I'll try saving my dad - 16
كانت الجدة قد استدعت والدي، ولا شك أن السبب يعود إلى تلك المسؤولية الجماعية المعتادة. فالمسؤول الأدنى دائمًا ما يتحمل اللوم، أليس كذلك؟
زفرتُ بنفاد صبر، وأصدرت صوتًا خفيفًا يعبر عن استيائي.
“تيون، هل ستذهب لإطلاق سراحه؟”
كان تيون يحمل الكيس الذي تركه التوأمان، وينظر نحو الحشائش البعيدة.
“نعم. سأذهب لأتركه بعيدًا عن المبنى الملحق.”
“سأذهب معك.”
“لا بأس، أستطيع الذهاب وحدي.”
“لكني أعرف بركة ماء رائعة! دعنا نطلقه هناك.”
“حقًا؟ حسنًا.”
ضحكت في داخلي بخبث.
تلك البركة “الرائعة” كانت المكان المفضل لعمي وزوجته، حتى إن زوجة عمي كانت تأخذ التوأمين للتنزه هناك يوميًا.
“ربما سيظهر ضفدع الثور فجأة أثناء تنزههم!”
قهقهت بخفوت وأنا أدندن أغنية، وأخذت أتقدم أمام تيون لأرشده إلى الطريق.
توقفت فجأة عند مفترق طرق مربك، فاصطدمت بتيون الذي كان يسير خلفي.
“…بيري.”
“آه، آسفة على الاصطدام!”
“رأسك مستدير جدًا.”
“هاه؟”
ظننت أنه سيناديني بجدية ليوبخني، لكنه اكتفى بملاحظة عن شكل رأسي!
“حقًا؟ أبي يقول الشيء نفسه أحيانًا.”
لم أستطع التأكد من ذلك بنفسي، فليس بإمكاني رؤية رأسي من الأعلى.
لكن أن يقال إن رأسي مستدير، أليس هذا يعني أنه أشبه بكرة؟
رفعت رأسي نحو تيون، فرأيت يده تتردد في الهواء للحظة قبل أن يخفضها بسرعة.
“ماذا هناك؟”
“لا شيء.”
“لا شيء”؟ لكن ملامحه المتوترة تخبرني عكس ذلك.
ضيقت عيناي وأنا أراقب تيون الذي بدا كأنه يحاول كتمان أمر ما. ترى، هل يمكن أن يكون…؟
“هل علقت ورقة شجر في شعري؟!”
ربما علقت أثناء مروري بين أشجار السرو لأزعج التوأمين قبل قليل.
قد يوبخني أبي إذا رآها. انحنيت نحو تيون وطلبت منه بلطف:
“أرجوك، أزلها.”
“…لقد طارت بفعل الرياح.”
أين؟ متى؟ لم أشعر بأي نسمة هواء!
رغم ذلك، لم أملك الوقت للتفكير أكثر. تذكرت فجأة أنني كنت سأخرج مع أبي.
“علينا إطلاق الضفدع بسرعة قبل أن يصل أبي!”
أمسكت بيد تيون وهرولت نحو البركة.
قـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــفز!───────
قفز ضفدع الثور الضخم في البركة.
أوصلنا رسالته للتوأمين وعُدنا، لنجد أن أبي قد سبقنا إلى “بيت الأحجار”.
“أبي! هل عدت من عند الجدة؟ هل وبختك؟”
“وبختني؟ بالطبع لا.”
كان أبي على وشك الدخول إلى غرفته، لكنه أمسك بي ورفعني ليواجهني بعينيه.
وبعد أن تأكد من أن شيري فقط كانت بالجوار، همس لي:
“أنتِ من تعرضت للتوبيخ بالأمس، يا بيري بيري. ألم تكتبي رسالة الاعتذار بعد؟ أعطيتك الوقت الكافي لتكتبيها وحدك.”
لم أكن أرغب في كشف مهارتي في الكتابة. شيري فقط كانت تعلم أنني أحتاج لكتابة رسالة اعتذار.
“سأكتبها الليلة…”
ضحكت بخجل، محاولًة التهرب من هجوم أبي المفاجئ.
نسيت تمامًا أمر رسالة الاعتذار بالأمس بسبب انشغالي بالتنصت على أحاديث الخادمات.
لكنني لم أتجاهلها عمدًا، أقسم بذلك!
“اكتبيها غدًا. نامي الليلة جيدًا. لدينا خروج لنتحضّر له. أين تيون؟”
“تيون في الطابق الأول، ذهب ليغسل يديه.”
