أتمنى لو كان زوجي ميتًا - 18
في تلكَ اللحظة، بدأت ليلي بعضِ شفتيها قبل أن تتحدث فجأة.
“السيد إينغريون جاء ليرى تلكَ الفتاة؟ لماذا؟”
“لا أنا أفهمُ سؤالكِ، سيدة داليا. هل مِن الغريب أنني قد جئتُ لرؤيتها؟”
“لكن تلكَ الفتاة… هل تعرفها؟”
“عائلة فاسكويز هي واحدة مِن العائلات الثماني المقدسة، سيدة داليا.”
على عكسكم.
لقد قالها بنبرةٍ ساخرة بشكلٍ مُهذب. وعندما فهمت ليلي المغزى، احمر وجهها غضبًا.
قال إينغريون بينما كان يمُدُ ذراعهُ اليُسرى لـ كورديليا.
“هل يمكنني أن أطلب منكِ إرشادي في القصر، سيدة كورديليا؟”
“…نعم، بالطبع.”
رغم أن هُناك الكثير مِن الأسئلة التي أرادت طرحها، مثل متى رآها سابقًا، ولماذا جاء لرؤيتها، إلا أنها أخفت مشاعرها الحقيقية وتظاهرت بالهدوء أثناء سيرها.
كانت تشعرُ بحرارة على ظهرها مِن النظرات الحادة للأشخاص الذين تركتهم خلفها.
دخلت إلى داخل القصر عبر الفناء الداخلي. وعندما لم يكُن هُناك أيُّ خدم يمرون، توقفت كورديليا عن المشي أولاً.
“دعنا نوضح الأمور هُنا. مِن الذي قد جئتَ لرؤيته؟”
“لقد أخبرتكِ بالفعل. أنتِ. كانت الملاحظة تقول أن أبحث عن كورديليا فاسكويز. ألم تكوني أنتِ مِن أرسلتها؟”
“أنا؟”
“إذا كنتِ تتظاهرين بأنكِ لا تعرفين، فأنتِ تمثلين بشكلٍ جيد.”
إذا كان هو الضيف الذي أخبرها ليونارد عنه، فقد بدأت كورديليا تفهمُ الوضع قليلاً.
مِن المحتمل أن ليونارد لم يتمكن مِن الكشف عن وجوده هُنا مباشرةً، لذا استخدم اسمها بدلاً مِن ذَلك.
“الشخص الذي تبحثُ عنهُ ليس أنا، بل هو سيدي.”
“سيدكِ؟ هل تقصدين زوجكِ؟”
“لا. ليونارد أتيلي، سيدي، آآآه!”
كان الأمر سريعًا جدًا. قبل لحظة، كانت نظرتهُ ودودةً، لكنها أصبحت فجأة باردةً وقاسية، وأمسك بعُنقها بشدة دون تردد.
“هَذا الشخص ليسِ شخصًا يمكنكِ قول اسمه بِهَذهِ السهولة.”
“آآآه، اتركني…!”
“إذا كان هَذا فخًا سخيفًا وقد استخدمتِ اسمه، فعليكِ أن تستعدي جيدًا. سأقطعُ أطرافكِ وألقي بها للكلاب.”
شعرت كورديليا بالاختناق. ضربت قبضته بأقصى ما تستطيع، لكن كان ذَلك دون جدوى.
قبل أن تفقد وعيها، تركها فجأة وسقطت على الأرض مثل دميةٍ محشوة.
“آآآه، كح، كح.”
“لماذا تجلسين هنا؟ أرشديني.”
أجبرها على الوقوف وهي غيرُ قادرةٍ على الوقوف بشكلٍ صحيح، وكانت كورديليا تمسح دموعها بكم قميصها.
كان عنقها يؤلمها بشدة. كانت تشعرُ بالظُلم والغضب الشديدين، لكنها كبتت مشاعرها. كانت تعرف أن الصبر لن يخونها أبدًا.
ستكونُ هُناك فرصةٌ قريبًا لترد لهُ هَذهِ الإهانة.
تظاهرت بالهدوء وقادت الطريق. لم يكن مكتب ليونارد بعيدًا. عندما وصلت إلى الباب، طرقت عليه بخفة.
“هُناك زائر.”
“أدخليه.”
عندما حاولت كورديليا فتح الباب، منعها إينغريون. وأمسك بمقبض الباب بنفسه، وعلى وجهه توقعات وأمل.
تنفس بعمق وفتح الباب. لكنه أصيب بخيبة أمل.
“هل تمزحين معي؟”
عندما رأى “كريج إبرامز” بدلاً مِن الشخص الذي كان ينتظره، بدأ إينغريون يحدقُ بغضبٍ في كورديليا.
تراجعت كورديليا غريزيًا مِن خوفها مِن غضبه.
“ما هي حيلتكما، أنتما الاثنان، لتضعاني في هِذا الفخ القذر…؟”
“بيلوتشي.”
