أتمنى لو كان زوجي ميتًا - 44
الفصل 44: ماكسيميليان ¹²
لوتي لم تُظهر أسنانها أو تزمجر. كُل ما فعلتهُ هو التحديقُ في الوحوش وذيلُها نصف مُنخفض كما تفعلُ عادةً.
الوحوش عاودت الزمجرة واندفعت نحو لوتي. قفزت لوتي بخفةٍ مرةً أخرى وأمسكت برقبة الوحش.
كان يبدو أن أسنان لوتي الصغيرة لن تخترق حتى جلد الوحش، لكن حدث شيءٌ مُذهل.
عندما هزت لوتي رأسها وهي تُمسك برقبة الوحش، اهتز الوحش بعنفٍ كما لو كان مُجرد زغب نبات الهندباء.
بهَذهِ الطريقة، قتلت لوتي تسعة وحوش كانوا على شكل ذئاب دون صعوبةٍ تُذكر، كما لو كانت تصطادُ أرانب.
“ها…؟”
لم تستطع كورديليا إغلاق فمها الذي بقي مفتوحًا طوال الوقت.
‘هل مِن الممكن أنني قد ضربتُ رأسي وأغمي عليّ، وأنا الآن أحلم؟’
لقد وصل بها الشك إلى هَذا الحد غير المعقول.
إلا أن الأمر الذي لا يُصدق هو أن كلبًا لا يصل حجمهُ إلا إلى فخذ كورديليا تمكن مِن قتل هَذا العدد الكبير مِن الوحوش.
لوتي، وفمها مُغطى بالدم، سارت بتثاقلٍ نحو كورديليا. ثم تحدثت بوقار.
[لقد اخبرتُكِ ألا تأتي إلى ديلوانا، ولكنكِ لم تستمعي. انظري إلى ما حدث الآن.]
“م… ماذا؟ هل… هل أنتِ مِن تحدثتِ الآن، لوتي؟”
[يبدو أنهُ يُمكنكِ سماعُ كلامي هُنا على الأقل.]
“ألم تكوني وحشًا صغيرًا؟ كيف تستطيعين الكلام؟ بل كيف قتلتِ تلك الوحوش؟”
[اسألي سؤالًا واحدًا في كل مرة، أيتُها الإنسانة الصغيرة. لدينا الكثير مِن الوقت.]
***
“هل يُعقل هَذا؟”
“لم أصدق ذَلك أيضًا. لم أتخيل أبدًا أن لوتي قد تكون وحشًا معروفًا باسم الكارثة الخامسة… كُنتُ أظنها مجرد كلبةٍ ضالة.”
تمتمت كوردليا وهي تنظرُ إلى الكلبة الرمادية التي تبدو عاديةً تمامًا وتخدشُ أذنها برجليها الخلفيتين.
كان البارون أيضًا يبدو غيرُ مُصدقٍ لكلامها، لكن جثث الوحوش كانت الدليل القاطع.
ظلت كورديليا في حالةٍ مِن الدهشة، وهي تتذكرُ الحديث الذي دار بينها وبين لوتي قبل قليل.
[اسمي هو راوستونيو. أنا الكارثة الخامسة لغابة الجحود والدموع، جليندني.]
“الكارثة الخامسة؟ ما هَذا؟”
[ما هَذا؟ هممم. إذا أردتُ شرحه، فببساطةٍ يُمكن القول أنني وحشٌ قديمٌ ق. نجا لفترةٍ طويلة. هَذا كُل شيء، أيها الإنسان.]
“كم مِن الزمن قد عشتَ إذًا؟”
[لا أعلم. وفقًا لحسابات البشر، لقد تجاوزتُ خمسمائة عام. لكن شخصيتي ووعيي الحاليين تُشكلا فقط قبل مئة عام.]
“إذا كُنتِ قد عشتِ كُل هَذهِ المُدة، هل يجبُ عليَّ أن أناديكَ بـ ‘سيد’؟”
جناديني بما شئتِ. على أيِّ حال، لقد حذرتُكِ مرارًا وتكرارًا مِن الاقتراب مِن أرض ديلوانا. لقد أخبرتكِ عدة مراتٍ أنها امرأةٌ ماكرةٌ ووحشية، لكنكِ أصريتي على القدوم إلى هُنا.]
“ماذا؟ متى فعلتِ ذَلك؟”
[الذين يملكون نيةً صافيةً فقط يستطيعون سماع كلامي دائمًا.]
كوردليا، التي أصبحت فجأة تشعرُ وكأنها شخصٌ ذو نيةٍ قذرة، ضغطت شفتيها بتضايق.
نظرت لوتي إلى السماء التي بدأ الغروب يُخيم عليها، وتحدثت:
[ديلوانا ماكرةٌ جدًا. مِن الأفضل أن نُغادر هَذهِ الغابة بسرعة.]
“لا تقلقي، لوتي. لقد كسر مُعلمي بالفعل الحاجز.”
“صحيح. وأيضًا، لقد استسلمت ديلوانا بالفعل وتخلت عن جسدها لسيدي.”
أضاف البارون بلطف. لكن لوتي لم تبدُ مرتاحةً، بل نقرت لسانها تعبيرًا عن عدم رضاها.
“تسك، تسك، تسك. أيُها البشر الحمقى. هل تعرفون كيف تمتص ديلوانا قوة الحياة مِن الآخرين؟ إنها تتظاهرُ بالضعف والبؤس، وحين يشعرُ الخصمُ بالأمان، تبتلعهُ بالكامل. إنها شريرةٌ للغاية.”
في تلكَ اللحظة، تذكر البارون مشهد ديلوانا وهي تبكي كالأطفال. إذا كان ذَلك مُجرد تمثيل…
ارتجف البارون مِن رأسه حتى أخمص قدميه، ونظر إلى الاتجاه الذي جاء منه.
“سيدي موجودٌ الآن مع ماكسيميليان وديلوانا. إذا كان كلامُها صحيحًا، فعلينا العودة بسرعة.”
“ماكسيميليان؟ ماكسيميليان هُنا؟ كيف ذَلك؟”
“يبدو أنهُ كان يتبعنا منذُ أن غادرنا جزيرة ويلآس. ويبدو أن سيدي كان على علمٍ بذَلك.”
“إذن علينا التحرُك فورًا! آه، ولكن… ماذا عن بيلوتشي؟ إذا تركناه هُنا، ستهاجمهُ الوحوش مجددًا.”
“سأحملهُ بنفسي.”
“أنتُ يا بارون؟”
كان البارون أصغر حجمًا بكثيرٍ مِن بيلوتشي، لكنهُ قد حملهُ على ظهره دون أيَّ صعوبة تُذكر.
لم يكُن مِن الصعب العثور على مكان ليونارد. كُل ما كان عليهم فعلهُ هو التوجه نحو الدخان والنيران.
“ت… تمهل قليلاً…”
كانت كورديليا تتنفس بصعوبة وهي تحاول اللحاق بالبارون الذي كان يبتعدُ عنها وهو يُحمل بيلوتشي على ظهره. كان البارون، رغم حملهُ لشخص بالغ، أسرع منها.
عندما لاحظ البارون أنها قد تأخرت، عاد إليها.
“هل تودين أن نرتاح قليلاً؟”
“لا، الأمر ليس كذِلك، فقط إذا سرنا ببطء سيكون ذَلك أفضل. أشعر بألم شديدٍ في جنبي منذُ فترة.”
وضعت كورديليا يدها على جانبها الأيسر لتلتقط أنفاسها، ولاحظت أن يدها أصبحت مغطاة بالدم عندما لمست جرحها الملطخ بالدماء.
قلل البارون مِن سرعته بناءً على طلبها.
“لم أسألكِ مِن قبل، لكن كيف دخلتِ إلى هَذهِ الغابة؟”
“بعد أن كسر معلمي الحاجز، حدثت عاصفةٌ سحرية. أنا ولوتي انجرفنا بسببها.”
“هل حدث ذِلك؟”
“نعم. ولكن هَذا كان لصالحنا في الواقع. لأن مُعلمي يحتاجني لتنفيذ تعويذة نقل الأرواح.”
عند هَذا الحديث الدقيق، توقف البارون قليلاً ونظر إليها.
“هل كُنتِ تعلمين؟ آه… يبدو أن الشخص الموجود على ظهري هو مَن أخبركِ.”
“نعم، بيلوتشي كان ثرثارًا جدًا.”
“لهذا كُنتِ تبدين حزينةً خلال الأيام الماضية.”
فهم الآن سبب سوء حالتها المزاجية قبل وصولهم إلى هُنا.
