أتمنى لو كان زوجي ميتًا - 33
الفصل 33: ماكسيميليان ¹
“مَنْ أنتَ؟”
“دعيني أرى، لا تبدين في حالةٍ جيدةٍ أبدًا. حسنًا، متى قومتِ بالمراسم مع ذَلك الشخص؟”
“هِذا سر.”
عمّ الصمت المكان بعد إجابة كورديليا. ومع تغير الأجواء لتُصبح أكثر توترًا، ألقت كورديليا نظرةً خاطفةً حولها قبل أن تقول بشكلٍ حرفي ما قالهُ لها ليونارد.
“أخبرني معلمي إنهُ إذا جاء رجلٌ مُسنٌ وتحدث معي، فعليّ تجاهُله…”
تقدم روزنبولر خطوةً أمام كورديليا مُدافعًا عنها.
“سيد مينوبيو. الآنسة إبرامز ليست مُعتادة بعد على آداب السحر.”
“سيدة.”
“ماذا؟”
“قُل السيدة إبرامز. إبرامز هو اسم زوجي.”
“أه، هل أنتِ مُتزوجة؟”
“نعم. لكن هل يُمكنني الذهاب الآن إذا لم يكُن لديكَ شيءٌ مهم؟ عليّ الذهاب إلى مُختبر مُعلمي.”
“انتظري لحظة.”
قام مينوبيو بالسعال بقوةٍ وأوقف كورديليا التي تُحاول الانصراف.
“أنا مينوبيو ألفان، سييريوس مِن مدرسة رياينون.”
ترجمة ما يقوله: إنهُ رئيسُ مدرسة رياينون، مينوبيو ألفان. أصبح بإمكان كورديليا الآن أن تستوعب الوضع ببعض الذكاء.
“حسنًا، أنا كورديليا إبرامز. وأنا تلميذةُ ليونارد أتيلي.”
“هل تتجهين إلى مُختبر السيد أتيلي؟ هل لديكِ المُفتاح؟”
“نعم، أعطاني مُعلمي المُفتاح.”
بدأت كورديليا في تفتيش جيبها لتُظهر له المُفتاح القديم. نظر مينوبيو إليه وهو على يدها وأدلى بتعليقٍ سريع.
“إنهُ حقيقي.”
“أنا بالفعل في عجلة مِن أمريّ. هل يمكنني الذهاب إلى مُختبر مُعلمي الآن؟”
الآن فهمت لماذا قال ليونارد أن عليها تجاهل الناس إذا أوقفوها. ففي كُل خطوةٍ كانت تتعرضُ للإزعاج مِن شخص ما.
كانت تشعرُ بالقلق المُتزايد كلما مضى الوقت، وبدأت تشعرُ بتلخوف من أن يظهر ماكسيميليان في أيِّ لحظة.
“سأسمح لكِ بالذهاب. لكن عليكِ التعامل مع هؤلاء الشيوخ أولاً.”
“ماذا؟”
ابتسم مينوبيو بخبثٍ وضرب الأرض بلطف بعصاه.
فجأة، شعرت كورديليا بأنها تُحلق في الهواء. بدأت تصرُخ وتتحرك باضطراب، لكن مينوبيو طلب منها أن تهدأ وأرسلها بسرعةٍ وهي طائرةٌ في الهواء.
“آه!”
مر المُحيطُ حولها بسرعةٍ لدرجةِ أنها لم تستطع معرفة التفاصيل. لم تُغلق عينيها سوى مراتٍ قليلة، وعندما فتحتهما مرةً أخرى، وجدت نفسها في مكانٍ مُختلف تمامًا.
بدلاً مِن الناس المُزدحمين، كان هُناك طاولةٌ دائرية كبيرةٌ أمامها.
كان هُناك خمسةُ أشخاصٍ، بمن فيهم مينوبيو، يجلسون حول الطاولة وينظرون إليها كما لو كانت حيوانًا غريبًا.
“هل هَذهِ هي تلميذةُ ليونارد أتيلي؟”
“أوه، إذا كان لديه تلميذةٌ بهَذا العمر، كان عليهِ إحضارُها لتُحيينا!”
“لقد نصحناه مرارًا وتكرارًا بتدريب الأجيال الجديدة، لكنهُ لم يُلقِ بالاً.”
“عزيزتي، متى عقدتِ المراسم مع أتيلي؟”
“ما الذي علمكِ إياه مُعلمكِ حتى الآن؟”
مع تدفق الأسئلة مِن الجميع، شعرت كورديليا بالارتباك وبدأت تنظر حولها. لم يكُن هُناك بابٌ في أيِّ مكان، ولا نافذة.
‘يا إلهي. عليّ أن أذهب بسرعةٍ إلى مُختبر مُعلمي. كيف سأخرجُ مِن هُنا؟’
حتى إنها لم تعرف كيف دخلت هُنا. عضت شفتيها وضربت الأرض بقدمها.
عندئذ، التقت نظراتها مع مينوبيو. أشار برأسه نحو الـ سييريوس الآخرين.
بمُجرد رؤيتها لتلك الحركة، أدركت على الفور أنها إذا لم تتمكن مِن التعامل معهم بشكلٍ مُناسب، فلن تصل إلى مُختبر ليونارد.
“مرحبًا. أنا كورديليا إبرامز. وقد تعلمتُ على يد ليونارد أتيلي.”
“إبرامز؟”
“دولي، أين تقع عائلة إبرامز؟”
“لقد عشتُ في ويلارث لمدة سبعين عامًا، كيف لي أن أعرف؟”
“بالمناسبة، يبدو مِن لهجتها أنها مِن الغرب. أهي مِن غرب إيرشيه؟”
“كما قلت، هي لا تعرفُ شيئًا غير السحر.”
على الرغم مِن أنها وجدت صعوبةً في التكيف مع الإجابات العديدة التي تلقاها على كُل كلمةٍ قالتها، إلا أن كورديليا حاولت أن تظل هادئةً وتجيب بأقصى قدر مِن اللباقة.
“إبرامز تقع بين باسكويز وهيلارست، في الشمال الشرقي مِن إيرشيه.”
“حسنًا. متى أصبحتِ تلميذة للسيد أتيلي؟”
“قبل سنة.”
“ماذا؟ قبل سنةٍ فقط؟”
دهشت مِن تشابُه ردودهم مع ردود روزنبلور، بل وأكثر حدة. كانوا يتحدثون بصوتٍ عالٍ، غير مغطين عن خيبة أملهم.
“فقط سنة واحدة؟ هَذا خطير، خطيرٌ حقًا.”
“حتى إذا كانت قد عقدت مراسم، فإنها لا تزال في طور التدريب.”
“يا إلهي! لماذا تقول هَذا؟”
“لكن، على الأقل لم يختفي اثرُه تمامًا. أليس كذلك؟”
“قلتِ إن اسمكِ كورديليا إبرامز، أليس كذلك؟”
“نعم.”
“اقتربي هُنا، إبرامز.”
الساحر الوحيد الذي عرفت اسمه، مينوبيو، أشار لكورديليا لتقترب منه. فخطت نحو المكان الذي أشار إليه.
“أنتِ الآن سييريوس لأكيرون.”
“ماذا؟”
“رغم أنهُ سيتعين علينا عقدُ مراسمٍ رسمية لاحقًا، لكن مِن هَذهِ اللحظة أنتِ سييريوس. أحفظي هِذا في ذهنكِ.”
“ماذا؟”
ما هَذا الكلام الغريب؟
لم تستطع كورديليا الرد بشكلٍ صحيح، حيثُ فوجئت بما سمعتهُ ولم تتوقعه.
تابع مينوبيو الحديث بنبرةٍ جادةٍ للغاية.
“يجبُ أن تظلي متواضعةً دائمًا وأن تقومي بتطوير نفسكِ، فمصيرُ عددٍ كبيرٍ مِن السحرة مُعلق على عاتقكِ…”
“مهلاً لحظة!”
“ما الأمر؟”
“لماذا أصبحتُ سييريوس؟ سييريوس هو لقب مُعلمي.”
“لأن ذاك الشخص قد توفي وترككِ وحدكِ، لهَذا السبب أنتِ أصبحتِ هَكذا!”
اندفع الرجُل ذو الشعر الأحمر وهو يصراخٍ تدخل في الحديث.
“وما علاقتي بذَلك؟ أنا مجرد تلميذة لمعلمي…”
“يا عزيزتي، أليس عليكِ أن تحافظي على مدرسة أكيرون؟ أنتِ الوريثة الوحيدة لأكيرون، لذا مِن المنطقي أن تُصبحي سييريوس خلفًا لأتيلي.”
كانت الساحرة الوحيدة بين الخمسة أشخاص هي التي شرحت لكورديليا بهدوء. ثم أضاف الآخرون كلماتهم واحدًا تلو الآخر.
“صحيح. رغم التأخير، مِن الآن فصاعدًا يجبُ أن تنخرطي في المُجتمع السحري وتدربي الجيل القادم.”
“قد تحتاجين العمر كله لتحقيق ذَلك.”
“لماذا لا نقيمُ مراسم سييريوس غدًا؟”
“كلما كان ذَلك أسرع، كان أفضل.”
“أين يجب أن تُقيم أبرامز؟ هل نعطيها الغرفة التي كان يستخدمُها أتيلي؟”
أدركت كورديليا أخيرًا سبب خيبة الأمل التي أظهرها روزنبولر وبقية السحرة عندما علموا أنها بدأت تعلم السحر قبل عام واحد فقط. لقد توقعوا أن تكون وريثة ليونارد، ولذا شعروا بخيبة الأمل عندما عرفوا أنها بدأت تعليمها منذُ سنة فقط.
