أتمنى لو كان زوجي ميتًا - 28
الفصل 28: جَمعِيةُ سَحَرةِ روبال ⁷
“مخلوقٌ سحري على هيئة كلب؟ هَذا نادرٌ للغاية. لابد أن ثمنهُ كان باهظًا. سأدفعُ لكِ ثلاثة أضعاف ما دفعتهِ لشرائه.”
“روتي ليست للبيع.”
“ماذا عن خمسة أضعاف؟”
“لا يهُم كم ستعرض، لن أبيعها. لذا مِن فضلكِ، هل يُمكنكَ الإبتعاد؟ رفاقي قريبون.”
“همم.”
نظر الرجل بحسرةٍ إلى لوتي التي كانت خلف كورديليا للحظة، ثم غادر المكان بإيماءةٍ خفيفة.
تأكدت كورديليا مِن أن الرجُل قد جلس في رُكن المطعم، ثم أخذت لوتي وخرجت بسرعة.
في الوقت نفسه، كان البارون يقوم بترتيب العربة وتحميل الأمتعة. عندما رأى ليونارد كورديليا تخرج مِن النُزل على عجل، علق قائلاً:
“ما الذي جعلكِ تتأخرين هَكذا؟ اصعدي بسرعة. نحنُ على وشكِ الانطلاق.”
“يا سيدي! كيف عرفت أن لوتي كانت مخلوقًا سحريًا؟”
“لماذا تسألين هَذا فجأة؟”
“لأن هُناك رجُلًا عرف أن لوتي مخلوقٌ سحري بمجرد النظر إليها وطلب مني بيعها له.”
“مَن هو؟”
“لا أعرف. كان مُجرد رجلٍ مُغطى تمامًا بالعباءة.”
تغير تعبيرُ ليونارد، الذي كان غيرُ مهتم طوال الوقت. كما بدت علاماتُ القلق على وجهِ البارون الذي سمع المُحادثة.
“إذا استطاع تمييز أن لوتي مخلوقٌ سحري رغم مظهرها عادي، فلا بد أنهُ ساحرٌ مِن الفئات العليا. حتى أنا لم ألاحظ ذَلك في البداية.”
“ساحرٌ مِن الفئات العليا؟ هل هَذا منصب رفيع؟”
“نعم، يُمكننا القول إنهُ في نفس مستوى الشيوخ أو أقل بقليل.”
“لكن صوتهُ كان شابًا جدًا، وكذَلك ذقنه.”
“شابًا؟”
تبادل بارون وليونارد نظراتٍ لم تتمكن كورديليا مِن فهم معناها. ثم ناقشا شيئًا بصوت مُنخفض، ولم تفهم كورديليا سوى بضع كلمات منهم.
في تلكَ الأثناء، كان بيلوتشي يُمسكُ سيفه وينظرُ حوله بعينين حادتين.
“مِن الأفضل أن نُغادر هَذهِ القرية بسرعة.”
“نعم، يبدو أن هَذا هو الخيار الأفضل.”
مهما كان الأمر، يبدو أنهُ ليس وضعًا مُريحًا. وضعت كورديليا أمتعتها في العربة وودعت لوتي للمرة الأخيرة.
“لوتي، عودي إلى القلعة. هَذهِ المرة حقًا…”
“اصعدي إلى العربة مع الكلب.”
“ماذا؟ حقًا؟”
“بدلاً مِن أن يلحق بنا هَذا الكلب، مِن الأفضل أن نبقيهِ معنا.”
ما أن أنهى كلامه حتى فتحت كورديليا باب العربة بابتسامةٍ واسعة.
“موافق! لوتي، اصعدي بسرعة!”
قفزت لوتي إلى العربة فورًا كما لو كانت تنتظرُ ذَلك. وابتسم ليونارد بخفةٍ وهو يُراقب المشهد.
“ألم تخترعي قصة هَذا الرجًل عن عمد؟”
“يا سيدي! كيف يُمكنكَ التفكيرُ بذَلك! لا، لم أفعل! لوتي، قولي لهُ إنكِ رأيتِ هَذا الرجل!”
