أتمنى لو كان زوجي ميتًا - 42
الفصل 42: ماكسيميليان ¹⁰
***
“لماذا تفعلُ ذَلك؟”
“لا، لا شيء.”
هزَّ ليونارد رأسهُ. ظنَّ أنهُ قد سمع صوتًا، لكن عندما ركَّز أكثر، أدرك أن ما سمعهُ كان فقط صوت الرياح تُلامس الأوراق.
“هل سيكون بيلوتشي بخير بمفرده؟”
“لو لم يستطع البقاء بمفرده، لما كان يجبُ أن يأتي.”
“هَذا صحيح، لكن…”
تردد البارون وهو يلتفتُ باستمرارٍ إلى الخلف. لقد واجهوا وقتلوا بالفعل أكثر مِن عشرة وحوش.
لو كان البارون بمفرده، لما استطاع الصمود لأكثر مِن ساعة. كانت فبلوتشي يتمتعُ بقدراتٍ مُماثلةٍ للبارون، مما أثار قلقهُ.
“أعتقدُ أننا وصلنا أخيرًا.”
أظهر بارون الحجر الأحمر الذي كان يحملهُ إلى ليونارد. الحجر، الذي كان في الأصل أسود، تحول إلى اللون الأحمر وكأنهُ على وشك الانفجار. كان هَذا يعني أن جسد ليونارد كان قريبًا.
“ولكن كيف انتهى الأمر بجسد السيد في أراضي ديلوانا؟ ألم تذكر أنهُ ق. تعرَّض للهجوم بالقرب مِن الوادي؟”
“عندما استخدمتُ تعويذة نقل الروح، حدثت عاصفةٌ سحرية. ربما انجرف جسدي إلى هُنا في تلكَ اللحظة.”
“لكن رغم ذَلك، كيف يُمكن أيجادُ على جسدكَ بعيدًا هَكذا؟”
كان ليونارد نفسهُ يشعرُ بالارتباك، لكن لم يكُن هُناك حلٌ لهَذا اللغز.
تبع الاثنان اهتزازات الحجر وواصلا السير داخل الغابة. وبعد ساعاتٍ مِن التجوال، شعرا بطاقةٍ سحريةٍ قوية تنبعثُ مِن الأمام.
أدرك ليونارد على الفور أن جسدهُ كان هُناك.
شعر البارون أيضًا بتلكَ الطاقة، وبدأت خطواتهم تتسارع. بعد قليل، وصلوا إلى منطقةٍ مفتوحة حيثُ كانت شجرةٌ ضخمة في الوسط.
“يا إلهي، ما هَذا…؟”
“الآن فهمتُ لماذا كان جسدي هنا.”
لم يستطع البارون إغلاق فمهِ مِن الصدمة.
كان جسدُ ليونارد مُعلقًا في وسط الشجرة، حيثُ كانت أطرافُه مُتشابكةً مع الشجرة كما لو كان جزءًا منها.
[مَن أنتَ أيها المُتسلل؟]
في تلكَ اللحظة، خرج ثعلبٌ فضي صغير مِن خلف الشجرة. رغم صغر حجمه، كان صوتُه مملوءًا بالهيبة.
“أنا مالكُ الجسد الذي سرقتهُ.”
[سرقته؟ كُل شيءٍ في هَذهِ الأرض هو جزءٌ مِن الطبيعة، وأنا جزءٌ مِن الطبيعة، لذا هَذا الجسدً أيضًا لي.]
“أنتَ تستخدمُ جسدي كوسيلةٍ، وتستمر بالتلاعب بالكلمات.”
[هَذا الجسدُ قد فارقتهُ الروح بالفعل، لذا فإن كيفية استخدامه الآن تعود لمِن يحوزه.]
قالت ديلوانا بلا خجل.
كانت تستخدمُ جسد ليونارد كوسيلةٍ لاحتواء الطاقة السحرية، حيثُ أدركت أنهُ الأمثل لذَلك.