“أخرس. سأقتلكَ بعد هَذهِ المرأة.”
“مزاجكَ الناري لم يتغير. وكذَلك غباؤك في تصديق ما تراه فقط.”
بلهجته المألوفة جدًا، التفت بيلوتشي تلقائيًا نحو ليونارد. كان ليونارد يشيرُ إليه بأن يقترب.
“هل لا تزال لا تعرف مَنْ أنا؟”
تقدم بيلوتشي بحذرٍ شديد نحو ليونارد، مع الكثير من الشكوك في عينيه.
“هل أنتَ هو حقًا؟ ولكن كيف؟”
“نقلتُ روحي عندما كُنتُ على وشكِ الموت. لسوء الحظ، انتهى بي الأمر في هَذا الجسد القذر.”
“نقلت روحك؟ هل هَذا ممكن؟”
“ما الذي تظنه عني؟”
أطلق ليونارد صوت امتعاض قصير، وحرك ذراعه بخفة. في غمضة عين، تحولت الغرفة إلى غابة. كانت كورديليا، التي كانت تقف بجانب الحائط، مندهشةً مِن المعجزة التي أداها ليونارد، ونظرت حولها بذهول.
يمكنُها أن تشم رائحة التربة في أنفها. فتحت عينيها على مصراعيها ومسحت الأرض. كانت يداها مبللتين بالندى.
لم يكن بيلوتشي متفاجئًا مِن تغيُر المكان فجأة. فقط نظر إلى ليونارد بتمعن، محاولاً استيعاب الحقيقة، ولكن يبدو أن الأمر لم يكن سهلاً.
“أيُّ شخصٍ يُمكنه الوصول إلى مستوى معين مِن السحر يُمكنهُ تنفيذُ تعويذةٍ كهذه. بالطبع، كان سيدي يستطيع فعل ذَلك بيدٍ واحدة.”
“همم. تتظاهر بأنكَ تعرفُ الكثير عن السحر، ولكنكَ لم تتعلم شيئًا، ما زلت تتبعني بغباء.”
كان ليونارد يبتسم بسخرية، لكنه لم ينكر. بالعكس، كان هناك ارتفاع طفيف في زاوية شفتيه.
“لم أكُن أتصور أن يأتي اليومٌ سأحتاجُ فيه إثبات هويتي لكَ.”
“أجبني. أين قابلتُ سيدي لأول مرة؟”
“لا أعرف. كيف قد أتذكرُ شيئًا تافهًا كهَذا؟”
“أين تعهدتُ بالولاء لسيدي؟”
“هل تتوقع مني أن أتذكر ذَلك؟”
كانت جميع أجاباته غير جدية على الإطلاق. لم يُظهر أيَّ رغبةٍ في إثباتِ هويته. كانت كورديليا، التي كانت تستمع في الخلف، تشعرُ بالاختناق وضربت صدرها من الإحباط.
‘كيف يمكنهُ أن يجيب بِهَذهِ الطريقة؟ حتى لو تظاهر بأنه يتذكر، كان سيكون أفضل من هَذا.’
على الرغم مِن أجاباته غير الجادة، لم يقل بيلوتشي شيئًا. في تلكِ اللحظة، بدا أن ليونارد تذكر شيئًا ما، فرفع رأسه قليلاً.
“آه، تذكرت شيئًا.”
“ما هو؟”
“لقد بكيت وتوسلت لي بأن أقبلك كخادمٍ لي وأنتَ تُمسكُ قدمي، أليس كذلك؟”
“……”
“وقلت أنكَ ستموت إذا لم أقبلكَ.”
“……لا أتذكر شيئًا مِن هَذا القبيل.”
“لا تتذكر؟ يبدو بأن ذاكرتكَ سيئة. هل أقول المزيد؟ عندما كُنتَ في الخامسة عشرة وتعرضتَ للضرب وسقطتَ في النهر.”
كان ليونارد يضحك بخفة وهو يسرد ذكريات تفصيلية. حتى كورديليا، التي لم تكن تعرف شيئًا، وجدت الأمر معقولاً إلى حد ما.
رفعت رأسها لترى وجه بيلوتشي، الذي بدا مرتاحًا. يبدو أنه أدرك أخيرًا أن ليونارد هو مِن يتحدث.
تقدم الفارس ذو الشعر الأسود خطوة نحو ليونارد.
“أنتَ…”
“نعم، أنا ليونارد أتيلي.”
فكرت كورديليا بأن حتى لو نطق باسمه سيبدو ذلكَ مزعجًا.
ابتسم بيلوتشي بسخرية وهو يسحب سيفهُ مِن حزامه.
“إذا كُنتَ حقًا سيدي، فستتمكن مِن تجنب هَذا.”
