أتمنى لو كان زوجي ميتًا - 68
الفصل 68 : جِنَازةُ الزَوج ⁴
“هل لا تزالين تَحلُمين بذَلك الحُلم التافه، يا ليديا؟”
“أيُّ حُلم؟”
“الحُلم بأنكِ ستتزوجين أخي وتُصبحين سيدة أتيلي.”
“هَذا ليس مِن شأنكَ.”
قالت ليديا بحدة، وحاولت سحب يدها التي كان ماكسيميليان يُمسكُ بها، لكنها لَمْ تستطع.
“يا للمسكينة. ما الفائدة مِن أنْ تكوني مِن عائلة إلفينباوم إذا لَمْ تستطيعي الحصول على ما تُريدين.”
“……”
“بالمُناسبة، هل سمعتِ بذَلك؟ الناس يتحدثون عن أنْ أخي قد غادر حفلة الساراسين بصحبة كورديليا إبرامز. يتساءلون إنْ كانت هي مَن ستُصبح سيدة أتيلي بدلاً منكِ.”
عندما ذُكر اسم كورديليا، اهتزّت عينا ليديا بشدةٍ. ورغم أنْ الظلام كان كثيفًا، إلا أنْ ماكسيميليان لَمْ يكُن غافلاً عن التغيير في مشاعر المرأة التي كانت أمامهُ.
ابتهج ماكسيميليان داخلياً. يبدو أنه لمس الوتر الحساس.
“لَمْ أرَ أخي يولي مثل هَذا الاهتمام لامرأةٍ مِن قبل. كان واضحًا بأنهُ يكُن لها معزةً خاصة.”
“كورديليا هي تلميذةُ ليو الوحيدة. مِن الطبيعي أنْ يهتم بها.”
“تلميذة؟ لا أعتقدُ ذَلك. في رأيي، لَمْ يكُن ينظرُ إليها كـ تلميذة.”
“لعلمكَ، كورديليا مُتزوجةٌ بالفعل. لذا فإنْ كلامك…”
“مُتزوجة؟ هاها. وما أهميةُ ذَلك؟ لَن أكون مُندهشًا إذا سمعتُ بأنْ زوجها سيموتُ غدًا.”
أرادت ليديا إنكار ذَلك، لكنها لَمْ تستطع الكلام. بدا ماكسيميليان وكأنهُ شيطانٌ يسردُ أسوأ ما يُمكن أنْ تتخيله.
ابتسم بلطفٍ وقال: “أخي لا يعرفُ ما يملك. كيف لهُ أنْ يهتم بامرأةٍ غريبة بينما أمامهُ امرأةٌ جميلةٌ وذاتُ نسبٍ نبيلٍ مثلكِ؟”
“لأن كورديليا موهوبةٌ سحريًا. رُبما هَذا هو السبب في أنْ ليو يهتمُ بها ويُبقيها بجانبه.”
“ما قيّمةُ تلكَ الموهبة؟”
لَمْ تُجب ليديا، لكن في أعماقها، وافقت على كلامه.
تلكَ الموهبة التافهة. ما قيمتُها؟
تصاعدت مشاعرُ الغيرة والدونية التي حاولت كبحها لفترةٍ طويلة.
وماكسيميليان، كالشيطان، قد أدرك ذَلك. بدأ حديثهُ بهدف إسكاتها، لكنهُ فجأةً خطرت لهُ فكرةُ استخدام ليديا.
“هل تُريدين أنْ أعطيكِ تلكَ الموهبة اللعينة؟”
“ماذا تعني؟”
“السبب الوحيد لبقاء كورديليا بجانب أخي هو موهبتها. إذا حصلتِ على تلكَ الموهبة، فسيهتمُ بكِ أكثر منها، أليس كذَلك؟”
“لكن كيف؟”
لَمْ تستطع ليديا إنكار أنها انجذبت قليلاً. للحظة، نسيت أنْ ماكسيميليان هو مَن قتل ليونارد، وأصغّت إليّه.
“كُل ما نحتاجهُ هو بضعُ قطعٍ أثريةٍ مُقدسة. لَن يُفيدكِ سؤال روزنبلور، فهو رجلٌ تقليدي ولَن يعرف شيئًا عن هَذهِ الطريقة.”
“أيُّ طريقة؟”
“هُناك طرقٌ غيرُ تقليديةٍ بين السحرة. لكن تذكري، إذا أخبرتِ أحدًا بأنكِ رأيتني هُنا، فلَن أتمكن أبدًا مِن إخباركِ بها، ليديا.”
