أتمنى لو كان زوجي ميتًا - 36
الفصل 36: ماكسيميليان ⁴
***
“هل أنتِ بخير؟”
“هاه، هاه.”
شعرتُ بدوارٍ شديد وكأنني سأستفرغ. لكنني لم شيئًا، فكُل ما خرج مني كان مجرد هواء ساخن.
لم أستطع إغلاق عينيّ؛ فقد كان وجهُ كارون الميت يظهر أمامي باستمرار. في كُل مرةٍ يحدثُ ذَلك، كانت كورديليا تُتمسك بشجرةٍ وتُحاول كبح الغثيان عدة مرات.
“هل أحضرُ لكِ بعض الماء؟”
“لا، أنا بخير الآن.”
سألها روزنبلور بنبرةٍ مليئةٍ بالقلق. بالكاد استطاعت كورديليا الوقوف.
“أشكركَ على قدومكَ. لو لم تأتي…”
لقد كُنتُ محظوظةً.
قبضت كورديليا بشدةٍ على الخاتم وقد فُتح إلى نصفين ثم انطلق. لقد أنقذني الخاتم. عندما حاول ماكسيميليان أن يؤذيني، ظهرت فجأةً طبقةٌ شفافةٌ وأبعدته.
في تلكَ اللحظة، كان روزنبلور قد جاء لزيارة مُختبره وواجهه. عندما لاحظ أن لون وجه كورديليا قد شحُب، أسرع بإخراجها مِن المكان.
“يبدو أنني قد وصلتُ في الوقت المُناسب. لقد اخبروني بأنكِ قد غادرتِ مع ماكسيميليان، فقررتُ القدوم.”
“لقد قتل تلميذهُ أمام عيني.”
“……”
لم يظهر على روزنبلور أيُّ علاماتٍ مِن الدهشة. بعد لحظة صمتٍ قصيرة، قال:
“هل تعلمين كيف يتم الحفاظ على الجمعية السحرة؟”
“لا، لماذا تسأل؟”
“إذن، عليّ أن أشرح هَذا لكِ مِن البداية. يُمكن فقط لعددٍ قليلٍ مِن المُختارين أن يصبحوا سحرة.”
“بالطبع، فهَذا منطقي. إذا لم تشعر بالطاقة السحرية، فلن تتمكن مِن أن تصبح ساحرًا.”
“لا، هُناك شيءٌ أكثرُ أهميةً مِن الموهبة للساحر. إنهُ وجود المُعلم.”
“المُعلم؟”
لم تفهم كورديليا لماذا يُخبرها بهَذا الموضوع فجأةً، لكنها لم تُقاطع حديث روزنبلور.
“لكي تُصبح ساحرًا، يجبُ أن يكون لديكَ مُعلمٌ. السحر ينتقلُ بشكلٍ صارمٍ عبر التعليم، لذا فإن الانتماء إلى مدرسةٍ مُعينة وخدمة مُعلمٍ مُعين هو أمرٌ حاسم. إنهُ يُحددُ حياة الشخص.”
“هل هَذا يعني أنهُ يُمكن للمعلم قتلُ تلميذه دون أيِّ عقاب؟”
“قد لا يفهمُ الغرباء هَذا، ولكن هُنا، للمُعلم مكانةٌ مُطلقة. بشكلٍ مُتطرف، إذا قال المُعلم لتلميذهِ أن يموت، فعليه أن يطيعه.”
بعد سماع شرحه، بدأت كورديليا تفهم لماذا كان ليونارد يُكرر دائمًا كم كانت محظوظةً أن تكون تلميذته. كما بدأت تفهم لماذا تناول كارون الطعام المسموم بنفسه.
“لكن، لقد قتل شخصًا. ألن يُحاسبهُ أحدٌ عن تلكَ الجريمة؟”
“بلا شك، هُناك قوانينٌ ونظام داخل جمعية السحرة. ولكن ماكسيميليان ساحرٌ رفيعُ المستوى ولهُ نفوذٌ كبير في مدرسة ريانون. الشخصُ الوحيد الذي يُمكنهُ محاسبتهُ هو سيريوس مِن ريانون.”
