أتمنى لو كان زوجي ميتًا - 121
الفصل 121 : حياتي الأولى والأخيرة ²
بدلاً مِن أنْ يُجيب، نظرَ ليونارد إلى وجه كورديليا لفترةٍ طويلة، ثم ضرب برفقٍ طرف أنفِها بإصبعهِ. كان الأمر قد حدث دوّن أنْ يشعر، فصرخت كورديليا بصوتٍ عالٍ مِن المُفاجأة، وجهها مُتجمدٌ مِن الصدمة.
“آهه!”
“لماذا لا ترتدين السوار؟ جربتهِ مرةً مِن قبل. هل نسيتِ كيفية استخدامه؟ هل تحول عقلُكِ إلى حجرٍ بعد أنْ دللتُكِ؟ يجبُ أنْ أضرب رأسكِ لأرى إذا كان يُصدر صوتًا.”
“متى مدللتني…؟”
قالت كورديليا وهي تلتوي شفتيها وتفرك أنفها. كان لديّها تبريرُها الخاص.
“هَذا لأن الدوق إيمبلي قد دفعَ لوالدي لتركيب سحرٍ في تلكَ الغرفة. وعندما تفعيل السحر، شعرتُ بقوةٍ كبيرة تنسحبُ مني، فَلَم أتمكن مِن استخدام أيِّ سحر.”
“يبدو أنْهم وضعوا سحر الكبح. لكن لو لَمْ تكوني كسولةً في دراستكِ، لكان بإمكانكِ بسهولةٍ حلُ السحر.”
“هل هَذا مُمكن؟”
لَمْ يتغيّر تعبيرُ ليونارد، بل بدا أكثر قسوة. شعرَت كورديليا بالارتباك، لأنها لَمْ تكُن تتوقع أنْ يكون السحر الذي وقعت فيهِ قابلاً للحل.
“إذًا، ألَمْ أخبركِ أنْ تدرسي بجد؟ ألَمْ أفعل؟”
كلما قال ذَلك، كان يضغطُ على رأسها بشدةِ. ومع أسلوبهِ العادي، بدأت كورديليا تشعرُ أنْ دموعها التي كانت قد بدأت تنسكب مِن الفرح تتلاشى بسرعة.
“لَمْ أكُن أعلم بذَلك.”
“هل ستقولين ذَلك بعد أنْ تموتين؟ كلما أتيحت لكِ الفُرصة، تجدين نفسكِ في مشكلة، لذَلك لا يُمكنني أنْ أغمض عيني عنكِ.”
“أنا آسفة.”
خفضت كورديليا رأسها. مهما كان السبب، كان خطأها أو إهمالها هو ما تسبب في كل هَذا.
مع مرور الوقت، أصبحت ذراعهُ التي كانت تضغطُ على كتفها أخف.
“حسنًا، ارفعي رأسكِ. لا أريدُ أنْ أتأكد مِما إذا كان وجهكِ قد أصبح أقبح مِن أنْ يُمكن إصلاحه… بيلوتشي.”
أشار ليونارد برأسهِ. خادمُه المخلص نظرَ إلى كورديليا التي كانت لا تزال في حضنهِ بنظرةٍ غيرِ راضية، ثم همهم وهو يضيء الشمعة.
بدأ الضوء الخافت يغمرُ الغرفة، وعندها استطاعت كورديليا رؤية وجهِ ليونارد بوضوح. رُبما كانت مُجرد لحظة، لكن خطُ الفك بدا أكثر حدةً مِن قبل.
“كيف حالُكِ؟ سمعتُ بأنكِ قد شربتِ ذَلك السُم.”
“هل سمعتَ ذَلك مِن الدوق إيمبلي؟”
“نعم. أرسل ليّ خطابًا أولاً. وقال إنهُ إذا أردنا أنْ تبقي حية، فعليَّ أنْ أتي إلى هاشيموس مع كتاب السحر الخاص بأحياءالموتى.”
“لا داعي للقلق. رغم أنني قد تم اختطافي وتسممت، لكنني أقنعتُ الدوق إيمبلي، وإذا تناولتُ الترياق، سيكون كُل شيء على ما يرام.”
على الرغم مِن أنها كانت تقول ذَلك لتهدئته، لكنها كانت صادقة.
“آسف، سيدي.”
عندما رأى ليونارد جَسيل مُلقى على الأرض في حالةٍ مزرية عند قدميهِ، أدرك أنْ شيئَا ما كان خطأ.
عندما سمع القصة مِن جَسيل، أول شعورٍ تملك ليونارد كان الشعور بالذنب العميق. لقد استهان بماكسيميليان. كان التعبيرُ الأدق هو أنهُ كان مهملًا.
لَمْ يكُن الأمر مُجرد إرسال فرسانٍ لحمايتها. حتى بعد مُحاولة الاختطاف السابقة، وثق في جوهرة إيفرارد وتجاهل الخطر.
