أتمنى لو كان زوجي ميتًا - 69
الفصل 69 : جِنَازةُ الزَوج ⁵
“أين هو والدُ الطفل؟”
“الخادمة لا تعرفُ ذَلك على ما يبدو. مِن المُحتمل أنْ يكون مِن عائلةٍ مُتواضعة أو مِن عامة الشعب. لأنهُ لو لَمْ يكًن كذَلك، لكان قد تزوجها بالفعل ولَمْ يترك الأمر مُعلقًا حتى الآن.”
“أو رًبما لأنهُ لا يستطيعُ الزواج منها.”
“ماذا تعني؟”
“الآن قد أتضحت الأمور.”
أخيرًا، قد اكتشف ليونارد الرابطة بين ماكسيميليان وإيمبلي الذي كان يبحثُ عنها لفترةٍ طويلة. وأيضًا، أدرك سبب اتخاذ أنطون إيمبلي الخيار الخطر في مواجهة ليونارد.
“هل يُمكنني أنْ أسألك عن ما تقصدُه؟”
“والدُ الطفل على الأرجح هو ماكسيميليان.”
“ماذا؟ لا يُمكن أنْ يكون! إذا كان الأمر كذَلك، لماذا لَمْ يتزوجها فحسب؟”
“الأمرُ واضح. رُبما وضع ماكسيميليان شرط الزواج مُقابل التعاون معهُ في محاولة قتلي. وقال إنهُ سيجعل ابنتهُ جزءًا مِن عائلة أتيلي. الجميع يعرفُ كم يعتز إيمبلي بابنتهِ، حتى الكلابُ في شوارع العاصمة تعلمُ ذَلك. يبدو أنهُ ق. استغل تلكَ المشاعر وأقترب منها عمدًا.”
اتسعت عينا البارون كَمَن اكتشفَ الحقيقة بعد سماع تفسير ليونارد.
“إذاً، هَذا يُفسر كُل شيء.”
“إيمبلي هو مَن أدخل دينيس فاسكويز إلى الحرس الملكي، صحيح؟”
“نعم، لقد أوصى بهِ بقوةٍ للملك.”
“إذًا، هَذا يعني أنْ إيمبلي هو مَن خطط لعملية الهروب أيضًا.”
لمس ليونارد ذقنهُ بعنايةٍ. بقي لديهِ لغزٌ واحدٌ لَمْ يستطع حله.
“ما لا أفهمهُ هو لماذا اختار إيمبلي إنقاذ ماكسيميليان. مِن وجهة نظرهِ، كان مِن المُفترض أنْ يكون موتهُ أكثر فائدةً له.”
“نعم، هَذا غريب.”
“تابع التحقيق حول إيمبلي. لا يهُم إنْ استغرقتَ وقتًا في الإمساك بماكسيميليان، ولكن عليكَ أنْ تجد دليلاً دامغًا على علاقتهما.”
“حاضر.”
***
أخيرًا جاء اليوم.
لَمْ تتمكن كورديليا مِن النوم طوال الليل بسبب التوتر الشديد. لقد أمضت الليل بأكملهِ مُستيقظةً تقريبًا.
في الصباح، بدأت تُكرر الخطة التي كانت قد تدربت عليها عشرات المرات.
“عندما تقتربُ العربة مِن الجهة اليُمنى، سيدفعُ البارون كريج إلى المًنتصف…”
في تلكَ اللحظة، دخلت ليلى الغرفة، مما قطع تدفُق أفكار كورديليا حول خطة مقتل كريج.
“أوه، لقد استيقظتِ مُبكرًا اليوم.”
“نعم، لديّ شيءٌ مهمٌ اليوم.”
“أمرٌ مهم؟”
“زوجي سيصلُ أخيرًا إلى العاصمة اليوم.”
“يا اللهي.”
بدت ليلى وكأنها تفاجأت قليلاً. بينما كانت تُساعدها في التحضير، بدأت تُراقب ملامح كورديليا، وكأنها تُحاول قراءة مشاعرها.
“كيف هو السيد الكونت؟”
“إنهُ شخصٌ طيب.”
“حقًا؟…”
بما أنهُ قد مات بالفعل، فهَذا كُل ما يُمكنها قوله. كان كريج الحي شخصًا لَمْ يكُن جيدًا معها، لكن كريج الميت قد وفّر لها الحرية.
بدا أنْ ليلى قد شعرت بشيءٍ مِن خيبة الأمل بردها.
“أعتقدُ أنْ هَذا الفستان مُناسب.”
عادةً ما كانت كورديليا ترتدي ما تقترحهُ ليلى دوّن تفكير، ولكنها اليوم اختارت ملابسها بعنايةٍ شديدة.
ما الذي يجبُ أنْ أرتديهِ لكي يظهر الدمُ بشكلٍ واضح؟
“هَذا الفستان جيد.”
“الأبيض؟ نعم، سأحضرهُ لكِ.”
لَمْ يكُن الأبيض لونًا تُفضلهُ عادةً، لذَلك بدت ليلى مُستغربةً قليلاً، لكنها لَمْ تُعلق.
بعد أنْ انتهت مِن استعداداتها، أخذت كورديليا نفسًا عميقًا وخرجت مِن غُرفتها. عند نزولها إلى غرفة الطعام، وجدت البارون جالسًا يتناول الإفطار.
“صباحُ الخير يا سيدة كورديليا.”
“صباحُ الخير، بارون.”
جلست كورديليا في الجهة المُقابلة لهُ. قُدم الطعام على الفور، لكنها لَمْ تستطع تذوق أيَّ شيءٍ بسبب توترها.
لاحظ البارون ذَلك وابتسم بلطف.
“هاهاها، هل أنتِ مُتوترة؟”
“للغاية. هل تعتقدُ أنه مِن المُمكن أنْ نُكتشف؟”
“مُستحيل. لا تقلقي. لقد تدربنا على هَذا عدة مراتٍ بالفعل، أليس كذلك؟”
“نعم، لكن…”
بدأت بالكاد تأكُل الحساء، بينما كان البارون يمسح فمهُ بمنديلهِ ويقول:
“في العاصمة، إذا تم الإبلاغ عن حادثٍ بسيط، فإنْ الأمر ينتهي بتقديم التقريرٍ إلى الشرطة.”
“ماذا عن السائق الذي سَيتسببُ بالحادث؟”
“أفضلُ طريقةٍ هي أنْ نطلب تسليمهُ لنا لنعاقبهُ بأنفسنا. وإذا رفضوا بحجة الإجراءات القانونية، يًمكننا حل الأمر بالمال. حسنًا، يبدو أنْ الوقت قد حان. هل نذهب؟”
“نعم، فلنذهب.”
خرجت كورديليا مِن القصر بحزمٍ. عند وصولها إلى المكان المُحدد، توقفت أمامها عربةٌ قديمة.
نزل الرجُل الذي كان في مقعد السائق وانحنى لها بأدبٍ.
“صباحُ الخير يا سيدة أبرامز. وأيضًا لكَ يا بارون.”
“جيمس، لقد وصلتَ في الوقت المُناسب.”
كان جيمس أحد أتباع البارون المُخلصين، ولَمْ يرمش حتى عندما أبلغهُ البارون بخطة دهس الجُثة بالعربة، بل سأل ببساطةٍ عن المكان المُناسب لذَلك.
“الجُثة بالداخل.”
أشار جيمس بعينيهِ نحوّ العربة. صعد البارون وكورديليا إلى العربة، حيثُ كان جسدُ كريج مُلقى بهدوء.
“هممم. ولكن نظرًا لأنهُ جثةٌ بالفعل، فحتى لو أُصيب، لَن يخرُج الكثير مِن الدم.”
“كنتُ أعلم ذَلك، لذا قمتُ بسحبِ بعض دماء الخنزير مُسبقًا. هل تعتقدُ أنْ هَذا سيكون كافيًا؟”
أخرجت كورديليا زجاجةً مملوءةً بالدم مِن عباءتها. بدا البارون مُتفاجئًا قليلًا مِن استعدادها المُذهل.
“أنتِ دقيقةٌ للغاية…”
“بالطبع، أنتَ لا تعلمُ كم كنتُ انتظرُ هَذا اليوم. هيا بنا.”
طرقت على جدار العربة، فبدأت العربة تتحرك ببطء.
تمتم البارون بتعويذةٍ قصيرة، فجلست جُثة كريج التي كانت مُستلقيةً، بشكلٍ غير مُتقن على الكرسي. غطت كورديليا جسدهُ بعنايةٍ باستخدام عباءة.
“فقط أنتبه على رأسهِ. يجبُ أنْ يكون وجههُ واضحًا حتى لا يُثار أيُّ شك.”
“نعم، سأحرصُ على ذَلك.”
اقتربوا مِن الشارع الذي خططوا لتنفيذِ خطتُهم فيهِ مُسبقًا. كان التوقيت مثاليًا؛ لَمْ يكُن الشارع مُزدحمًا للغاية ولا خاليًا تمامًا.
نزل البارون أولًا، ثمَ استخدم السحر لتحريك كريج وجعلهِ ينزلُ مِن العربة. مِن مسافةٍ قريبة، كانت حركاتُه تبدو غريبةً بعض الشيء، ولكن ليس لدرجة لافتهِ للأنظار.
“جيمس، عندما أعطيكَ الإشارة، ابدأ بالتحرك. تمامًا كما تدربنا. فهمت؟”
“نعم، فهمت.”
قاد جيمس العربة إلى الموقع المُحدد، بينما سار البارون على بعد مسافةٍ قصيرةٍ منهم.
كان قلب كورديليا ينبضً بشدة، وكأن ضلوعها قد تنفجر. كانت تنظرُ بحذرٍ إلى الأشخاص الذين يسيرون في الشارع. لَمْ يبدو أنْ أيًّا منهم يشتبهُ في أنْ الشخص الذي يسيرُ بجانبها كان جُثة.
نظرت إلى كريج الذي مشى بجانبها.
كانت خُطتهم بسيطة.
عندما يقود جيمس العربة بسرعةٍ نحوهم، تتظاهرُ كورديليا بأنها تتجادلُ مع كريج. ثمَ يمشي كريج باتجاه العربة، وجيمس يضبطُ الوقت جيدًا ليصدمه.
“حسنًا، أنا مُستعدةٌ، يا بارون.”
“نعم، لنبدأ.”
أعطى البارون إشارةً لجيمس. مِن نهاية الطريق، بدأ جيمس يقودُ العربة ببطء نحوهم. ثم قام البارون بتحريك كريج ودفع كتف كورديليا بيدهِ.
أخذت كورديليا نفسًا عميقًا وبدأت تقول الحوار الذي كانت قد أعدته.
“آه، كريج، ما الذي تفعلُه؟”
“أختي؟”
“حتى لو كنتَ غاضبًا، ألا ترى ما تفعل؟”
“أختي! إنها أنتِ!”
سمعت كورديليا صوتًا مألوفًا خلفها، فاستدارت باندهاشٍ. كان هُناك شقيقُها الأصغر، دينيس فاسكويز، يقفُ أمامها.
لَمْ تكُن تتوقع أنْ تراهُ هُنا، وبالذات في اللحظة التي كانت تُخطط فيها لقتل زوجها، لذا شعرت بارتباك شديد.
“أختي، اشتقتُ لكِ كثيرًا. هل تعرفين كم بحثتُ عنكِ؟ زرتُ قصر أتيلي عدة مراتٍ بحثًا عنكِ.”
“كنتَ تبحثُ عني؟ لماذا؟”
“سيدة كورديليا.”
أشار البارون، الذي كان يقفُ على مسافةٍ قصيرة، ليُعيد انتباهها إلى ما كانوا يفعلونه. فقط في تلكَ اللحظة تذكرت كورديليا ما كانوا يقومون به.
“دينيس، سنتحدثُ لاحقًا، لاحقًا.”
“متى لاحقًا؟ أختي، لديّ أمرٌ طارئ، هل يُمكننا التحدُث الآن؟”
“أنا مشغولةٌ الآن. أين تُقيّم؟ سأتي إليّك.”
“لا، ليس لديّ وقتٌ، الأمرُ عاجل.”
أمسك دينيس بذراعها بإصرار. في هَذهِ الأثناء، كانت العربة التي يقودها جيمس تقتربُ بسرعة. وجدت كورديليا نفسها في موقفٍ غيرِ مُتوقعٍ ولَمْ تعرف كيف تتصرف.
‘هل يجبُ أنْ أوقف العربة الآن؟ أم أستمر؟ لا، مِن الأفضل أنْ لا أتورط دينيس في هَذا.’
نظرت كورديليا خلسةً إلى كريغ الذي كان يقفُ بشكلٍ غيرِ مُتزن. ثم بدأ كريج يترنحُ ويتجهُ نحو الطريق.
نظرًا لأنهم طلبوا مِن جيمس أنْ يزيد السُرعة عمدًا، كانت العربة قد اقتربت بسرعةٍ كبيرة، وفي غضون ثوانٍ كانت على وشك الوصول.
“ك-كريج! دينيس، دع يدي مِن فضلك.”
“لماذا؟ مَن هَذا الشخص؟”
“بارون، لحظة…”
اندفع كريج نحو الطريق حيثُ كانت العربة قادمة، وكأنهُ يلقي بنفسهِ أمامها.
وقعت الحادثة في لحظة. كانت كورديليا تنوي أنْ تطلُب مِن البارون التوقف للحظة، لكن العربة كانت أسرع بقليل. قام جيمس، كما هو مُخطط، بدهس كريج بدقة.
“آه! لقد صدمتُ شخصًا!”
“مَن؟ مَن الذي مات؟”
بدأ الناس بالصراخ.
تحطمت الزجاجة المخفية في جسد كريج وتناثر الدمُ في كُل مكان، مما جعل المشهد يبدو واقعيًا للغاية.
رُبما بسبب وجود دينيس بجانبها، أو لأن الوضع لَمْ يسر كما كانت تتوقعُه، بدت كورديليا أكثر ارتباكًا مما كانت تعتقد دفعت دينيس جانبًا وركضت نحو كريج.
وعندما نظرت عن كثب، وجدت أنْ حالة كريج بعد أنْ داستهُ حوافر الخيول كانت أكثر بؤسًا مما توقعت. لذَلك، لَمْ يكُن هُناك شخصٌ واحدٌ يعتقد أنهُ قد يكون على قيد الحياة.
“كريج!”
“آه، سيدي. لماذا قفزت إلى الطريق بهَذهِ الطريقة…؟”
كان بارون يتظاهرُ بالبكاء بمهارةٍ. لقد كان يصرخُ بمرارة حتى بدا وكأنهُ فقد ابنهُ الحقيقي.
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة