ واثقة من أن السفر بمفردكما
إلى هناك فكرة صائبة؟”
“أليست تلك المدينة تتمتع بحراسة مشددة؟ سنكون بأمان حينها”
رمقني كايا بنظرة يغلب عليها الأسى.
هل كان يتمنى أن أطلب منه مرافقتي؟ كان إيدل، ولسبب غامض، يشعر بالنفور من وجود كايا.
لو ذهبنا معًا، لربما قضينا الوقت كله في صراع صامت، بدلاً من صنع ذكريات سعيدة.
“كايا، ما رأيك أن نخطط لرحلة مشتركة في المرة القادمة؟
سأجلب لك بعض البسكويت على شكل دب حين عودتي”
“لا تعامليني كطفل.
لكنني لن أرفض إن أحضرتها لي”
همهم كايا بينما كان يمرر يده بين خصلات شعر “برق“، ثم انحنى قليلاً ليحدق في عينيّ بجدية:
“أظن أن إيدل ليس لديه أي أقارب أو عائلة.
مهما حاولت البحث، لم أجد أي أثر لهم“
حينما عثرت على إيدل لأول مرة، طلبت من كايا أن يساعدني في العثور على أسرته.
لكن يبدو أن البحث كان بلا جدوى؛ إذ أن يوري سينكلير كان وحيدًا منذ البداية وحتى النهاية.
وحينما لاحظ كايا أن ملامحي بدأت تغيب في ظلال الحزن، وكأن الليل قد أسدل ستاره فجأة، واصل حديثه بينما كان يمشط شعر الحصان برفق:
“رغم عناده، إلا أن إيدل طفل فطن وذو طابع نبيل.
قد يكون من الأفضل أن نرسله للتبني لدى عائلة نبيلة في العاصمة الإمبراطورية؛ فهو يمتلك مقومات الفارس العظيم”
رغم أن حديثه كان منطقيًا، إلا أنني لم أستطع تجاوز شعور الانفصال الذي تسلل إلى قلبي.
ربما ظن كايا أن صمتي علامة على حزني، فأضاف:
“بالنظر إلى الوضع هنا، ووضعكِ الحالي كمنفية، سيكون من الصعب عليك رعاية إيدل بمفردكِ.
سأبحث عن عائلة نبيلة ترغب في تبني طفل، فلا تقلق”
“حسنًا… إذا وصلنا إلى هذا الأمر”
أشرت له بالاقتراب وهمست في أذنه بلهجة مريبة بينما مال برأسه ليصغي إلي:
“ماذا لو كان تخلي إيدل عن عائلته له علاقة بالسحر الأسود؟ ألم تسمع عن أولئك الذين كانوا يجرون تجاربهم القاتمة باستخدام هذا السحر؟”
سألته وأنا أحاول استنباط أي معلومة قد تفيدني.
“النظام المظلم الذي كان يختطف الأطفال لإجراء تجارب السحر الأسود قد اندثر، ولكن قد تظل بعض البقايا ممن يستمرون في هذه الممارسات.
هل أظهر الطفل أي قدرات سحرية حتى الآن؟”
“لا، لكن جميع من ينحدر من أصول نبيلة غالبًا ما يكونوا من ذوي الدماء الساحرة.
من الممكن أن يستيقظ قريبًا، فملامحه تعكس بوضوح أصوله الأرستقراطية”
هززت كتفيّ بتظاهر وقلت بنبرة من خطط لكل شيء:
“هل ستنفر منه لأنه قد يكون ساحرًا مظلمًا؟”
“بالطبع لا، ففي البيئة الصحيحة ومع التعليم المناسب، يمكنه أن يصبح ساحرًا نبيلاً”
“لكن الأمر مختلف هنا، فالسحر الأسود ينبع من أعماق المشاعر السلبية:
اليأس، الحقد، الغضب، والوحدة.
إنه باختصار قوة الشياطين”
بكلمات موجزة، يمكن للشخص المجروح المشوه، الذي تغمره الكراهية للبشر، أن يتحول إلى ساحر مظلم.
أضاف كايا ببطء:
“مع العناية المستمرة التي تقدمينها، من المستبعد أن يحدث ذلك.
