أتمنى لو كان زوجي ميتًا - 35
الفصل 35: ماكسيميليان ³
بطريقةٍ تلقائية، بدأت في بالعبث بخاتمها وهي تفتح الباب الجديد. في وسط ان هُناط طاولةٌ طويلةٌ جدًا، كان ماكسيميليان قد أخذ مكانًا وجلس.
“اجلسي هُنا.”
“ما هو سؤالك؟”
“أعتقد أنني طلبتُ منكِ الجلوس.”
“هل علينا تناول الطعام معًا ونحنُ لم نلتقِ مِن قبل؟”
ردّت كورديليا بتحدٍ بعض الشيء، مُتمنية أن يرى ماكسيميليان في ذَلك وقاحةً ويطردها.
ولكن، لم يتغير أيُّ شيء في تعابير ماكسيميليان.
“أنتِ لا تُحبيني.”
“…لا، ليس كذَلك. فقط أشعرُ بالخجل الشديد، ولذَلك لا أستطيع تناول الطعام مع شخصٍ ألتقيُ بهِ لأول مرة الآن.”
“لماذا لا تُحبيني؟ لقد كُنتُ مُهذبًا ولطيفًا معكِ.”
“ربما نسيتَ بأنكَ قد دعوتني إلى للطعام ولم أكُن أرغب بذَلك؟”
“كنتُ فقط فضوليًا حول كيفية لقائكِ بأخي، لأنني لن أراهُ مُجددًا.”
لم يكُن مِن المُناسب تسمع ذَلك مِن الشخص الذي تسبب في قتل أخيه. وأعجبت كورديليا سرًا بوقاحته.
“ما مدى معرفتكِ بأخي؟”
“ماذا تقصد؟”
“لماذا تعتقدين أن أخي اختاركِ كتلميذة؟”
“لأن قدّر موهبتي.”
“أيًا كانت موهبتكِ، فهي لا تُقارن بما يمتلكُه أخي. لقد أظهر أخي قوتهُ السحرية لأول مرةٍ وهو في الخامسة مِن عمره ومنذُ ذِلك الحين أعاد كتابة تاريخ السحر.”
وافقت كورديليا على ما قاله. صحيحٌ أنها ولدت بقدرةٍ على رؤية القوى السحرية، لكن السحر لا يُحدد بهَذهِ القدرة فقط.
فالسحر يتطلبُ القدرة على التحكم، بالإضافة إلى القدرة على التفكير، والذاكرة، والبصيرة. أيُّ نقصٍ في هَذهِ القُدرات، لن يُمكنك أبدًا مِن الوصول إلى مستوى ليونارد.
“أخي…”
توقف للحظة وكأنهُ يسترجعُ ذكرياته، ثم واصل حديثه.
“أخي لا يثقُ بالناس بسهولة. لهَذا لم يكُن لديهِ أصدقاء أو زملاء أو حتى تلاميذ. كان يستخدم ألناس فقط لتحقيق غايةٍ مُعينة.”
“لا أفهمُ ما الذي تريدُ قوله.”
“أنتِ مُجرد قطعة شطرنج تُستخدم لأغراضٍ مُعينة، مِن أجل تحقيق غاية أخي.”
“لا أظنُ ذَلك. على أيِّ حال، بفضل شخصٍ ما قُتل مُعلمي، ولم يعد يستطيع استغلالي.”
قالت كوردليا بسخريةٍ واضحة. تقدم ماكسيميليان نحوها وسألها:
“قُتل؟ هَذا غير مُمكن. لم أجد جثتهُ بعد.”
“…..”
“أخي ليس شخصًا يُمكن تصديقهُ بسهولة. لن أصدق أنهُ مات حتى أرى جثتهُ محروقةً بالكامل.”
“أأنتَ تنوي البحث عنها وحرقها.”
“تمامًا. سأجدُها وأحرقها. هَذا ما سيمنحهُ السلام.”
كلما استمر في الحديث، كان يتضحُ أكثر أن هَذا الرجل ليس عاديًا. كان الأكثر رعبًا هو قدرتهُ على إخفاء نواياه الحقيقية خلف قناعٍ مِن اللطف والود.
