أتمنى لو كان زوجي ميتًا - 88
الفصل 88 : ما رأيُكِ بي؟ ¹¹
“لا تكوني متوترة كثيرًا. فقط أظهري ما درستِه.”
قال الرجل الجالس على أقصى اليسار بابتسامةٍ ودودة وهو يتحدث بهدوء.
“إذن، السؤال الأول. ارسمي دائرةً سحرية وضعي حاجزًا حول هَذهِ البيضة.”
كان هُناك عدة أسئلة على ما يبدو. ولكن بما أنْ السؤال الأول لَمْ يكُن صعبًا للغاية، قامت كورديليا بإلقاء نظرةٍ سريعة ورسمت الحاجز حول البيضة.
“لقد انتهيت.”
“… بهَذهِ السرعة؟ أنتِ سريعةٌ بالفعل.”
على الرغم مِن أنهُ بدا متفاجئًا قليلاً، إلا أنهُ أسقط البيضة التي كانت على المكتب على الأرض. وبينما كانت البيضة تقترب مِن الأرض، ارتفعت بلطف وحافظت على شكلها قبل أنْ تلامس الأرض.
“ممم. يبدو بأنكِ درستِ جيدًا. السؤال الثاني.”
قالت المرأة الجالسة بجوار الرجل الذي طرح السؤال الأول.
“ارسمي دائرةً سحرية مزدوجةً وضعيها حول تلكَ النافذة هُناك.”
“انتهيت.”
“ماذا؟”
أجابت كورديليا فورًا بعد أنْ انتهت المرأة مِن كلامها. فجأةً، قامت المرأة الساحرة التي طرحت السؤال واقفةً وتقدمت نحو النافذة. أمسكت بها وحاولت فتحها، لكنها لَمْ تتمكن مِن ذَلك.
“هل فعلتِ ذَلك حقًا في تلكَ المُدة القصيرة؟”
مرّت لحظةٌ مِن الدهشة في عينيها. عندها تحدث كاينون، الجالس في المُنتصف وكان هو الشخص الثالث.
“يبدو أنْ وصولكِ أولًا لِمْ يكُن مُجرد صدفة. حسنًا، السؤال الثالث هو كسر الدائرة السحرية.”
“كاينون، كسر الدائرة السحرية قد يكون صعبًا على ساحر مبتدئ…”
“إذا درستِ جيدًا، يجبُ أنْ تعرفي هَذا.”
على الرغم مِن مُحاولات السحرة الآخرين لمنعهِ، تجاهلهم كاينون تمامًا. ثم رسم دائرة سحرية أمام عينيه، والتي كانت مرئية فقط لكورديليا.
“حسنًا، حاولي كسرها.”
نظرًا لثقتهِ الزائدة، توقعت كورديليا أنْ تكون المُشكلةً صعبة، لكنها كانت مُجرد دائرةٍ سحرية ثلاثية.
على الرغم مِن أنْ كورديليا لَمْ تُتقن بعد دمج الدوائر السحرية لأكثر مِن خمس طبقات، إلا أنْ كسر الدوائر كان مِن أكثر الأمور التي تُتقنُها.
قامت بتحديد الجزء المُتضرر مِن الدائرة وأدخلت قوةً سحرية لتفكيكه.
“لقد انتهيت.”
“بالفعل؟ كاينون، هل تمكنت حقًا مِن كسرها؟”
“… أوه، يبدو أنكِ درستِ بجد. الآن، جربي هَذهِ. إنها دائرةٌ سحرية رباعية. هَذا قد يكون أصعب…”
“لقد انتهيت.”
استمرت كورديليا في تكرار كلمةٍ واحدة ‘انتهيت’. بالكاد انتهت كلامها حتى نهض كاينون فجأةً مِن مقعدهِ. كان يبدو مُتحمسًا للغاية.
“أنتِ! أنتِ!”
“نعم؟”
“جربي هَذا.”
رسم كاينون دائرةً سحرية بخمس طبقات. ومع ذَلك، قامت كورديليا بكسرها بسهولةٍ. عندها، استمر في رسم دوائر سحرية من ستة وسبعة طبقات واحدةً تلو الأخرى.
بالطبع، كانت إجابة كورديليا دائمًا هي نفسها، على الرغم مِن أنْ المُدة الزمنية بينها بدأت تتزايد قليلًا.
نظر كاينون إلى كورديليا وكأنهُ قد اكتشف كنزًا دفينًا. كان ينظرُ إليها باندهاشٍ شديد، وكأنْ عينيهِ ستخرُج مِن رأسه.
“ما اسمكِ؟”
“اسمي كورديليا فاسكويز.”
“كاينون، هل كسرَتْ الدائرة السحرية ذات الأربع طبقات حقًا؟”
“لقد كسرت سبع طبقات.”
“ماذا؟ ساحرةٌ مبتدئة؟ هَذا غيرُ معقول…”
لَمْ يتمكن السحرة الآخرون مِن تصديق كلام كاينون بسهولة.
ركض كاينون نحو كورديليا وأمسك بيدها بحماسِ. كانت الابتسامة الكبيرة التي ارتسمت على وجههِ تجعلُ مظهرهُ يبدو كطفلٍ سعيد.
“كورديليا! أين كُنتِ طوال هَذا الوقت؟”
“عُذرًا؟”
“أتعلمين كم انتظرتُ قدومكِ؟ إلى أيِّ مدرسةٍ تنتمين؟ مهما كانت، أنتقلي إلى ديدواسيل فورًا!”
كانت كورديليا في حالةٍ مِن ذهول، حيثُ أنها لَمْ تتوقع أنْ تُعتبر بهَذهِ السرعة كجزءٍ مِن مدرسةٍ جديدة. تلعثمت في حديثها قائلة:
“أعتقدُ أنْ مُعلمي لَن يسمح بذَلك أبدًا.”
“إلى أيِّ مدرسةٍ تنتمين؟ لا تقلقي بشأن ذَلك. سأحلّ الأمر. وبالمُناسبة، هل تعرفين أنْ ديدواسيل تُعد واحدةً مِن أكبر ثلاث مدارسٍ سحرية؟ على أيِّ حال، إلى أيِّ مدرسةٍ تنتمين؟”
“أنا مِن أكيرون.”
“أكيرون؟ أكيرون… أكيرون! لا يُمكن أنْ تكوني تلميذة أتيلي، أليس كذَلك؟”
“نعم.”
“آآآه!”
أمسك كاينون برأسهِ وصرخ بصوتٍ عالٍ كالمجنون. ارتجفت كورديليا مُتراجعة بخطواتها.
“لماذا هو بالتحديد؟ لماذا؟ مِن بين جميع المدارس، لماذا أكيرون؟”
في هَذهِ المرحلة، بدأت كورديليا تشعرُ بالخوف مِن كاينون. كان يتقلبُ بين الضحك والغضب ويبدو غيرَ مُستقر.
انتظرت حتى يهدأ قليلًا، ثم سألتهُ بحذر:
“عُذرًا، ولكن لديّ سؤال.”
“ما هو؟ اسألي ما تشائين.”
“ما هو نوع هَذا الامتحان؟”
حلّ الصمت في المكان فجأةً. انخفض الجو بسرعة كبيرة لدرجة أنْ كورديليا شعرت بأنها قالت شيئًا خاطئًا. حاولت بسرعةٍ تبرير موقفها.
“في الحقيقة، كنتُ هُنا فقط لتسليم رسالة لكاينون، ووجدتُ نفسي عالقةً في الامتحان دوّن أنْ أدري.”
“هل تقولين إنكِ خضعتِ للامتحان دوّن أنْ تعرفي ما هو؟ هل يعني ذَلك بأنكِ لَمْ تدرسي لهَذا الامتحان؟”
“أممم… ولكنني كنتً أدرس بجدٍ دائمًا.”
“هاه… القدر غريبٌ حقًا. كيف يُمكن لشخصٍ بهَذهِ الموهبة أنْ يكون في أكيرون، لأكيرون!”
صرخ كاينون مرةً أخرى. في تلكَ اللحظة، ناولها الساحرُ الذي طرح السؤال الأول شيئًا وهو يبتسمُ لكورديليا.
“تهانينا، فاسكويز.”
“ماذا؟ لماذا؟”
“لقد اجتزتِ للتو امتحان الترقية إلى ساحرٍ متوسط المستوى.”
الشيء الذي ناولها إياهُ كان شريطًا أزرق. نظرت كورديليا إلى الشريط الموضوع في كفها ثم إلى وجه الرجل بشكلٍ سريع.
“ماذا؟”
“إذا أجبتِ على ثلاثةٍ مِن أصل خمسة أسئلة، فأنتِ ناجحة، وقد أجبت على ثلاثة. تبقى الامتحان الثالث والأخير، وهو مُقابلة، طالما أنكِ لستِ قاتلةً مُتسلسلة قتلت اثني عشر شخصًا، فستنجحين.”
شعرت كورديليا بالارتباك أكثر مِن الفرح عندما سمعت الخبر. هل مِن المقبول أنْ تُصبح ساحرةً متوسطة بهَذهِ السهولة؟
“ساحرة متوسطة؟ لكنني وصلتُ إلى نقابة السحر اليوم فقط.”
“اليوم؟ منذُ متى بدأتِ تعلًم السحر؟”
“منذُ أقل مِن سنة.”
“يا للهول.”
تنهدت الساحرة التي كانت تُحافظ على رباطة جأشها بين الخمسة.
“يبدو أنْ السيد أتيلي قد حصل شخصٍ يُشبهه تمامًا كتلميذ. لتُصبحِ ساحرةً متوسطة خلال سنةٍ مِن التعلم فقط.”
“أممم، إذا كنتً قد ارتكبتُ خطأ ما، يُمكنني إعادة الاختبار.”
“بهَذهِ المهارات؟ لا داعي لذَلك، لا تذهبي لتقليل معنويات الآخرين بلا داع.”
قال كاينون، ولا يزالُ ينظر إليها بعينين مليئتين بالأسى.
“هل تجدين دراسة الدوائر السحرية مُمتعة؟”
“نعم، الأمر ليس سيئًا.”
“هاهاها. ‘ليس سيئًا، فهمت. لقد رأيتُ مهارتكِ في فك الدوائر السحرية. إلى أيِّ درجةٍ تستطيعين الوصول؟”
“أمم. حتى الآن أستطيعُ الوصل حتى الدرجة الخامسة.”
“…… آه! لماذا قابلتِ أتيلي أولاً؟ لماذا! أنْ تصلي حتى الدرجة الخامسة خلال سنةٍ واحدة؟!”
صرخ كاينون مُجددًا باتجاه السماء. كورديليا كانت على وشك أنْ تُخبره أنْ الأمر استغرقها ثلاثة أشهر فقط، لكنها عدلت عن ذَلك. لأنها شعرت أنهُ لَن يترُكها وشأنها إذا علم بذَلك.
في تلكَ اللحظة، شعرت كورديليا بتدفقٍ قوي للطاقة السحرية مِن ناحية الباب. بمُجرد أنْ استدارت، فُتح الباب على مصراعيه.
“ها أنتِ هُنا.”
“آه، مُعلمي.”
“ألَمْ تذهبِ في مُهمة؟ لماذا لَمْ تعودي؟ هل تعلمين كم بحثتً عنكِ؟”
قال ذَلك بتذمرٍ وهو يسيرُ نحو كورديليا. بمُجرد أنْ رأى كاينون ليونارد، اندفع نحوهُ على الفور.
“أتيلي!”
“لماذا تصرُخ؟”
“تلميذُكِ، كورديليا!”
“كورديليا؟”
رفع ليونارد حاجبًا واحدًا، وكأنهُ غيرُ راضٍ عن الطريقة التي خاطب بها كاينون كورديليا، لكن الأخر واصل على نفس النغمة.
“ماذا لو أرسلت كورديليا إلى ديدواسيل؟ إذا كانت قادرةً على الوصول حتى الدرجة الخامسة في سنةٍ واحدة مِن تعلم الدوائر السحرية، فأنا مُتأكدٌ مِن أنني سأتمكن مِن الأهتمام بها بعنايةٍ فائقة. ماذا تقول؟ أنا مُتأكد مِن أنها ستكتُب تاريخًا جديدًا في ديدواسيل!”
نظر ليونارد إلى كاينون بصمتٍ ثم فجأة رفع يدهُ وحرك إصبعهُ الرابع أمام وجه كاينون.
“لقد قمتُ بحفر اسمي بالفعل، مُدركًا أنْ مجموعة مِن الكلاب المُتعطشة ستتدفقُ وتبدأ بأسقاط لُعابها على تلميذتي.”
“أنتِ، ورثتهِ، بالفعل؟”
حدق كاينون في إصبعهِ الرابع بعينين واسعتين، بينما ابتسم ليونارد ابتسامةً منتصر وجذب كورديليا بلطفٍ مِن كتفها.
“والتاريخ يجبُ أنْ يكتبهُ الشخصُ بنفسه، فلماذا تأمرُ الآخرين بكتابته؟ دعينا نذهب، كورديليا.”
“آه، حسنًا. إلى اللقاء.”
“كو، كورديليا. إذا واجهتِ أيَّ صعوبةٍ في حياتكِ في الجمعية، فلا تترددي في القدوم إليِّ. هل تعرفين أين هو مُختبري؟ في الغرفة الأخيرة بالطابق الخامس. تعالي في أيَّ وقت!”
ارتفعت نداءاتُ كاينون المليئة بالرجاء خلفها، بينما أسرع ليونارد بمُغادرة الغرفة وكأنهُ يخشى أنْ يتبعهُ كاينون.
“ما الذي كنتِ تفعلينهُ هُناك؟”
“أممم، بطريقةٍ ما انتهى بي الأمرُ في اختبار الترقية إلى الساحرٍ المتوسط.”
“ماذا؟”
“لكنني نجحت.”
أظهرت كورديليا الشريط الأزرق الذي تسلمتهُ مِن الرجل لمُعلمها. وعلى الرغم مِن أنها خاضت الامتحان بشكلٍ غيرُ متوقع، إلا أنها شعرت بالرضا بعد نجاحها.
نظر ليونارد إلى الشريط وضحك بخفةٍ.
“أرسلتُكِ في مهمةٍ لتعودي بعد أنْ تجتازي امتحان الترقية.”
“لقد أديتُ جيدًا، أليس كذَلك؟ أنهيتُ الاختبار الأول أيضًا في المرتبة الأولى.”
بالطبع كان ذَلك في غضون خمس دقائق، لكنها لا تزال الأولى. قالت ذَلك بفخر.
“ثم أخبرني المُشرف على الامتحان بإنني عبقرية… أليس كذَلك؟”
“أكثرُ مني؟”
“… بالطبع لا، مُعلمي.”
تقلص صوت كورديليا على الفور. أخذ ليونارد الشريط مِن يدها فجأةً.
“آه، شريطي!”
“ابقِ ثابتة.”
انتقل ليونارد إلى خلفها، وبدأ بتجميع شعرها بطريقةٍ غيرُ مُتقنةٍ وربط الشريط الذي حصلت عليهِ حديثًا.
كلما لامست أصابعهُ خصلات شعرها، شعرت كورديليا بشيءٍ غريب، فبدأت بلف يديها بلا هدف.
“انتهيت. هممم.”
عاد ليونارد إلى الوقوف أمامها.
شكلُ ربطة شعرها لَمْ يكُن مُنتظمًا، وكان مُبعثرًا جدًا مع الكثير مِن الخصلات البارزة، بحيث لا يُمكن القول بأنهُ جميلٌ بأيِّ شكل. ولكن في نظر ليونارد، الذي كان مُغرمًا بتلميذتهِ جدًا، بدا جميلاً.
“أنهُ جميل.”
“جميل؟”
“نعم. لنذهب. لقد جلبوا مكتبكِ وأغراضكِ إلى المُختبر.”
قال ليونارد بلا مُبالاة وسار أمامها. لعبت كورديليا بشعرها بلا هدف ثم أسرعت للحاق به.
عادةً ما كانت ستتجاهل مثل هَذهِ الكلمات، لكن بطريقةٍ ما، استقرت كلمةُ “جميل” في قلب كورديليا وظلّت تشغلُ بالها.
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة