أتمنى لو كان زوجي ميتًا - 48
الفصل 48: العاصمة³
بعد أن أنهوا أعمالهم، انطلقت مجموعتهم بسرعةٍ نحو العاصمة دون توقف.
“هُناك أمورٌ يجبُ علينا الاتفاق عليها قبل أن نصل إلى العاصمة.”
“ما هي؟”
“مثل كيف التقينا، على سبيل المثال. إذا اكتشف الناس أنكِ تلميذتي، فسيتجمعون حولنا مثل النحل ويطرحون علينا العديد مِن الأسئلة.”
“لماذا لا نقول الحقيقة فقط، أ…”
توقفت كورديليا فجأةً. عند التفكير في الأمر، فكرةُ أن ليونارد كان دخل جسد زوجها الميت وانعا قد تعاقدت معه لتُصبح تلميذته قد تبدو مُريبة. مِن منظورٍ آخر، ذَلك قد يِضعف سمعتها بشكلٍ كبير.
“مِن السذاجة أن يُصدق الناس ذَلك ببساطة. عندما يكتشفون أنني دخلتُ جسد زوجكِ الميت وقبلتُ زوجتهُ كتلميذتي، ستنتشر كُل أنواع الشائعات القذرة.”
“بالفعل. سأصُبح أكثر امرأةٍ مُشينةٍ في العالم، أليس كذلك؟”
ربما سيقولون إنني أغويتُهُ بجسدي.
على الرغم مِن أن الموضوع لم يكُن مضحكًا، إلا أنها وجدت فيه شيئًا مِن الفكاهة.
تذكرت الأيام التي كانت تدخل فيها غرفة نوم ليونارد يوميًا لتحظى برضاه، وتتحمل كل كلماته الجارحة دون أن تنهار.
لم تكُن تتخيل أبدًا أن الأمور ستصل إلى هِذا الحد في ذَلك الوقت…
“إذن، ماذا ينبغي علينا أن نقول؟”
“لنقل ببساطة إنني التقيتُكِ صدفةً بالقرب مِن إبرامز قبل حوالي عام. لقد كان لديّ بالفعل عملٌ في الشمال في ذَلك الوقت، لذَلك يُمكننا القول إنني دربتكِ سرًا هُناك.”
“هل يُمكنني أن أخبر الناس أنكَ اكتشفت موهبتي وتوسلت لي أن أكون تلميذتكِ؟”
“يبدو أن حياتكِ لا تهمُكِ كثيرًا يا تلميذتي. حاولي إن كُنتِ تستطيعين.”
ضحكت كورديليا بصوتٍ عالٍ على تعليق ليونارد الرحيم.
***
مِن بعيد، بدأت تظهرُ أولى أسوار العاصمة. أخرجت كورديليا رأسها مِن النافذة ونظرت مُطولاً إلى المناظر المحيطة.
“أغلقي النافذة، الجو بارد.”
“هيا! كيف يكون الجو باردًا؟ إنهُ الربيع، حسنًا، سأغلقُها. لكنكَ ترتدي ملابس أكثر مني، ومع ذَلك تقول إن الجو بارد عندما فتحت النافذة.”
“أنتِ تُرثرين كثيرًا مِن أجل إغلاق النافذة؟”
“مُعلمي، أيُمكن أن تكون شيخوختكَ المُبكرة هي السبب؟ يُقال إن العظام تُصاب بالبرودة بمُجرد ملامستها لنسيم الربيع في فترة الشيخوخة.”
“هل تُريدين أن تعرفي ما يعنيه حقًا أن تشعري بالبرد في عظامكِ؟”
انكمشت كورديليا مِن نظراتهِ الحادة وأغلقت النافذة بهدوء.
لقد كانت مشغولةً للغاية بالواجبات والتدريبات الخاصة، لذا نسيت أن الوقت قد حان للتخلص مِن جثُة كريج الموجودة على العربة. سيتعين عليها التفكير في الطريقة المُناسبة بمجرد وصولهم إلى العاصمة.
