أتمنى لو كان زوجي ميتًا - 13
“مهما كان قد فقد من ذكرياته، فإن الطبيعة الأساسية للإنسان لا تتغير.”
“هو لم يتعرف حتى على وجهكَ، أليس كذلك؟”
“نعم.”
“ومع ذَلك كان يعرفُ كيف تم اختلاس الأموال؟ هل يُمكن أن تعود ذاكرتهُ بشكلٍ عشوائي هَكذا؟”
كانت مُلاحظة هيلينا حادةً للغاية. عندها فقط أرنولد بالبرودة في رأسه.
“إما أن ذاكرتهُ لم تعُد تمامًا، أو أنهُ يعلمُ كُل شيء، لا يوجد خيارٌ آخر.”
“إذا كانت ذاكرتهُ قد عادت حقًا، فإن عدم زيارتهِ لعشيقتهُ المُفضلة هو أمرٌ مشكوكٌ فيه.”
“نعم، أختي.”
توصلت هيلينا إلى الاستنتاج الأكثر منطقية حسب رأيها.
كريغ الحالي هو ليس نفس كريغ الذي كانت تعرفُه منذ عقود. لا يُمكن أن يتغير إلى هَذا الحد.
إلا إذا كان هُناك شخصٌ ما يتحكم بهِ مِن الخلف، فلن يكون هناك تفسيرٌ لذَلك.
كورديليا فاسكويز. مِن المؤكد أن تلكَ المرأة الخبيثة تتلاعب بالأمور مِن الخلف.
“إنها تريدُ أن تُزيحني بتهمة مُلفقة وتضعَ كريج في المقدمة لتسيطر على عائلة أبرامز.”
“آه، لذا كانت تلتصق بكريج منذُ استيقاظه. إنها امرأة دنيئة.”
“لقد مر عامٌ منذُ زواجها ولم تنجب طفلاً واحدًا حتى، أخذناها فقط لأنها غيرُ نافعة.”
كانت هيلينا تهمس وتلقي لعنات على كورديليا لبعض الوقت.
توقفت عن الكلام فجأة. خطرت لها فكرة مذهلة. سألها أرنولد عندما استمر الصمتُها طويلاً.
“ما الأمر؟”
“أليست هي امرأةً غيرُ نافعةٍ على أيِّ حال؟”
“نعم، لقد أحضرناها فقط بسبب نسبها. لولا ذَلك، لجلبنا امرأة بمواصفات أفضل.”
“إذاً علينا التخلصُ منها.”
“ماذا؟”
“لماذا نحتفظ بشيء لا فائدة منه ولا حاجة له؟”
منذُ البداية لم تكُن المرأة مرضية. كان السبب الوحيد لجلب أبنة فاسكويز هو إصرار الكونت السابق المتوفى على ضرورة حماية نسبها.
بعد التخلص مِن تلك المرأة المُزعجة، ستتمكن هيلينا أخيرًا مِن إحضار امرأة تُناسب ذوقها.
ابتسمت هيلينا بسعادة. كانت تلك الابتسامة التي تلحقُها رائحةُ الدم. أدرك أرنولد فورًا نيتها.
“ما هي الطريقة المناسبة؟”
“تحقق مِن الأمر. سنجدُ عذرًا بسهولة.”
“نعم.”
“أوه، تلكَ المرأة غيرُ حذرةٍ أبدًا، إذا أكلتْ شيئًا يُسببُ لها التسمُم، فلن يعرفَ أحدٌ عن ذلك، أليس كذلك؟”
“آه.”
أطلق أرنولد شهقة خفيفة.
أحيانًا يُخطئ طاهي القلعة ويضع شيئًا غيرَ مُناسب في الطعام.
“سأستعد لذلك.”
“حسنًا.”
* * *
“مرحبًا.”
كانت كورديليا تسيرُ في الممر وهي تهمسُ بتعويذاتٍ سحرية عندما سمعت صوتًا ً غريبًا. رفعت كورديليا رأسها لتتفاجأ برؤية الشخص الذي أمامها.
“أه، البارون لانكاستر.”
“مرحباً يا كونتيسة. كيف حالكِ؟”
الرجلُ ذو الشعر الأسود انحنى بإبتسامة لطيفة.
يبدو مِن مظهره أنهُ نبيل وسيم فقط، لكن البارون لانكاستر يملك أكبر شركة تجارية في المنطقة. كان تأثيرهُ كبيرًا حتى على أسرة الكونت، لدرجة أن هيلينا لم تستطع معاملتهُ باستخفاف.
“سمعتُ بأنكَ كنتَ في منجمٍ في الجنوب. متى عُدت؟”
“لم يمضِ وقتٌ طويل.”
