أتمنى لو كان زوجي ميتًا - 15
” أين تعلمتِ أن ترفعي صوتكِ هَكذا؟ هَذهِ قلةُ أدب! ااه صحيح، يبدو أنكِ لم تتعلمي أيُّ شيءٍ في ذَلك المنزل؟”
“لماذا لديكِ رسالة تخصُني، يا سيدتي؟”
“هل هَذا هو المُهم الآن؟ لدينا لصٌ في المنزل. آه، الآن قد فهمتُ لماذا أرسلكِ فاسكويز إلى إبرامز.”
قال أرنولد مستهزئًا، ومضيفًا إلى كلام هيلينا.
كان البارون لانكستر هو الشخص الوحيد الذي التزم الصمت في هَذا الموقف. يبدو أنهُ لم يتوقع هَذا التحول المُفاجئ في الموقف، فبدأ بالسعال بهدوء مراقبًا الوضع.
قالت كورديليا وهي تُحاول تهدئة أنفاسها المُتسارعة التي أصبحت متسارعة:
“لص؟ يبدو أن هُناك سوء فهم. لم يكن لدي أي نيةٍ لفعلِ ذلك.”
“سوء فهم؟ إذن كيف تفسرين هَذهِ الرسالة؟ هُنا مكتوب بوضوح أنهُ يطلبُ منكِ إرسال مئة ألف لينكت إلى فاسكويز!”
“يجبُ طردُها مِن القلعة فورًا. لا أحد يعلم ما قد تفعلهُ إذا بقيت هُنا. أمي.”
صاحت هيلينا وهي تهز الرسالة. بدت ليلي على استعداد لدعمِ فكرة طرد كورديليا فورًا.
غمر الغضب كورديليا بسبب هَذهِ الإهانات المستمرة. أرادت الوقوف والصراخ بأن يصمتوا ويتوقفوا عن هَذا الهراء.
عضتْ كورديليا شفتيها بشدة حتى شعرت بطعمِ الدم. ضغطت بأظافرها في راحةِ يدُيها لدرجة أنها قد حُفِرت في يدها. حتى حلقها أصبح يؤلمها.
“سيدتي، مِن فضلكِ اهدئي. دعينا نستمع إلى ما لدى الكونتيسة.”
“آه، البارون لانكستر. لقد نسيتُ وجودكَ للحظة.”
كان البارون، الذي التزم الصمتَ طوال الوقت، قد تحدثَ بنبرةٍ مُحترمة. لاحظت هيلينا وجودهُ أخيرًا وتظاهرت بالاندهاش.
“هممم. يا لها مِن حادثةٍ مؤسفة لم اتوقع أن يحدُث هَذا أثناء تناول الطعام مع البارون.”
“بالتأكيد كانت هي مَن جعلت كريج يُصدق تلكَ الشائعات السخيفة عن والدتي.”
“الآن، بعد أن تم اكتشافُ هَذهِ الرسالة، لا يوجد أيُّ مجالٍ للأعذار.”
“أيُّ أعذار؟ هاا. يجب أن تكوني ممتنةً لـ أننا لم نطرُدكِ على الفور. آه،ه رأسي. كيف سمحتُ بدخول شخصٍ كَهذا إلى المنزل؟”
أطلقت هيلينا كلماتها السامة ثم وضعت يدها بمبالغةٍ على جبهتها. هز أرنولد رأسهُ بينما أطلق صوتًا تعبيرًا عن استيائه. ابتسمت ليلي ابتسامة واضحة.
وسط وابل من الكلمات المهينة، قالت كورديليا لنفسها “تحملي، تحملي.” حاولت تذكير نفسها بالتحمل.
ثم فجأة خطر لها سؤال.
“لماذا يجب عليَّ أن أتحمل؟”
في تلكَ اللحظة، برد رأسُها وقلبُها الذان كانا يغليان.
“هل يمكنني إلقاءُ نظرةٍ على الرسالة؟”
“آه، نعم. يا بارون، انظر بنفسكَ. ستُدرك مدى وقاحة هَذا الأمر.”
“حسنًا. مِن الصعب أن نشكُ في الكونتيسة بناءً على هَذهِ الرسالة فقط. إنها مُجرد طلب، وليس هُناك دليلٌ على أنها قد أرسلت المال فعلاً، أليس كذلك؟”
“كيف يُمكن أن يكون هُناك دليلٌ أقوى مِن هَذا؟ طلبُ المال مِنها هَكذا بشكلٍ طبيعي يعني أنها قد فعلت ذَلك مراتٍ عديدةٍ مِن قبل!”