أجابت كورديليا بحدةٍ وهي تنفي الاتهام. نقر ليونارد بلسانه وصعد إلى العربة.
“حسنًا، حسنًا. ادخلي فقط. هيا بنا، بارون.”
***
استمرّت الرحلة المُملة لعشرةِ أيامٍ مُتتالية.
كانت أراضي “إبرامز” تقعُ في الشمال الشرقي، بينما تقع أرض “ديلروانا” في الجنوب، لذَلك كانت العربة تسيرُ باتجاهِ الجنوب باستمرار.
“الجو حارٌ جدًا…”
مع مرور الأيام، أصبحت الملابس التي ترتديها كورديليا أخف فأخف. بالنسبة لكورديليا، التي جاءت مِن الشمال، كان مِن غير المعقول أن يكون الطقس دافئًا إلى هَذا الحد في فصل الربيع.
قضت كورديليا أيامها في تكرار نفس الروتين. خلال النهار، كانت تدرسُ السحر تحت إشراف ليونارد في العربة، وهو ما كانت تسميهِ “التدريبُ المُكثف”، وفي الليل، كانت تنهار مِن التعب وتغفو فور أن تضع رأسها على الوسادة.
الجانب الإيجابي الوحيد كان أنه لم يكن هُناك شيءٌ آخر تقومُ به سوى تعلم السحر مِن ليونارد، لذا كانت تتحسن بسرعةٍ أكبر مما كانت تتوقع.
“هل يُمكنكِ الآن رسم دائرة السحر الثلاثية؟”
“أمم، بالطبع، هذا ليس شيئًا صعبًا.”
نظر بارون إلى الأوراق التي كانت كورديليا ترسمُ عليها بجدية، ولم يستطع إخفاء دهشته. فردت كورديليا كتفيها بفخرٍ وأظهرت له أوراقًا أخرى.
“لقد أنجزتُ هَذهِ أيضًا، كلها.”
“بالتأكيد، لديكِ سرعةُ تعلمٍ مُذهلة يا سيدة كورديليا. لو رأى ساحرٌ آخر مِن ‘روبال’ هِذا، لكان قد صُدم. هَذا التقدم في أقل مِن شهر هو إنجازٌ كبير.”
أضاءت النيران المكان بنورها الدافئ.
اليوم، لم يُصادفوا أيَّ قريةٍ في طريقهم، لذَلك اضطروا للتخييم في العراء.
ذهب بيلوتشي للبحثِ عن أرانب لاصطيادها، بينما كان ليونارد مُنشغلاً بأمرٍ آخر، فبقي البارون وكورديليا وحدهما مع لوتي التي كانت تغفو بجانبهم.
“كُل الفضل يعودُ إلى سيدي.”
قالت كورديليا بابتسامةٍ مُتواضعة، ولكن بداخلها كانت تشعرُ بالفخر.
في الواقع، كانت كوردليا تتقدمُ بسرعةٍ في رسم الدوائر السحرية بفضل موهبتها الخاصة في “الرؤية”.
بالنسبة للسحرة العاديين، يستلزمُ رسم الدائرة السحرية تركيزًا كاملاً وقوة عقلية كبيرة، ولكن بما أن كورديليا يُمكنها رؤية الطاقة السحرية، كان يكفيها النظر ثم تتبعها رسمها.
“حتى مزاجُكِ قد أصبح أكثر إشراقًا.”
“هل هَذا صحيح؟”
“نعم. عندما رأيتُكِ لأول مرةٍ، كُنتِ تبدين وكأنكِ مكبوتةٌ وتتنفسين بصعوبة.”
تأملت كورديليا في الشهور القليلة الماضية منذُ أن التقت ليونارد، كما قال، كانت قد تغيرت كثيرًا منذُ ذَلك الوقت. علمها السحر منحها الثقة بالنفس، كان هُناك ابتسامةٌ واسعةٌ على وجهها. لم يكُن مِن الغريب أن يُلاحظ الآخرون هَذا التغير.