عندما نظرت إلى وجهه، تذكرت أنهُ يبتسمُ ابتسامةً غامضة ًباستمرار، مما أكسبهُ لقب “الراكون الشاب”.
عادةً، لم يكن السيد لانكاستر يولي كورديليا أيِّ اهتمامٍ، لكن لسببٍ ما، أصبح يتحدثُ معها بودٍ الآن.
“سمعتُ بأنكِ قضيتِ وقتًا طويلاً مع الكونت مؤخراً.”
“هذا لأن كريج لم يتعافى بعد، نعم.”
” يبدو أن الكونت يعتمدُ عليكِ كثيرًا. لم يعُد يستقبلُ الغرباء في القلعة كما كان سابقًا.”
كانت تعلم أن كلمةَ “الغرباء” تعني عشيقات كريج، لكنها لم تُظهر أيَّ رد فعل، بل ابتسمت فقط.
‘ما هَذا؟ لماذا الراكون يتحدثُ معي اليوم؟ إذا تأخرتُ، سيوبخني السيد.’
“لقد تغير الكونت كثيرًا. عادةً ما يبتعد الناس عن الذين كانوا قريبين منهم ويقتربوت من آخرين.”
“حقًا؟ لا أعلم. لكن كريج مُتقلب المزاج.”
“حقًا؟”
لم تتمكن كورديليا مِن سؤاله ما كان يقصدُه بذَلك، لأن خادم البارون همس بشيءٍ في أذنه، فتغيرت تعابير وجهه للحظة ثم عاد لابتسامته الغامضة.
“اعذريني عليَّ المُغادرة.”
“أنتَ مشغول حقًا.”
لم تعر كورديليا هَذا الحوار اهتمامًت كبيرًا، لأنها قد كانت تُفكر فقط في عدم التأخر عن موعدها مع ليونارد.
كان الآخرون ودودين معها بشكلٍ غريبٍ ذَلك اليوم. عندما أسقطت بعض الأوراق، قام فارس قريب، وليس خادمًا، بالتقاطها وقال بابتسامة:
“ها هي الأوراق، يا كونتيسة. تبدين جميلةً اليوم.”
كانت كورديليا مُحرجةً وهي تأخذُ الأوراق مِنه.
وعندما وصلت إلى غرفة ليونارد، سألتها الخادمة بلطف:
“هل تريدين أن أعد لكِ بعض الشاي؟”
“لا، شكرًا.”
“إذا كنتِ بحاجةٍ لأيِّ شيء، أخبريني.”
كانت الخادمة لطيفة على نحو غير مُعتاد.
“ما الذي يحدث؟ لماذا الجميع لطفاء؟”
شعرت كورديليا بأن هُناك شيئًا ً غيرُ طبيعي. لم تكن تثق بلطف الناس المفاجئ.
عندما رآها ليونارد، عبس وقال:
“ما الذي جعلكِ تتأخرين كُل هَذا الوقت؟”
“سيد، الناس… لا شيء.”
حاولت كورديليا إخفاء أفكارها وبدأت بالدراسة.
“كوني صادقة، لماذا تأخرتِ؟”
“هذا بسبب…”
لكن ليونارد كان غاضبًا، وصمتت كورديليا.
“لماذا أنت غبيةٌ هَكذا؟ هل سقطتِ مِن شجرة عندما كُنتِ صغيرة؟”
“هَذا غير صحيح! لقد كُنتُ طفلةً ذكية.”
“هل قاموا بمدحكِ لأنكِ تتنفسين؟”
“…..”
لا اريدُ التحدُث.
كوردليا تشعرُ كُل يوم بأن هَذا الرجُل ليس سهلاً.
على الرغم مِن أنها تدرسُ حتى تُرهق وتحفظُ ما تعلمتهُ في اليوم السابق، فإنها لا تتلقى أيُّ ثناء، بل كُل ما يقوله يُعتبر ذَلك أمرًا طبيعيًا.
وعندما لا تفهم شيئًا مِن الشرح وتطلبُ منهُ إعادته، ينظرُ ليونارد إليها كما لو كانت مخلوقًا مِن عالم آخر.
كانت نظراتهُ تقول: “كيف لا تفهمين هَذا؟”
ضحك البارون بشكلِ مُحرج ودافع عن كورديليا.
“لكنها قد تعلمت بالفعل كيفية تشكيل الطاقة السحرية. هَذا بحدِ ذاته إنجازٌ كبير.”
“وما فائدة ذَلك إذا لم تستطع القيام بالأمور اللازمة للانتقال إلى المرحلة التالية؟”
“هَذا شيءٌ سيُحل مع مرورِ الوقت.”
شعرت كورديليا بالامتنان للبارون لدرجة أنها كانت ترغب في الانحناءِ لهُ وشُكرَه.
على الرغم مِن أن مُعلمها يسخرُ منها ويصفها بالغبية، إلا ان كورديليا لم تستسلم، بل زداد عزمها.
‘سنرى. سأجعلهُ يتفاخرُ بي كطالبته في يومٍ مِن الأيام.’
بينما كانت كورديليا تفكرُ في ذَلك، جاءت خادمةٌ تحملُ رسالة على صينية فضية. عندما قرأت كورديليا الاسم على الظرف، تجمد وجهها بسرعة.
سأل ليونارد بلامبالاة:
“ماذا؟ من أرسلها؟”
“لا شيء… انها حقًا لا شيء مهم.”
ابتسمت بارتباك ووضعت الرسالة في جيبها.
لاحظ ليونارد أن الختم على الظرف كان مِن عائلة باسكويز، لكنهُ لم يسأل أكثر لأنهُ كان يعلم أن تلك العائلة كانت موضوعًا حساسًا بالنسبة لكورديليا.
انتهى الدرس بعد فترة طويلة.
اضطرت كورديليا لكتابة مُلاحظاتٍ عن التعويذ لأكثر مِن خمس ساعات، وحفظت أكثر مِن مئة مُصطلح سحري، ودرست ورقتين بحثيتين.
قالت كورديليا بعيونٍ مرهقة:
“متى سأتمكنُ مِن النوم؟”
“النوم سيحينُ بعد الموتكِ.”
“…..”
فقدت كورديليا الطاقة للرد وغادرت غرفة ليونارد وهي مُنهكة.
بعد أت إغلقت الباب تمامًا، قال البارون:
“لقد تفاجأت.”
“بماذا؟”
“بكورديليا. هل كُنتَ تعلمُ هَذا عندما قبلتها كـ تلميذتك؟”
“لم أكن أعلم، كُنت أريدُ التأكد مما إذا كان عقلها سليمًا قبل إجراء مراسم.”
رد ليونارد بنبرة غير مباليةِ، لكن كان واضحًا أن البارون مُتحمس.
“سيدي، لقد تعلمت كورديليا تشكيل الطاقة السحرية في عشرة أيام فقط. حتى أفضل السحرة يحتاجون لأشهر أو سنوات.”
“لقد استغرقتُ يومين.”
“لا يُمكن مقارنتكَ سيدي بالأشخاص العاديين. ربما ستتمكن كورديليا مِن إدارة نجمِ في سن الخامسة والعشرين فعلاً.”
“ما زال أمامها طريقٌ طويل، فهي لا تزالُ تائهةً في الحسابات الأساسية.”
“الحسابات ستصبح سهلة مع الوقت. لو كانت قد أتقنتها في عشرة أيام، لكنتُ أشكُ في كونها إنسانًا.”
ارتعش البارون قليلاً.
في البداية، ظن البارون أن ليونارد قبل كورديليا بشكلٍ عشوائي، لكن بعد رؤية موهبتها المُذهلة، أصبح مُتحمسًا.
“ربما سنشهدُ ظهورَ ساحرٍ عظيمٍ جديد.”
“لا تتسرع في الحكم. ماذا عن مجلس النبلاء؟”
“كما هو متوقع، انهم يعارضون ذلك بشدة. يقولون إنهُ لا يمكنهم الاعتراف بالجنازة بدون الجُثة.”
“يا إلهي أنا مُمتنٌ لدرجةِ البكاء.”
رغم نبرة ليونارد الساخرة، كانت كلماتهُ صادقة.
يضم مجلس النبلاء أكثر من عشرين نبيلاً. كان يكفي أن يوافق نصفهم فقط على وراثة اللقب.
حتى الآن، لم يعترف النبلاء بقيادة إلفينباوم بخلافة ماكسيميليان، لكن لا يُمكن تركُ منصبِ سيد أتيلي شاغرًا لفترةٍ طويلة.
“لن يستمر الأمر أكثر مِن ثلاثة أشهر.”
“نعم.”
أومأ البارون برأسه بجدية.
وهَذا يعني أنهُ خلال ثلاثة أشهر يجب على ليونارد استعادة جسدهِ الأصلي وإسقاط ماكسيميليان.
قبض ليونارد يدهُ بقوة. الوقتُ ينفُذ.
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
قناتي بالتليغرام انزل فيها كل شي ♡ 《التليغرام》
حسابي بالواتباد 《cynfti》