أتمنى لو كان زوجي ميتًا - 45
الفصل 45: ماكسيميليان ¹³
لكن، خلافًا لكُل مخاوفهم، كان المشهدُ الذي أمامهم غيرُ متوقعٍ أبدًا.
“ما الذي كُنتَ تفعلُه حتى تأخرت هَكذا؟ الشمس ستغرب.”
“ذَلك الشخص هُناك، إنهُ ماكسيميليان… أليس كذلك؟”
“نعم، إنهُ أخي الصغير العزيز.”
قال ليونارد ضاحكًا وهو يضغطُ بقوةٍ بقدمهِ على رأس ماكسيميليان. هرع بارون، بعد أن أسند بيلوتشي إلى شجرةٍ، نحو ليونارد.
“هل أنتَ بخير؟ ماذا عن ديلوانا…؟”
“أوه، تلكَ… كُنتُ على وشك التعامُل معها.”
[أطلق سراحي حالًا!]
في الواقع، ما رآه بارون قبل مغادرتهِ كان ثعلبًا فضي اللون وصغيرًا، لكن ديلوانا كانت الآن ذئبةً ضخمةً تصرُخ بجنون. للأسف، كانت محبوسةً في سجنٍ سحري، غيرُ قادرةٍ على الحركة. كانت تُزمجر وتضربُ بجسدها على القضبان، لكن القضبان لم تتحرك قيد أنملة.
“بينما كُنتُ أسحبُ القوة السحرية مِن ماكسيميليان، حاولت التسلل مِن الخلف. كُنتُ على وشك قتلها، لكن لم يكًن لدي وقتٌ، لذا حبستُها.”
قال ذَلك ببساطةٍ شديدة، حتى أن البارون لم يستوعب الأمر بالكامل في البداية، ولم يستطع سوى أن يقول “أوه، فهمت” وهو في حالة ذهول.
كانت ديلوانا في وضعٍ سيء. بينما كانت تُحاول مُهاجمة ليونارد عندما كان مُتعبًا مِن القتال، لكانهُ في الواقع كان يمتصُ القوة السحرية مِن ماكسيميليان، مما جعلهُ أقوى مِن ذي قبل.
[هاهاها.]
ضحكت لوتي بشدةٍ عندما رأت ديلوانا محبوسةً في السجن السحري.
[أنتٍ في حالةً يُرثى لها، ديلوانا.]
“لاوستونيو! كيف وصلتِ إلى هُنا!”
[كُنتُ قد مررتُ فقط.]
“ما هَذا لم الكلب يتحدث؟” سأل ليونارد، مُشيرًا إلى لوتي. أوضحت كورديليا الأحداث التي جرت منذُ قليل بتفصيل كاملةً.
“…ظهرت لوتي في الوقت المناسب. ثم قتلت جميع الوحوش. صحيح، لوتي ليست مُجرد وحشٍ صغير، بل هي أحد أقوى الوحوش في غليندني.”
“همم. كُنتُ أظنهُ كلبًا ضالًا، لكنهُ يبدو نافعًا.”
عندها، مد لوتي عنقه وقدم نفسه بصوت مليء بالعظمة.
[أنا لاوستونيو، الكارثة الخامسة في غليندني.]
“حسنًا. كارثة، إذن. اعتنِ بتلميذتي جيدًا مِن الآن فصاعدًا.”
[…..]
حتى لوتي، الذي كان يتصرفُ بشكلٍ وقور، فقد كلماته للحظة أمام رد ليونارد اللامبالي. ومع ذَلك، لم يهتم ليونارد، وعاد نحو ماكسيميليان، الذي كان يزحفُ على الأرض، وتبعتهُ كورديليا على الفور.
“كيف قبضت على ماكسيميليان؟ ألم يكُن يتبعُني منذُ أن كنا في ويلآس؟”
“بمهارتي.”
رد ليونارد على مضض، لكنهُ أجاب بشكلٍ مُباشر.
“هل ستقتُله هُنا؟”
“لا. سأستخدمُ قوته السحرية.”
“لماذا قد تحتاجُ إلى القوتهِ السحرية؟ هل هو نوعٌ مِن التعذيب بين السحرة؟”
“تعذيب؟ هل تعتقدين أن لديّ وقتًا لذَلك؟ الأمرُ يتعلق باستخدامهِ كوسيطٍ في تعويذة انتقال الأرواح.”
“… ماذا عني إذن؟”
“ماذا تعنين؟ آآه، توقفي عن أزعاجي واذهبي بعيدًا.”