“آسف على إبقائكِ تنتظرين.”
في هَذهِ اللحظة، دخل كارون حاملاً طبقًا مِن لحم الضأن المشوي ينبعثُ منهُ البخار. وضع الطبق على الطاولة وغادر بسرعة.
“تفضلي، تناولي الطعام. كارون طباخٌ ماهر.”
نظرت كورديليا إلى اللحم الشهي أمامها.
تذكرت أول تعويذةٍ تعلمتها مِن ليونارد. كانت تعويذةً تُتيح لها معرفة مكونات الطعام دون الحاجة إلى تناوله، تعويذةٌ عديمة الفائدة بالنسبة لها.
-ألا يمكنكَ تعليمي شيئًا مثل إخراج النار مِن يدي؟ أو حتى الماء أو الجليد؟
-لا تتذمري وافعلي ما أطلبهُ منكِ.
– ما الذي سأستفيدُه مِن هَذهِ التعويذة؟ لن أعمل كطاهية.
-على الأقل ستتمكنين مِن أكتشاف أن كان طعامكِ مسمومًا.
-كما لو أنني سأحتاجُ إلى معرفة ذَلك.
لكن، لحم الضأن الذي جلبه كارون كان يحتوي على مسحوق نبات سام يُعرف باسم “تونايا”، تم طحنه بدقةِ لدرجة أنهُ لا يمكن اكتشافه بالعين المجردة. لولا تلكَ التعويذة، لما استطاعت كورديليا اكتشافهِ أبدًا.
“لماذا لا تأكلين؟ لقد طلبتُ منكِ أن تتناولي الطعام.”
تظاهر وكأنهُ يعرضُ الطعام. رفعت كورديليا نظرها مِن الطبق إلى عيني ماكسيميليان مُباشرةً.
“يبدو أنكَ تكرهني بشدة.”
“أنا؟ لا يُمكن ذَلك. أنتِ تلميذةُ أخي الوحيدة.”
“إذاً، لماذا وُضعت ‘تونايا’ على لحم الضأن؟ إنها مادةٌ سامة تقتل الشخص بمجرد لمسها باللسان.”
“ماذا.”
لم يظهر على ماكسيميليان أيُّ علامةٍ مِن علامات الصدمة. بلا أيِّ تغيير في تعابيره، نقر بأصابعه بخفة. رغم أن الصوت لم يكُن عاليًا، إلا أن كارون هرع إلى الداخل وكأنهُ قد سمع صوت رعد.
“هل طلبتني، سيدي؟”
“كارون، الضيفة تقول إن الطعام مسموم.”
“ماذا؟”
“هل تود تناول الطعام يا كارون؟ لتُثبت ما إذا كُنتَ قد تصرفتَ بشكلٍ غير لائق مع الضيفة أم لا.”
“سيدي…”
أشار ماكسيميليان بإصبعه بخفة، فارتفع الطبق الذي كان أمام كورديليا في الهواء وانخفض برفقٍ أمام كارون.
شحُب وجهُ كارون بشكلٍ كبير وبدأ يرتجف، ثم انهار على الأرض مُرتجفًا.
“يا معلمي، أرجوكَ، أنقذني… أرجوكَ…”
“إذا لم يكُن هُناك سُم في هَذا الطعام، فإن كارون سيكون على ما يرام.”
بحلول ذِلك الوقت، كان وجه كارون قد غمرتهُ الدموع. فنهضت كورديليا مِن مكانها فجأةً وصرخت.
“ما الذي تفعلُه؟ أخبرتك أن هُناك سمًا في الطعام!”
“ما الذي أفعله؟ أنا أتحققُ مما إذا كان هُناك سمٌ بالفعل أم لا. هيا، كُل يا كارون. أنتَ تعلمُ بأنني لا أحب إضاعة الوقت.”
دفعه ماكسيميليان بنفس الصوت الدافئ واللطيف الذي استخدمه عندما التقيا لأول مرة.