“روحي لم تُغادر بعد وما زالتُ هُنا. لذا، أعيدي لي جسدي قبل أن أحرق هَذهِ الغابة بأكملها.”
[كيف ستعيد الجسد الذي مات بالفعل؟]
“جسدي لم يمُت بعد، فقط روحي هي التي غادرت. ورغم ضعفه، ما زالت هُناك حياةٌ فيه.”
تحدث ليونارد بينما كان يُحدق بهدوءٍ في جسده المُتشابك مع الشجرة.
لو كان قد مات بالفعل، لما كان قد قبل بطاقة ديلوانا السحرية ولكان قد تحلل. لكن جسدُه كان لا يزالُ ينبضُ بالحياة.
جمع ليونارد الطاقة السحرية في يده. تشكلت شُعلةٌ ضخمة. لم يُكن يتوقع أن يستمع الثعلب إلى كلامه.
صرخت ديلوانا عند رؤية هِذا.
[توقف! هل تنوي أن تُحرق جسدكَ أيضًا؟]
“لا، سأحرق كُل الغابة ما عدا جسدي. بعد انهيار الحاجز، إذا احترقت هَذهِ الغابة بالكامل، ستعودين إلى كونكِ مجرد روح شجرة.”
تألقت عينا الثعلب الفضي بالغضب. وفي نفس الوقت، اندفعت الشجيرات نحو البارون وليونارد لتُغطيتهما.
بارون قد استخدم الماء لتشكيل سيفٍ حاد وقام بقطعها، بينما أحرقها ليونارد كلها.
كانت النيران قويةً لدرجة أنها انتشرت إلى عدة أشجار. عند رؤية الأشجار المُشتعلة، صرخت ديلوانا عليه بلعنات.
[الأرض والسماء لن تغفرا لكَ!]
“الغفران هو ما يجبُ أن تطلبيه مني. كيف تجرُئين على استخدام جسدي كوسيلةٍ لحفظ الطاقة؟”
اندفعت الوحوش التي استدعتها ديلوانا مِن جميع أنحاء الغابة.
لم يكترث ليونارد لها. ببساطةٍ، استدعى النيران المُشتعلة مرةً أخرى وأحرق الوحوش واحدًا تلو الآخر.
[أيُها البربريُ القاسي!]
مات ما يزيدُ عن عشرين وحشًا بطرقٍ مُختلفة. بعد أن قُتلت جميع الوحوش التي كانت تعتمدُ عليها، وانهارت الأشجار القديمة مِن حولها، بدأت ديلوانا في البكاء.
[حسنًا، سأعيدُه. سأعيدًه، أليس هَذا كافيًا؟]
“لو كُنتِ قد استمعتِ ليّ منذُ البداية، لكنا تجنبنا كُل هَذا.”
[سأعيدُه، فقط أطفئ النار الآن. إذا انتهيتُ وتلاشيت، هل ستتحملُ المسؤولية؟]
قالت ديلوانا وهي تشهق بالبكاء. لكن ليونارد لم ينخدع بسهولة.
“أزيلي تلكَ القذارة عن جسدي أولاً.”
[قذارة؟ إنها كانت تربط جسدكَ ب… حسنًا، سأُزيلُها.]
لحُسن الحظ، لم تكُن ديلوانا قويةً كما ظنوا. بعد كل ذَلك التوتر، استسلمت بسهولة.
كان البارون يشعرُ بالارتياح، حيثُ كان يخشى أن يكون عليهم خوض معركةٍ حتى الموت.
أحرق ليونارد شجرة أخرى دون أن يظهر أيَّ تعبير. تقدمت ديلوانا نحو شجرتها وهي تهمهم ببعض الكلمات.
عندها، بدأت الشجرة التي كانت تلفُ جسد ليونارد بالتراجع ببُطء، وسقط جسدهُ بلا حول ولا قوة على الأرض.