أبعد ليونارد كورديليا بحركةٍ مُزعجة كأنهُ يُبعد ذبابةً. بقيت كورديليا مُتجمدةً في مكانها، غيرُ قادرةٍ على الكلام، واندفع البارون للتدخل بينهما.
“فكرةُ استخدام ماكسيميليان كوسيط… هَذا يدلُ على ذكائك، سيدي!”
“لم تكُن لديّ نيةٌ لاستخدامكِ كوسيط، أيتُها الضعيفة.”
ضحك ليونارد بسخريةٍ وطعن خنجرًا في ظهر يد ماكسيميليان، الذي كان يزحفُ كالحشرة.
“آآه!”
“لتكون وسيطًا، يجبُ أن تكون بمستوى أخي الصغير على الأقل. أليس كذلك، ماكسي؟”
“اقتلني… مِن فضلكَ…”
ارتجف ماكسيميليان وعينة كانت مُثبتة في بشكلٍ مُخيف، وكانت الكلمات تخرجُ مِن فمهِ بصعوبةٍ بالغة بسبب القوة السحرية الهائلة التي أُخذت منهُ.
“إذن… هل يُمكنني… مواصلةُ تعلُم السحر؟”
“ما الذي تهذين به؟”
انفجر ليونارد غضبًا عندما بدأت كورديليا تبكي بصوتٍ عالٍ. حاول البارون الابتسام بشكلٍ مُحرج بينما يشرحُ بإيجاز الأحداث التي وقعت.
بعد سماع شرح البارون، نظر ليونارد بغضبٍ نحو الفارس المُلقى على جذع الشجرة.
“ذَلك الحقير بيلوتشي، لقد كان يتفوهُ بكلامٍ لا داعي له…”
“السيدة كورديليا قد عانت كثيرًا بسبب هَذا. وقد قالت وهي في طريقها إلى هُنا إنها مُستعدةٌ للتضحية بكُل شيء مِن أجلكَ، سيدي. لقد تأثرتُ كثيرًا بنيتها النبيلة.”
“همم. لهَذا السبب كُنتِ تتصرفين كالبطةٍ وتتكاسلين عن أداء الواجبات، أليس كذَلك؟ استعدي للحصول على ضعف عدد الواجبات مِن الآن فصاعدًا.”
“لماذا لم تُخبرني مُسبقًا؟ لم أكُن أعرف شيئًا…”
“كان بإمكانكِ سؤالي منذُ البداية، لكنكٍ قضيتِ وقتكِ في التفكير والقلق بلا سبب.”
لم تستطع كورديليا الرد على كلامه لانهُ كان صحيحًا. لو كانت قد سألتهُ بصدقٍ، لما كانت ستُعاني بهَذا الشكل.
“آه، هَذا مؤلم.”
مع زوال التوتر، بدأت تشعرُ بالألم في جسدها بالكامل بعد القتال مع الوحوش.
“ماذا الآن؟ هل تعثرتِ بحجرٍ أثناء قدومكِ إلى هُنا؟”
“ليس كذَلك، لقد إذيتُ جانبي قليلاً، أعتقد.”
“تعالي إلى هُنا.”
وضع ليونارد يدهُ على جانب كوردليا. كان الجُرح صغيرًا، وكان يتوقع أن يتم شفاءُه بسرعة بالسحر، لكنهُ لم يختفي. تجمدت تعابيرُ وجهِ ليونارد فجأةً.
“متى أصبتِ بهَذا الجرح؟”
“لا أعرف، ربما عندما كُنت أركض، أعتقد أنهُ بسبب غصن شجرة.”
“يا لكِ مِن حمقاء. هَذا ليس جرحًا من غصن شجرة!”
“لماذا؟”
صرخ ليونارد بصوتٍ عالٍ. نظرت كورديليا إليه بعينين واسعتين.
“هل تشعرين بالألم؟”
“نعم، كثيرًا.”
“هَذا الجرح بسبب مخالب الوحش، وليس غصن شجرة. مِن العجيب أنكِ لم تفقدي الوعي بعد.”
تقدم البارون ليعاين الجرح وتنهد بقلق.
“حقًا؟ لا أعتقدُ أن الأمر بهَذا السوء. لو كان كذَلك، لكانت قد فقدت وعيّها مثل بيلوتشي.”
“إنهُ كذَلك. في الواقع، مِن المفترض أن تكوني الآن قد فقدتي وعيكِ بالفعل.”
حاولت كورديليا التخفيف مِن الموقف. لم تستطع رؤية الجرح بنفسها لأنهُ كان على جانبها الخلفي، لكنها لم تعتقد أن الأمر يستدعي كُل هَذا القلق.
لكن البارون وليونارد كان لهما رأيٌّ آخر.
“ما الذي تقترحهُ بخصوص السيدة كورديليا؟ ربما مِن الأفضل استخدامُ الدواء…”
“نعم، اجعلها تفقد الوعي وضعها بجانب بيلوتشي. لن تتحمل الألم عند الخياطة وهي في وعيها.”
بينما كانت تُفكر في أنهُ ليس هناك حاجة لكُل هَذا، أخرج البارون زجاجةً صغيرةً مِن جيبه وقدمها لها.
“اشربي هَذا.”
“ما هَذا؟”
“دواءٌ سيجعلُكِ تنامين بعمق. سيُزيل الألم وكُل الأفكار السيئة مِن رأسكِ.”
أخذت كورديليا الزجاجة مِن اابارون وشربت مت بداخلها دفعةً واحدة. لحُسن الحظ، لم يكُن الطعمهُ سيئًا. لكنها لم تشعر بالنعاس أيضًا.
“لكن، هَذا الدواء للنوم…”
كان ليونارد هو مَن أمسك بجسدها عندما بدأت تسقط. وضع يدهُ على جرحها وألقى بتعويذةٍ الشفاء. ومع اختفاء الضوء الأبيض، بدأت ملامحُها تبدو أكثر راحة.
“خذها. لدي حسابٌ لأصفّيه مع ماكسيميليان.”
“نعم، سيدي.”
***
أتذكر أجزاء مُتفاوتةً.
أحيانًا تظهر أمامي صورةُ وجه بارون القلق أو ظهرُ أحدهم، أو ربما الفرو الرمادي الكئيب للوتي، ثم تختفي.
أشعرُ كأنني استيقظتُ مِن نومٍ طويلٍ جدًا.
أدركت كورديليا أن جسدها يتحرك. كان ذَلك هو الإحساس الأول الذي شعرت به.
عندما فتحت جفنيها بصعوبة، انهمر الضوء عليها.
قطبت جبينها وأغمضت عينيها مُجددًا. ثم قام أحدهم بتظليل عينيها بيده.
“هل استيقظتِ الآن؟”
صوتٌ جديدٌ بالنسبةِ لها. عندما سمعتُ صوت روزنبلور لأول مرة، اعتقدتُ أنهُ كان نقي مثل صوتِ الأجراس، لكن هَذا الصوت كان مُنخفضًا وعذبًا حقًا.
بفضل الظل الذي صنعه الشخص، تمكنت كورديليا مِن فتح عينيها بالكامل.
يبدو أن الاهتزاز كان بسبب وجودها في عربة.
رفعت رأسها لتنظر إلى الأمام، وهُناك رأت ملاكًا بشعرٍ بلاتينيٍ وعيونٍ بنفسجيةٍ غامضة.
“مَن… مَن أنتَ؟”
أعجبت كورديليا فورًا بهَذا الملاك. كانت تُحدق فيه بفمٍ مفتوح، غيرُ قادرةٍ على إبعاد عيناها عنه.
ضحكَ الملاك بسخريةٍ وهو يسندُ ذقنهُ بيده.
“هل نسيتِ مُعلمكِ الآن؟”
“مُعلمي لا يبدو بهَذا الشكل.”
“أنا في الواقع أبدو هَكذا.”
“لا، مُعلمي… مُعلمي…”
بدأت تتذكرُ ببُطءٍ. بدأت الأحداث التي مرت بها قبل نومها تتوالى أمامها مثل شريطٍ مِن الذكريات.
منذُ أن ذهبت مع ليونارد إلى أراضي ديلوانا، مرورًا بكونها على وشك الموت مع بيلوتشي، وظهور لوتي لإنقاذها، وأخيرًا، حل سوء الفهم الذي كان بينها وبين ليونارد.
“آه؟ آه؟ آه؟”
“أغلقي فمكِ، سيدخلُ الذباب فيه.”
“أهَذا حقًا وجهُكَ الأصلي؟”
“نعم، كم مرةً عليّ أن أقول ذَلك؟”
كرر ليونارد كلامهُ بغضبٍ، كانت لهجتُه مألوفةً ولكن وجههُ كان جديدًا تمامًا.
كانت تعتقدُ أن وجه روزنبلور هو الوحيد الجميلُ في العالم، ولكن يبدو أن هُناك واحدًا آخر أفضل منه.
“كيف حال الجرح؟”
“الجرح؟ آه، جانبي. آه، لم يعُد يؤلمني، آه!”
“يبدو أنهُ لم يلتئم تمامًا بعد.”
“لماذا ضربتني!”
“ستبدأين تدريباتٍ خاصةً مِن اليوم.”
شعرت كورديليا بشيءٍ مألوف في هَذهِ العبارة. كانت تهز رأسها بسرعةٍ.
“لقد استيقظتُ للتو! وقد أصبتُ بجرحٍ خطير! ولم أتعافَ تمامًا بعد! أعتقدُ أن رأسي بدأ يؤلمني فجأةً.”
“لا، لقد تعافيتِ كثيرًا خلال الأيام الثلاثة الماضية، فلا داعي للقلق.”
“ثلاثة؟ هل كُنتُ نائمةً لثلاثة أيام؟”
“نعم، تأخرتِ في الاستيقاظ لدرجة أنني ظننتُ أن البارون قد أعطاكِ سمًا بدلًا مِن المنوم.”
نقر نقر –
في تلكِ اللحظة، سُمع صوتُ نقرٍ على عربة مِن الخارج. فتحت كورديليا نافذة العربة بسرعةٍ لتغيير الموضوع بعيدًا عن “التدريب الخاص”.
رحب بها البارون بحماس.
“سيدة كورديليا! استيقظتِ أخيرًا.”
“نعم، للتو.”
” هَذا مُريح. كُنتُ قد شككتُ في أنني قد سممتكِ خلال الأيام الثلاثة الماضية. وكم أزعجني السيد.”
كان للبارون سببًا واضح للترحيب بها بحماس. لكن للأسف، لم يستطع إكمال كلامه.
أغلق ليونارد النافذة بقوة، مما جعل كورديليا تديرُ رأسها للخلف بدهشة.
“شخصٌ ما كان يتحدثُ هُنا…”
“وماذا في ذَلك؟”
“لا شيء.”
ما فائدة أن يكون المرء ملاكًا مِن الخارج إذا كان داخلهُ فاسدًا مثل الثمرة المُتعفنة.
تربع ليونارد بغرورٍ على المقعد وأرخى جسدهُ إلى الخلف. عندما كان في جسد كريج ويفعلُ مثل هَذهِ التصرفات، كُنتُ أسخر منهُ سرًا، لكن عندما يقوم الآن بنفس التصرفات بجسدهِ الأصلي، يُظهر هَذا كم هو نبيلٌ.
وجههُ كان يبدو نقيًا جدًا وكأنه لم ينطق أبدًا بكلمةٍ سيئة.
“إلى ماذا تنظرين؟”
“هل تم تبني ماكسميليان؟ كيف يُمكن ألا يُشبهكَ هَكذا؟”
بالطبع، ماكسميليان كان وسيمًا أيضًا، لكنهُ لم يكُن مِن نفس فئة جمال ليونارد. لم أرَ في حياتي شعرًا بلاتينيًا نقيًا ومثاليًا كهَذا. وكانت عيناه أكثر غموضًا، مما جعلهُ يبدو كأنهُ غيرُ بشري.
“لو كان مُتبنى لكان الأمر أفضل.”
“أوه، صحيح، ماذا حدث لماكسميليان؟”
آخر ذكرى لها عن ماكسميليان كانت وهو يزحفُ على الأرض مثل الحشرة، في حالةٍ يُرثى لها.
أشار ليونارد بأصبعه نحو أعلى العربة. ظنت كورديليا أنهُ يشيرُ إلى السماء، فأومأت برأسها.
“آه، إذن قد قتلته.”
“لا. لم أقتُله. إنهُ في الأعلى. مع زوجكِ.”
“في الأعلى؟ في أيِّ مكانٍ في الأعلى تقصد؟”
رفعت كورديليا رأسها لتنظُر إلى الأعلى. هُنا، كان المقصود بـ”في الأعلى” سقف العربة وليس السماء.
“لا يُمكن أن تكون قد وضعهُ على السقف، وهو لا يزالُ حيًا؟”
“كيف أقتلُ أخي الصغير الوحيد؟ بالطبع وضعتهُ على السقف وهو حي.”
“ومعه زوجي الميت؟”
“نعم. السقفُ أوسعُ مما كُنتُ أتوقع.”
أخيرًا، بدأت كورديليا تفهمُ لماذا كان ماكسميليان يُعتبرُ أخًا بيولوجيًا لليونارد. هزت رأسها بدهشةٍ.
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
قناتي بالتليغرام انزل فيها كل شي ♡ 《التليغرام》
حسابي بالواتباد 《cynfti》