أعاد البارون لانكستر الرسالة إلى هيلينا. تحدثت ليلي، التي كانت شديدةُ الانفعال، إلى البارون بنبرةٍ حادة.
لكن البارون ظل هادئًا طوال الوقت.
“على الأقل دعونا نستمع للكونتيسة.”
“لا فائدة مِن الإستماع إليها. أليس كذلك، أمي؟”
“بدلاً مِن ذَلك، دعونا نستدعي المسؤول المالي للتحقق بِهَذا. كما قالت ليلي، قد لا تكون هَذهِ هي المرة الأولى، رُبما قد فعلت ذَلك عدة مراتٍ مِن قبل.”
في تلكَ اللحظة، أدركت كورديليا فجأة الحقيقة كـ ضوء البرق الذي يخترقُ الظلام. كُل الألغاز حُلّت في لحظة.
‘هيلينا خائفةٌ مني.’
في الأوقات العادية، لم تكن هيلينا ستكترثُ بها. ولكن الآن، كونها قد هاجمت كورديليا بشدة ودعت البارون لانكستر، الذي لهُ تأثيرٌ كبير داخل العائلة، للغداء كان هَذا سببًا واضحًا.
كانت تُحاول استعادة قوتها المنهارة بكُل طريقة مُمكنة.
كانت كورديليا مسرورةً بِهَذهِ الوضعية. كان الأمر مُضحكًا لدرجة أن الضحك كاد يُفلت منها.
لأنها أدركت أنها لم تعد بحاجةٍ إلى أن تخضع وتُذل أمامهم بعد الآن.
“فكرة رائعة، يا سيدتي.”
توجهت كل الأنظار نحو كورديليا.
استلت السكين الحادة التي صقلتها لفترةٍ طويلة.
“ماذا قلتِ الآن؟”
“دعونا نستدعي المسؤول المالي فورًا.”
“يا للعجب. هل تنوين الاعتراف؟”
ضحكت ليلي وهي تشربُ رشفةً مِن النبيذ بجانبها.
“الاعتراف؟ هَذهِ فكرةُ جيدةٌ أيضًا يا ليلي، يمكنُكِ أن تبدأي. إذا اعترفتِ، سأخففُ الحكم ولن أطرُدكِ.”
“ماذا؟ بماذا سأعترف؟ هل جُننتِ؟”
“لدى ليلي الكثير لتعترف به. عندما تزوجتِ، قد سرقت الكثير مِن خزانة إبرامز دون علم الكونت السابق، وأخذتِ نصيبًا وافرًا. أليس كذلك؟”
“ماذا؟ ما، ما هَذا الهراء؟”
تغير لونُ وجهِ ليلي إلى الشحوب بسرعةٍ، ثم عاد إلى حالتهِ الطبيعية.
كانت قد حفُظت التقرير الذي احضرهُ ليونارد جيدًا كان ذَلك يستحقُ الجهد.
“هل تريدينني أن أذكُر الأشياء التي سرقتِها مِن خزنة إبرامز؟ قمتِ ببيع خمسِ لوحات لديشان واثنتي عشرة قطعة مِن تماثيل لو ميدي للسارقين. هل سـ تتذكرين إذا استدعينا المسؤول المالي للتحقق؟”
“لا تكذبي! هل لديكِ دليل؟ هل لديكِ؟”
“في مثل هذه الحالات، يجب أن تجيبي بأنك لا تعرفين، يا ليلي.”
“هَذا، هذا!….”
لم تستطع ليلي، التي احمر وجهها، أن تحتمل الغضب فقفزت مِن مكانها. كانت لتُمسك بكأس نبيذ نصف ممتلئ بيدها.
يدها المُهددة بصبِ النبيذ فوق رأس كورديليا أوقفها شخصٌ غيرُ متوقع.
“كُنتِ على وشك السقوط. هل أنتِ بخير؟”
“……اتركني. يا بارون لانكستر.”
همس البارون “عذرًا” وهو يتركُ ذراع ليلي. نظرت إليه ليلي بغضب شديد.
حكت كورديليا يدها أسفل الطاولة. في الواقع، كان كل جسدها يشعر بالحكة. منذُ البداية، كان حلقها يؤلمها كأن نملة قد لدغته، لكنها تحملت بصبر.
“يبدو أنكِ قد سمعتِ شائعةٍ غريبة مرةً أخرى.”
“آه، أنتَ هُنا أيضًا، يا كونت ديلون. سأعطيكَ أيضًا فرصةً للاعتراف بأخطائك.”
“ماذا؟ هل جُننتِ….”
