أتمنى لو كان زوجي ميتًا - 51
الفصل 51: العاصمة⁶
سرعان ما غادرت رسالةٌ مختومةٌ بختم الملك. بمجرد تسليمها إلى جميع أعضاء المجلس، سيجتمعون في القصر لمُناقشة مُحاكمة ماكسيميليان.
المعركة الحقيقية تبدأ بعد ذَلك.
في الحقيقة، الأدلة ليست إلا أمرًا ثانويًا. الأهم هو مَنْ يستطيع كسبَ المزيدِ مِن الحلفاء.
“أرجو أن تعذر مغادرتي المُبكرة، يا جلالتَك.”
نهض أنطون مِن كرسيه فجأةً قبل أن يحصل على إذن الملك، وخرج مِن غرفة الاستقبال بعد أن انحنى بخفة. ولم ينسَ أن يوجه نظرةً حادةً لماكسيميليان الذي كان جاثمًا على الأرض.
لم يكتَرث غابرييل لوقاحة أنطون. أشار بإصبعه إلى ماكسيميليان الجالس على الأرض قائلاً:
“أبعدوا هَذهِ القذارة مِن أمامي. أشعرُ بالغثيان.”
اقتربَ الخدم الذين كانوا يقفونَ خلف غابرييل بهدوء وسحبوا ماكسيميليان إلى مكانٍ مجهول. ثم، دوّن أن يُطلب منهم، فتحوا النافذة للتهوية.
أخيرًا، يبدو أَنْ غابرييل قد بدأ يرتاح، فارتخى جبينهُ المُجعد. وسأل ليونارد:
“هل أنتَ متأكدٌ مِن أنهم كانوا إمبلي؟”
“لقد تعلمتُ ألا أتحدثَ إلا بما أستطيعُ تحملَ مسؤوليتهِ.”
“همم… كلامُكَ يبدو مُبهرجًا.”
قال غابرييل وهو ينظرُ إلى ليونارد مِن رأسهِ إلى أخمص قدميه.
“ومع ذَلك، كيف يُمكن للشخصٍ أن ينجو مِن الموت هَكذا، هل أصبحتِ كائنًا خالدًا؟”
“بالطبع لا. كنتُ محظوظًا فحسب.”
“بعبارةٍ أخرى، إمبلي كان غيرُ محظوظٍ بوضع مثلِ هَذا الوحش كعدوٍ له.”
“لكن لماذا؟ هل هُناك سببٌ يجعلُ إمبلي يتحالف مع ماكسيميليان؟”
سألت ديانا التي كانت تجلسُ بهدوء. هَذا السؤال كان ما يتمنى ليونارد معرفة إجابته. وعندما اكتفى ليونارد بهزّ كتفيه، لوّح غابرييل بيده.
“لنترك التفكير في الأمور الصعبة لوقتها. بالمناسبة، سمعتُ بأنكِ تلميذُ أتيلي؟”
“…نعم؟”
“كيف تمكنتِ مِن إقناعه ليجعلكِ تلميذتهُ رغم طباعهِ السيئة؟”
عندما تمحوى الحديث عن كورديليا، أصبح الجو أخفَّ قليلًا. نظر غابرييل مباشرةً إلى وجهِ كورديليا وسألها. ابتلعت كورديليا ريقها بتوترٍ ثمَ أجابت:
“التقينا عندما جاء مُعلمي بالصدفة إلى مدينتي، وأخبرني بأنْ لديّ موهبةً في السحر، وهَكذا أصبحتُ تلميذته.”
“ما مدى براعتكِ لكي يقبلكِ كتلميذٍ له؟”
“لماذا تواصلُ طرحَ الأسئلة عليها؟ أنها جيدةٌ بما يكفي.”
أجابَ ليونارد بلا مبالاةً على غابرييل. نظرت ديانا بوضوحٍ إلى كورديليا بنظرةٍ استكشافية.
“يال حظ عائلة فاسكويز. تلميذةُ أتيلي الوحيدة. مِن المؤكد أن الكونت فاسكويز فَخورٌ بذَلك.”
فَخور.
ابتسمت كورديليا بمرارةٍ في داخلها. هل سيفخرُ والدها إذا علمَ بِـ أنها ساحرة؟
رغم علمها أن ذَلك لن يحدُث، كان لديها بعضُ الأمل الضعيف.
إذا علموا أنها تلميذةُ أتيلي، ربما قد يتغيّر تعاملهم معها، ولو قليلاً.
“بالمناسبة، قد تذكرتُ للتو أنْ هُناك حفلًا في منزلي الأسبوع المُقبل. هل يُمكنكِ أن تُشرفينّا بحضوركِ؟ الجميع سيكون مُتشوقًا لرؤية تلميذةِ أتيلي.”
“هَذا شرفٌ عظيمٌ ليّ. سأحاضر بكُل سرور…”
لم تكُن كورديليا تتوقع هَذهِ الدعوة، لكنها قد شعرتْ بالسعادة حقًا.