“هِذا هراء…”
“قد لا تفهمين الآن، لكن إذا قضيتِ وقتًا أطول في جمعية السحرة، ستفهمين.”
قال روزنبلور كما لو أن الأمر حتمي، لكن كورديليا لم تستطع فهم طريقة تفكيرهم.
رغبت في الهروب مِن هِذا المكان في الحال، لكنها كبتت خوفها. مهما كان الرُعب، لم تكُن تنوي العودة فارغة اليدين.
رغم أنها لم تقضِ وقتًا طويلًا في جمعية السحرة في روبال، إلا أنها أدركت مدى عظمةِ مكانة ليونارد.
لم يكُن الأمر فقط رغبةً في رد الجميل لقبولها كتلميذته، بل كانت ترغبُ في أن تصبح “شخصًا مفيدًا” لليونارد. كانت تأملُ أن يعتبر قرار قبولها كتلميذته اختيارًا صائبًا.
“مِن فضلكَ، خُذني إلى مُختبر مُعلمي.”
“هل أنتِ بخير؟ تبدين في حالةٍ سيئة. لا تقلقي، طالما أنكِ هُنا، فلن يُغلق المُختبر. لذا يمكنكِ الراحة قليلاً قبل الذهاب.”
“لا، أريدُ الذهاب الآن.”
حاول روزنبلور إقناع كورديليا عدة مراتٍ، لكنهُ لم يستطع تغيير قرارها.
“حسنًا، تعالي معي. إنهُ ليس بعيدًا عن هُنا.”
“شكرًا لكَ.”
“لا داعي للشكر. تلميذة ليونارد هي بمثابة تلميذتي. لا تشعري بالكثير مِن العبء.”
“إذا سمع تلاميذ إلفنباوم ذِلك، فقد يشعرون بالإهانة.”
“هاها، لا تقلقي. ليس لديّ أيُّ تلاميذ.”
“ليس لديكِ؟ لماذا؟”
“لا أعرف. ربما لأنني لم ألتقِ بعد بالشخص المُناسب ليكون تلميذي. كُنتُ مرتاحًا لأن ليونارد لم يتخذ تلميذًا أيضًا، لكن يبدو أنهُ حصل على واحدةٍ سرًا. هَذا قد خيب ظني قليلاً.”
بينما كانا يتحدثان عن مواضيعٍ مُختلفة، بدأ شعور الدوار الذي كانت تشعرُ به في معدتها يهدأ. وأخيرًا، وصلا إلى بابٍ قديمٍ في نهاية ممرٍ طويل.
عندما رأت كورديليا الباب، انفتح فمها بدهشةٍ.
“ها نحنُ هُنا. هَذا هو مُختبر ليونارد.”
“واو، إنهُ مُعقدٌ للغاية.”
“هاه؟”
“الباب. إنهُ محاطٌ باثني عشر طبقةٍ مِن الطاقة السحرية. مِن المُستحيل أن يدخل أيُّ شخصٍ إليه.”
“كيف عرفتِ هَذا؟ سمعتُ بأنكِ ساحرةٌ مبتدئة.”
“آه. يُمكنني رؤية الطاقة السحرية.”
قامت كورديليا بلمس عينيها برفق وهي تضحك. ولكن وجه روزنبلور تجمد فجأةً.
“تستطيعين رؤية الطاقة السحرية؟”
“نعم.”
“كيف؟”
“منذُ اللحظة التي ولدتُ فيها، كُنتُ أرى ذِلك. في البداية، كُنتُ أظنها مُجرد سرابٍ أو وهم، لكنني أدركتُ لاحقًا أنها تظهر فقط حول الأشياء التي تحتوي على طاقةٍ سحرية. وهَكذا علمتُ أنني أستطيعُ رؤية الطاقة السحرية.”
روزينبلر تنهد طويلاً ثم قال:
“مِن الأفضل ألا تخبري الآخرين بقدرتكِ على رؤية السحر.”