نظر كارون إلى ماكسيميليان بعينين مُبللتين بالدموع، ثم التقط اللحم بيد مرتعشة.
“أرجوك اعتني بأختي الصغرى يا مُعلمي.”
“بالطبع. أنتَ تعرفُ أن رينا هي تلميذتي المُفضلة.”
كانت كورديليا تسير نحو كارون لمحاولة إيقافه، لكنه كان أسرع. أغلق عينيه بإحكام وبدأ في مضغ اللحم. لم يمضِ الكثير مِن الوقت حتى بدأ جسدهُ يرتجف.
“أكهه!”
“آآآه.”
بدأت أطراف كارون تلتوي بشكلٍ مُريع. ارتجفت كورديليا مِن هول المنظر. لكن النوبة كانت سريعةً حقًا، وسرعان ما خرجت رغوة مِن فمه، وتوقف عن التنفس.
حدث كُل شيء بسرعةٍ خاطفة. وقفت كورديليا مُتجمدةً وهي تنظرُ إلى الرجُل الذي مات أمام قدميها.
لم تستطع تصديق ما تراهُ عيناها.
“لقد كُنتِ مُحقةً. لحُسن الحظ، مات المُجرم الذي وضع السُم، لذا سنتجاهل الأمر.”
“أنتَ مجنون… لا يُمكن أن تكون سوى مجنون.”
“لكن كيف عرفتِ؟ لم يمضِ وقتٌ طويل منذُ أن بدأتِ في تعلم السحر، لكنكِ بالفعل تجيدين تعويذة الكشف.”
“أنتَ مَن قتله! أنتَ مِن أمر بوضع السُم في الطعام، كيف يُمكنكَ قتلُ تلميذك!”
“ماذا تقولين؟ لم أقتُله. كارون هو مِن وضع السُم في الطعام وأكلهُ بنفسه. الناس يسمون هَذا انتحارًا.”
رغم صراخ كورديليا، كان ماكسيميليان يتحدثُ بهدوءٍ تام، دون أن يُحرك حاجبٌ واحد. بالنسبة لها موتُ كارون على الأرض كان أشبه بكابوسٍ غير واقعي.
تراجعت كورديليا إلى الخلف وهي ترتجف، الشعور بالرهبة اجتاحها مِن رأسها حتى أخمص قدميها.
كل ما كانت تُفكر فيه هو كيف تخرجُ مِن هُنا.
“ماذا تريد حتى تسمح لي بالخروج مِن هُنا؟”
“لقد أخبرتُكِ، فقط أجيبي على سؤالي الأخير.”
“ما هو سؤالكَ الأخير…؟”
“أين أخي الآن؟”
تشابكت أصابعهُ ووضعها على ذقنه، ثم انحنى قليلاً. أجابت كورديليا وهي تلهث.
“كيف لي أن أعرف أين ذهب؟ انهُ شخصٌ ميتٌ الآن”
“ختمُكِ… يبدو أنهُ قد وضع حديثًا.”
بسرعةٍ كالبرق، أمسك ماكسيميليان بمعصم كورديليا. كانت قبضتهُ قويةً لدرجة أن كورديليا كانت تتألم.
“ربما الآخرون لا يعرفون، لكنني رأيتُ ختم أكيرون مئات، بل آلاف المرات. أعرفهُ جيدًا.”
“آه…”
“هَذا الختم لم يتم إلا منذُ شهرين تقريبًا.”
بدأت الأشكال الهندسية المعقدة تلمعُ مِن أطراف أصابعه. حاولت كورديليا بكُل قوتها الإفلات مِن قبضته، لكن دون جدوى.
“بمعنى آخر، تم نقشُ هَذا الختم بعد موت أخي… لا، بعد الإعلان عن موته.”
“دعني أذهب!”
“أين هو؟ أين أخي؟”
بدأت قوى سحرية تتجمع في أطراف أصابعه. أغلقت كوردليا عينيها بإحكام.
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
قناتي بالتليغرام انزل فيها كل شي ♡ 《التليغرام》
حسابي بالواتباد 《cynfti》