أتمنى لو كان زوجي ميتًا - 47
الفصل 47: العاصمة²
“كان ليونارد يعرفُ علاقة كورديليا مع والدها، فقال بلا مُبالاة:
“لن تلتقي بوالدكِ، لذا لا تقلقي.”
“لا يهمني الأمر، ولكن أخشى أن يتسببَ والدي بالإزعاج لكَ إذا علم أنكَ مُعلمي.”
“إزعاج؟ مِن ماركيز باسكويز؟”
ضحك ساخرًا بشكلٍ واضح. قد يعتبر البعض هَذا السلوك وقحًا، لكن كورديليا قد شعرت بالاطمئنان.
بالفعل، مهما فعل باسكويز، فلن يتمكن مِن إلحاق ضررٍ بسمعة ليونارد. حاولت كورديليا تجاهُل قلقها وغيّرت الموضوع.
“لم أزر العاصمة مِن قبل.”
“وهل هُناك مكانٌ قد زُرتيه مِن قبل؟”
“أعتقد أنكَ مُحق.”
ضحكت كورديليا بشكلٍ خجول. في الواقع، كُل الأماكن التي زارتها مع ليونارد كانت جديدةً عليها. شعرت ببعض الترقب لما قد يحدُث في هَذهِ الرحلة.
قدم لها البارون وعاءًا مِن حساء الطماطم وسألها:
“ما مدى إتقانكِ لآداب السلوك؟”
“آداب السلوك؟ تعلمتُها عندما كُنتُ صغيرةً، لكنني نسيتُها. لماذا؟”
“يجبُ عليكِ أن تُحيي الملك. سأعلمُكِ الأساسيات.”
“الملك؟ لكن لماذا سألتقي بالملك إذا كُنتُ ذاهبةً إلى العاصمة؟”
أجابت بتعجب وهي تنفخُ على الحساء الساخن لتبريده وتتناوله، بينما كانت تقدم قطعة مِن اللحم المُقدد إلى لوتي التي كانت تجلسُ بجانبها.
لسوء الحظ، لم تعُد تسمع لوتي تتحدث منذُ مغادرتها أرض ديلوانا.
“ألم تعرفي؟ سيدي هو الساحرُ الملكي الذي عيّنهُ الملك. بالطبع، ستُرافقينهُ إلى القصر الملكي.”
“ساحرٌ ملكي؟ كيف يُمكن أن يكون لدى مُعلمي كُل هَذهِ المناصب؟ هو رئيس عائلة أتيلي، ورئيس أكاديمية أكيرون، وساحرٌ ملكي؟”
ظنت كورديليا أنها لن تتفاجأ بعد الآن، لكنها كانت مُخطئةً. نظرت إلى ليونارد وهي تهزُ رأسها غير مُصدقة.
“بالطبع ليس إنسانًا.”
رد ليونارد بلا مبالاة، “لماذا تتفاجئين؟ على أيِّ شيء، أنتِ ستتولين كُل هَذهِ المناصب ما عدا واحد.”
“ماذا؟”
تابع ليونارد حديثه وكأن الأمر ليس مهمًا، “سنمرُ على المجلس أولًا، وعندما يستقر الوضع، سنتوجهُ إلى أكاديمية السحر لتعيينكِ خلفًا رسميًا لأكيرون. وبالنسبة لمنصب الساحر الملكي، سأتركهُ لكِ عندما تصلين إلى مستوى مُعين في السحر.”
“ماذا؟”
على عكس ليونارد، الذي تحدث وكأن الأمر لا يعني شيئًا، بدأت تعابير وجه كورديليا تتغيرُ بشكلٍ غريب.
إذا كانت ستتولى كُل هَذهِ المناصب، فلن تستطيع أبدًا مُغادرة جانب مُعلمها.
أخبرها البارون سابقًا بأن هُناك تقليدًا قديمةً، حيثُ يتواجد التلميذ والمعلم في أماكن مُختلفة للاستعداد لأيِّ شيءٍ طارئ.
