أتمنى لو كان زوجي ميتًا - 14
“الأولوية الآن لاستعادة جسدي. لا يُمكنني أن أبقى محبوسًا في هَذا الجسد البائس إلى الأبد.”
“هل تعتقد أنني استطيعُ تنفيذَ سحر نقل الروح في هَذا الجسد؟”
“لستُ متأكدًا، سنرى إلى أيِّ مدىً يمكنهُ الوصول.”
لأول مرة، كان ليونارد الذي كان دائمًا واثقًا يتحدثُ بنبرةٍ مُترددة.
في الواقع، كان نجاح سحر نقل الروح الذي نفذهُ قبل موته بمثابة مُعجزة. المُشكلة تكمن في إمكانية حدوثِ مثل هَذهِ المعجزة مرتين.
قال البارون، الذي كان مدركًا تمامًا لهَذهِ الحقيقة، بوجهٍ قلق:
“سيدي، إذا حاولتَ تنفيذ السحرٍ المُتقدم في هَذهِ الحالة، فحتى لو استخدمت كُل الأحجار السحرية في إيرشيه، لن يكون ذَلك كافيًا.”
“في مُختبري، لديّ آخرُ زهرةٍ مِن لانسل، ودموعُ القديسة، ونفسُ التنين الأحمر. إذا استخدمتُها بشكلٍ صحيح…”
كانت كُل الأشياء التي ذكرها ليونارد عبارة عن آثار مُقدسة ثمينةٍ ونادرة، يصعُبُ تقديرُ قيمتها.
لكن البارون هز رأسه نافيًا.
“لا يُمكن لأيِّ أثرٍ مُقدس أن يقارن بالقوة السحرية لسيدي. بالإضافة إلى ذَلك، هَذا الجسد الحالي لا يُمكنهُ تحمل تلكَ القوة العظيمة.”
“إذن ماذا؟ هل تريدني أن أستسلم وأعيش في هَذا الريف؟ هل تتوقع مني أن أشاهد ماكسيميليان يستولي على عرش أتيلي دون أن اتحرك؟”
حدق ليونارد في البارون بعينين غاضبتين. الرجل العجوز رمش بهدوء قبل أن يتحدث:
“ماذا عن استخدام كورديليا؟”
“…ماذا؟”
“إذا جمعنا القوة السحرية للآثار المقدسة الثلاثة بالإضافة إلى قوتي، يمكننا تقريبًا تنفيذُ سحر نقل الروح باستخدام كورديليا.”
“تقصدُ استخدامها كوسيط.”
لتنفيذِ السحر، هُناك طريقتان: إما أن يقوم الساحر بذَلك بنفسه أو يستخدمُ وسيطًا لتنفيذ السحر.
ظل ليونارد ينظرُ بصرامةٍ عبر النافذة.
كان الغروب يقترب. كان يرى كورديليا تسيرُ ببطء في الممر المضاء بضوء الشمس الحمراء.
“كما تعلم، أنا كبيرٌ في السن لتحمُل الآثار المقدسة. جسدي غيرُ مناسبٍ لتحمل القوة. لكن كورديليا مُختلفة. إنها شابة وموهوبة ولديها جسدُ مثالي لتحمُل تَلك القوة السحرية.”
“…..”
“بالطبع، بعد ذَلك لن تتمكن مِن تحملِ أيِّ قوةٍ سحرية، ولكن إذا ضمنتَ لها حياةً مُريحة بعد ذَلك، فستقبل كورديليا بذَلك.”
“كُنتَ قبل قليل مُندهشًا من خروج ساحر عظيم جديد، والآن تقترح أن نسلبها قدرتها السحرية؟”
ابتسم البارون ابتسامة لطيفة بشكلٍ مُفاجئ وانحنى برأسه.
“لا شيء في هَذا العالم يهمُني بقدرِ سلامتكَ يا سيدي. حتى لو كان ذَلك يعني التضحية بالساحر العظيم المستقبلي.”
* * *
عندما عادت كورديليا إلى غرفة نومها، كان الظلام قد حل تمامًا.
فتحت الباب بجسدها المُنهك، فركضت ثلاث خادمات لاستقبالها.
“عدتِ، سيدتي.”
“همم؟ من أنتن؟”
“أنا رايتشل.”
“وأنا ماري.”
انحنت الخادمتان اللتان رأتهما لأول مرة. ثم أضافت إميلي بابتسامة مشرقة.
“اليوم، استدعتني رئيسة الخدم وسألتني إن كُنت أجد صعوبة في خدمة السيدة الصغيرة وحدي، ثم قد أرسلت شخصين للمساعدة.”
كان هَذا غريبًا. فرئيسة الخدم كانت دائمًا ما تتصرفُ بحذرٍ وكانت فقط لجانب هيلينا، لم تهتم قط لكورديليا. لذا، كانت إميلي الوحيدة التي تخدمُها. والآن، فجأة، تُرسل لها اثنتين أخريين؟
قبل أن تحل هَذا اللغز، بدأت الخادمتان الجديدتان تساعدانها في خلع ملابسها بلطف. وبينما كانت تخلع ملابسها، سقط شيء ما على الأرض.
“آه، لقد سقطت رسالة، سيدتي.”
التقطت رايتشل الرسالة المجعدة وقدمتها إلى سيدتها.
تنهدت كورديليا بشكلٍ تلقائي. نظرت إلى الرسالة كما لو كانت شيئًا قذرًا، ثم فتحت المغلف بتردد.
[ ليس لدينا أيُّ أموالٍ كافيةٍ لدخول دينيس الأكاديمية، لذا أرسلي لنا مائة ألف لينكيت في أقربِ وقتٍ مُمكن. الأمرُ عاجل، لذا لا تتأخري. لقد زوّجتكِ في مكانٍ جيدٍ، لذا مِن واجبكِ كابنة أن تفعلي ذَلك.]
كانت الرسالة كما هو الحال دائمًا، طلب المال.
مُقزز.
في البداية، كانت تردُ على الرسائل، موضحةً أنها ليست في وضعٍ يسمحُ لها بإرسال المال. لكن والدها كان يغضبُ ويعتبرها تتجاهله. لذا، في نهاية المطاف، بدأت بتجاهل جميع الرسائل القادمة مِن باسكويز، وهِذا جعلها تشعرُ براحةٍ أكبر.
“احرقيها.”
“نعم، سيدتي.”
أخذت رايتشل الرسالة، وسألت بابتسامة:
“ماذا عن العشاء؟ هل تريدين أن احضره إلى هنا؟ لقد تأخر الوقت، فهل أعدُ شيئًا خفيفًا؟”
“هل تودين الاستحمام أولاً؟ لقد قُمتُ بتدفئة الماء.”
“آهه… نعم.”
كان لطفهن مُحرجًا للغاية. تمكنت كورديليا مِن صرف الخادمتين ودخلت الحمام مع إميلي.
“هل هما هَكذا دائمًا؟”
“هاها، لقد انتشر في القلعة أنكِ تقضين كل وقتكِ في غرفة نوم الكونت هَذهِ الأيام.”
“ماذا؟”
“وعلاوةً على ذَلك، لم يعُد الكونت يدعو تلكَ النسوة مجددًا.”
ضحكت إميلي بصوت خافت بينما كانت تصُب الماء الدافئ على كورديليا.
حينها فقط أدركت كورديليا السبب وراء لطفِ الناس معها.
“يبدو أن الكونت أدرك أخيرًا إخلاصكِ، سيدتي. فمنذ اليوم الذي انهار فيه، كنتِ تصلين بجانبهِ كُل يوم لكي يستيقظ.”
“همم. هل هَذا صحيح.”
