أتمنى لو كان زوجي ميتًا - 75
الفصل 75 : جِنَازةُ الزَوج ¹¹
كادت الكلمات “هل سيرغبُ مُعلمي فيَّ مرةً أخرى؟” أنْ تخرُج مِن فمي، لكنني ابتلعتُها بصعوبة.
“عليَّ هُنا تنظيمُ جنازة كريج والاهتمامُ ببعض الأمور، لذا أرجع أنتَ يا بيلوتشي أولاً.”
“وأنتِ؟ متى ستعودين؟”
“لا أعلم.”
أجابت كورديليا بغموض. لَمْ تكُن واثقةً مِن الأمور بعد.
حرك بيلوتشي شفتيه كما لو أنهُ ودَ التحدُث، لكنهُ أغلق فمهُ في النهاية. ثم استدار ومشى باتجاه قلعة إبرامز.
“طالما أنكِ ستعودين في النهاية، يُمكنني العودة معكِ. لا يُمكنني أنْ أترككِ لأنني لا أعلمُ متى ستموتين.”
“افعل ما تشاء.”
لم تُصر كورديليا على بيلوتشي. كانت واثقةً أنه إذا حدث أيُّ شيء، فسيغادر بنفسه.
كما قال بيلوتشي، وصلت إلى قلعة إبرامز بعد ظهر ذَلك اليوم.
تفاجأ الحارس عندما رأى العربة التي تحملُ شعار أتيلي، وزادت دهشتهُ عندما نزلت كورديليا منها.
“سيدتي!”
“اجمع جميع العاملين في القلعة، وكذَلك الوصيّ البارون لانكستر.”
“حاضر!”
لَمْ تمضِ لحظاتٌ قليلةٌ حتى تجمع جميعُ الخدم والعاملين في القصر، وحتى البارون لانكستر.
لَمْ يتفاجأوا كثيرًا مِن لباس الحداد الذي كانت ترتديهِ كورديليا، فقد كانوا قد تلقوا خبر وفاة الكونت مُسبقًا.
“سيدتي… سيدتي!”
كانت إميلي أول مَن انفجر في البكاء. حافظت كورديليا على هدوئها وأمرت بإنزال نعش كريج مِن العربة وفتح الغطاء.
اقترب البارون لانكستر مِن التابوت وتفحص وجه كريج، ثم تنهد بمرارةٍ.
“رحل الكونت بهَذهِ الطريقة المأساوية. لقد صمدَ لمدة خمسة أشهر.”
“كان الحادثُ سريعًا، لذا لَمْ يتألم كريج كثيرًا عندما رحل.”
“أعتذر، سيدتي. كان عليَّ أنْ أقدم تعازيّ أولاً.”
“لا بأس. على أيَّ حال، بمُجرد انتهاء الجنازة، سأعود إلى فاسكويز.”
لَمْ يُظهر البارون لانكستر أيَّ دهشةٍ، فقد توقع ذَلك مُسبقًا.
دخل الاثنان إلى القلعة.
أثناء سيرها عبر الممرات، نظرت كورديليا حولها. بالرغم مِن أنها عادت بعد شهرين فقط، إلا أنْ المكان بدا غريبًا كما لو أنها لَمْ تزرهُ منذُ سنواتٍ.
“بعد تلقي خبر وفاة الكونت، قمتُ بإعداد بعض الترتيبات للجنازة.”
“شكرًا لكَ، بارون لانكستر. كان مِن المُفترض أنْ أقوم بذَلك بنفسي.”
“حتى لو كنتِ هُنا، كنتُ سأساعدكِ على أيِّ حال.”
أثناء سيرهما، وصلا إلى مكتب الكونت. تنحى بارون لانكستر عن المقعد الرئيس لكورديليا قبل أنْ يتحدثَ بحذرٍ.
“أعتذرُ لأنني أتحدثُ عن هَذا قبل الجنازة، ولكن العديدُ مِن الأشخاص بدأوا بالفعل في القدوم إلى هُنا بعد سماعهم بخبر وفاة الكونت.”
“هَذا مُتوقع. إنها فرصةٌ مثاليةٌ لمَن يريدُ السيطرة على الأسرة.”
“هل ترغبين في معرفة مَن هُم؟ قد يمنحُكِ دعمُ أحدهم بعض التأييد عند عودتكِ إلى فاسكويز.”
كان حديثهُ لبقًا، لكنه أظهر بوضوحٍ طموحهُ. ابتسمت كورديليا بهدوء.
“يبدو بأنكَ قد اخترت شخصًا بالفعل يا بارون لانكستر.”
“هُناك شخصٌ واحدٌ أعتقد أنهُ مُناسبٌ ليرثَ لقب الكونت.”
“هَذا جيد. مِن الأفضل أنْ يُقرر مَن سيبقى هُنا في المُستقبل.”