“أتريدُ إغرائي بهَذا فقط؟”
“فقط؟ إنهُ السبيل الوحيد لتُصبحي زوجة أخي.”
أطلق ماكسيميليان يدها بسهولةٍ. كانت قد أصبحت خدرةً مِن شدة قبضته. سرعان ما ابتعدت ليديا عنه.
“إذا أردتِ معرفة الطريقة، علقي شريطًا أحمرً على نافذة غرفتكِ. آمل أنْ تتخذي القرار الصائب، ليديا.”
ثم ارتدى ماكسيميليان عباءتهُ مِن جديد واختفى في الظلام.
ظلت ليديا واقفةً في مكانها لفترة، حتى بعد اختفائهِ، قد أدركت الموقف وهرعت نحو القصر.
كانت تنوي إخبار الحراس بأنها رأت ماكسيميليان. بإمكانهم إغلاق القصر والقبض عليهِ بسهولة.
لحُسن الحظ، رأت حارسًا بالقرب مِن مدخل الحفلة. اقتربت منه.
“في الحديقة الآن…”
“نعم؟”
‘لقد رأيتُ ماكسيميليان. يجبُ عليكم إغلاقُ القصر فورًا وإبلاغ القصر الملكي.’
“ماذا؟ هل كان هُناك شيءٌ في الحديقة؟”
“…لا، لا شيء. فقط… لا شيء.”
لسببٍ ما، لَمْ تستطع إخبارهم. كان عليها فقط ذكرّ اسم ماكسيميليان والإشارة إلى الاتجاه الذي فرّ إليه. لكن لَمْ تستطع.
“هل تُريدين العودة إلى القصر يا آنسة؟”
“نعم. أشعرُ بالتعب.”
عادت ليديا إلى منزلها دوّن أنْ تُخبرهم عن ماكسيميليان.
كانت تعلم أنْ المدينة ستنقلبُ رأسًا على عقب بحثًا عنه، وأنْ ليونارد سيكون أول مَن يبحثُ عنه بلهفةٍ. لكنها لَمْ تستطع فعل شيء.
كانت تعرفُ أنْ اختيارها أناني، لكنها لَمْ تستطع تجاهل الفكرة.
الموهبة، تلكَ الموهبة اللعينة.
ربما لو حصلت عليها، سيُلاحظها ليونارد أخيرًا.
***
“يجبُ أن يتحمل السيد فاسكويز المسؤولية. أليسَ ابنهُ هو مَن كان ينقُل السجين إلى البُرج عندما وقع هَذا الحادث؟”
“تشه، تشه. ما الذي دفعهم لتوظيف ابن فاسكويز، الذي لَمْ يمضِ عامٌ حتى على تلقيهِ لقب الفارس، في مثل هَذهِ المُهمة الحساسة؟”
“أعتقد أنْ اجتماع اليوم ليسَ لمُناقشة المسؤوليات، بل لإيجاد الحلول.”
ساد الصمت بين المتحدثين بعدما أدلى الشخصُ المعني بالقضية بكلماتهِ. لَمْ يعُد لديهم ما يضيفونه.
كان مِن المُفترض أنْ تُعقد هَذهِ الجلسة الطارئة لمُناقشة مُحاكمة ماكسيميليان، لكنها تحولت بعد هروبه إلى نقاشٍ آخر.
“كلام الدوق أتيلي صحيح. لا يزالُ لدينا بعض الوقت لمُناقشة ذَلك بعد أنْ نحل المشكلة. ماركيز راسيل، قدّم لنا تقريرك عن الوضع الحالي.”
“نعم، جلالتُك. لقد وضعنا نُقاط تفتيشٍ عند جميع بوابات العاصمة، حيثُ يتم التحقق بدقةٍ مِن هوية كُل مَن يدخل أو يخرج. بالإضافة إلى ذَلك، ماكسيميليان أتيلي لديهِ مشيةٌ مُميزة، مما سيُساعد الجنود في التعرف عليهِ بسهولة.”
“إذًا، فعدمُ الإمساك بهِ حتى الآن يعني أنه قد يكون لا يزال داخل العاصمة.”
“صحيح. تحتاجُ مُغادرة القصر إلى يومين على الأقل، ولأننا بدأنا التفتيش فور هروبهِ، فمِن المُرجح أنهُ لا يزال هُنا.”
استمرَ الأشخاصُ في الاجتماع بتكرار نفسِ المعلومات المعروفة حتى انتهى. لو كان هُناك حلٌ حاسم، لكانوا قد أمسكوا بماكسيميليان منذُ فترة.
