أتمنى لو كان زوجي ميتًا - 24
الفصل 24: جَمعِيةُ سَحَرةِ روبال ³
“ما هو الجزء الأضعف هُنا؟”
“الجزء الأضعف؟”
“هل يوجد جزءٌ مُعين يبدو مُختلفًا عن البقية مِن الناحية البصرية؟”
“هممم.”
كانت الدائرة المُعقدة، مُكونةً مِن نقاطٍ وخطوط مُتشابكةٍ، ولكن عند النظر بدقةٍ أكثر، كان يُمكنها مُلاحظة أن هُناك جزءًا واحدًا مائلًا قليلاً بشكلٍ غريب. أشارت كورديليا بحذرٍ إلى ذَلك الجزُء بيدها.
“هَذا الجزء؟”
“ما هو؟ لا أستطيعُ رؤيته. اشرحيه لي بالكلام.”
“آه، أقصدُ النقطة التي تلتقي فيها ثلاث نقاط آخرى في مكانٍ واحد. يبدو أن هُناك تشوهًا طفيفًا هنا.”
“أنتِ…”
“هل أخطأت؟”
ضحك ليونارد. وهَذا أمرٌ نادر. فهو عادةً لا يضحك إلا إذا كان يسخرُ مِن شخصٍ ما أو يُعبر عن استيائه. لذا، عندما رأت كورديليا ضحكته، شعرت بقشعريرةٍ في ظهرها فجأة.
“إنهُ أنتِ.”
“ماذا؟ ماذا تقصد؟”
“أعتقدُ أنكِ تستطيعين كسر حاحز الحماية لأرضِ ديلوانا.”
“هل تمزح؟ لقد تعلمتُ السحر منذُ شهرٍ واحد فقط. لا يُمكنني القيام بذَلك.”
“لا يهُم. لا أطلبُ منكِ كسر الحاجز، فقط أشيري إلى نقطة الضعف، وسأتولى الباقي.”
“أليس مِن المُفترض أن الموت مَن ينتظرنا بمجرد أن نخطو في أرض ديلوانا؟ ألا يتطلبُ ذُلك منا الاقتراب مِن حاجز الحماية لرؤيتهِ بوضوح؟”
“لن نموت إذا فعلتُ ذَلك بشكلٍ صحيح.”
“هل تمزحُ الآن؟!”
أعلنت كورديليا عن رفضها الشديد لهَذا الاقتراح غير المسؤول وهي تقفز في مكانها.
“لن أذهب. حلمي هو أن أعيش حياةً هادئة وطويلة. إذا كُنتَ مُصرًا على الذهاب، فأذهب وحدكَ.”
ابتسم ليونارد مرةً أخرى على رفضها الحازم.
“كورديليا.”
“نعم.”
“هل تذكرين ما قُلتِ عندما قبلتُكِ كـ تلميذةٍ لي لأول مرة؟”
“ماذا قُلتُ بالضبط؟”
“قُلتِ: ‘سأساعدكَ بكُل ما أستطيع حتى تعود بأمان إلى أتيلي’.”
كيف يتذكرُ كلامها حرفيًا بعد مرور أكثر مِن شهرٍ على ذَلك؟ كانت ذاكرتُه مُذهلةً لدرجةِ أنها أشعرتها بالخوف.
تجعدت شفتا كورديليا.
“لكنني قلتُ حينها إنني لن أفعل شيئًا يعرضُ حياتي للخطر!”
“نعم، قُلتِ ذَلك. ولن تموتي.”
“ماذا تعني بقولكَ ‘لن تموتي’؟ هل هَذا يعني أنكَ لا تستطيعُ ضمان ذَلك؟”
“لن أستطيع مُساعدتكِ إذا ذهبتِ بمفردكِ ومُتِ بسبب شيءٍ أخر، هَذا خارج قدرتي.”
كانت واقعيةُ كلامهِ مُرعبة. وعندما كانت كورديليا على وشك أن تعترض مُجددًا، أنهى ليونارد الحديث بإغلاق أيِّ نقاشٍ آخر.
“لم أطلُب رأيكِ في الأمر. لكن على أيِّ حال، لقد سمعتُ رأيكِ.”
“ماذا؟”
“سنُغادر بعد عشرةِ أيام، لذا استعدي.”
“……”
* * *
“مرحبًا، لوتي.”
لسببٍ ما، كانت لوتي تهزُ ذيلها اليوم وتبدو ودودةً بشكلٍ غير مُعتاد. ولكن لم يدُم ذَلك طويلاً، حيثُ دفنت أنفها في حقيبة اللحم المُعلقة على خصر كورديليا.
“كُنتِ جائعةٍ، أليس كذلك؟ تفضلي، تناولي الطعام.”