لَمْ تهتم كورديليا بمَن سيُصبح الكونت التالي، لذا لَمْ تُكلف نفسها عناء السؤال عمَن كان في ذهن البارون.
“هل هُناك أيُّ شيءٍ آخر أحتاجُ إلى معرفته؟ أنا أشعرُ بالتعب قليلاً.”
“لا، لقد أطلتُ عليكِ كثيرًا. سنُقيم الجنازة غدًا، لذا استريحي اليوم.”
“شكرًا لكَ.”
رغم أنها شعرت أنْ البارون كان يتولى الحديث، إلا أنها لَمْ تعترض.
رافقها البارون لانكستر إلى الباب. وعندما فتحهُ، بدا بأنهُ قد تذكر شيئًا وسألها.
“بالمُناسبة، جئتِ في عربة أتيلي. هل ليّ أنْ أسأل عن السبب؟”
“أتيلي…”
لَمْ يكُن يبدو بأنهُ يعرف. ورُبما لَمْ يكُن أهل إبرامز على درايةٍ بأنها تلميذةٌ لأتيلي، فالمكان بعيد.
ترددت كورديليا لبعض الوقت وهي تُحاول اختيار الكلمات المُناسبة لتعريف علاقتها بأتيلي.
هل يجبُ أنْ أخبرهم بأنني تلميذةُ مُعلمي؟ لَمْ أتلقَ ردهُ بعد.
بعد تفكيرٍ طويل، قررت أنْ تتهرب مِن الإجابة.
“سيد أتيلي كان كريمًا بما يكفي لمُساعدتي بعد حادث زوجي. والعربة كانت جزءًا مِن تلكَ المُساعدة.”
“حقًا؟ سمعتُ أنْ سيد أتيلي قد عاد للحياة، ومِن المُدهش أنْ تربطكُما علاقة. بالمُناسبة، هل قابلتِ تلميذهُ؟”
“تلميذهُ؟”
“نعم، سمعتُ بأنهُ قد حصل على تلميذٍ. لا أفهمُ الكثير في السحر، ولكن ابنُ أخي الساحر أرسل ليّ عدة رسائلٍ مُتحمسًا حول كيف أنْ مجلس السحرة قد انقلب رأسًا على عقبٍ بسببهِ.”
“لا أعلمُ الكثير عن ذَلك.”
بادلتهُ كورديليا التحية بسرعةٍ وغادرت المكان.
***
مؤخرًا، كان الخدمُ في منزل أتيلي يسيرون على أطرافِ أصابعهم وكأنهم يمشون على جليدٍ رقيق، كانوا يشعرون بالتوتر كُل يوم.
قبل يومين، عوقب أحدُ الخدم بـ تنظيف الإسطبل لمدة شهرٍ كامل لأنهُ تأخر في فتح باب العربة لسيده. وأمس، طُردت إحدى الخادمات إلى المطبخ لأنها تركت شعرةً على السرير أثناء ترتيبه.
“متى ستعودُ السيدة كورديليا؟”
“ستعود بعد أنْ تُقيم الجنازة في إبرامز. رُبما قد يستغرقُ الأمر شهرًا على الأقل.”
“أوه، يا سيد أليكس. لا أستطيع حتى أنْ أتنفس بشكلٍ طبيعي. لَمْ يكُن الأمرُ كذَلك أبدًا عندما كانت السيدة كورديليا هُنا، آه.”
أغلقت الخادمة التي كانت تتذمرُ بسرعةٍ فمها وخفضت رأسها عندما عاد سيد المنزل.
تجاوز ليونارد الخدم المُتجمدين مِن الرهبة وصعد إلى الطابق الثاني. بعد قليل، تبعهُ البارون. توجه أليكس بسرعةٍ إلى البارون ليُبشرهُ بأخبارٍ سارة.
” بارون. لقد وصل خطابٌ مِن السيدة كورديليا.”
“خطاب؟ موجهٌ إليّ؟”
“نعم، بالتأكيد. اسمكَ مكتوبٌ مكان المُستلم.”
فتح البارون الختم وقرأ الرسالة في الحال.
لَمْ يكُن في الرسالة شيء مُميز. كانت تُخبرهُ فقط بأنها في طريقها إلى إبرامز، وأنْ بيلوتشي يرافقها، لذا لا داعي للقلق.
الجزء المُميز قليلاً هو أنها تسأل عدة مرات عن حالة ليونارد، وما إذا كان غاضبًا أم لا. في النهاية، كانت هُناك إضافةٌ لطيفةٌ تُخبرهُ بنقل تحياتها لليونارد وتطلبُ منهُ الرد على الرسالة.
في الحقيقة، تلقى مِن بيلوتشي رسالةً بالحمام الزاجل في الصباح، يخبرهُ أنهم وصلوا إلى إبرامز. يبدو أنْ رسالة كورديليا قد تأخرت بعض الشيء لأنها أُرسلت عن طريق شخص.