“ماذا؟”
حدثت الأمور بسرعة كبيرة. بدون تردد، سحب بيلوتشي سيفهُ ولوح بهِ مباشرةً. فتحت كورديليا فمها بشكلٍ كبير، ناسية الصراخ.
“هل فقدتَ عقلكَ؟”
“أوهه أنتَ تجنبتها؟”
“بيلوتشي، هل سمعتَ ما قلتُه؟”
“هل ستتجنب هَذا أيضًا؟”
لم يكن هُناك حاجةٌ لشرح المزيد، فقد تحول المكان إلى ساحة معركة. تحول الماكن الذي كان غابةً إلى القلعة، وامتلأ الغرفة بصوت السيوف والصراخ.
“آآآه!”
طار خنجر وثبت في الحائط بالقرب من كورديليا. صرخت برعب. توجهت نظرة ليونارد نحوها للحظة.
“صحيح، لم تتلقَ ضربة منذ فترة. دعنا ننعش ذكرياتنا.”
ابتسم ليونارد ابتسامة غريبة ورفع قبضته بقوة. في نفس اللحظة، نبتت سيقان نباتية سميكة مِن الأرض وبدأت تلتف حول أرجل بيلوتشي.
لم يكن هُناك وقتٌ للدهشة مِن سحره.
قطع بيلوتشي السيقان بالخنجر وابتعد عن ليونارد. ثم خفض عينيه بشكلٍ مُحزن وقال:
“لو كُنتَ سيدي، لكُنتَ قد هزمتني في عشر ثوانٍ. مضى أكثر من عشرين ثانية، لذا مِن الواضح أنكَ لستَ هو.”
لقد شاهدت العديد مِن الناس في حياتها، لكن لم ترَ مجنونًا كـ هَذا مِن قبل. نسيت كوردليا الوضع للحظة وحدقت في بيلوتشي.
كان ليونارد أيضًا متفاجئًا. ابتسم بسخرية وخلق سيفًا جليديًا حادًا.
“نسيتُ كم أنتَ مجنون.”
انتهى الحوار عند هَذا الحد. بدأ قتالٌ عنيفٌ مجددًا.
طارت كرات نارية، وتحطم الأثاث وتحول إلى رماد.
ارتجفت كورديليا بشدة، راغبةً في الهروب مِن هَذهِ الفوضى. لكن كلما حاولت الاقتراب مِن الباب، طار شيءٌ ما في طريقها، مما جعلها تتوقف.
“هل سيقاتلون طوال اليوم؟”
لحسن الحظ، لم يدم القتال طويلاً كما توقعت. ظهر البارون فجأة، ووقف بينهما.
“بيلوتشي! كيف لا تستطيع التعرف على سيدك وتوجه سيفك نحوه!”
“ابتعد.”
“أؤكد لكَ، هَذا هو ليونارد أتيلي. رغم أن جسدهُ ليس جسده، فإن روحه…”
“لم تسمعني؟ قلتُ ابتعد.”
حدث الأمر بسرعة كبيرة. بدون تردد، وجه بيلوتشي سيفهُ مباشرةً وقسم بارون إلى نصفين.
رغم أن جسدهُ كان مائيًا، إلا أن كورديليا سمعت أن الضرر الذي يلحق به يؤثر أيضًا على الجسم الحقيقي.
“بيلوتشي!”
صرخ ليونارد لأول مرة. فتح راحة يده وأطلق كرة ضوء كبيرة نحو بيلوتشي. ترنح بيلوتشي وسقط على ركبتيه.
كان جسد البارون المقسم ضعيفًا جدًا، لكن شكلهُ بقي. هرعت كورديليا نحوه.
“هل أنتَ بخير، بارون؟”
“نعم، أنا بخير.”
كان جسدهُ صلبًا كالشجرة عادةً، لكن الآن كان هشًا جدًا بحيث يُمكنها أن تمر يدها مِن خلاله.
نظر ليونارد بحدةٍ إلى بيلوتشي، الذي كان راكعًا على الأرض.
“كم مرةً قلتُ لكَ ألا توجه سيفك نحوي؟”
“لماذا هو هُنا؟”
كان بيلوتشي يرتجف، ويُمسكُ بطنهِ مِن الألم. كان الدم يسيل مِن أذنيه وأنفه، لكنهُ لم يتوقف عن التحديق في البارون.
“ماذا؟”
“لماذا هَذا الكلب العجوز المريض هو أول مَنْ يعرفُ أن سيدي ما زال على قيد الحياة؟”
“…..”
“لقد بحثتُ عن سيدي لفترةٍ طويلة، لماذا لم تعطني أيَّ إشارة؟ ماذا فعلتُ لأكون أقل شأنًا مِن هَذا الكلب البائس؟”
كان الحسد يُقطر من عينا بيلوتشي بشكلٍ لا يمكن إخفاؤه.
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
قناتي بالتليغرام انزل فيها كل شي ♡ 《التليغرام》
حسابي بالواتباد 《cynfti》