“بارون، هل يُمكنني أن أسألكَ شيئًا واحدًا؟”
“اسألي ما تشائين.”
تحدثوا بينما كانوا يسيرون نحو مكان ليونارد. كان الدخان الخانق يقتربُ، مما يعني أنهم كانوا قريبين.
“هل قبلني مُعلمي كـ تلميذته منذُ البداية بنية استغلالي؟”
“…..”
كان سؤالاً يعرفُ جوابه مُسبقًا، وكلما طال صمت البارون، ازداد وجهُ كورديليا ظلمة. تنهد البارون بعمقٍ قبل أن يُجيب.
“سأكون صريحًا. لقد أوصيتُ بكِ لسيدي لهَذا السبب.”
إنهُ لمن المؤلم أن تتعرض لخيبة الأمل عندما تكون توقعت الكثير. شعرت كورديليا بخيبة أمل والخيانة على الرغم مِن أنها كانت تظنُ أنها قد تخلصت مِن تلكَ المشاعر منذ فترة.
“فهمت… منذُ البداية…”
“لكن سيدي كان مُعارضًا.”
“مُعارضًا؟ حقًا؟”
رفعت كورديليا رأسها فجأةً، وكان في عينيها بريقٌ مِن الأمل. ارتفعت معنوياتها بشكلٍ كبير.
“نعم. لا أعلم ماذا أخبركِ بيلوتشي، لكن سيدي لم يكُن مُقتنعًا بتلكَ الطريقة منذُ البداية. لأن القوة السحرية اللازمة كانت غير كافية، وكان مُعدل النجاح مُنخفضًا أيضًا…”
توقف قليلاً ونظر إلى وجه كورديليا.
“سيدي يُقدركِ كثيرًا، كورديليا.”
“…..”
“أنتِ أول مَن أصبح مُقربًا مِن ليونارد خلال هُذا الوقت القصير. بالرغم مِن أنهُ يبدو باردًا وعديم المشاعر مِن الخارج، إلا أنهُ ضعيفٌ جدًا وعاطفي تجاه مَن يهمهُ أمرهم.”
“إذن…”
“لذا لا تقلقي كثيرًا. لن يستخدمكِ سيدي كوسيط لتنفيذ تعويذة نقل الأرواح.”
كانت كلماتُ البارون حلوةً كالسكر، وكورديليا أرادت تصديقها حقًا. لكنها كانت تعرفُ جيدًا كيف تكون الثقةُ بالبشر واهنة.
لم يمضي وقتٌ طويل عندما كانت كورديليا على وشكِ التخلي عن بيلوتشي والهرب لو لم تصل لوتي في الوقت المُناسب.
“إذن، كيف سيعود مُعلمي إلى جسده؟ هل هُناك طريقةٌ أخرى؟”
“…..”
لم يستطع البارون أن يُجيب على هَذا السؤال لأنهُ لم يكُن يعرفُ الإجابة. كورديليا تفوهت بما كانت تُفكر فيه خلال الأيام القليلة الماضية.
“حتى لو استخدم مُعلمي جسدي كوسيط، لن ألومه. عندما ذهبتُ إلى النقابة السحرية، أدركتُ كم هو مُعلمي عظيم، وكم أن التعلم عندهُ هو حظٌ كبير. رغم أنهُ كان دائمًا يُعاملني بجفاء، إلا أنني كُنتُ سعيدةً ومستمتعةً خلال فترة تعلُمي عندن. لذا… لا بأس.”
“كورديليا…”
“لنذهب. مُعلمي ينتظرنا.”
ابتسمت كورديليا وتقدمت بثبات.
لقد ساعدها أنها كانت قد استعدت نفسيًا لهَذهِ اللحظة خلال الأيام الماضية. حاولت جاهدةً أن تمنع دموعها مِن الانهمار.
في النهاية، هي ستعود إلى الوقت الذي لم تكُن تعرفُ فيه ليونارد. في الواقع، هَذا أفضل لها الآن، لذا لا يجبُ أن لا تحزن كثيرًا.
واصلت تشجيع نفسها بينما كانت تسيرُ إلى الأمام.
سار البارون بصمتٍ بجانب كورديليا. وفي النهاية، بدأ يظهرُ لهم ظلُ ليونارد مِن بعيد.
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
قناتي بالتليغرام انزل فيها كل شي ♡ 《التليغرام》
حسابي بالواتباد 《cynfti》