“لماذا؟ هل مِن الخطأ قول ذَلك؟”
“لا، لكنكِ بالفعل هدفٌ للحسد والغيرة كونكِ تلميذة ليو. وإذا عرفوا بأنكِ تستطيعين رؤية السحر أيضًا…”
توقف عن الكلام، لكن كورديليا فهمت ما كان يُحاول قوله. لذا وافقت بسهولة.
“حسنًا، سأفعل.”
“أعتقد أنني الآن أفهم كيف أصبحتِ تلميذة ليو. هَذهِ موهبةٌ عظيمة. حتى الساحر العظيم راهيلا لم يستطع رؤية السحر… إنهُ أمر مؤسف حقًا.”
“ما الذي تتأسفُ عليه؟”
“لو كُنتُ قد قابلتُكِ قبل ليو، لكُنتِ أول تلميذةٍ لي.”
نظر إليها روزنبلور بعيونٍ مملوءة بالندم.
في تلكَ اللحظة، بدأت كورديليا تتخيل:
أن تكون تلميذة لروزينبلر الطيب والوسيم واللطيف، وليس ليونارد صعب الطباع، الذي دائمًا ما ينتقدُها ويسخرُ منها… فكرة أن تكون تلميذتهُ كانت كافية لترسم الابتسامة على وجهها. حتى أن القيام بواجبات السحر يوميًا لن يكون مُرهقًا.
“لو كان الأمرُ بيدي، لكنتُ قد غيرتُ ذلك الآن. هل تعرفُ طريقة للتغيير؟”
“التغيير؟ ليو سيشعرُ بالاستياء.”
ظن روزينبلر أنها تمزح فضحك.
ولكنها لم تكُن تمزح، رغم أنها علمت مِن البارون أنهُ لا يوجد وسيلةُ لإلغاء هَذا، لذا أخرجت المفتاح مِن جيبها بتنهد.
على عكس الأبواب العادية، كان ثقبُ المفتاح في منتصف الباب. أدخلت كورديليا المُفتاح في الثقب، ورأت كيف تلاشت القوى السحرية التي كانت تُحيط بالباب شيئًا فشيئًا.
شعرت بانهُ قد فُتح، ولكن فجأةً ظهرت عينٌ بحجم قبضة يدها في منتصف الباب.
“أواه!”
“مَن أنتِ؟ وكيف حصلتِ على مُفتاح مُختبر أتيلي؟”
العين كانت مُريعةً للغاية، فصرخت كورديليا لا إراديًا. يبدو أن العين كانت مُتفاجئة مثلها، وبدأت تومض بسرعة.
“مـ… مَن تكون؟”
“مَن أكون؟ أنا الشيطان رقمُ 132، كاندياس. خدعني اللعين أتيلي وأصبحتُ حارسًا لهَذا الباب. ولكن مِن أنتِ؟”
تكلمت العين. كان مِن الغريب للغاية سماع عينٍ تتحدث، ولكن هَذهِ كانت الكلمة المُناسبة لوصف الموقف. حاولت كورديليا تهدئة قلبها المرتجف، ثم ردت.
“أنا تلميذةُ ليونارد أتيلي.”
“تلميذتُه؟ هَذا مُضحك. ليونارد لا يملكُ تلاميذًا. لا تخدعيني.”
“أنا تلميذتُه بالفعل، يا سيد كاندياس. ولدي ختمُ أكرون أيضًا.”
“ماذا؟”
تدخل روزينبلر لمساعدتها، وتفحصها كاندياس مِن أعلى إلى أسفل.
“مدي يدكِ.”
“يدي؟”
“لم تظنين أنني قد أطلب يديكِ؟ أنا مُجرد عين!”
بشعورٍ مِن الخوف، مدت كورديليا يدها نحو كاندياس. وعندما لامست يدها جفن العين، اتسعت عين كاندياس.
“هَذا حقيقي. ليونارد هَذا قد اتخذ تلميذًا حقًا.”
“الآن بعد أن تأكدت، هل ستفتح لي الباب؟”
“مجرد وجود المُفتاح لا يكفي… عليكِ حلُ لغزي أولاً، أيتها الإنسانة الحمقاء.”
“الإجابة! زهرة حمراء!”
حاول كاندياس إلقاء لغز بصوتٍ مُهيب، لكن كورديليا كانت أسرع.
“ماذا! لم أطرح اللغز بعد!”
“آه؟ هل الزهرة الحمراء ليست الإجابة؟”
“إنها صحيحة. آه، ليونارد هَذا قد أختار تلميذًا بنفس سرعة رد فعله… ادخلي!”
صرخ كاندياس وفتح الباب.
أخيرًا، دخلت كورديليا إلى مُختبر ليونارد. شعرت بفرحةٍ غامرةٍ وبأنها قد أنجزت شيئًا عظيمًا. كم كانت الصعوبات التي مرت بها للوصول إلى هُنا.
تقدمت كورديليا بحذرٍ إلى الداخل. وما أن خطت خطوة واحدة حتى أغلق الباب بسرعةٍ وبقوة.
“أوه! السيد ألفينباوم لم يدخل بعد.”
“لا يُمكنهُ الدخول هُنا.”
ظهرت عين كاندياس في الهواء مُجددًا.
“الشخصُ الوحيد الذي يُمكنهُ دخول هَذا المختبر هو أتيلي. والآن، أنتِ أيضًا.”
“هل يُمكنني أن أناديكَ بالسيد كاندياس؟”
“نعم، نعم. إنهُ أفضل مِن مُناداتي بالعين.”
كان المختبر أبسط مما كانت تتوقع. كان هُناك مكتبٌ فوضوي مليءٌ بالكتب والأوراق، وأريكةٌ مع بطانية مرمية عليها.
تجولت كورديليا بعينيها حول المكان. لقد شعرت بالدهشة لتخيُل ليونارد جالسًا على المكتب.
“هل أرسلكِ السيد أتيلي لإحضار شيءِ؟”
“نعم، زهر… لا، ليس كذِلك. سيد ليونارد قد مات.”
ردت كورديليا دون تفكير، لكنها صُدمت مِن كلامها وسرعان ما غيرت الموضوع. لكن كاندياس ضحك بسخرية.
“مات؟ ذِلك الرجل؟ لن يموت بسهولة.”
“لكنها الحقيقة. لقد توفي.”
“لو مات ذِلك اللعين، لكان قد انتهى هِذا العقد اللعين معه! ولكنهُ ما زال حيًا يُرزق في مكانٍ ما. لا أصدق هَذا.”
“أنا لا أعرف. أخبروني أنهُ مات.”
حاولت كورديليا تجاهل الأمر. شعرت أنها إذا تحدثت أكثر مع كاندياس، فسيكشفُ الحقيقة. لذا، غيرت الموضوع بسرعة.
“هل تعرف أين توجد الزهرة الأخيرة لرانسل ودموع القديسة ونفس التنين الأحمر؟”
“لقد بدأتِ بالبحث عن أغلى الأشياء فور وصولكِ. انتظري لحظة، أعتقد أنني رأيتهُ يضعها هُنا.”
اختفى كاندياس وهو يطيرُ في مكانٍ ما. انتظرت كوردليا بهدوء جالسة على الأريكة، تتفحصُ المكان مِن جديد.
ثم شعرت بشيء غريب تحت مؤخرتها. وعندما نهضت لتفحصه، وجدت سوارًا رقيقًا ومزينًا بالذهب مُلقى على البطانية التي على الأريكة.
“واو، إنهُ جميل.”
كان في وسطهِ جوهرةٌ حمراء مع نقوشٍ قديمة محفورةٌ على السوار. كانت تلعبُ بهِ قليلاً ثم قررت أن تجرب ارتداءه على معصمها. بالطبع، كانت تنوي أن تخلعهُ فورًا وتعيده إلى مكانه.
“ماذا؟ لماذا لا يُمكنني خلعه؟”
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
قناتي بالتليغرام انزل فيها كل شي ♡ 《التليغرام》
حسابي بالواتباد 《cynfti》