عندما رأى البارون ذِلك، فرح وركض نحو الجسد الحقيقي لسيده.
“أخيرًا، يُمكنكَ العودة إلى جسدكَ. آه، إنهُ لأمر رائع، الآن لنُسرع…”
في تلكَ اللحظة، ومع صوتٍ حادٍ يخترقُ الهواء، اندفعت ثلاثة شفراتٍ مُختلفة نحو جسد ليونارد الأصلي.
البارون، قد دافع غريزيًا عنه، غطى جسد سيده بجسده. ولكنهُ، رغم الانتظار، لم يشعُر بأيِّ ألم.
رفع رأسه بحذر ليرى أن الشفرات التي كانت تتجه نحوهم قد توقفت في الهواء، وكأنها اصطدمت بشيء غير مرئي وبدأت ترتعش.
اقترب ليونارد ببطء وأمسك بالشفرات بيده، ثم أعادها إلى مالكها الأصلي.
“سئمت مِن التظاهر بالجهل، لماذا لا تخرج الآن؟”
“لم أرك منذُ فترةٍ طويلةٍ، أخي.”
خرج ماكسيميليان مِن بين الشجيرات السوداء المُحترقة وهو يعرج، وكأنهُ قد كان معهم منذُ البداية بشكلٍ طبيعي. اتسعت عينا البارون بدهشة.
“كيف وصل ماكسيميليان اللعين إلى هُنا؟”
“ما زلت تحتفظُ بذِلك الكلب العجوز؟ لا أحد غيرُكَ يحتفظُ بساحرٍ مطرود.”
“مقارنة بكِ، الذي لا يستحقُ حتى أن يُدعى كلبًا لقتله شقيقه، هو أفضل بكثير.”
رغم نبرتهِ الهجومية، لم تُفارق الابتسامة وجه ماكسيميليان.
“لا يُمكنكَ أن تتخيل كم كُنتُ مُشتاقًا لرؤيتكَ.”
“حقًا؟ مِن الغريب أنني كُنتُ مشتاقًا لرؤيتكَ بجنونٍ أيضًا.”
تصاعد التوتر بشكلٍ كبير.
في تلكَ الأثناء، قام البارون بتفحص جسد ليونارد بعنايةٍ. كان هُناك جرحٌ كبير في بطنه، ولكنهُ قد شُفي تقريبًا بفضل الطاقة المُستمرة التي تلقاها مِن ديليوانا.
وباستثناء أنفاسه الضعيفة جدًا، لم تكُن حالة جسد سيده سيئةً.
ةضع الأدوية العشبية التي كان قد أعدها مُسبقًا في فم الجسد.
“هل قالت إن اسمها كان كورديليا فاسكويز؟ تلكَ المرأة التي جاءت كأنها تلميذتُكِ؟”
كان البارون يتوقع أن يسألهُ ماكسيميليان عن كيف نجا، لكنهُ بدلاً مِن ذَلك ذكر كورديليا أولاً.
“إذا كُنتَ ستحصلُ على تلميذٍ حقًا، ألم يكُن مِن الأفضل أن تأخذ شخصًا مؤهلًا؟”
“مؤهل؟ أعتقدُ أنها أفضل منكَ.”
“مِن بين كُل الأشخاص، اخترت أن تأخذ إبنة فاسكويز كتلميذة؟ حتى لو كُنتَ في أوقاتٍ صعبة، كيف يُمكنكِ أن تأخذ شخصًا كهَذا؟ إنها غبيةٌ لدرجة أنها ستُدمرُ سمعتكَ التي بنيتها بصعوبة.”
“من قتل شقيقه يشعرُ بالقلق على سمعتي؟ هَذا مُثيرٌ للسخرية.”
“مِن الواضح أنني الوحيد الذي يهتمُ بكَ.”
ضحك ماكسيميليان بسعادةٍ. كانت ابتسامتهُ نقيةً جدًا بحيث كان مِن الصعب تصديق أنه قد قتل أخيه.