بدا أن بوابة القلعة قريبةُ، لكنهم لم يصلوا إلا بعد نصف يومٍ مِن السفر. الشمس كانت على وشك الغروب عندما سأل البارون أثناء توقفه:
“هل نتوجهُ مُباشرةً إلى منزل أتيلي؟”
“علينا استدعاءُ المجلس أولاً.”
“آه، سأرسلُ رسالةً إلى كُل العوائل فور وصولنا إلى المنزل.”
“لا حاجة لذَلك.”
فتح ليونارد باب العربة ونزل. كان هُناك الكثير مِن الناس يمرون عبر بوابة القلعة، لكن لم يتعرف عليهِ أحد كسيد أتيلي الذي يُشاع أنه قد مات.
“ما، ما هَذا؟”
“أليس هَذا شعار الأفعى البيضاء؟”
“هل هم أتيلي؟”
تدفق الضوء مِن أطراف أصابعه، وظهرت بوضوحٍ في السماء صورةُ الأفعى البيضاء كالألعاب النارية.
كانت نيتهُ واضحة.
لقد أظهر للجميع الرمز الذي لا يستطيعُ استخدامه سوى رئيس أتيلي، وبحلول صباح الغد، سيعلم كُل سكان العاصمة بعودته.
بقي البارون مذهولاً لبعض الوقت.
“… بالتأكيد، لا حاجة لإرسال الرسل.”
“حسنًا، فلنذهب الآن.”
قاد البارون العربة إلى داخل بوابة القلعة. كما هو مُتوقع، عندما وصلوا إلى منزل أتيلي في المدينة، كان هُناك العديدُ مِن الخدم ينتظرون أمام البوابة الرئيسية، بوجوهٍ مُتحمسة.
كان أليكس، كبيرُ الخدم ، هو أول مَن تعرف على البارون.
“سيدي البارون! إذًا، هل السيد بالداخل؟”
“أليكس. لم نلتقِ منذُ فترة. افتح البوابة بسرعة.”
بمجرد أن أنهى البارون حديثه، أمر أليكس حارس البوابة بسرعة بفتح البوابة على مصراعيها. اجتمع جميع الخدم الذين سمعوا الخبر أمام البوابة الرئيسية.
توقفت العربة بهدوءٍ أمام البوابة. فتح البارون الباب.
نزل ليونارد أولاً. بوجههِ السليم وخلوهِ مِن أيِّ أذى، كان الخدم على وشك الإغماء مِن الصدمة.
“سيدي!”
“يا إلهي، لقد عاد السيد!”
“لم يمُت بعد كُل شيء!”
“إذن ماذا سيحدُث للابن الثاني؟”
“اصمتوا، اصمتوا! ما هَذا السلوك المُخزي أمام سيدنا بعد غيابٍ طويل؟”
ألقى أليكس تحذيرًا صارمًا وهو في المُقدمة. هدأ الخدم المُتحمسون بعد مرور بعض الوقت.
نزلت كورديليا مع لوتي، بينما كانت كُل العيون مُركزةً عليها. عندما نزلت امرأةُ لم يروها مِن قبل خلف ليونارد مُباشرةً، نظر الجميع إليها بفضول.
سارع البارون بتقديمها.
“هَذهِ السيدة هي التلميذة الوحيدة لسيدي، كورديليا إبرامز. اعتنوا بها جيدًا دون أيِّ تقصير.”
نظروا إليها بوجوهٍ أكثرُ دهشةً مما كانوا عليه مِن قبل، وهمسوا بينهم.
“تلميذة السيد؟”
“لكن كان يقول دائمًا إنهُ لن يقبل تلاميذ أبدًا…”
“يا إلهي، يبدو أن اليوم مليءٌ بالصدمة. لقد قبل السيد أخيرًا تلميذًا!”
“حسنًا، افيقوا جميعًا وعودوا إلى أماكنكم.”
صفق أليكس بيديه لتنشيط الأجواء. عندما عاد مُعظم الخدم إلى أماكنهم، اقترب البارون بهدوء وقال:
“أليكس، هُناك صندوقان كبيران خلف العربة. أحدهما يحملُ دائرةً سوداء، انقلهُ إلى غرفة الاستقبال، والآخر ضعهُ في مكانٍ عميقٍ تحت الأرض.”
“ما الذي بداخلهم؟”
“مِن الأفضل أن تجهل ذَلك. تأكد مِن اختيار أشخاصٍ موثوقين فقط لنقلهم.”
“حسنًا.”
رغم استغرابه، لم يطرح أليكس أسئلةً إضافية، كونهُ كبير الخدم في عائلة أتيلي المرموقة. اختار بعض الخدم ونقل الصناديق.
في ذَلك الوقت، اقتربت امرأةٌ متوسطةُ العمر بابتسامةٍ دافئة مِن كورديليا.
“مرحبًا بكِ في منزل أتيلي، سيدة إبرامز. أنا آنا، رئيسةُ الخدم هُنا. إذا كنتِ بحاجةٍ إلى أيِّ شيء، فلا تترددي في إخباري.”
“آه، لا أحب أن يناديني أحدٌ بلقبي، من فضلكَ نادني بكورديليا فقط.”
“كما تأمرين، سيدة كورديليا. سأرشدُكِ إلى مكان إقامتكِ.”
بينما كانت تتبعها، ألقت كورديليا نظرات سريعة على منزل أتيلي. مِن اللوحات المُزخرفة إلى الأثاث الفاخر وورق الجدران الباهظ الثمن، لم يكُن هُناك شيءٌ ناقص.
كانت تتساءل كم سيكون القصر الرئيسي أكثر جمالًا إذا كان هَذا هو المنزل، الذي يُستخدم فقط خلال الموسم الاجتماعي، بهذا الفخامة.
على النقيض مِن ذَلك، تم بيعُ منزل عائلة باسكويز الذي هُنا منذُ فترةٍ طويلة بسبب الأزمة المالية.
“بالمناسبة، هَذه هي لوتي، كلبي المُفضل. أرجو أن تعتنوا بها بشكلٍ خاص.”
“بالطبع. سأخبرُ الخدم بذَلك.”
ابتسمت آنا بلطفٍ وأرشدتها إلى غرفةٍ ما. كان الباب المُقابل لها مُذهلاً بروعته.
نظرت كورديليا إلى الباب وفكرت في أن حتى غرفة الضيوف في منزل أتيلي رائعةٌ جدًا، لكنها سرعان ما استدارت عند سماع كلام آنا.
“كانت هذه الغرفة كانت تُستخدم مِن قبل الدوقة السابقة لعائلة أتيلي.”
“ل، لا أحتاجُ إلى غرفةٍ جيدةٍ إلى هَذا الحد.”
شعرت كورديليا بالحرج قليلاً. كانت تتوقع أن تُعطى غرفة ضيوفٍ عادية، لكنها شعرت بالضغط عندما أُرشدت إلى غرفةٍ كانت تُستخدم مِن قبل سيدة المنزل.
“أنتِ التلميذة الوحيدة للسيد. هِذه الغرفة خالية الآن، لذا لا تترددي في استخدامها.”
بالطبع، كانت قد تلقت إذنًا مِن السيد قبل أن تُرشدها إلى هُنا.
بعد أن انحنت آنا بانحناءة كبيرة وغادرت الغرفة، دخلت ثلاث خادمات وقدمن أنفسهن لكورديليا.
“أنا ليلى.”
“أنا إيما.”
“وأنا تاليا. سنكون في خدمتكِ مِن الآن فصاعدًا. إذا كان هُناك أيُّ نقصٍ في شيءٍ ما، فلا تترددي في إخبارنا.”
“حسنًا. أرجو أن تعتنوا بي جيدًا أثناء إقامتي هُنا. لكن أود أن أستحم أولاً.”
“سأقوم بتحضير الحمام على الفور.”
***
على الرغم مِن أن الليل كان متأخرًا، توقفت حصانٌ أبيضٌ ضخم أمام منزل أتيلي. تعرف عليه الحارس بسرعةٍ وفتح البوابة على الفور.
خرج أليكس لاستقبال الضيف.
“مرحبًا بكَ في منزل أتيلي.”
“هل هَذا صحيح؟ هل عاد ليو؟”
“لقد تلقينا أوامر بدعوتكَ إلى الداخل فور وصولكَ، يا ماركيز إلفنباوم. تفضل بالدخول.”
لم يستطع روزنبلور إخفاء حماسه، فألقى بلجام الحصان جانبًا ودخل مُسرعًا.
عندما صعد إلى غرفة الاستقبال في الطابق الثاني، كان يسير بخطوات واسعة، يصعد السلالم باثنتين في كل مرة، بخلاف عادته.
حاول أحد الخدم فتح الباب له، لكن روزنبلور لم يستطع الانتظار وفتح الباب بنفسه.
هُناك، كان ليونارد جالسًا بهدوءٍ في منتصف الغرفة، واضعًا ساقًا فوق الأخرى.
“لقد وصلتكَ الأخبارُ بسرعة.”
“ليو! أنهُ أنتَ! أنتَ حقًا كُنتَ على قيد الحياة!”
ابتسم روزنبلور ابتسامةً عريضة وركض نحو ليونارد، مُحتضنًا إياه بشدة.
“يا لهُ مِن شعورٍ مُقزز. دعني.”
ولكن ليونارد أزاحهُ بقوةٍ بحركةٍ سريعة. ومع ذَلك، لم يستطع روزنبلور إخفاء فرحته.
“لقد كُنتَ حيًا طوال هَذا الوقت، أليس كذلك؟ هل تعرفُ ما حدث خلال غيابكَ؟”
“أعرف، كيف لا أعرف؟ سمعتُ أن الجميع خانوني فور سماع خبر موتي. باستثناء إلفنباوم، وافق الجميع على تولي ماكسيميليان للقب.”
“حتى سراسِن كان يُعارض في البداية… لكن مُعارضتهُ لم تستمر طويلاً. إذا كُنتَ على قيد الحياة، فلماذا لم تظهر طوال هَذهِ الفترة؟”
ابتسم ليونارد ابتسامةً ماكرة وهو يسترجعُ في ذهنه أسماء الخائنين واحدًا تلو الآخر.
“آه، هَذا؟ حسنًا، يجبُ أن أبدأ بالحديث عن كيفية استخدام ماكسيميليان لجثة والدتي كطُعم لطعن قلبي.”
“ماذا؟ ماذا فعل ماكسيميليان؟”
على الرغم مِن أن الوقت كان قصيرًا، إلا أن الكثير من الأحداث كانت قد وقعت، واستغرق الشرح وقتًا طويلاً. عندما كان ليونارد يشرحُ الأحداث التي مر بها في منطقة ديلوانا، فتح باب غرفة الاستقبال مُجددًا.
“سيدي، الغرفة التي خصصتموها لي، تبدو مُفرطة الرفاهية… آه، السيد روزنبلور؟”
“كورديليا؟”
عندما رأت روزنبلور، شعرت بسعادةٍ غامرة وركضت نحوه. بالطبع، لم يتم ذَلك كما توقعت. فقد قام مُعلمها بخطفها بسرعة وجعلها تجلسُ بجانبه.
“ابقي في الخلف.”
“لماذا؟ أريد التحدث مع السيد روزنبلور أيضًا.”
“ما الذي يُمكن أن تتحدثي عنه معه؟ ابقي في الخلف، كما أقول.”
نظرًا لوجههِ المرعب المملوء بالتهديد، لم تجد كورديليا بديلاً سوى الجلوس بجانبه، ودفعت رأسها لتطل برأسها فقط مِن جانبه، حيثُ كان ليونارد يُغطي كُل شيء.
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
قناتي بالتليغرام انزل فيها كل شي ♡ 《التليغرام》
حسابي بالواتباد 《cynfti》