“لا تغتري بهَذا التقدم.”
ظهر ليونارد فجأةً وجلس بجانب كورديليا، وألقى نظرةً سريعةً على الدائرة السحرية التي رسمتها. بما أنهُ لم يقُل شيئًا، فهَذا يعني أن الرسم كان صحيحًا.
ابتسم البارون بشكلٍ لطيف ودافع عن كورديليا قائلاً:
“لا يُمكننا إنكار أن مهارات كورديليا مُمتازة. لقد رسمت بالفعل دائرة سحرية ثلاثية.”
“أيُّ شخصٍ يُمكنه القيام بذَلك إذا كان لديه الذكاء الكافي.”
“دائمًا ما تقول هِذا. لكن بعض المديح قد يُعزز مِن معنويات التلميذ، أليس كذلك؟”
“يبدو أن معنوياتكِ قد ارتفعت أكثر مِن اللازم، أنتِ تحتاجين إلى تقليلها قليلاً.”
“سيدي.”
ظهر بيلوتشي بصوتٍ مُنخفض مِن الظلام. كان يتصببُ دمًا مِن رأسه إلى أخمص قدميه. قفزت لوتي مِن مكانها على الفور، بينما كادت كورديليا أن تصرخ مِن مظهره المروع.
“لقد قلت بإنكَ ذاهبٌ لاصطياد الأرانب.”
“ما الأمر يا بيلوتشي؟”
كان بيلوتشي مُغطىً بالدماء بالكامل، ورغم ذَلك، لم يظهر على الرجلين أيُّ شعورٍ بالدهشة أو القلق. فقط كورديليا كانت مذهولةً وتحاول السيطرة على نفسها.
“لقد وجدتُ شيئًا أكثر إثارةً للاهتمام.”
“ما هو؟”
“تعالوا لتروا بأنفسكم. لقد أبقيتُه حيًا.”
ثم عاد إلى الخلف وسحب شيئًا خلفه. كانت كورديليا على وشك التقيؤ عندما رأت ما جلبه.
كان الشيء الذي سحبهُ إنسانًا بالكاد، إذ كان مُغطى بالجروح والكدمات إلى حدٍ يجعلها تتساءل كيف لم يمت مِن تلكَ الإصابات. الآن فهمت كورديليا لماذا كان بيلوتشي مُغطى بهَذا الكم مِن الدماء.
عندما اقترب، كانت الرائحة أسوأ بكثير، ما جعلها تشعرً بالغثيان.
“هل يستطيع التحدث؟”
هَذا كُل ما كان البارون مُهتمًا به. أشار بيلوتشي بإيماءة على كتفيه ثم ركل الرجل المُصاب بلا أيِّ تردد.
“أوه!”
“نعم، يُمكنه التحدث. لم أؤذِ لسانه.”
“لماذا أتيت بهِ؟”
سأل البارون.
“كُنتُ أتجول بحثًا عن صيد، ووجدتُ هِذا الرجل يكتبُ شيئًا. عرفتُ على ما كان يكتُبه، فلم أستطع تركه.”
أخرج بيلوتشي قصاصة ورقية صغيرة. كانت تحمل رمزاً خافتاً لثعبان يلتف حول زنبقة.
“ما هَذا؟”
سألت كورديليا وهي تقترب. أجابها البارون بلطف:
“إنه رمزٌ يستخدمهُ ماكسيميليان.”
“آه، حقاً؟ أعني، هل تقصد ماكسيميليان، *ذَلك* ماكسيميليان؟”
اتسعت عيناها بشكلٍ لا مثيل له. أن يتم القبض على أحد أتباع ماكسيميليان بالقرب مِن مُخيمهم كان أمرًا غير مُتوقعٍ تمامًا.
“هُناك ما هو أكثرُ إثارةً.”
قال بيلوتشي بابتسامةٍ خبيثة، ثم رفع ذراع الرجل المنهار. كان على ظهرِ يده وشمٌ واضحٌ على شكل ذئب، وهو رمزٌ كانت كورديليا تعرفهُ جيدًا.