“لقد اعتديت على امرأتين متزوجتين مِن القرويين وضربتهما وطردتهما، أليس كذلك؟”
أعلنت كورديليا جرائمه بوجهٍ هادئ. لكن على الرغم مِن مظهرها الهادئ، كان قلبُها ينبضُ بشدةٍ وكأنها قد لدغت مِن قبل ثعبان.
كانت تعرف أن هُناك شيئًا غريبًا بها، لكنها لم تستطع التراجع الآن. كان عليها أن تنهي الأمر بشكلٍ نهائي.
“تقولين أشياء غريبةً منذُ البداية. يبدو أن عقلكِ ليس على ما يرام.”
“الأولى كانت ذات شعرِ أحمر وأنفِ مائل قليلاً، والثانية كانت ذات شعرٍ أسود وعينين سوداوين وبقعةٍ على رقبتها، أليس كذلك؟”
“……!”
بسبب الوصف الدقيق، أخذ أرنولد ديلون نفسًا عميقًا.
“آه، ما كان اسمهما؟ ديزي و…….”
“اصمُتي!”
صرخ أرنولد بقلقٍ واضح.
من ردةِ فعلِه، يبدو أن إيميلي قد جمعت المعلومات بشكلٍ جيدٍ حقًا. ابتسمت كورديليا بثقة.
عندما تحولت الأمور بشكلٍ غريب، عضت هيلينا شفتها وأخذت نفسًا عميقًا. كان البارون لانكستر ينظرُ إلى كورديليا باهتمامٍ شديد.
“لا تُغيري الموضوع. نحنُ نتحدثُ عن سرقتكِ للآموال.”
“نعم، سيدتي. كنا نتحدث عن السرقة.”
أجابت كورديليا بابتسامةٍ مشرقة على كلام هيلينا.
“في ذَلك اليوم، ربما تجاوز كريج الأمر، لكن السرقة التي ارتكبتها سيدتي لا يمكن التغاضي عنها بسهولة. لقد حصلتِ على قصرٍ في مانهاو مقابل منح رينولد أوسو حق جمع الضرائب.”
“هذا جديدٌ عليّ.”
“حقًا؟ يبدو أن هُناك الكثير مِن المُشكلات في ذاكرتكم اليوم.”
قرصت كورديليا يدها بقوة تحت الطاولة. كان جسدُها يشعر بالحكة بشكلٍ رهيب وكان عليها أن تفعل شيئًا.
مع تجاهُل حلقها الذي يؤلمُهت، تذكرت محتوى التقرير.
“ماذا يمكِنُني أن أقول لتتذكري؟ آه، لقد خبأتِ عدة عُشاق لكِ في ذلك القصر، هل يجب أن نستدعيهم كشهود؟”
“أنتِ، أنتِ…!”
اتسعت عينا هيلينا بأقصى قدرٍ مُمكن. وأكملت كورديليا الضربتها القاضية.
“على أيِّ حال، لديكِ ذوقٌ ثابت، سيدتي. الشعرُ الأشقر والعينان الزرقاوان. جميعُ عُشاقكِ الذين قمتِ بدعوتهم إلى القصر كانوا متشابهين، أليس كذلك؟”
عندها تحدث البارون لانكستر الذي كان يراقبُ الوضع.
“بالطبع، لديكِ أدلة موثوقة على ذَلك، أليس كذلك؟”
“بالتأكيد، يا بارون. وإلا كيف سأتمكن مِن تقديمكم أنتم الثلاثة للمحاكمة؟”
عند سماع كلمة “محاكمة”، امتلأ الجو بالتوتر. لأن محاكمة أيُّ نبيل كانت تُعتبر إهانةً عظيمة.
“يجب أن نُحقق العدالة في إبرامز. وهُذا ما يريدهُ كريج بشدةً أيضًا.”
وتمتلك كورديليا أدلة كثيرة. كانت قد طلبت مِن الخدم جمع المزيد مِن الأدلة بناءًا على التقرير الذي قدمه ليونارد.
كانت تعتقد دائمًا أن الفرصة لاستخدامها ستأتي في يومٍ ما، ولم تتوقع أن تأتي الفرصة بِهَذهِ السرعة.
“هل ستقدميننا للمحاكمة. مع هَذهِ الأدلة المفبركة، كيف تجرؤين!”
“أعطني الرسالة.”
مدّت كورديليا يدها نحو هيلينا. ارتعشت هيلينا بعدم تصديق لما يحدُث.
“أم نذهب المحاكمة؟ لا مشكلة لدي.”
اهتزت شفتا هيلينا. كانت السيطرة قد انتقلت بوضوح إلى جانب كورديليا. الجميع في الغرفة أدركوا ذلك. حتى أرنولد كان صامتًا.