لكنها قررت الآن، حتى لو طُلب منها العودة إلى إبرامز، فإنها لن تغادر. ومع ذَلك، شعرت بخيبة أملٍ كبيرة.
استدارت بسرعةٍ نحو البارون ونظرت إليهِ بغضب.
“بارون، هل كُنتَ تعلم طوال الوقت أنني سأرثُ كُل هَذهِ المناصب؟”
“نعم، بالطبع.”
“أيُها المُخادع! قلتَ لي إنني سأعودُ إلى إبرامز وأعيشُ حياةً مُريحة بعد أن أترك مُعلمي!”
رد بارون بتلعثم، “كُنتُ أعتقد حينها أنكِ لن تتمكني مِن استخدام السحر مُجددًا.”
كان بارون يُحاول تبرير أقواله، لكن مِن الواضح أنهُ لم يكُن هُناك أيِّ افتراضٍ بأنها ستفقدُ سحرها.
“العودة؟ إلى إبرامز؟ ما الذي تتحدثون عنه؟” سأل ليونارد.
صرخت كودليا بغضب، “مُعلمي! هل تعرف ماذا أخبرني البارون قبل ذهابنا إلى ديلوانا؟ قال لي إنني يُمكنني أن استخدمُ السحر على جثة كريج لأبقى في إبرامز!”
عادةً ما كانت تتجاهل مثل هَذهِ الأمور، لكنها هَذهِ المرة لم تستطع أن تتجاهلها. كشفت كُل ما أخبرها به البارون.
ابتسم ليونارد بسخريةٍ بعد سماع القصة.
“هو يكذبُ ليخدعكِ، وأنتِ تعتقدين أنكِ يُمكنكِ التخلي عن مُعلمكِ؟ كلاكما قام بعملٍ رائع.”
بالنسبة لليونارد، كان كلاهما مُذنبين بنفس القدر. شعرت كورديليا بالظلم وهي تُحرك أنفها بحزن.
“مًعلمي! سأبقى بجانبكَ دائمًا. لا يُمكنكَ مُساواتي بالبارون الخبيث!”
“البارون الخبيث؟ كورديليا، إذا كُنتُ تبحثين عن الولاء والإخلاص، فلن تعثري على أفضل مِن البارون لانغشا.”
“كلاكما اصمُتا.”
***
تحركوا بلا توقف. كان الامرُ يستغرق حوالي عشرة أيام عندما جاءوا، لكنهم وصلوا إلى الميناء في غضون سبعة أيام في طريق العودة. كانت هَذهِ الرحلة قاسيةً للغاية.
عندما وصلوا إلى الميناء في أقصى شمال أنسين، حيث يُمكنهم ركوبُ السفينة المُتجهة إلى القارة الشمالية، بدا حتى بيلوتشي، المعروف بقوتهِ البدنية، مُنهكًا تمامًا. عندما عاد البارون بعد شراء تذاكر السفينة، قال:
“على الأقل يُمكننا أن نرتاح قليلاً على متن السفينة.”
“أعتقدُ بأنني سأسقطُ نائمةً فور دخولي الحجرة.”
ركبت كورديليا السفينة وهي تتمايل كحيوانٍ بلا عظام. ويبدو أن مُعلمها كان يملُك القليل مِن الضمير، حيثُ سمح لها بالراحة دون أن يتفوه بكلمةٍ واحدة طوال اليوم.
لكن الحقيقة المؤسفة هي أن تلكَ الراحة لم تدُم سوى يومٍ واحد.
“آه!”
“ركزي. ركزي.”
في اليوم التالي، بدأت كورديليا مرةً أخرى في “التدريب الخاص” مع ليونارد.
ما كانت تتعلمهُ هو نوعٌ مِن السحر الدفاعي، حيثُ كانت تتدرب على الأساسيات؛ تعلُم كيفية صد الهجمات الجسدية.
وهَذا يعني أن ذراعي كورديليا وكتفيها كانا يتعرضان للهجوم باستمرار مِن قبل ليونارد.
“أنا مُركزة…”
“كم مرةً أخبرتكِ أن تحسًبي الطاقة وتوزعيها في اللحظة التي ينطلق فيها الهجوم؟”
“إن القيام بذِلك في اللحظة المناسبة صعبٌ للغاية.”
“إذا لم تستطيعي توقيت الهجوم، فاستمري في حماية نفسكِ بالطاقة طوال الوقت. هَذا سيحلُ المُشكلة، أليس كذلك؟”
لم تستطع كورديليا القول أن ذَلك كان صعبٌ كثيرًا. لأنها كانت تعلم أن قول ذَلك سيؤدي إلى تعليقٍ جديدٍ حول “أتحميلن رأسكِ للزينة فقط؟”.
بينما كانت تتأمل المعادلات المُعقدة لفترةٍ طويلة، بدأ رأس كورديليا ينخفضُ تدريجيًا.
“لا تخبريني بأنكِ نائمة؟”
“لا، لم أكُن نائمةً على الإطلاق.”
رفعت كورديليا رأسها بقوة، نافيةً أتهامه. ليونارد تنهد وهو يُحركُ قلمه مُتجاهلًا الأمر.
الطريق إلى القارة الشمالية كان يتطلبُ الإبحار عكس الرياح، لذَلك استغرقت الرحلة إلى إيرشيه سبعة أيامٍ أخرى.
كانت كورديليا أول مَن نزل مِن السفينة.
“آه، هواء إيرشيه العذب.”
لم يتغير الهواء رغم أنها عبرت بحرًا واحدًا فقط. لا يزالون في أقصى جنوب إيرشيه، لكن هَذا الهواء كان أفضل بكثيرٍ مِن الهواء الحار والرطب لأنسين.
وقفت كورديليا على الرصيف واستنشقت هواء إيرشيه بعمق. في تلكَ اللحظة، كان بيلوتشي خلفها يُنزل صندوقين كبيرين بما يكفي ليحتويا شخصًا، وهو يسخرُ منها.
“كفي عن التصرف بهَذا الشكل، وتحركي مِن هَنا.”
“ألم تتعلم كيف تقول أيَّ كلمةٍ جيدة للشخص الذي أنقذ حياتكَ؟”
“هاه؟ مُنقذ حياتي؟ أنا مَن أنقذ حياتكِ مِن الوحوش.”
“ماذا تقصد؟ لقد أنقذنا لوتي مِن أن يكون بيلوتشي وجبةً لتلكِ الوحوش. عليكَ أن تُعبر عن الأمور بدقة، أليس كذلك؟”
“هممم، إذا كان علي أن أحنِ رأسي، فسأفعلُ ذَلك للكلب وليس لكِ.”
بينما كان الاثنان يتبادلان هَذهِ المناوشات الطفولية، كان البارون قد عاد ومعهُ عربةٌ كبيرةٌ ومؤونة.
“هاها، بيلوتشي، ضع تلكَ الصناديق في الخلف. سيعود السيد قريبًا.”
“لكن، هل هو لا يزالُ على قيد الحياة؟”
سألت كورديليا بصوتٍ مُنخفض وهي تشير إلى الصندوق الذي يحتوي على ماكسميليان. أجاب البارون بصوتٍ لا يزالُ لطيفًا.
“بالطبع، نُقدم لهُ الماء وبعض الخبز الأسود مرةً واحدةً في اليوم. هَذهِ حقًا رحمةٌ مِن سيدي.”
“رحمة… حسنًا، البقاء على قيد الحياة أفضل مِن الموت، أليس كذلك؟”
لم تكُن كلمةُ “رحمة” مُناسبةً تمامًا، لكن البقاء على قيد الحياة كان أفضل مِن الموت، أو ربما بالنسبة لماكسميليان، كان هَذا أشبه بالجحيم.
وضع بيلوتشي الصندوق الذي يحتوي على جثة كريغ أولًا، ثم تبعهُ بوضع الصندوق الذي يحتوي على ماكسميليان.
خلال الأيام العشرة التي استغرقتها الرحلة إلى العاصمة ، كانت كورديليا تتدرب باستمرار على درع الحماية.
بقيت مُلاصقةً لليونارد طوال الوقت، باستثناء أوقات النوم، وتدربت تحت إشرافهِ حتى تمكنت مِن صد هجماتهِ مرتين أو ثلاث مرات مِن بين كُل عشر محاولات.
على الرغم مِن أن ليونارد لم يكُن راضيًا تمامًا عن تقدُمها، كانت كورديليا راضيةً جدًا، لأن هَذا كان مُفيدًا للغاية في إزعاج بيلوتشي.
“حاول أن تضربني.”
“هل جُننتِ؟ إذا ضربتكِ بجدية، ستطيرين. لا تقولي أشياء غبية.”
“حاول فقط. ماذا، هل أنتَ خائف؟”
“خائف؟ أنا؟”
كان بيلوتشي يقعُ بسهولةٍ في الفخ عندما يتمُ استفزازه. ابتسم بخبثٍ وضرب ذراع كورديليا بقوة.
كورديليا، التي كانت مُستعدةً مُسبقًا، أحاطت نفسها بدرع الحماية في اللحظة المُناسبة. عمل الدرع بشكلٍ جيد، ورُدت الضربة إلى بيلوتشي نفسه.
“آه!”
“أوه، يبدو أنها كانت مؤلمة. هل أنتَ بخير، بيلوتشي؟”
“أنتِ مقيتة.”
عندما طحن بيلوتشي أسنانه وأراد تكرار المُحاولة، هربت كورديليا بحجةِ أنها مشغولة.
“لقد أصبحتما صديقين جدًا.”
“مَن تقصد؟”
أشار البارون إلى بيلوتشي الواقف جانبًا بذقنه، لكن كورديليا أنكرت بشدة.
“نحنُ لسنا صديقين على الإطلاق.”
“لم أكُن أتوقع أن يفتح بيلوتشي قلبهُ لكِ بهَذهِ السُرعة.”
“هل تعلم أن هَذا الرجل يستهدفُ معصمي الأيسر في كُل فرصةٍ يجدُها؟ حتى الآن، عندما أنام، أخفي معصمي خوفًا مِن أن يقطعه.”
“إن رؤية أنكما تتعايشان بشكلٍ جيد يجعلُني أشعرُ بالارتياح.”
“أنتَ لا تستمعُ إلى أيٍّ مما أقولُه، أليس كذلك؟”
“هاهاها، عندما يكبرُ المراء، تُصبح أذنُه ثقيلةً، فلا يستطيعُ سماع جيدًا.”
يبدو أنهُ يسمعُ جيدًا فقط عندما يكون ذَلك في صالحه. بينما كانت كورديليا تُرتب شعرها المُتطاير بسبب الريح، تمتمت بصوتٍ خافت:
“هَذا فقط… لأنني وبيلوتشي لدينا آباءٌ مُتشابهين. لذا، مِن السهل أن نفهم ظروف بعضنا البعض.”
علاوةً على ذَلك، عندما تحدثت مع بيلوتشي عن والده، اكتشفت أن ماركيز إينغريون كان عنيفًا بشكلٍ لا يقلُ عن والدها.
قال بيلوتشي بلا مُبالاة إنهُ لم يعُد يتذكر تلكَ الأيام مِن طفولته، لكن كورديليا شعرت بألمٍ طفيفٍ في ذراعها أثناء سماع حديثه، كما لو أن الكدمات السوداء التي كانت قد لديها منذُ فترةٍ طويلة عادت للظهور.
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
قناتي بالتليغرام انزل فيها كل شي ♡ 《التليغرام》
حسابي بالواتباد 《cynfti》