“إذا كان هُناك شيءٌ ثمين، يجبُ أنْ تعرف كيف تخُفيه.”
كانت كلمات الملك غابرييل تترددُ في ذهنهِ أثناء سفرهِ إلى هاشيموس.
إذا تمعن في الأمر، السبب الأساسي لاختطاف كورديليا كان ليونارد نفسه. لَمْ يتصور أنْ حُبه واهتمامهُ يُمكن أنْ يتحول إلى طوق يخنُق ويُهدد حياتها.
فصل ليونارد كورديليا عن حضنهِ تمامًا.
“ماذا عن الترياق؟”
“لَمْ يصل بعد.”
“لَمْ يصل؟ مرّ عشرةُ أيامٍ تقريبًا منذُ أنْ تناولتِ السم.”
“طالما أنْ حياتي ما زالت مستمرة، يُمكنني التحدُث معك، ولَن أموت.”
قالت كورديليا ببرود، كما لو كانت تتحدثُ عن حياة شخصٍ آخر.
“إذا كنتَ تُخفي حضوركَ هُنا، فإنْ ذَلك يعني أنْ الدوق إيمبلي انضم إلى جانبنا، أليس كذَلك؟”
“رُبما. سنرى إذا كان سـ ينقلبُ علينا أم لا. مَن يدري إذا كان يتظاهرُ فقط بالتحالف معي بينما هو يُخطط مع ماكسيميليان لشيءٍ آخر.”
“لكن الدوق إمبلي ليس… لا، لَن يفعل.”
في هَذهِ الحالة، الشخص الذي يجبُ أنْ نراهن عليهِ ليس أنطون، بل ليونارد الذي وصل إلى هاشيموس دوّن ترددٍ مِن أجلها. تذكرت كورديليا وجهَ أنطون المُظلم، ثم هزّت رأسها.
“هل ذَلك السحر موجودٌ حقًا؟”
“بالطبع لا. لو كان هُناك سحرٌ كهَذا، لانهار نظام العالم كل يوم.”
“في البداية لَمْ أفهم لماذا يفعل ذَلك، ولكن عندما رأيتُ جثة ابنتهِ مُجمدةً ومزينةً بالزهور…”
“هل تُشفقين على مَن اختطفكِ وسممكِ؟”
“لا، لَمْ أقصد ذَلك. لكنني كنتُ أغار.”
فوجئ ليونارد بالإجابة، فصمت للحظةٍ. أكملت كورديليا بابتسامةٍ مريرة.
“كنت أغار مِن كونها ابنة ذَلك الأب. كان والدي، يُخبرني دائمًا إنْ عيني كانت رمزًا للهلاك.”
“ماذا؟”
“كان يقول إنْ العيون السوداء هي العيون الطبيعية، وأنني مِن جهة والدتي التي خانتهُ وولدتني مِن رجلٍ آخر. لذا كان يُعاملني هَكذا.”
“أنتِ لا تُصدقين تلكَ الكلمات، أليس كذَلك؟ والدكِ كان في مُعضم أيامهِ في حالة سُكر. أو رُبما هي مُجرد كلماتٍ اختلقها لتبرير تصرفاتهِ القبيحة.”
اعترض ليونارد على الفور. لا يُمكن تحديد الأصل فقط بناءً على لون العين. رغم ندرتها، هُناك حالاتٌ لا يُشبه فيها الشخص عيني أيِّ مِن والديه.
“بصراحةٍ، لا أعرف. طوال الوقت كنتُ أصدق أنْ لون عيني الأخضر هو ما ورثتهُ مِن جدتي، لكن إذا لَمْ يكُن ذَلك صحيحًا، فأنا…”
خفضت كورديليا عينيها في حالةٍ مِن الارتباك. بدأت المخاوف التي كانت قد ظنّت أنها انتهت تعود للظهور.
“في الواقع، قابلتُ لأني قبل قليل. كانت مُربيتي التي اعتنت بي عندما كنتُ صغيرة. إذا سنحت الفُرصة، سأحاول أنْ أسألها إذا كانت تعرفُ شيئًا. كانت لاني أقربُ شخصٍ لأمي، رُبما تعرف شيئًا.”
“مربية؟ المُربية التي ربتكِ موجودةٌ في هاشيموس؟ كيف؟”
“كان الدوق إيمبلي يدعو الكهنة إلى القلعة كُل عام، ومِن بين هؤلاء الكهنة كانت لأني. حتى أنها مرشحةٌ لمنصب رئيس الكهنة.”
“لهَذا لَمْ نتمكن مِن إيجادها.”
تمتم ليونارد بصوتٍ مُنخفض. أرسل شخصًا إلى ييراتكوس، لكنهُ لَمْ يجد أيَّ شيء، ومِن المُفاجئ أنْ يلتقي بها هنا.