“لهذا السبب أرسلتُ الكثير مِن الوحوش إليها. تلميذٌ قد تضرُ بسمعتكَ يجبُ ألا تكون موجودةً في هَذا العالم.”
“ماذا تعني بذَلك؟”
لأول مرة، ظهرت شقوقٌ في وجه ليونارد. عندما أبدى اهتمامًا، بدأ ماكسيميليان يتحدُث بحماس.
“أثناء مجيئي، رأيتُ تلميذتكَ تتجول في الغابة بمفردها، لذلك ارسلتُ لها بعض الوحوش.”
“…حقًا؟”
“مِن المحتمل أنها الآن قد مزقتها الوحوش وأصبحت في بطونها.”
نهض البارون عند سماعه ذَلك. كان يتصرفُ بناءًا على رغبة سيده.
“إذهب للتحقق مِن ذَلك.”
أجاب ليونارد بغمضة عين. عندما غادر البارون، بدا أن تعبير ماكسيميليان قد تغير بشكلٍ غريب.
“أنتَ تهتم حقًا بهذا المرأة، أليس كذلك؟ لدرجة أنكِ ارسلت كلبكِ العجوز للتحقُق منها.”
“لستُ متأكدًا.”
“مِن قبل، عندما قتلتُ الأطفال الذين أرادوا أن يُصبحوا تلاميذكُ، لم تُحرك ساكنًا.”
“أنتَ قد قتلتَ العديد مِن الأشخاص لدرجة أنني لا أستطيعُ تذكر مَن هم.”
“كُنتُ أعتقد أنكَ فقط التقطتها أثناء سيركَ في الطريق حتى لا يُغلق مُختبركَ… لو كُنتُ أعلم هَذا، لكُنتُ قد أنهيتُ حياتها بنفسي.”
بدا ماكسيميليان كصيادٍ يشعرُ بالأسف على فريسةٍ فاتتهُ. لعق شفتيه، ثم هز كتفيه.
“لا بأس، سأنهي أمرها بعد أن أقتلكَ مرةً أخرى.”
“لم أنتَ واثقٌ هَكذا؟ هل تعتقدُ أنني سأستسلمُ بسهولةٍ هَذهِ المرة أيضًا؟”
“هل تعتقدُ حقًا أنكَ تستطيعُ مواجهتي بهَذا الجسد القذر؟ لقد قتلتُكَ عندما كُنتَ في جسدكِ الأصلي، فماذا ستفعلُ الآن؟”
“لنرى. هَذا شيءٌ سنعرفهُ عند المحاولة.”
“يبدو أن جسدكَ الجديد جعلكَ أكثر غباءًا.”
انفجر ماكسيميليان ضاحكًا بصوتٍ عالٍ، بينما رد ليونارد بإطلاق نارٍ سحرية باتجاهه.
بدأت مواجهةٌ شرسة بينهما. كان مِن الصعب للغاية على ليونارد أن يخلق نيرانًا بشكلٍ مُستمر في حين يتجنبُ شفرات الرياح التي كان ماكسيميليان يرميها. مع كُل خطوةٍ يخطوها، كانت الأرض تنهار تحت قدميه، وكانت شفراتٌ قاتلةٌ تتساقط خلفه.
تمكن ليونارد مِن تجنبها جميعًا بفضل حواسه، لكنهُ لم يستطع منع نفسه مِن اللهاث.
“هل هَذا كُل ما لديكَ؟”
“…هاه.”
“رغم أن جسدكَ بالكاد يحتوي على أيِّ طاقةٍ سحرية، إلا أنكَ تمكنت مِن الصمود حتى الآن. هَذا أمرٌ مُثيرٌ للإعجاب.”
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
قناتي بالتليغرام انزل فيها كل شي ♡ 《التليغرام》
حسابي بالواتباد 《cynfti》