في الواقع، كانت صلواتها مِن أجل موته، لكنها لم تستطع قول ذَلك، لذا اكتفت بالابتسام.
“خصوصًا في ذَلك اليوم الذي حدث فيه جدالٌ بين السيدة هيلينا والكونت.”
رغم أن الحمام كان فارغًا، إلا أن إميلي خفضت صوتها وهمست.
“بما أن هناك الكثير من الأشخاص الذين قد شاهدوا ما حدث، انتشر الخبر بسرعة. والآن يتحدثون في المطبخ بأن الوقت قد حان لتتراجع السيدة هيلينا إلى الوراء.”
يبدو أن إميلي كانت مسرورة بتراجع مكانة هيلينا.
لم أكُن أدرك ذلك لأنني كُنتُ مشغولةً بتعلم السحر، لكن لم أرَ هيلينا منذُ ذَلك اليوم.
“حقًا، بعد أن تعرضتْ لمثلِ هَذا الإذلال، مِن الصعب أن تظهر مجددًا وكأن شيئًا لم يحدث.”
إذا كان كريج الحقيقي قد وقف إلى جانب كورديليا وأبعد هيلينا، ربما كانت حياتها قد أصبحت أسهل. لكن ليونارد كان في جسده، ومن الممكن أن يترُك هَذا المكان في أيِّ وقت.
أصبحت أفكارُها مشوشة.
غمرت كورديليا رأسها في الماء. كانت درجة حرارة الماء معتدلة، لذا كانت قادرةً على تحملها.
“هل تريدينني أن أغسل شعركِ؟”
“نعم.”
“أوه صحيح. المهمة التي طلبتِ مني القيام بها سابقًا، لقد وجدتُ كلتا المرأتين.”
“حقًا؟ من هما؟”
“إحداهما بشعرٍ أحمر وأنفها معوج قليلاً، والأخرى بشعرٍ أسود وعينين سوداوين، ولديها شامة على رقبتها. نسيتُ اسميهما.”
بينما كانت كورديليا تستمع إلى المعلومات التي جلبتها إميلي، كانت تُحاول تنظيم أفكارها المُتشابكة.
بعد الاستحمام، جلست أمام مكتبها وبدأت بحل مسائل المُتراكمة كالجبل، فبدأت أفكارها المشتتة تتلاشى تدريجيًا.
رغم أنها كانت تتذمر مِن ليونارد حول صعوبة تعليمه، إلا أنها فس الحقيقة كانت تستمتع بتعلم السحر. شعرت بالسعادة لأنها كانت تشعرُ بأنها تصبحُ شخصًا ذو قيمة مع كل درسٍ تتعلمُه.
“سيدتي، لقد حان منتصف الليل.”
“آه، حقًا؟ بالفعل؟”
“لم تتناولي طعامكِ بعد. هل أنتِ بخير؟”
“أنا بخير. لا تقلقي. سأنتهي مِن هَذا ثم سأنام.”
لوحت كورديليا بيدها مُبتسمة. في النهاية، لم تغفو إلا في وقت متأخر مِن الليل.
عندما بزغ الصباح، كان مِن الصعب جدًا عليها فتح عينيها. حتى عند غسل وجهها، كانت عيناها نصف مغلقتين.
بينما كانت تُبدل ملابسها، اقتربت منها الخادمة الجديدة بحذر.
“سيدتي.”
“ماذا؟”
“السيدة هيلينا دعتكِ لتناول الإفطار معها.”
“الإفطار؟”
عادةً، لم يكن هناك أيُّ دعوات لتناول الطعام أو حتى لـ شربِ الشاي، فكانت هَذهِ الدعوة مفاجئةٍ.
رغم أنها كانت تعلم أن هيلينا ستقول شيئًا سـ يُزعجها، إلا أنها لا يُمكنها تجاهُل دعوتها.
“هل يمكنكِ إبلاغ كريج بـ أنني سأتأخر قليلاً؟”
“نعم، سيدتي.”
غيرت كورديليا ملابسها بعناية لتجنب الانتقادات، ثم خرجت.
عندما وصلت إلى غرفة الطعام، وجدت أن هيلينا لم تكُن وحدها؛ كان هُناك أيضًا أرنولد، وليلي، والبارون لانكستر.
كان هَذا تجمعًا غيرُ معتاد.
“آسفة على التأخير، سيدتي.”
“لا عليكِ، لم تتأخري. تفضلي بالجلوس.”
اعتذرت كورديليا بشكلٍ طبيعي، لكن هيلينا ابتسمتْ لها بلطف ودعتها للجلوس، مما جعل كورديليا تشعرُ بعدم الارتياح.
“صباح الخير، كونتيسة.”
أرنولد وليلي لم يلقيا حتى نظرة على كورديليا، بينما وقف البارون لانكستر لتحيتها.
“لم أشكركِ بعد على رعايتك لكريج أثناء مرضِه.”
“أوه، لا داعي للشكر. هَذا واجبي.”
“لا شيء في الحياة يعتبر واجبًا بحق.”
كان مِن غير المُريح سماعُ هيلينا تتحدث بِهَذهِ الطريقة العادية.
ربما لأنها كانت تحت مراقبة البارون لانكستر؟
شعرت كورديليا ببعض الارتباك، وابتسمت بشكلٍ مُحرج بدلاً مِن الرد.
“هيا، الطعام سيبرُد. لنأكل.”
“نعم.”
أحضرت الخادمة حساء الطماطم. أخذت كورديليا ملعقتها وبدأت في الأكل بصمت.
استمرت هيلينا في الابتسام وسألت:
“كيف حالكِ هَذهِ الأيام؟ هل هُناك ما يزعجكِ؟”
“بفضل رعايتكِ، لا شيء ينقُصني.”
“هاها، بالنسبة لمنزلكِ السابق، هذه القلعة تُعتبر جنة، أليس كذلك؟”
تصلب وجه كورديليا قليلاً، لكنها حاولت السيطرة على تعابير وجهها.
“هل تتواصلين مع والدكِ مؤخرًا؟”
“لا، لم أتواصل معه منذُ مدة.”
“يا لها مِن كاذبة مُحترفة!”
“لابد أنها موهبة فطرية، أمي.”
سخرت ليلي من كورديليا بشكلٍ واضح، مما جعلها تشعرُ بالحيرة.
“ماذا تعنين؟”
“تسألين وكأنك لا تعرفين؟ أم أنكِ تتظاهرين بالجهل؟ هل نسيتِ أن والدكِ، سيد باسكويز، أمركِ بسرقة المال؟”
لم تستوعب كورديليا ما كانت تتحدث عنهُ هيلينا.
ثم أخرجت هيلينا شيئًا مِن جيبها وبدأت في قراءته.
“لم تعُد هُناك أموالٍ كافيةٌ لدخول دينيس الأكاديمية، لذا أرسل لنا مائة ألف لينكيت في أقرب وقتٍ ممكن. الأمرُ عاجل، لا تتأخري.”
“هذا ما جنيناه مِن قبول هَذهِ الفتاة الفقيرة. مائة ألف لينكيت؟ إنها سرقة واضحة.”
أشارت ليلي إلى كورديليا بإصبعها، وعلامات الاحتقار بادية عليها.
“سيدتي!”
لم تستطع كورديليا تحمل الإهانات المتتالية فصاحت.
الرسالة التي قرأتها هيلينا كانت الرسالة التي تلقتها من والدها بالأمس.
لقد طلبت مِن الخادمة حرقها، لكن يبدو أن هيلينا قد رشت الخادمة للحصول عليها.
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
قناتي بالتليغرام انزل فيها كل شي ♡ 《التليغرام》
حسابي بالواتباد 《cynfti》