‘الحكة، الحكة، الحكة.’
كانت كورديليا تضغط على أسنانها. كانت تعرف أنهُ إذا أظهرتْ أيَّ ضُعف، فستستغل هيلينا الفُرصة للهجوم مرةً أخرى.
السبب وراء هَذهِ الحكة كان واضحًا.
الفول السوداني.
كان لديها حساسية شديدة تجاه جميع أنواع المكسرات، وخاصةً الفول السوداني.
كانت قد كادت تموت بسبب تناولها في صغرها، ولم تقترب منها منذُ ذَلك الحين.
كل مَن في القصر كان يعرف ذَلك، لكن السبب في أن كورديليا تناولت الفول السوداني كان واضحًا.
عندها فُتح باب غرفة الطعام بعنف.
“كريج!”
تغيرت تعابيرُ وجهِ هيلينا بسرعةٍ إلى السعادة. لوّحت لهُ وكأنهُ مُنقذها.
“تعال بسرعة. لدي شيءٌ لأخبرك به. هذه الشيء التافه كانت تسرقُ منا و…”
“لماذا يبدو وجهكِ هَكذا؟”
لم يُعر ليونارد اهتمامًا لهيلينا. سار بخطواتٍ واسعة نحو كورديليا.
“الرسالة.”
“ماذا؟”
“السيدة تحتفظ برسالتي.”
شعرت كورديليا وكأن جسدها يُقضم مِن قِبَل نمل. لكنها لم ترفع عينيها عن هيلينا.
ترددت هيلينا قليلاً ثم أعطت الرسالة لليونارد.
“نعم! كريج، اقرأ هَذهِ الرسالة!”
“أيُّ رسالةٍ هَذهِ؟”
أخذ ليونارد الرسالة مِن هيلينا وقرأ محتواها، ثم ألقاها على الطاولة بلا اهتمام.
“أرسلوها.”
“ماذا؟”
“أرسلوها. ألا توجد عشرة آلاف لينكيت في خزانة إبرامز؟”
“هل جُننت؟ هل أنتَ في كامل وعيك؟ لماذا قد نُرسل أموالًا إلى فاسكويز؟”
“كريج، لماذا تُدافع عن تلكَ المرأة؟”
كان ردُه غيرُ المتوقع جعل هيلينا وليلي يغضبان. بينما اتكأ ليونارد باستهزاء.
“ما أهمية هَذا المبلغ؟”
“ما أهمية هَذا المبلغ؟ كريج، هل تعرف كم هي عشرة آلاف لينكيت؟”
“إذن، هل لدينا هَذا المال أم لا؟”
نظر ليونارد إليهم بازدراء.
كان تصرفهُ مريعًا لدرجة جميع كانوا يشعرون بالغضب.
“كريج.”
ابتسمت هيلينا بمرارة.
“ليس الأمر أننا لا نملك المال، لكن يجب نُنفقهُ في أشياء مُهمة.”
“أشياء مُهمة؟ هَذا جيد. شقيقُ زوجتي بحاجةٍ للذهاب إلى الأكاديمية، وهَذا مُهم.”
“كريج!”
“آه.”
لم تعد كورديليا تستطيعُ التحمل. لم يكن بإمكانها البقاء واعيةً. جسدُها كان يتمايل بشكلٍ واضح، فأمسك ليونارد بكتفها على الفور.
“ما بكِ؟ هل أنتِ مريضة؟”
“اتركها. كريج، بخصوص إرسال المال إلى فاسكويز، لا أعتقد أن…”
تابعت هيلينا كلامها متجاهلةً الوضع.
“آه.”
أخذت كورديليا نفسًا عميقًا. لكن الهواء لم يدخُل حلقها.
أمسكت بملابس ليونارد بشدة. كان واضحًا أن ليونارد قد شعر بالذعر، فأمر الخدم بصوت عالٍ.
“ماذا تفعلون؟! استدعوا الطبيب فورًا!”
“الفول…”
“ماذا؟”
بكل قوتها، همست في أذنه.
“الفول سوداني.”
“الفول السوداني؟”
“يا إلهي! كيف لم تنتبهي؟ يبدو أنها قد أكلت الفول سوداني دون أن تُدري. قلتُ لكِ أن تكوني حذرةً.”
أمسك ليونارد بكتفها بتوتر. لكنها لم تستطع سماع أيِّ شيءٍ سوى صدى صُراخه.
للأسف، كان هَذا كُل ما كانت كورديليا تتذكروه.
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
قناتي بالتليغرام انزل فيها كل شي ♡ 《التليغرام》
حسابي بالواتباد 《cynfti》