“نعم؟ مَن الذي كنتَ تبحثُ عنه؟”
“لا شيء.”
هزَّ رأسهُ بلطف. لَمْ تهتم كورديليا.
“ما هي خطتُكَ الآن؟ هل يجبً علينا القبض على ماكسيميليان قبل أنْ يعرف بوجودكَ هُنا؟”
“سأتعامل مع ذَلك الشخص بنفسي، أنتِ فقط تصرفي كالمُعتاد. لا تُثيري الضجة حتى لا تُكتشفي. وأيضًا، سأحصل على طريقة صنع الترياق مِن إيمبلي، فقط انتظري قليلاً.”
“هل تعتقدُ بأنه سيخبرُكَ بذَلك بسهولةٍ؟”
“سأجعلُ هاشيموس تحترقُ إذا لزم الأمر، فلا تشغلي بالكِ بمثل هَذهِ الأمور.”
“أنتَ حقًا تُطمئنيني.”
ابتسمت كورديليا. لَمْ يكُن مُجرد كلام، بل كان حقيقيًا. على الرغم مِن أنْ المشاكل لَمْ تُحل بعد، لكن وجود ليونارد بجانبها جعل كل مخاوفها تهدأ.
كانت لأني تُراقب الباب منذُ فترة. كانت نظراتُها مُترددةً لدرجة أنه لا يُمكن لأحدٍ أنْ يُلاحظها بسهولة.
“هل تنتظرين أحدًا؟”
“نعم. لكن يبدو بأنهُ مشغولٌ الآن.”
عادةً، كانت تذهبُ للبحث عن كورديليا أولاً، لكن حالتها الغامضة جعلت مِن الصعب عليها أنْ تلتقي بأيِّ شخصٍ دوّن أنْ تَشُك.
في تلكَ اللحظة، دُق الباب. وجهُ لأني أضاء على الفور. ابتسم الطفل بخفةٍ وركض نحو الباب.
“أدخل، بسرعة.”
بِمُجرد أنْ فتح الطفل الباب، تعثر وسقط على الأرض. صُدمت لاني لرؤيتهِ فركضت إليّه بسرعةٍ.
“ليتو!”
“لقد غفا، لا داعي للقلق.”
“مَن أنتَ؟”
بينما كانت لاني تحتضنُ ليتو، نظرت إلى الرجُل الغريب بعينين مليئتين بالشك. كان الرجُل ذو الشعر البلاتيني الجميل ينظرُ بنظرةٍ غيرِ مُباليةٍ عبر الغرفة، ثم دخل دوّن إذن مِن صاحب الغرفة.
الآن، كانت الغرفة تحتوي على لاني فقط وهَذا الرجل.
“أنتِ لاني إبيو، أليس كذَلك؟”
“لَمْ تُجبيني على سؤالي بعد.”
“ليونارد أتيلي، وأيضًا مُعلمُ كورديليا.”
“هل أنتَ مُعلمها؟ أنتَ اتيلي؟ أتيلي نفسُه؟”
على الرغم مِن أنْ ييراتكوس كان يتجنبُ السحر وكان مِن الصعب الحصول على أخبارٍ عن السحر، إلا أنْ لأني سمعت عن ليونارد أتيلي.
هو سيدُ عائلة اتيلي وأقوى ساحرٍ في إيرشيه. كانت الشائعات الكثيرة حولهُ معروفة، لكنها لَمْ تكُن تتوقع أنْ يكون رجلًا شابًا هَكذا.
بل والأكثر دهشةً هو أنْ كورديليا هي تلميذتُه.
“اجلسي. لديّ بعضُ الأسئلة.”
جلس ليونارد على المقعد الكبير كما لو كان صاحب المكان. كان تصرفهُ مُتعجرفًا وغيرَ مُهذبٍ، لكن لأني ترددت قليلاً قبل أنْ تجلس أمامه.
على الرغم مِن أنها كانت مُرشحةً لمنصب رئيس الكهنة، لَمْ تكُن جريئةً بما يكفي لتتحدى أتيلي.
“ما الذي تريدُ أنْ تسألني عنه؟”
“سمعتُ بأنكِ كنتِ قريبةً مِن السيدة فاسكويز.”
“نعم. لولا السيدة فاسكويز، لما كنتُ في هَذا المكان اليوم.”
“حقًا؟ إذًا كنتِ تعرف بأنها كانت عاجزةً عن الإنجاب.”
“كيف يعرفُ الدوق ذَلك؟”
فاجأ هَذا السؤال لاني بشكلٍ غيرِ مُتوقع، وبدت مُرتبكةً. كانت تتوقع أنْ يسأل عن شيءٍ يتعلق بكورديليا، لكن السؤال كان مُفاجئًا تمامًا. والأكثر مِن ذَلك، كان يعرفُ السر الذي كان يعرفهُ قلةٌ مِن الناس.
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿《التليجرام》