لا تقلقي، هناك آخرون يشاركونك هذا الشعور”
ولكن الحقيقة أن إيدلنا هو بالفعل ساحر مظلم… بسرعة هززت رأسي وواصلت:
“في الوقت الراهن، من الأفضل أن نركز جهودنا على العثور على عائلته البيولوجية”
على أي حال، خيار التبني غير وارد
لأنه كان السبب في جروحه وانحداره في القصة الأصلية.
ربما يعود يومًا للانتقام مني، أنا التي تخليت عنه أولاً!
في النهاية، يبدو أن الهروب من وضع المنفى وتغيير البيئة المحيطة هو الخيار الأفضل لي.
بدلاً من أن يكون “قائد القسم الأسود، يوري سينكلير“، فإن تربية إيدل ليكون “الفتى الطيب إيدل” أصبحت مسألة حياة أو موت بالنسبة لي.
لأن هذا يتعلق بشكل مباشر بسلامتي.
لا يمكنني تربيته كشخصية شريرة تفتقر إلى الأخلاق والمبادئ.
إذا استطعت التخلص من وضعي كمنفية، وترك العالم السفلي وتوفير بيئة تربوية مناسبة، فينبغي أن أجرب ذلك، لأنه شيء يعود بالفائدة على كليهما.
“أوه، بالمناسبة، لقد بحثت عن طريقة لتتخلصي من وضعكِ كمنفية…”
وكأنه كان يقرأ أفكاري، بدأ كايا يبحث في جيوبه بينما كان يتحدث:
“يمكنكِ أن تصبحي ساحرة تابعة للأمبراطورية من خلال إيقاظ قدرات من المستوى المتوسط أو الأعلى”
“هذا مستحيل”
“أو الزواج من شخص ذو مكانة رفيعة والحصول على الحصانة”
نظرًا لأن النبلاء يفضلون الزواج من السحرة الذين ينتمون لنفس الطبقات الأرستقراطية، لم يكن هناك الكثير مما يمكن فعله في الوقت الراهن.
بوجه مستسلم، فردت أصابعي المتشابكة لأرى ما أعطاني إياه كايا.
كانت في كفي حشرة صرصور ترتجف.
لماذا يعطيني هذا؟ بينما كنت أنظر إلى كايا بتساؤل، تحدث بنبرة جادة كمرشد يعطي تعليمات لطالب على وشك النزول من الجبال:
“أنتِ حقًا لا تخافين.
بما أنك اجتزت الاختبار، أنت حرة في دخول المدينة”
هذا المجنون…
* * *
عُدت إلى المنزل واصطحبت إيدل معي. وقفت بجانب حصاني “برق” وتفقدت حالته قبل أن أنادي إيدل.
“إيدل، تعال إلى هنا.
سأرفعكَ للجلوس على الحصان“
مددت ذراعي نحو إيدل، مشيرة له ليأتي ليحتضنني.
ضم شفتيه ونظر إليّ بلا تعبير، ثم تقدم بهدوء ودخل في حضني.
وعندما حاولت رفعه إلى السرج، دفعني فجأة بعيدًا.
“أستطيع فعلها بنفسي”
إذًا لماذا احتضنني؟ هل هو طويل بما يكفي للقيام بذلك؟ رغم قلقي، صعد إيدل على الحصان بمهارة.
إنه يتمتع بقدرات حركية متقدمة.
“هل ترغب في تجربة إمساك اللجام؟”
جلست خلف إيدل وناولته اللجام، لكنه هزه بصمت.
كنت أطلب منه أن يمسك اللجام، وليس أن يحث الحصان على التحرك.
ربما يعرف إيدل كيفية الركوب من تجارب سابقة، حتى لو لم يتذكرها؟
عندما غادرنا العالم السفلي الكئيب، ودلفنا إلى الحقول الخضراء الفاتحة.
تحت السماء الصافية التي تزينها زرقة هادئة، كان النسيم الذي يحمل في طياته عبير الربيع المبكر منعشًا، يبعث البهجة في النفس ويرفع المعنويات.
“أليس هذا جميلًا؟ أليس ممتعًا؟”
رد إيدل بإزاحة شعري الذي كان يتراقص مع الرياح ليصفع وجهه، ثم أومأ برأسه.
“نعم“
كان رده أشبه بتلبية واجبة على سؤالٍ مُلح.
واصلنا امتطاء الجواد نحو مدينة “إيلان“، الأقرب إلينا.
كان عليّ أن أترك لإيدل بعض الذكريات السعيدة.
أردت أن أريه الجوانب الجميلة والمفرحة في الحياة.
وأن أُعلّمه أن الحياة قد تكون مصدرًا للفرح البالغ.
ربطنا الحصان “برق” في الغابة، ثم دخلنا المدينة.
“إيدل، هذه المدينة معروفة بفنونها الرفيعة وثقافتها الغنية.
يوجد فيها معرض فني عريق ومسرح فخم.
كنت أتوق لأن أحضرك هنا لتشاهد جمالها.
ألا تعتقد أنه مكان رائع؟ مسلٍّ؟”
“كفاكِ إلحاحًا.
الجميع سيجدون هذا ممتعًا.”
إنه طفل صغير من نوع “T” الصلب… حتمًا سينمو ليصبح “T” حقيقيًا.
[ T تشير الى Thinking
في الانماط
وأعتقد انه من نوع المفكر شيء كهذا]
بعد أن تشاورنا مع خريطة المدينة، اتجهنا إلى “مخبز هارت أتاك، فرع إيلان”.
“إيدل، سمعت أنهم يقدمون فطائر لذيذة أيضًا، مغطاة بالكثير من الكريمة المخفوقة والفراولة الربيعية الطازجة”
لمحت ارتعاشة طفيفة في شفتي إيدل رغم ملامحه الجدية.
هل هو سعيد بالفعل؟ شعرت ببعض التأنيب لأني لم أتمكن عادةً من توفير مثل هذا النوع من الأطعمة والملابس الجيدة له، ولكن الآن شعرت ببعض الطمأنينة.
بهذه المشاعر، اقتربت من المتجر بقلب يرفرف كما لو كان يشارك اسم المتجر.
لكن عندما اقتربنا من المتجر، فوجئت وتراجعت خطوة للوراء عند رؤية مجموعة من الأشخاص يرتدون زيًا أبيض مع أقنعة.
أليس ذلك زي الحرس الإمبراطوري؟
ألقيت نظرة على العقد الذي يمنع اكتشاف إيدل.
إذا كان بينهم مستخدم لقدرات عالية، قد يكشفون أمرنا إذا اقتربنا أكثر.
بدأ الحشد المتجمع بالحديث بصوت عالٍ وهم يتطلعون داخل المتجر.
“سمعت أن القديسة إيلين لامباسا هنا!”
“أوه، لقد جاءت لتفقد المتجر بنفسها! حقًا، إنها تستحق كل الإعجاب”
القديسة؟ بطلة الرواية الأصلية؟ قبضت على يد إيدل بإحكام وخفضت نظري.
“إيدل، ما رأيك أن نعود مرة أخرى في وقت لاحق؟”
نظر إليّ إيدل بعينيه الخاليتين من أي تعبير.
“لماذا؟”
“لأنني منفية… قد يشعر القديسة ورفاقها بالضيق إذا كنت هنا.
أنا آسفة، لا بد أنك كنت تتطلع لذلك.
هل نذهب إلى المسرح بدلًا من ذلك؟ ما رأيك؟”
لقد لجأت إلى الكذب.
أومأ إيدل بصمت.
* * *
القديسة إيلين لامباسا، التي كانت تتجول في المتجر، ارتعشت فجأة ونظرت إلى البعيد.
شعرت بإحساس مألوف، فاتجهت نحو النافذة وركزت ببصرها على الزجاج.
عيناها الزرقاوان الواسعتان كانت موجهتين نحو ظهر طفل أسود الشعر،
يمسك بيد امرأة شقراء.
“قديسة، ما الأمر؟،
أ هنالك خطبًا
ما؟”
“… كلا، لا شيء”
ابتسمت إيلين بلطف وأدارت رأسها.