“ماذا قالت؟ متى ستعود؟ يبدو أنْ السلام لَن يعود إلى هَذا المنزل حتى تعود السيدة كورديليا. السيد في مزاجٍ حساسٍ هَذهِ الأيام، وكأننا نسيرُ في طريقٍ مليء بالأشواك.”
“نعم، يجبُ أنْ تعود السيدة كورديليا إلى المنزل بسرعة.”
عندما استمع البارون إلى شكوى أليكس، خطرت لهُ فجأةً فكرةٌ مذهلة. وضع الرسالة في جيبهِ بسرعة وصعد إلى الطابق الثاني حيثُ كان سيده.
“لماذا أستغرقتَ كُل هَذا الوقت؟ ولماذا يوجد كُل هَذا الغبار في المكتب؟ يبدو أنْ الخدم يتكاسلون.”
“أين الغبار الذي تتحدثُ عنه؟”
“بارون، يبدو أنكَ قد أصبحتَ أعمى. ألا تستطيعُ رؤية ما هو أمامكَ؟”
“توقف عن مُضايقة الخدم. هَذا لَن يجعل السيدة كورديليا تعود بسرعة.”
“ألَمْ أخبركَ ألا تذكُر اسمها أمامي؟”
نظر ليونارد إلى البارون بغضبٍ، لكن البارون، الذي خدمهُ ورباهُ منذُ أنْ كان في الخامسة مِن عمره، لَمْ يكُن يخشى هَذا التحديق المرعب على الإطلاق.
“إذا كنتَ قلقًا للغاية، فلماذا لا تُرسل لها رسالة؟”
“مَن قال بإنني قلق؟ لا تذكر تلكَ المرأة الجاحدة أمامي! بدلاً مِن احترام مُعلمها، تتجرأُ على التمرُد لمُجرد أنْ كبرياءها قد جُرح.”
“إذن، ماذا عن الرسالة التي وصلت مِن بيلوتشي؟ هل أرميها؟”
أخرج البارون رسالة بيلوتشي بدلاً مِن رسالة كورديليا. حدق ليونارد في الورقة بغضب، لكنهُ قد أمسكها بصمتٍ. ابتسم البارون في داخلهِ لهَذهِ الازدواجية في تصرُفات ليونارد.
[وصلنا إلى إبرامز. عندما سألتُها عن موعد عودتها، تهربت مِن الإجابة. سأنتظرُ حتى تعود إلى أتيلي.]
كان ليونارد قد أراد أنْ يُخبره بموعد عودتها، لكن أهم جزءٍ مِن الرسالة كان مفقودًا. حتى أنهُ فحص ظهر الرسالة، لكنهُ كان فارغًا. انفجر غضبًا على الفور.
“هل تعلم بيلوتشي الكتابة مؤخرًا أم ماذا؟ لماذا هَذا التقرير غيرُ مكتمل؟ إذا لَمْ تُجب، فعليهِ أنْ يُلَح حتى يحصل على موعدٍ مُحدد!”
“سيقوم بذَلك على الأرجح. لقد قال بإنهُ سينتظرُ حتى تعود إلى أتيلي.”
“ولماذا لَمْ تقُل كورديليا متى ستعود؟ ماذا تفعلُ هُناك؟ لا أحد يهتمُ بأرملة الكونت الراحل، فلماذا تتأخر هَكذا؟”
كان يشعرُ بالغضب والانزعاج الشديد. لَمْ يُعجبه تقرير بيلوتشي على الإطلاق، لكنهُ احتفظ به بعنايةٍ في جيبه.
“هاها، هل تعتقد أنْ السيدة كورديليا قد تهرُب؟”
“ماذا؟ تهرُب؟”
لَمْ يكُن هُناك أيُّ إشارةٍ إلى ذَلك في رسالة كورديليا، لكن البارون تصنع الجهل ليثير ليونارد. كما هو مُتوقع، قفز ليونارد مِن مكانه وكأن كلمة “تهرب” قد صعقته.
“بالطبع لا، لكن لا يُمكن التنبؤ بالأمور.”
“لماذا ستهرُب؟ ومما ستهرُب؟ هل تعلم كم كنتُ طيبًا معها؟”
“بالطبع، لقد كنتَ طيبًا للغاية. لكن مِن الطبيعي أنْ تغضب السيدة كورديليا.”
رأى البارون أنها فرصتهُ وبدأ في سرد القصة التي كان قد أعدها مُسبقًا.
“عندما التقيتَ بالسيدة كورديليا في إبرامز، لقد غضبتْ مرةً واحدةً فقط. هل تتذكرُ ذَلك؟”
“……”
لَمْ يكُن بحاجةٍ إلى التفكير طويلاً لتذكُر ذَلك الموقف. عندما سألها عن المبلغ الذي تحتاجُه، تجمدت ملامحُها وغادرت الغرفة مُباشرةً.
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