“حسنًا. شيري، جهّزي الأطفال للخروج.”
“حاضر، سأفعل.”
وضعني أبي على الأرض ودخل غرفته ليبدّل ملابسه.
“أراك لاحقًا!”
لوحت له بيدي بحماسة، ثم أدركت فجأة أن أبي قد غيّر الموضوع بذكاء!
“لقد تهرب من الحديث عن جدتي باستخدام رسالة اعتذاري!”
من الواضح أنه لم يكن يريد إخباري بما حدث هناك.
لكنني أستطيع التخمين. عودة أبي بهذه السرعة تعني أنه وافق فورًا على اقتراح جدتي.
“يا للأسف!”
لا أعتقد أن الأمر يتعلق بتعويض بقيمة أقراط اللؤلؤ، أليس كذلك؟ لا يمكنني تحمّل فكرة أن تذهب ثروة أبي المدّخرة بسبب تلك الحادثة التافهة.
ترى، ماذا قدّم لها أبي؟ لن أسمح حتى لكونٍ واحدٍ أن يذهب بلا سبب وجية!
* * *
غرفة العقاب.
جلست “آن” في الغرفة، تتذكر أحداث اليوم السابق.
اتهمت بسرقة أقراط، رغم أنها لم ترها قط. قيل لها إن الأقراط وجدت في منزلها.
لماذا أنا؟
بينما كانت “آن” غارقة في صدمتها، ظهرت “ماريان” لتخبرها بحقيقة ما جرى.
“سيتهمونك بالسرقة قريبًا. لن تُقتلي، لكن سيتم طردك من ترافيل.”
“آنسة ماريان! لا يمكنني مغادرة ترافيل!”
كانت أسرة ترافيل توفر للعمال منازل يعيشون فيها مع عائلاتهم داخل حدود القصر.
ميزة فريدة لم يمنحها إلا آل ترافيل.
ركعت “آن” أمام “ماريان” متوسلة.
لم تفهم خطأها، لكنها طلبت الرحمة فقط.
رمت ماريان أمامها كيسًا صغيرًا من الذهب.
عندما أدركت “آن” قيمة الكيس، بدت نظراتها مترددة.
المبلغ يكفي لتأمين معيشتها دون الحاجة إلى العمل كخادمة.
لكن-
“أنت بحاجة إلى المزيد من المال، أليس كذلك؟”
قالت ماريان وهي تهز مروحتها بخفة، وكأنها تعلم تمامًا ما تمر به “آن”.
سألت “آن”:
“ما الذي تريدينه مني؟”
“إحدى التعاليم الأساسية التي يقدسها أتباع طائفة أوباوث هي الرحمة. الرحمة تجاه الضعفاء ممن هم أقل منك.”
“…”
“سأمنحك فرصة لحضور اجتماع يضم كبار النبلاء. هناك، ستقومين بالاعتراف بما فعله بكِ رايتان. هذا سيضمن لكِ الحصول على المال الذي تريدينه.”
لم تفهم “آن” كلمات ماريان.
ماذا فعل بها رايتان؟ وماذا عليها أن تعترف به؟
خفضت ماريان حاجبيها وأظهرت تعبيرًا يفيض بالشفقة وهي تقول لـ”آن”:
“سيكون الأمر مؤسفًا حقًا إذا حالت مثل هذه الفضيحة دون عودة أخي إلى منصب القائد الأعلى.”
* * *
وصلنا إلى السوق في بلدة هيسبورت، المجاورة لممتلكات عائلة ترافيل، على متن عربة.
تناولنا وجبة غداء خفيفة، ثم توجهنا إلى محل الأزياء.
“رائع.”
“مذهل.”
جلست أنا وأبي على الأريكة، نومئ برؤوسنا ونصفق إعجابًا.
أمامنا، كان تيون قد خرج لتوه مرتديًا ملابس جديدة.
حتى عندما كان يرتدي ملابس قديمة موروثة، بدا تيون أنيقًا ووسيمًا. أما الآن، وهو يرتدي ملابس عصرية تناسب قوامه وصورته، فقد بدا مثالًا للكمال.
“إنه يبدو رائعًا! لحظة من فضلكم، سأضيف ربطة عنق وستكون الإطلالة أجمل.”
“…”
حاول تيون الاقتراب منا، لكن الموظف أوقفه ليكمل اللمسات الأخيرة.
همستُ لأبي وأنا أنظر إلى تيون الذي بدا محرجًا بسبب تصفيقنا:
“أبي، تيون يشعر بالحرج.”
كان تيون يحاول التظاهر بالهدوء، لكن أذنيه كانتا محمرتين بشكل واضح.
ولأن أبي وأنا لا يمكننا مقاومة إغراء المزاح عندما نرى مثل هذا المشهد، قلت:
“أبي، ماذا لو قمنا بتبني تيون؟ أليس ذلك رائعًا؟”
“لكن هناك عائلة البارون بولتمان، وهذا قد يكون وقاحة بحقهم.”
“في هذه الحالة، يمكننا الانضمام إلى عائلة بولتمان كأفراد بالتبني!”
“فكرة ليست سيئة.”
بينما كنا نتحدث بوجوه جادة وكأننا نناقش الأمر بجدية، اقترب تيون بعد أن أنهى الموظف إضافة ربطة العنق.
“…هل تريدان أن أسأل جدي عن الأمر؟”
رغم خجله الشديد واحمرار وجنتيه، تمكن تيون من المبالغة في الرد علينا.
هل كان جادًا؟ إذا كان يمزح، فهو عبقري بحق في فن المزاح.
أجاب أبي بابتسامة:
“أقدر مشاعرك، لكنني لا أريد أن أضع البارون بولتمان في موقف محرج.”
ثم استدعى أبي مدير المتجر، وقد بدا سعيدًا جدًا بملابس تيون التي كانت بلوني الأزرق الداكن والأبيض.
“الملابس التي يرتديها الآن هي الأفضل. دعونا نأخذها.”
“شكرًا جزيلاً، سأعتني بها جيدًا لأنها هدية من معلمي.”
انحنى تيون بخفة تعبيرًا عن امتنانه. ابتسم أبي ابتسامة خفيفة، وقد بدا أنه سعيد بشكر أول تلميذ له.
“لكن يا تيون، عليك أن تعتني أيضًا بالملابس الأخرى.”
أشرت برأسي إلى الزاوية التي كان الموظفون يتحركون فيها وهم يحملون العديد من الملابس.
“أبي دفع ثمن كل تلك الملابس.”
اتسعت عينا تيون من الصدمة.
“لكنني أحتاج إلى بدلة واحدة فقط-.”
قاطعه مدير المتجر وهو يقترب منا حاملاً صينية ذهبية عليها إيصال وقلم فاخر:
“سيد رايتان، هل يمكنك التوقيع على الإيصال؟”
“بالطبع.”
جلس تيون بجواري بعدما بدا عليه الارتباك، فأشرت له إلى كوب عصير البرتقال الموجود على الطاولة.
“العصير لذيذ.”
“نعم.”
أخذ تيون الكوب ومده نحوي ليضعه في يدي.
لماذا أعطاه لي؟…
بل وحتى وضع القشة في فمي بنفسه. لم أجد ما أقوله، ففضلت السكوت.
بدأت أحتسي العصير بصمت عبر القشة، بينما حولت نظري نحو أبي ومدير المتجر.
“ولكن، سيد رايتان، هناك متجر الأزياء الخاص بالسيد يوسيل داخل بلدة هيسبورت. ألا تفضل الذهاب إليه؟ متجرنا منافس لهم، كما تعلم…”
“ذوقهم لا يناسبني.”
“هذا شرف لنا، أن يتوافق متجرنا مع ذوقك.”
سلم أبي الإيصال الذي وقعه مع القلم لمدير المتجر. ومع ذلك، بدا المدير وكأنه لا يزال لديه أمر ما ليقوله، إذ ظل واقفًا حاملًا الصينية.
هل لديه أمر آخر؟ عصير البرتقال لذيذ.
نظرنا جميعًا، أبي وأنا وتيون، إلى مدير المتجر. وكان أول من لاحظ الورقة الغريبة أنا، إذ كانت في مستوى نظري.
نفخت بخفة على القشة وأنا أشرب العصير، مما جعل فقاعات صغيرة تظهر على سطحه ثم تنفجر.
“تلك الورقة…”
كان مدير المتجر يحرك أصابعه بتوتر أسفل الصينية، بينما ظهرت أطراف ورقة مألوفة ملتصقة بأسفلها. ببطء، بدأت تلك الورقة تكشف عن نفسها.
“لا أعلم ما الذي ينوي فعله، لكن يبدو أن فكرته ليست جيدة…”
شعرت بقطرات العرق تنساب على جبيني.
كانت العينان الزرقاوان المرسومتان على الورقة تعبران عن استياء صاحبها، وكأنهما غير راضيتين عن الموقف.
كانت تلك الورقة مذكرة المطلوب للقبض على رايتان كواتز ترافيل . . .