ما أن وضعت كورديليا اللحم على الأرض حتى بدأت لوتي في الأكل بشراهة.
“مَن سيعتني بكِ يا لوتي إذا لم أكن هُنا لإطعامكِ؟”
على الرغم مِن تنهد كورديليا، استمرت الكلبة الرمادية في التهام الطعام دون أن تُعيرها أيَّ إهتمام.
“كُنتُ أخططُ لتعلمِ بعض التعويذات السحرية البسيطة والعمل كـ مُثمن سحري. كيف وصلت الأمور إلى هَذهِ المرحلة؟ لم أكن أريدُ تعلم السحر من الأساس. آه.”
في تلكِ اللحظة، بعد أن أنهت لوتي الطعام، بدأت تبحثُ بين القش بأنفها. ناولتها كورديليا مزيدًا مِن اللحم.
“لوتي. ماذا أفعل الآن؟ ماذا لو مُت حين أذهب إلى هُناك؟”
“……”
“ما هَذا؟ ماذا أفعل، هل أنا حقًا أتحدثُ إلى كلب؟”
دفنت كورديليا رأسها بين ركبتيها وأطلقت تنهيدةً عميقة. لم يمضِ وقتٌ طويل حتى شعرت بلمسات أنف لوتي الرطب على رأسها.
رفعت كورديليا رأسها لترى لوتي تلعق ذقنها بلسانها الرطب.
“هل تحاولين مواساتي؟”
جمعت كورديليا شجاعتها وبدأت تُداعب ظهر لوتي الرمادي الخشن. لسببٍ ما، هَذهِ المرة لم تتجنب لوتي لمستها، بل بقيت هادئةً. كان الدفءُ الذي شعرت بهِ مِن خلال راحة يدها مُطمئنًا.
“سأخبرهم بأن يعتنوا بإطعامكِ حتى لو ذهبتُ إلى أرض ديلوانا.”
نبحت لوتي نباحًا قصيرًا. لم تكُن تنبحُ عادةً، ولكنها فعلت ذَلك فورًا عند ذكر كورديليا للطعام، مما جعل الأمر مُضحكًا بعض الشيء.
“لا تقلقي، سأحرصُ على أن يهتموا بطعامكِ.”
نبحت لوتي نباحين مُتتاليين.
“ماذا؟ هل تقولين لي ألا أذهب؟”
نبحت مرةً أخرى.
“أنا أيضًا لا أريد الذهاب. قد يكون ذَلك المكان قبري، مِن يرغبُ بالذهاب إلى هُناك؟”
وفي تلكَ اللحظة، بدأت كورديليا تًعبر عن مشاعرها بصدقٍ إلى لوتي، وهي تُمسك بها بشدة.
“ها أنتِ هُنا مجددًا.”
كانت كورديليا قد بدأت تعتادُ على ظهور البارون المُفاجئ، لكنه لا يزال يُفاجئها. عندما استدارت وهي تُمسك صدرها المذعور، رأت اابارون واقفًا على هيئة الماء.
“يبدو أنكِ تهتمين بهَذهِ الكلبة كثيرًا.”
“فقط… لم يكُن لدي أيِّ شيءٍ آخر لاتعلق بهِ في هَذا المكان. كانت لوتي تقريبًا صديقتي الوحيدة.”
“هممم.”
أجابت كورديليا بصراحةٍ زائدة، ولم يجد البارون الكلمات المُناسبة للرد على الفور، فقام بتغيير الموضوع بشكلٍ مُحرج.
“هل أنتِ قلقةٌ بشأن ما قالهُ سيدي بالأمس؟”
“عن الذهاب إلى أرض ديلوانا؟ لا، أبدًا. أعني، نعم، إنهُ مكان يُمكن أن أموت فيه حتى لو أخطأتُ بخطوةٍ واحدةٍ فقد احترقُ بالنار، وهو مكانٌ يُنصح حتى أقوى السحرة بعدم الذهاب إليه، لكن لا بأس. سنجدُ حلًا بطريقةٍ ما.”
“كلماتكِ تحملُ مغزىً عميقًا.”
“ليس مُجرد مغزى، بل إنها كالسيف، ولكن يبدو أنها ليست حادةً بما يكفي ليشعر بها الطرف الآخر.”
“هل تريدين أن نذهب في نزهةٍ قصيرة؟”
ابتسم بارون بابتسامةٍ غامضة وقادها للخروج من الإسطبل. تبعتهُ كورديليا بخطىً مُثقلة.
“أفهمُ تمامًا ما يثيرُ قلقكِ.”
“حقًا؟”
“أنتِ مُضطرةٌ للمخاطرة بحياتكِ مِن أجل شخصٍ قد تعرفتي عليه منذُ شهرٍ واحدٍ فقط، وبدون أيِّ فائدة.”
“……”
استدارت كورديليا بسرعةٍ ونظرت إلى البارون. لقد عبر بالضبط عما كانت تشعرُ به.
في هَذهِ الرحلة الصعبة، لن تكسب كورديليا شيئًا. فقط سـ تُضحي بشكلٍ مُفروضة.
لاحظ البارون نظراتها، لكنهُ لم يلتفت عليها.
“بمُجرد أن يستعيد سيدي جسده، لن يعود أبدًا إلى قلعة إبرامز. وبطبيعة الحال، سيموتُ جسد كريج أيضًا.”
“بالطبع. لا يوجد سببٌ لبقاء السيد في هَذا الريف.”
“لكن إذا لم يعرف أحدٌ بموت كريج، فستُصبحين أنتِ الوحيدة المالكة لقلعة إبرامز.”
نظرت كورديليا إلى البارون بدهشة. لم يخطُر على بالها هَذا الاحتمال مِن قبل.
“هل مِن المُمكن إخفاء موت كريج؟”
“نعم، إذا كنتِ تُجيدين فن الدمى.”
“فن الدمى؟ ما هَذا؟”
“إنهُ سحرٌ يُستخدم للتحكم في شخصٍ فاقدٍ للوعي أو جثةٍ وتحريكها وفقًا لإرادتكِ.”
كان ما قالهُ مُخيفًا، لكن كورديليا قد شعرت بالإغراء مِن تلكَ الفكرة.
بينما كانت تسيرُ معه، وجدت نفسها أمام البرج الشمالي. الجندي الذي كان يحرسُ المدخل تعرف عليها وألقى التحية بأدبٍ. في هَذهِ الأثناء، كان البارون قد أصبح شفافًا واختفى عن الأنظار.
“بالطبع، لا يُمكن إخفاء الأمر إلى الأبد، لكن إذا تمت العناية بالجثة بشكلٍ جيد، يُمكنكِ أن تظلي المالكة الوحيدة لقلعة إبرامز لمدة خمس سنوات. بعد ذَلك، يُمكنكِ أختياى مصيركِ كما تشائين.”
عندما صعدت السلالم إلى حيثً لا يوجد جنود، ظهر البارون مُجددًا.
“لكن أليس مِن المًفترض أن ابقي بجانب سيدي كـ تلميذته؟ ألن أكوني مُضطرةً للبقاء معه أينما ذهب؟”
“بلى، لكن لكُل قاعدةٍ استثناء.”
“أوه، أنتَ تقصدُ أن إنشاء مدرسةً سحرية؟ لكن كيف لي أن أنشاء مدرسة وأنا بالكاد بدأتُ في تعلم السحر؟”
“لا، في حالة النجوم التي تتكون مِن معلم وتلميذ واحد، مثل حالة سيدي ليونارد، فإن هُناك حالات يبتعد فيها المُعلم عن التلميذ احترازًا.”
“فهمت.”
توقفت كورديليا عن المشي، وتوقف البارون أيضًا وحام حولها.
“إذًا، هَذا يعني.”
“يعني أن ليونارد سيستعيدُ جسده، وستكونين قادرةً على البقاء هُنا وحدكِ، مع وجود مبررٍ لذَلك.”
“لكن هل سيترُكني السيد بسهولة؟”
“هاها، لا تقلقي. سيدي أكثر ليونةً مما يبدو. إذا توسلتِ إليه مع بعض الدموع، فمِن المؤكد أنهُ سيوافق.”
عادت قدماها إلى الحركة بعد أن كانت مُتجمدةً، وبدأ عقلها في التفكير بسرعة.
استمرت في المشي حتى وصلت إلى قمة البرج. الجندي الذي كان يحرسُ الباب تعرف عليها وألقى التحية فورًا.
“مرحبًا، كونتيسة. ما الذي جاء بكِ إلى هُنا؟”
“أوه، أنا…”
في الواقع، لم يكُن لديها نيةٌ لزيارةِ أحد، وكانت تُفكر في العودة، لكن حينها لاحظت البارون، الذي تحول إلى قطرة ماءٍ صغيرة لا يُمكن أن يراها إلا هي، يُشير إلى الباب الذي كانت فيه هيلينا.
“جئتُ لرؤية السيدة هيلينا.”
“سأقوم بالإعداد الأمر.”
دون أيِّ ترددٍ، بحث الجندي عن المفتاح وفتح الباب الذي كانت هيلينا محبوسة خلفه. أصدر الباب صوتًا مُزعجًا بسبب عدم تزييته عندما فُتح.
همس البارون في أذن كورديليا.
“انظري إلى هيلينا إبرامز. تلك هي المرأة التي أذتكِ واحتقرتكِ.”
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
قناتي بالتليغرام انزل فيها كل شي ♡ 《التليغرام》
حسابي بالواتباد 《cynfti》