حاولت كورديليا بصعوبةٍ كبت صرختها.
كان يجبُ عليها الهروب مِن هُنا بأيِّ وسيلةٍ. إذا بقيت، فقد تُصبح بالفعل سييريوس وتحتجز هُنا إلى الأبد.
“أنا آسفة، لكن عليّ زيارة مُختبر مُعلمي ثم سأخرج مُباشرةً.”
“تخرجين؟ لماذا؟ إذا كُنتِ بحاجةٍ إلى أيِّ شيء، أخبري الأولاد، وسيجلبون لكِ كُل ما تحتاجينه.”
“لا، زوجي ينتظرني في الخارج.”
كان لتلك الكلمة أثرٌ كبيرٌ. فقد تعجب السحرة الخمسة جميعهم بصوت واحد.
“زوج؟ هل لديكِ زوج؟”
“هل تزوجتِ بالفعل؟”
“يا للهول، ما هَذا الجنون.”
“لماذا فعلتِ ذَلك؟ أنتِ لا تزالين في بداية حياتكِ.”
“ألم يمنعكِ مُعلمكِ؟”
لم تكُن كورديليا تفهمُ لماذا كان الزواج يستحق كُل هَذا الانتقاد، لكنهُ يبدو كعذرٍ مقبولٍ للخروج. رغم أنهم كانوا مُستائين، إلا أنهم لم يمنعوها مِن الخروج.
“إذاً، سأذهب لأقابل زوجي وأشرح لهُ الأمر، ثم سأعود لاحقًا.”
“لا يوجد لاحقًا. سأرسلُ بعض الأولاد معكِ للتأكد مِن أنكِ لن تذهبي إلى أيِّ مكانٍ آخر.”
قررت كورديليا الهروب حالما تصل إلى ليونارد. ربما يتمكنُ مِن مُساعدتها في هَذا المأزق.
وافقت على مضض.
“سأعود قريبًا. لكن قبل ذَلك، أودُ زيارة مُختبر مُعلمي.”
“المُختبر؟ آه، حسنًا. هَذا جيدٌ جدًا.”
“يا عزيزتي. لو تأخرتِ قليلاً، لكانت قد حدثت كارثة. كنا سنغلقهُ نهائيًا غدًا.”
“هاها. لقد استدعيتُ ماكسيميليان.”
“ماذا؟!”
كانت تُحاول الهروب مِن الثعلب لكنها قد وقعت في مخالب النمر.
عندما سمعت اسمًا لم تكُن ترغبُ في سماعه، قفزت كورديليا مِن مكانها وصرخت. كان صوتها عاليًا جدًا لدرجة أن مينوبيو، الذي كان يقف أمامها، انحنى إلى الخلف وعبس.
“لماذا أنتِ مرعوبةٌ هَكذا؟”
“أنا… أنا بخير بدون رؤية ذاك الشخص. فقط دعوني أذهب إلى المُختبر، أرجوكم.”
“أنتِ بخير؟ إنهُ أقربُ الناس إلى مُعلمك. هل تُصدقين تلك َالشائعات؟”
“أيُّ شائعات؟”
“شائعاتٌ بأن ماكسيميليان قد قتل شقيقهُ ليونارد، هَذا كلامٌ فارغ.”
كان لدى مينوبيو إيمانٌ قوي بماكسيميليان. كانت كورديليا، التي تعرفُ الحقيقة، ترغبُ في إخبارهم بأنهم مُخدوعون، لكنها ابتلعت كلماتها.
“هَذهِ كُلها شائعات كاذبة. عندما تلتقين بماكسيميليان بنفسكِ، ستُدركين كم هي سخيفة. كان يُحب أخاه مثلما يحبُ ابنه.”
‘لا، ليس شائعةٍ أنها حقيقة! لقد قتل أخاه بالفعل! يا إلهي، ما الذي سأفعله؟ هل يجبُ أن أهرب؟ لكن إلى أين؟’
بدأت كوردليا تبحثُ بيأسٍ عن مخرج، لكن في هَذا المكان الذي لا يوجد بهِ أيُّ أبواب أو نوافذ، لم يكُن هُناك شيءٌ يُمكنها فعلهُ سوى الارتجاف.
“إنهُ قادم.”
نظرت كورديليا بالاتجاه الذي كان مينوبيو ينظرُ إليه ورأت بابًا مُستطيلاً مُشعًا يظهرُ ببطء. بدأ قلبُها ينبضُ بقوةٍ لدرجة أنها قد شعرت وكأنهُ سيُحطم ضلوعها.
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
قناتي بالتليغرام انزل فيها كل شي ♡ 《التليغرام》
حسابي بالواتباد 《cynfti》