حفلةٌ في قصر عائلة الأسد الذهبي في سراسين المعروفة بأنها تجمعٌ لنخبة الناس في إيرشيه، سواء مِن الشخصيات المهمة أو الفنانين المشهورين، وهَذهِ الحفلة لها تأثيرٌ كبيرٌ على الحياة الاجتماعية للشخص لدرجة أن كُل مَن يتمُ دعوتهُ يُصبح محور الحديث. بالنسبةِ لها، كان ذَلك حلمًا بعيد المُنال.
احمرّت وجنتا كورديليا مِن الحماسة.
***
“يا لهُ مِن أحمق!”
لم يستطع أنطون كبح غضبه المُتصاعد، فأخذ يرمي كُل ما وقعت عليه يداه. تراجع مساعده، البارون روسون، خطوةً إلى الوراء مُنتظرًا أن يهدأ غضبه.
“لو قُبض عليهِ، كان ينبغي أنْ ينتحر! بسببهِ الآن أصبحت عائلةُ إمبلي موضع نقاش في المحكمة.”
“أليس مِن الأفضل التخلصُ مِن ماكسيميليان قبل أنْ تُعقد المحكمة وإسكاتهُ إلى الأبد؟”
“كيف؟ إنهُ موجودٌ في القصر الملكي الآن! وإذا انكشف الأمر، ألن يبدو وكأننا متواطئون معه؟”
“يُمكننا أن نوظف مرتزقةً ليتولوا أمره بدون أن يتركوا أثرًا…”
“ماذا تعني بذَلك، يا أبي؟”
بطريقةٍ ما فُتح بابُ مكتب أنطون، وكانت ابنتهُ الوحيدة، روزالين إمبلي، واقفةً هُناك.
“ماكسيميليان في القصر الملكي؟ لماذا؟”
“روزالين، عودي إلى غرفتكِ.”
“هل كان الشعار الذي ظهر في السماء البارحة يخصُ ليونارد أتيلي؟”
“هَذا ليس مِن شأنكِ.”
تجاهل أنطون نظرات ابنته وشد الحبل لإحضار الخدم. سرعان ما دخل أحد الخدم إلى الغرفة.
“هل استدعيتني يا سيدي؟”
“خُذوا روزالين إلى غرفتها.”
“أبي!”
“سيدتي، سأرافقكِ إلى غرفتكِ.”
اقترب الخادم مِن روزالين، لكنها أزاحت يدهُ واقتربت مِن أنطون.
“أخبرني، هل عاد ليونارد أتيلي؟ إذن، ماذا سيحدُث لماكسيميليان؟”
“روزالين…”
“هل، هل سيموت ماكسيميليان؟”
كانت شفتاها ترتجفان، بل في الحقيقة كان جسدُها كلهُ يرتعش. وبينما كانت على وشك السقوط، أمسك أنطون بذراع ابنته بقوة.
“لقد طلب الدوق أتيلي مُحاكمة. في الوقت الحالي، لا أحد يعلم ما سيحدُث.”
“لقد حاول قتل سيدهِ وفشل، أليس مِن المُفترض أن تكون نهايتهُ الإعدام؟”
“لا يُمكن استبعاد هَذا الاحتمال.”
في الحقيقة، كان احتمالُ حكم الإعدام مُرتفعًا للغاية، لكن أنطون تحدث بلباقة. تغيّرت تعابيّرُ وجه روزالين بسرعة وأصبحت شاحبةً.
“إذن…”
منذُ متى كانت وجنتا روزالين مُغطاتين بالدموع؟ نظرت إلى والدها بعيناها الكهرمانيتين اللَّتان تُشبهان عينيه.
“ماذا سيحدُث لي الآن، يا أبي؟”
“…..”
“وماذا عن طفلي؟”
لم يستطع أنطون تقديم إجابةٍ لذَلك السؤال.
تذكر أنطون كُل تلكَ الليالي.
الليلة التي تركتهُ فيها زوجته وهي تطلبُ منه أن يعتني بابنتهما، الليلة التي أخبرهُ فيها الطبيب بأن قلب ابنتهِ الصغيرة مشوه ولن تعيش طويلاً، والليلة التي اعترفت فيها ابنته العزيزة بأنها حاملٌ بطفل ماكسيميليان.
“اذهبي إلى آنسين. الطقس هُناك دافئ، اعتبريها فترة نقاهة.”
“أبي…”
“مِن الأفضل أن تُنجبي طفلكِ هُناك. انسي ماكسيميليان وابدأي مِن جديد.”
كان الطفل ابن ماكسيميليان، الذي لا يستحقُ إلا أن يًمزق إربًا، لكنهُ كان أيضًا طفل ابنتهِ الحبيبة.