لقد مرّت سبعةُ أيامٍ منذُ هروبهِ.
على الرغم مِن نشر جميع الجنود المُتاحين في العاصمة للبحث عنهُ في كُل زاوية، إلا أنْ ماكسيميليان قد اختفى دوّن أنْ يترك أيَّ أثر، وكأن الأرض قد ابتلعتهُ.
ببساطةٍ، كان مِن المُستحيل أنْ يتمكن مِن القيام بذَلك بمفردهِ.
“سيدي.”
عندما خرج ليونارد مِن قاعة الاجتماعات، اقترب منهُ البارون على عجل.
“ماذا هُناك؟”
“خادمة مين إيمبلي قد تكلمت أخيرًا. روزالين إيمبلي…”
“دوق أتيلي!”
قاطعهُ فجأةً صوت بابلو فاسكويز العالي وهو يقتربُ مِن ليونارد.
كونه الوحيد مِن بين العائلات الثماني المُقدسة الذي لَمْ يكُن عضوًا في المجلس، لَمْ يُسمح لهُ بدخول قاعة الاجتماعات، لذا انتظر حتى خرج ليونارد.
“ما أخبارُ ماكسيميليان؟ هل أمسكتم بهِ؟”
“لا، لَمْ نتمكن مِن ذَلك بعد.”
“حقًا؟ هَذا غريب. لابد بأنهُ في مكانٍ ما. الجنود حقًا غيرُ كفؤين.”
“أنا مشغولٌ جدًا، فلتدخُل في صلب الموضوع.”
نظر إليّهِ ليونارد ببرودٍ. تبسم بابلو ابتسامةً مُحرجة وتحدث قائلاً:
“الأمرُ يتعلق بابني، دينيس. إنهُ نادمٌ بشدة. كما تعلم، لَمْ يكُن لديهِ أيُّ نيةٍ في ترك ماكسيميليان يهرُب. لقد كان مُجرد حادث، فقد هرب بينما كان دينيس مُنشغلاً لوهلة. لَمْ يكُن لأحدٍ أنْ يتوقع أنْ يتمكن مِن الهرب وهو مُكبل بتلكَ الأصفاد الثقيلة.”
“لماذا لا تُخبر الملك بذَلك؟ لقد وثق بكَ وجعل دينيس فاسكويز مسؤولاً، والآن هو في ورطةٍ بسبب ذَلك.”
“بالطبع سأخبرُ الملك. لكن فكرتُ بأنه لو سامحتهُ أنتَ أولاً، قد يتمُ حلّ الوضع بشكلٍ أكثر سلاسة.”
“لا أرى سببًا يدعوني لأن أسامح ابنكَ.”
“مهلاً. إذا تعرض دينيس للعقاب بسبب هَذا الحادث، فكر في مدى حُزن كورديليا.”
كان ليونارد ينوي تجاهلهُ، لولا ذكرهِ لاسم كورديليا.
شعر بالاشمئزاز مِن استغلاله لكورديليا في مُحاولتهِ لتغطية خطأ ابنه.
كان ليونارد غاضبًا، خاصةً مِن التناقُض الصارخ في طريقة تعاملهِ مع ابنهِ وابنته.
“لا تقلق. حتى لو قضى دينيس فاسكويز بقية حياتهِ في السجن بسبب هروب لماكسيميليان، لَن أخبر كورديليا بذَلك.”
“ماذا؟! يقضي حياتهُ في السجن! أتيلي، رجاءًا، امنحهُ فرصةً واحدةً فقط. هَذهِ كانت أول مهمةٍ لهُ كفارس في الفيلق. الجميع يُخطئ.”
“مِن الواضح بأنهُ غيرُ مؤهلٍ لعضوية فيلق الغزلان الفضية إنْ لَمْ يتمكن مِن أداء مهمتهِ الأولى بشكلٍ صحيح.”
“أتيلي!”
ضحك ليونارد عليهِ ببرودٍ وغادر. حاول بابلو، بوجهٍ شاحبٍ، اللحاق به، لكن البارون استخدم سحرهُ لإيقافه.
“أكمل ما كنتَ تقولهُ. ماذا عن روزالين إيمبلي؟”
“إنها حاملٌ في شهرها السادس.”
“ماذا؟ حامل؟”
توقف ليونارد لوهلةٍ ثمَ تابع طريقهُ. كانت عربة تحملُ شعار “الثُعبان الأبيض” تنتظرهُ. فتح البارون باب العربة وساعد ليونارد على الركوب، ثمَ تبعهُ إلى الداخل.
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة