أتمنى لو كان زوجي ميتًا - 122
الفصل 122 : حياتي الأولى والأخيرة ³
“هذا ليس مُهمًا. ما يهمُني أكثر هو كيف تغلبت السيدة فاسكويز على تلكَ المشكلة.”
“الطفل هُم نعمةٌ يمنحُها الحاكم…”
“هل عقدت السيدة فاسكويز صفقةً مع الشيطان لتحصلُ على طفل؟”
لَمْ يكُن ليونارد يميلُ إلى التلميحات، بل تحدثَ مُباشرةً.
“ما الذي تقصدُه الآن؟ لنفترض أنني لَمْ أسمع هَذا الكلام.”
ظهرت على لاني ملامحُ الاستياء ووقفت فجأةً. حاول ليونارد تهدئة الموقف وخفض نبرة صوتهِ قدر الإمكان.
“لستُ أحاول انتقاد السيدة فاسكويز. كل ما أريدهُ هو التأكد مِن حقيقة ولادة كورديليا.”
“ولادةُ الآنسة كورديليا؟ هل هًناك مشكلةٌ ما بشأنها؟”
تغيّر وجه راني إلى الجدية. وبعد لحظةٍ مِن التردُد، جلست مُجددًا. لَمْ تستطع تجاهل أيِّ شيء يتعلقُ بكورديليا.
“لا توجد أيُّ مشكلةٍ. لكن هُناك مَن يُشككون في ولادتِها.”
“يُشككون؟ في ماذا يُشككون؟”
“يشككون في أنْ كورديليا هجينةٌ شيطانة.”
“هَذا مُستحيل!”
انفعلت لأني بشدةٍ وأنكرت الأمر بقوة. كانت نبرةُ صوتها عاليةً إلى حدٍ ما، لكنها شعرت بمرارةٍ شديدة تجاه هَذهِ الاتهامات الظالمة بحق كورديليا.
“كنتُ شاهدةً على ولادة الآنسة كورديليا منذُ البداية إلى النهاية. لا أعرفُ مَن يُروج لتلكَ الافتراءات السخيفة، لكنني مُستعدةٌ للإدلاء بشهادتي. الآنسة ولدت مِن السيد فاسكويز والسيدة غريتا، وهي إنسانةٌ بالكامل.”
“ولكن كيف؟ إذا كان صحيحًا أنْ السيدة فاسكويز لَمْ تكُن قادرةً على إنجاب أطفال، كيف أنجبت كورديليا ودينيس فاسكويز؟”
“دينيس فاسكويز ليس ابن السيدة غريتا.”
“ماذا؟”
لَمْ يكُن ليونارد يتخيل أنْ دينيس فاسكويز لَمْ يكُن ابنًا شرعيًا وأحضِر مِن الخارج، فبدا عليهِ الارتباك.
“نعم. السيد فاسكويز كان يشكُ في خيانة السيدة غريتا بعد ولادة الآنسة كورديليا، مِما أدى إلى تدهور علاقتهما بشكلٍ كبير. وفي يومٍ مِن الأيام، أحضر السيد فاسكويز طفلًا حديث الولادة وقال إنهُ ابنه. رغم أنْ الزواج ميثاقٌ مُقدس، لَمْ يتردد في جلب طفلٍ مِن الخارج.”
كانت ملامحُ لأني تتغير وتُظهر ازدراءً واضحًا كلما تحدثت عن السيد فاسكويز، لكنها لَمْ تُضف مزيدًا مِن التفاصيل.
“حسنًا، لنفترض أنْ السيدة غريتا لَمْ تُنجب دينيس فاسكويز. ماذا عن كورديليا؟”
“لماذا تستمرُ في التشكيك بالآنسة؟ إذا كان السبب هو أنْ السيدة غريتا لَمْ تكُن قادرةً على الإنجاب، ألا توجد معجزاتٌ في هَذا العالم؟”
“كورديليا مختلفةٌ عن الآخرين.”
“كيف؟”
“الشياطين ينجذبون إليّها، ولا تُظهر أيَّ نفورٍ مِن دمائهم. بالإضافة إلى ذَلك، يُمكنها التحدُث إلى الوحوش السحرية، والأمر الأكثر إثارةً للقلق بالنسبة ليّ هو…”
تردد ليونارد قليلًا قبل أنْ يتحدث.
“كورديليا قادرةٌ على رؤية الطاقة السحرية.”
“وهل في ذَلك مُشكلة؟”
“بما أنكِ لست ساحرةً، لَن تُدركي الأمر، لكن البشر لا يُمكنهم رؤية الطاقة السحرية.”
“رُبما تكون الآنسة كورديليا تملكُ موهبةً خاصة.”
بادرت لأني بالرد فورًا.
في البداية، اعتقد ليونارد ذَلك أيضًا. ظن أنْ كورديليا تمتلك موهبةً فريدة، وهي قدرةٌ نادرةٌ حتى بين كبار السحرة. لكنهُ اكتشف لاحقًا حقيقةً صادمةً أثناء بحثهِ عن الشياطين.
بعض الشياطين مِن الرُتب العليا يُمكنهم رؤية الطاقة السحرية. عندما أدرك ذِلك لأول مرة، لَمْ يستطع ليونارد تصديق الأمر.
“لذا، أتمنى منكِ أنْ تكوني صريحةً معي. حتى لو كانت كورديليا هجينةً شيطانة، فهَذا لا يهمُني.”
“إذا كان الأمر لا يهمُكَ، فَلماذا تسألني؟ يبدو بأنكَ أيضًا تعتقدُ أنْ الآنسة كورديليا شيطانة.”
ردت لأني بحدةٍ، وقد نسيت تمامًا أنْ الشخص الذي أمامها هو ليونارد، رئيس عائلة أتيلي.
“يبدو أنكِ أسأتِ الفهم. هدفي مِن معرفة الحقيقة هو حمايتُها.”
“حمايتها مِن ماذا؟”
“مِن جمعية السحرة.”
“لماذا تستهدفُ جمعية السحرة الآنسة كورديليا؟”
كانت لأني غيرَ مُدركةٍ تمامًا لطبيعة جمعية السحرة، لذا لَمْ تستطع فهم كلمات ليونارد بسهولة. حاول ليونارد توضيح الأمر.
“جمعية السحرة مكانٌ مُحافظٌ للغاية، لا يتسامحُ مع الاختلاف. إذا اكتشفوا أنْ كورديليا ليست إنسانًا بالكامل، فسيحاولون قتلها. وأنا أريدُ منع ذَلك مُسبقًا.”
بعد لحظةٍ مِن التردد، سألت لأني بصوتٍ مُنخفضٌ جدًا:
“هل تستطيعُ حمايتها حقًا؟”
“أعدكِ بحمايتها بحياتي.”
بعد أنْ تأثرت لاني بنبرة ليونارد الجادة، أخذت نفسًا عميقًا وتحدثت بصعوبة.
“لَمْ تكُن السيدة غريتا تنوي استدعاء الشيطان منذُ البداية. لكنها حاولت بكُل الوسائل للحصول على طفل، وفشلت كُل مرة… كانت تُريد فقط طفلًا خاصًا بها. ولهَذا السبب عقدت صفقةً مع شيطانٍ عظيم.”
“شيطانٌ عظيم؟ إلى أيِّ رتبةٍ كان ينتمي؟ سمعتُ بأنه قد حدث انهيارٌ كبير في الشمال وقتها. هل كان لذَلك علاقةٌ بالسيدة غريتا؟”
“على حد علمي، كان الشيطان يحتلُ المرتبة الثانية عشرة. لا يزال مشهدُ ظهورهِ محفورًا في ذاكرتي. شقَ السماء، ومزق الأرض، وجفت كُل النباتات في الأماكن التي وطأتها قدماه…”
“يا إلهي، المرتبة الثانية عشرة؟ هل أنتِ مُتأكدة؟ السيدة غريتا استدعت الشيطان الثاني عشر؟”
لَمْ يُصدق ليونارد ما قالتهُ لأني. حسب معرفتهِ، لَمْ يتمكن أيُّ إنسانٍ في التاريخ مِن استدعاء شيطان رفيع المستوى بهَذا الشكل.
الأمر ليس مُجرد استدعاء، بل كان استحضارًا كاملاً. حتى الشيطان نازازبوت الذي ترتعدُ له الأوصال هو بالكاد الشيطان رقم تسعةٍ وتسعين.
“لو ظهر شيطانٌ بهَذا المستوى، لما انتهى الأمر بانهيارٍ بسيطٍ فقط.”
في تلكَ اللحظة، هزَّ صوتُ دويٍ هائل أركان قلعة إيمبلي بأكملها. نهض ليونارد مِن مكانهِ على الفور.
منذُ قليل، كان بيلوتشي يحدق بكوردليا بنظراتٍ حادةٍ ومزعجةٍ وهو يضغطُ على شفتيه.
“لا تغتري بنفسكِ.”
“ما هذا؟ لماذا تُثير مُشكلةً فجأة، بيلوتشي؟”
غادر ليونارد قائلاً إنْ لديهِ أمرًا ليُنجزه، وترك خلفهُ بيلوتشي وجَسيل مع كورديليا، التي كانت جالسةً في غرفة المعيشة تقرأ كتابًا سحريًا بعد غيابٍ طويل.
“هل تعتقدين بأنكِ ستنالين احترامي وتقديري لأنكِ ستتزوجين بسيدي؟”
“ماذا؟ ماذا تقوله؟”
صُدمت كورديليا وأسقطت الكتاب الذي كانت تُمسك بهِ على ركبتيها. احمرّ وجهها بشكلٍ ملحوظ. في تلكَ اللحظة، تحدث جَسيل، الذي كان واقفًا بصمت،
“سيد إينغريون، إنها السيدة التي ستُصبح زوجة السيد أتيلي مُستقبلاً. انتبه لألفاظك.”
“زوجة أتيلي؟ لحظةً واحدة، هَذا غيرُ صحيح.”
تحدث جَسيل وكأنْ الأمر محسومُ، مِما جعل كورديليا تُحاول تهدئة احمرار وجنتيها بالمروحة اليدوية التي أمسكتها.
“بأيِّ حقٍ تُقررون هِذا؟ أنا ومُعلمي لسنا في علاقةٍ كهَذهِ… أحم!”
كانت مُرتبكةً للغاية لدرجة أنها لَمْ تتمكن مِن التعبير بوضوح.
“ماذا؟ أنتِ لا تفكرين برفض عرض الزواج، أليس كذَلك؟”
جاء صوتُ بيلوتشي مُحملاً بسخريةٍ مُبطنة، وكأنهُ يقول ضمنيًا “مَن تظُنين نفسكِ؟”. اقترب جَسيل خطوةً نحو بيلوتشي.
“أليسَ السيد قد تقدم لها بطلبٍ للزواج بالفعل؟ سمعتُ بأنهم يستعدون لحفل الزفاف في القلعة.”
“ماذا؟ يستعدون لماذا؟”
لَمْ تستطع كورديليا أنْ تغلق فمها مِن شدة المُفاجأة.
زفاف؟ زفاف؟
تملكتها الرغبةٌ في الصراخ والقول ‘مُعلمي! ما الذي تفعلهُ مِن وراء ظهري؟!’.
“على أي حال، لَمْ يُقم الحفل بعد، أليس كذَلك؟”
“لَمْ يُقم بعد فقط. لكن إنْ لَمْ تتوقف عن هَذا الأسلوب المُتعجرف، سيتخذُ السيد إجراءً ضدك.”
وجّه جَسيل تحذيرًا خفيفًا. وعلى غيرِ العادة، بدا أنْ بيلوتشي قد خفّضت نبرتهُا قليلاً.
“حسناً، سأُخاطبها بلباقة.”
“سيد جَسيل، ألَمْ تفهم الأمر بشكلٍ خاطئ؟ حفلُ الزفاف؟ أنا لَمْ أسمع أيَّ شيءٍ عن هَذا.”
“أوه، يبدو بأنني قد أفشيتُ ما كان السيد ينوي أنْ يجعلهُ مُفاجأةً. أرجوكِ، سامحيني.”
“لا، ليست المُفاجأة هي المشكلة. كان يجب أنْ أُستشار أولاً… لا، لَمْ أُجب حتى، كيف يُمكنهم التخطيط لحفل زفاف؟ مَن سمح بذَلك؟”
في البداية، كانت كلماتُها مُضطربةً بسبب الارتباك، لكنها بدأت تُدرك شيئًا فَشيئًا ما يفعلهُ مُعلمها مِن ورأها، وشعرت بالاستياء.
“وما أهمية ردكِ؟”
“إينغريون!”
“ما أهمية رد السيدة كورديليا؟”
نظر جَسيل إلى بيلوتشي بنظرةٍ حادةٍ وألقى تحذيرًا قصيرًا. ثم أعاد بيلوتشي الحديث، ولكن بتغيّرٍ طفيفٍ في نبرتها، رُغم أنْ تعاليهُ ظلّ واضحًا.
“لا يُمكن أنْ تفكري برفض عرض سيدي، أليس كذَلك؟”
“استمع، بيلوتشي. صدق أو لا تصدق، لديَّ رأيٌ في هَذا الأمر أيضًا”
“رأي؟”
تشنجت شفاهُ بيلوتشي مرةً أخرى، وكانت نظرتُه تنبئ عن رغبةٍ كبيرةٍ في إطلاق سلسلةٍ مِن الكلمات الجارحة والساخرة.
في تلكَ اللحظة، صدر صوتُ حركةٍ مِن مقبض الباب الذي كان مقفلاً. توقفت الكلماتُ جميع ونظروا نحو الباب.
لَمْ يُصدر أيَّ ردٍ مِن الداخل، لذَلك طرقَ القادم الباب. ساد صمتٌ ثقيل.
“هل لا يوجد أحدٌ بالداخل؟”
كان صوتَ رجلٍ مألوف. لكنهُ لَمْ يكُن صوت ليونارد.
رفع بيلوتشي إصبعهُ إلى شفتيه، وسار بخفةٍ على أطراف أصابعهِ ليقف أمام كورديليا. أما جَسيل، فقد كان قد استلّ سيفهُ بالفعل.
“أخي، إنهُ أنا.”
بدت نبرةُ صوتهِ وكأنها شيءٌ عادي. كان طبيعيًا لدرجة أنْ الموقف بدا غريبًا. أنْ يأتي ماكسيميليان بنفسهِ إلى هُنا؟ بل وهو يعلمُ بوجود ليونارد في هَذا المكان؟
في مواجهة هَذا الوضع غيرِ المُتوقع، شعرت كورديليا بتوترٍ حاد جعل أطراف أصابعها تتصلبُ.
“غريب، رأيتُهم يدخلون إلى هُنا.”
رغم عدم وجود أيِّ إشارةٍ مِن الداخل، لَمْ يُغادر ماكسيميليان بسهولة. أمسك مقبضِ الباب مرةً أخرى وحاول فتحه، ولكن بالطبع، الباب المُقفل لَمْ يُفتح.
تحسبًا لأي طارئ، عززت كورديليا نفسها بدرعٍ سحري قوي.
لَمْ تجرؤ على التنفس بصوتٍ عالٍ، فوضعت يدها على فمِها لمنع أيِّ صوت.
تناهى إليّهم صوتٌ خافت لماكسيميليان وكأنهُ يهمس لنفسهِ، لكنهُ كان مُنخفضًة جدًا بحيث لَمْ يتمكنوا مِن سماع كلماتهِ. بعد لحظات، خفت صوتهُ تمامًا.
خطواتهُ تراجعت شيئًا فَشيئًا إلى أنْ توقفت تمامًا، ولَمْ يعد يُسمع أيُّ صوتٍ. ورغم ذَلك، لَمْ يتجرأ الثلاثة على خفض حذرهم.
بعد مرور خمس دقائق تقريبًا، خفض بيلوتشي سيفه أخيرًا.
“ماكسيميليان يعلمُ بأننا هُنا، علينا إبلاغُ السيد بسرعة…”
“بيلوتشي!”
غطى سحر مُظلم ولزج بيلوتشي بشكلٍ مُفاجئ بعد أنٌ اخترق الباب. عندما رأت كورديليا ذَلك، صرخت بفزعٍ.
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿《التليجرام》