عندما استُدعي ماكسيميليان حتى يتحمل المسؤولية، وافق بالطبع، لكنهُ قدم في الوقت نفسهُ شروطًا غير معقولة.
“أريد أن أصبحَ سيد أتيلي.”
“هل جُننت؟ هل تعرفُ مَن يكون أخاك؟”
“إذا ساعدتني، ألن أتمكن مِن تحقيق أيِّ شيء؟ يجبُ أن تتمتع روزالين أيضًا بمجدٍ عظيم. أليس للطفل حقٌ في حصولهِ على أب؟”
كانت الجملة الأخيرة بمثابة تهديد.
لم يكُن هُناك خيارٌ أخر. حتى لو كانت روزالين ابنة إمبلي الوحيدة، فإن المرأة التي تُنجبُ طفلاً بدون زوج كانت ستتعرضُ للنفي مِن المُجتمع الأرستقراطي.
صرّ أنطون على أسنانه وتحالف مع ماكسيميليان.
منذُ البداية، كانت خطةً مُتهورة.
ليونارد كان أقوى ساحرٍ في إيرشيه، وقتلهُ كان بمثابة مُقامرة. لحسن الحظ، وصل خبر أن ماكسيميليان قد نجح في قتله، لكن عدم العثور على جثةِ ليونارد كان مصدر قلقٍ دائم.
ومع ذَلك، قد مر ثلاثةُ أشهر دون أن يظهر ليونارد، مما جعل أنطون يطمئن.
ولكن، وكأنما كان يسخرُ مِن راحته، أمسية البارحة، ظهر الشعار الأبيض وملأ السماء.
“أرجوكَ، أنقذ ماكسيميليان، يا أبي.”
“هَذا هراء! انسِ ذَلك اللعين الآن.”
“أبي، أرجوك. أنتَ تستطيعُ أن تفعل ذِلك.”
كانت ابنتهُ تبكي وتُمسك بذراع والدها وتهزّها. لكن هَذهِ المرة، كان أنطون حازمًا.
“إنهُ بالفعل في سجن القصر الملكي، فكيف لي أن أنقذه؟ علاوةً على ذَلك، كما قلتِ، لقد حاول قتل سيده. مِن الصعب انقاذه مِن حكم الإعدام.”
“أنا أحبُه. إذا مات ماكسيميليان، كيف سأربي الطفل وحدي؟”
“لا تقلقي بشأن الطفل. سيتم تبنيهِ تحت اسمي ويُربى كفردٍ مِن عائلة إمبلي.”
قال هَذا بينما تنهد تنهيدةً قصيرة. عضت روزالين شفتيها وهي تضمُ بطنها بين ذراعيها.
“لذا، جهزي نفسكِ للذهاب إلى آنسين.”
“أبي!”
تمكن أنطون مِن تهدئة ابنته وإعادتها إلى غرفتها بصعوبةٍ. وبمُجرد أن تأكد مِن أنها غادرت، تجمد وجهه ببرود.
“يجبُ منع المُحاكمة بأيِّ ثمن.”
“أفضل طريقةٍ لذَلك هي موت ماكسيميليان، ولكن…”
“حتى لو اضطررنا لقتله كملاذٍ أخير، فلا يُمكن أن يحدُث ذَلك قبل أن تلد روزي طفلها. جسمها ضعيفٌ بالفعل، وإذا صُدمت وفقدت الطفل، فسيكون الأمر كارثيًا.”
كان مِن الواضح أن ابنته، ذاتُ القلب الضعيف، لن تتحمل خسارة الجنين. بالإضافة إلى ذَلك، كان قد فقد زوجته بسبب حمى النفاس مِن قبل.
تقدم البارون روسون، الذي كان يقفُ على بعد مسافة، واقترب مِن أنطون قائلاً:
“ماذا عن إقناع النبلاء في المجلس والنبلاء الآخرين لتأجيل المُحاكمة؟”
“تأجيل؟ على أيِّ أساس؟”
“مِن السهل اختلاقُ الأعذار.”
“هممم.”
أمسك أنطون بذقنه مُفكرًا. بما أن الشكلية والإجراءات كانت مُهمة، فمِن المُحتمل أن تكون هُناك نقاطٌ يُمكن الاعتراض عليها إذا قام بالبحث بعناية.
“مِن المُرجح أن يبقى لوبيز وساراسين على الحيادٍ كالعادة، بينما سيدعم إلفنباوم أتيلي.”
“إذن تبقى فقط هيلرست وفاسكويز.”
“على أيِّ حال، يجبُ علينا استدعاء هذين الاثنين إلى هنا لمحاولة تأجيل المُحاكمة قدر الإمكان.”
“نعم، سأرسل رسائل إلى هيلرست وفاسكويز على الفور.”
.
.
صراحة اني انصدمت من عرفت بالطفل ..
متت ضحك على ماكسيميليان شلون الملك شاله عبالك زبالة 😭😭
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة