I'll try saving my dad - 17
داخل أسوار ترافيل، كانت سُمعة والدي سيئة… لكن الحقيقة أنه كان يتمتع بشعبية واسعة خارجها.
رغم كونه الابن الذي لم يترك لعائلته سوى الخراب بعد أن فشل في إدارة كل ما أوكل إليه من أعمال، إلا أنه كان سيدًا لا يُبارى في فنون السيف. أعزب، رغم كونه أبًا لإبنة، ذو مظهر آسر، وغاب عن الأنظار لمدة ست سنوات.
أما هو، فقد اختار الهدوء خلف الأسوار الشاهقة التي تحيط بممتلكات ترافيل. الأسطورة التي نسجها الغموض حوله بلغت عنان السماء.
“أوه، هل يحاول مدير المتجر حقًا الحصول على توقيع أبي على مذكرة الملاحقة؟”
كنت أرتشف عصير البرتقال بينما أراقب الموقف بفضول، مدركةً نية المدير. بدا الأمر مثيرًا للاهتمام.
“إنها خطوة تسويقية جيدة. متجر الملابس الذي زاره رايتان كورتز ترافيل بنفسه؟ فكرة رائعة للترويج. لكن، هل سيوافق أبي على التوقيع؟!”
كان بإمكان والدي رؤية سطح الصينية. بينما كانت مذكرة الملاحقة تتحرك على جانب الصينية بفضل إصبع المدير، لتظهر أمامه.
التقت عيناه بتلك المرسومة على مذكرة الملاحقة.
“هممم. السيد رايتان، لدي أمر مهم أود قوله…”
“…”
رفع أبي رأسه قليلاً دون أن ينبس ببنت شفة.
عندما التقت أعينهما، أخذت أرتشف العصير بشغف، ولم أستطع أن أُبعِد نظري عن تلك اللحظة المشحونة بالتوتر.
‘أبي كان أُستاذ كبير سابقًا، لكن خصمه هنا تاجر قديم ذو خبرة!’
كنت أترقب بشوق لمعرفة كيف سيتعامل المدير المخضرم مع هذه اللحظة، وكيف سيستطيع انتزاع توقيع والدي.
“أنا من أكبر معجبيك!!.”
كححتُ بشدة.
“بيري، خُذي المندِيل.”
ناولني تيون المنديل بينما أخذ الكوب من يدي
لم أتوقع أبدًا هذا الأسلوب المباشر والبسيط. هل يظن المدير حقًا أن هذه الطريقة ستجعله يحصل على توقيع أبي؟
لكن أبي، الذي بدا وكأنه لم يجد أي قيمة في الرد، ظل صامتًا.
كنت على وشك أن أشعر بخيبة أمل عندما فاجأني المدير بكلماته التالية.
“قبل 21 عامًا، كنت في الثامنة من عمري. حين زرتَ بلدة هيسبورت مرتديًا ربطة عنق عنابيّة كحزام، لم أصدق عيني. من كان يجرؤ على كسر قواعد المألوف بهذا الشكل؟! لقد غيرت تلك اللحظة كل شيء بالنسبة لي. من حينها، سلكتُ طريق الموضة! صحيح أنني لم أكن مصممًا مبدعًا، لكنني كرّست نفسي لهذه الصناعة! لقد كُنتَ نقطة التحول في حياتي، السيد رايتان!”
“…”
كنت أنا وتيون ننظر إلى المدير بفم مفتوح، غير قادرين على استيعاب ما يحدث. بعد اعترافه المليء بالشغف، طلب المدير بخجل توقيع والدي على مذكرة الملاحقة.
بهدوء، تناول أبي القلم ووقع عليها. بدا أنه فعل ذلك فقط ليضع حدًا لهذا الموقف.
“أحب──”
“كفى، مدير.”
“حاضر.”
حمل المدير الإيصال والمذكرة الموقعة وغادر المكان بخطوات واثقة وسريعة في الوقت نفسه. أما أبي، فقد تنهد بهدوء قبل أن يلتفت إلينا.
“هل نذهب الآن؟”
“نعم!”
“بالتأكيد.”
لكن معاناة والدي لم تنته عند هذا الحد.
بينما كنا نغادر المتجر تحت وداع موظفيه المبالغ فيه، حدث شيء غير متوقع.
“راي!، رايتان نييم!”
كانت تلك المصممة الرئيسية للمتجر، التي كانت قد رأت والدي أثناء قياس الملابس. ركضت نحوه بشعرها المجعد الذي بدا وكأنه قطعة من القطن المعلق في الهواء.
“ألن تغادر قبل أن تلقي نظرة على هذا؟”
“…”
توقف أبي عن السير، وحاولت المصممة استعادة وقارها، لكنها لم تستطع إخفاء خديها المحمرين أو لهاثها المتسارع. بدا واضحًا أنها كانت أيضًا من معجبي والدي.
“أشعر أنني بحاجة إلى تذكُر إسم هذا المتجر. ربما يكون مفيدًا في المستقبل.”
「 ترانغ للأزياء 」
“هذه مجموعة جديدة من الأزرار. أود بشدة أن تختار منها بنفسك. بعضها مزين بالتطريز، والبعض الآخر يتميز بتفاصيل جانبية رائعة.”
“هل عليّ اختيار تصميمين فقط؟”
“نعم، سيكونان لأزرار فستان الآنسة بيري.”
بدأ والدي في فحص الأزرار بعناية، وحين أمسك بأحدها، أدركت أنه أعجبه، لكنه يحتاج إلى بعض الوقت لاتخاذ قراره.
“تيون، هل نخرج وننتظره بالخارج؟”
“يبدو أن سيدي لديه عمل لم ينتهِ بعد.”
“أبي~ هل يمكننا الانتظار بالخارج؟ سأكون مع الفرسان بالخارج!”
“حسنًا.”
كان أبي يفحص تصاميم الأزرار بعناية بالقرب من المنضدة، بينما أضاف كلامًا موجّهًا إليّ وأنا عند الباب.
“أمسكي بيد الفارس ذي البنية الأكبر. سألحق بكِ قريبًا.”
“حاضر. تيون، قال أبي إنه يمكننا الخروج.”
ابتسمت لتيون بسعادة، وخرجنا معًا.
ما إن خرجنا من المتجر حتى اقترب منا الفرسان الستة الذين كانوا ينتظرون بالخارج.
“أبي قال أن أمسك بيد الفارس صاحب البنية الأكبر.”
ما إن نقلتُ كلام أبي، حتى مدّ خمسة من الفرسان كفوفهم الكبيرة أمامي في الحال، وبدأوا يتجادلون حول من يستحق الإمساك بيدي.
وأخيرًا، قال الفارس الذي تبقى بعد الجدال بفخر:
“أنا صاحب البنية الأكبر.”
عندما أمسكت بيد الفارس، حدث أمر غير متوقع.
“لا تقترب.”
قال أحد الفرسان الآخرين بنبرة حادة، وهو يصدّ شخصًا يحاول الاقتراب منا.
من هذا؟ لم أستطع رؤية الشخص بسبب الفارس الذي يقف حائلًا.
“أوه، يبدو أن الفرسان الكرام يبذلون جهدًا كبيرًا. لكن لدي أمر أريد التحدث فيه مع ذلك الفتى هناك.”
هل يعرف تيون هذا الشخص؟ التفتُّ إلى تيون.
لكن تيون كان ينظر للأمام دون أي تعبير، وكأنه لا يعرف من هو صاحب الصوت المرح.
بعد لحظات، استطاع صاحب الصوت أن يُطلّ برأسه متجاوزًا ذراع الفارس. كانت امرأة تبدو كإحدى عوام الشعب، ذات ملامح طيبة.
وعندما رأت تيون، بادرت بالقول بسرعة
“تيون، ألا تذكرني؟”
“مالكة النزل؟”
اتسعت عينا تيون بدهشة.
“هل تعرفها؟”
“إنها صاحبة النزل الذي أقمت فيه قبل أن أدخل إلى عائلة ترافيل.”
أضاف تيون
“إنها امرأة لطيفة.”
“نعم، نعم! تذكرتني؟ لدي سؤال أريد أن أسألك إياه، هل يمكنك أن تمنحني بعضًا من وقتك؟”
“حسنًا.”
بدا لي أن تيون كان يوافق بسهولة شديدة. فقلت له بسرعة بصوت منخفض:
“لا تبتعد كثيرًا، ابقَ قريبًا.”
أومأ تيون برأسه، وذهب مع المرأة إلى جانب جدار متجر الملابس للتحدث معها.
“إذا حدث شيء، يمكنني دائمًا طلب مساعدة الفرسان.”
ورغم ذلك، أثارت المرأة فضولي بشدة. بدت ملامحها مألوفة، وكأنني رأيتها في مكان ما من قبل. راودتني صور جميع أصحاب النزل المعروفين في البلدة، لكنني لم أتمكن من ربطها بأي منهم.
تظاهرت باللعب مع الفرسان، بينما كنت أرهف السمع لمحاورتهما. إلا أن تيون كان يتحدث بصوت خافت، والمرأة خفضت صوتها أيضًا، فلم أتمكن من التقاط سوى بضع كلمات متناثرة.
“السيد رايتان يخرج الآن.”
يبدو أن أبي انتهى من اختيار الأزرار أخيرًا. لوّحت له بيدي بسعادة عندما رأيته يخرج من باب المتجر، لكن فجأة، قطعت صاحبة النزل السكون بصوت غاضب
“لقد طردتم الطفل المريض! الطفل المسكين الذي قد يموت قريبًا!”
“ما هذا الكلام؟”
تدخل أبي في الحديث.
* * *
لتجنب إثارة الجلبة، انتقلنا إلى زقاق جانبي لمواصلة الحديث.
بدا أن صاحبة النزل تفاجأت بتدخل أبي، لكنها قررت الحديث بإصرار قائلة
“حتى لو قطعتم رقبتي، لا يمكنني التزام الصمت.”
“تحدثي.”
“في نزلي، هناك طفل مريض قد يموت في أي لحظة. إنه طفل طُرد بالأمس من أراضي عائلة ترافيل.”
“يبدو أنه كان يعيش في الخارج.”
كان “الخارج” يشير إلى المنطقة الواقعة خارج أسوار عائلة ترافيل. واصلت المرأة حديثها بنبرة متأثرة:
“صحيح. إنه طفل في السادسة من عمره، يعاني من مرض شديد. وعندما طُرد، قيل إن أخته ربما سرقت شيئًا من السيدة الكونتيسة.”
آن…!
فجأة، تذكرت. هل يمكن أن تكون العمة ماريان تستخدم شقيق آن المريض لابتزازها؟
* * *
ملاحظة!
Grand Master – أُستاذ كبير
هو مصطلح يُستخدم للإشارة إلى شخصٍ بارع أو خبير في مجال معين، خاصة في فنون القتال أو الألعاب مثل الشطرنج. في السياق العسكري أو القتالي، يعني “غراند ماستر” شخصًا وصل إلى أعلى مستوى من المهارة والخبرة، وغالبًا ما يكون قائدًا أو معلمًا مرموقًا. في بعض الأحيان، يُستخدم للإشارة إلى شخص يمتلك خبرة استثنائية ومكانة رفيعة في مجاله.