“إيمبلي؟ كيف يُمكن أن يظهر الذئب الأحمر هُنا؟”
“همم. ماكسيميليان وإيمبلي؟ ليس مزيجًا غريبًا.”
عائلة الذئب الأحمر، إيمبلي، هي واحدة مِن العائلات الثمانية المقدسة، مثل عائلات باسكيز وأتيلي.
كون أحد أتباع عائلة إيمبلي يُرسلُ رسالةً إلى ماكسيميليان يُثبت هَذا أن هًناك علاقةً بينهما.
“بعد أن أفكر بالأمر، أعتقد أن هَذهِ الغابة تقع على حدود منطقة إيمبلي.”
قال البارون مُحاولاً فهم الوضع.
“سيدي، ما الذي كان مكتوبًا في الرسالة؟”
كانت الرسالة مشفرة، ولم تتمكن كورديليا مِن فهمها. كانت تُشبه إلى حد ما الرسالة التي سلمتها سابقًا لـ ليونارد، لكنها كانت مُختلفة.
كلما قرأ ليونارد الرسالة، ازداد وجهه عبوسًا.
“يجب أن نُغير وجهتنا.”
“ماذا؟ ماذا كان مكتوبًا فيها؟”
“يبدو أن ماكسيميليان يًخطط لإغلاق مًختبري بشكلٍ نهائي.”
“هل هَذا معقول؟”
قفز البارون غاضبًا. قام ليونارد بتمزيق الورقة وألقاها في النار. في لحظةٍ، تحولت الرسالة إلى رمادٍ واختفت.
“كونهً قريبي الوحيد، يجعلهُ هَذا قانونيًا قادرًا على فعل ذَلك.”
“لكن هَذا المُختبر يحتوي على الكثير مِن الكنوز الثمينة! يبدو أن ماكسيميليان قد اتخذ قرارًا صارمًا.”
“علينا التوجه إلى ‘روبال’ الآن.”
“لكن الدخول إلى ‘روبال’ مُستحيل بالنسبة لكَ يا سيدي، ولنا نحنُ أيضًا، آه.”
توقف البارون فجأةً عن الكلام ونظر إلى كورديليا.
شعرت كورديليا بتلكِ النظرة المُريبة، والتي كانت مُماثلة تمامًا للنظرة التي أعطاها لها ليونارد قبل مُغادرتهم إلى أرض ديلروانا.
كان ليونارد ينظرُ إلى كورديليا بتمعنٍ أيضًا.
“لماذا، لماذا تنظران إليّ هَكذا؟”
“لأنكِ موجودةٌ. إذا ظهر وريثٌ شرعي، فلن يستطيع إغلاق المختبر.”
“ولكن في تلكَ الحالة سيُعرف مِن هو مُعلم كورديليا. هل أنتَ مُتأكد مِن أنكَ بخير مع هَذا؟”
“سيُكشف الأمر عاجلاً أو آجلاً. الأهم الآن هو منعُ إغلاق المُتخبر.”
تبادل الرجلان كلماتٍ لم تستطع كورديليا فهمها. ثم نظر البارون إليها بتمعنٍ قبل أن يهز رأسه.
“يا للعجب. سيُحدثُ هَذا انقلابًا في ‘روبال’.”
“هل يُمكن لأحدكم أن يشرح لي ما الذي تتحدثون عنه؟”
“أعني أنني سأعترفُ بكِ كـ تلميذتي.”
“لكنني بالفعل تلميذتكَ يا سيدي.”
“لكن الناس لا يعرفون أنكِ تلميذتي.”
“هل مِن الضروري أن يعرف الجميع ذَلك؟”
مِن منظور كورديليا، كان أول ما خطر ببالها هو: “لماذا؟” فهي تنوي تعلم بعض السحر ثم المغادرة، لذا كانت فكرةُ الكشف عن هَذا الأمر في المجلس تثيرُ قلقها.
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
قناتي بالتليغرام انزل فيها كل شي ♡ 《التليغرام》
حسابي بالواتباد 《cynfti》