أتمنى لو كان زوجي ميتًا - 12
“”سيدي، هل يُمكنني إلقاءُ نظرةٍ على هَذا؟”
“نعم.”
أومأ ليونارد برأسهِ بلا مبالاة. بدأتْ كوردليا بقراءة المُستند بتمعُن.
والمثير للدهشة أنهُ كان يحتوي على تفاصيلِ الفساد الذي ارتكبهُ النبلاء الذين كانوا أعداء أبرامز، بما في ذَلك هيلينا.
“هل كُل هَذا صحيح؟”
“سيكون هَذا صحيحًا إذا لم يكن البارون خرفًا.”
“اعتقدتُ أنكَ قد اختلقتَ الأمر لإسقاط السيدة هيلينا.”
لأن عشاق هيلينا، الذين قيل إنهم وُضعوا في السجن تحت الأرض في ذلك اليوم، لم يكونوا في القلعة.
عندما كُشفت حقيقة هيلينا، كانت تقفز غضبًا وتدعي أن ليونارد قد اختلق هَذا لتشويه سمعتها، لكن الأوان كان قد فات بالفعل.
“بما أنه اعترف بفمه أن لديه حكومة، انتهت القصة، أليس كذلك؟”
“بما أنها قد اعترفتْ بلسانها أنها كانت تمتلكُ عشاقًا، فقد انتهى الأمر.”
“إذًا، هل صحيح أنها قد باعت حقوقَ تحصيلِ الضرائب للتُجار بشكلِ غير قانوني كما هو مكتوب هُنا؟”
“هَذا فقط نموذج عن الجرائم التي قامت بها. لديها العديد مِن الأمور الفظيعة.”
في التقرير، كُتب بتفصيل عن مقدار الأموال التي جنتها هيلينا من بيع حقوق تحصيل الضرائب للتجار.
“إذا كشفنا هَذا، يُمكنني الحصول على نفقة كبيرة.”
قالت كوردليا مازحة وهي تضع التقرير على الطاولة. ألقى ليونارد نظرة عابرة عليها وقال بلا مبالاة:
“إذا كُنتِ تُريدين ذَلك، أفعليها.”
“ماذا؟؟ حقًا؟هل يُمكنني حقًا أخذه؟”
سألتْ بنظرةٍ مُتلألئة. لوح ليونارد بيده بشكلٍ يوحي بالملل.
“افعلِ ما تشائين به، سواء ابتزازهم للحصول على نفقة كبيرة أم لا، ولكن لا تشربي النبيذ برأسكِ مرةً أخرى.”
“هاا؟ ما الذي تقصدُه؟”
“ماذا لو تضرر رأسُكِ الضعيف بالفعل بسبب النبيذ؟”
قال ليونارد بنبرة ساخرة. كانت كوردليا على وشكِ الرد لكن البارون قد ظهر فجأة ونقر على لسانه.
“آه يا سيدي، كان بإمكانك فقط أن تقول إنكَ قلقٌ عليها.”
“قلق؟ لا، بل هذا لأنني أخجلُ مِن قول أنها تلميذتي.”
قال ليونارد وهو ينقرُ بأصابعه على ذراع الكرسي.
“الآخرون قد بدأوا بالدراسة في سن الخامسة. إذا كنتِ تريدين اللحاق بهم، يجبُ أن تبذُلي جهدًا مُضاعفًا.”
“ماذا؟ كيف يمكنني اللحاقُ بهم؟ أريدُ فقط أن أتعلم الأشياء البسيطة لأصبحَ مُثمنًا…”
كان حُلمها البسيطًا أن تتعلم بعض السحر ليساعدها في أن تصبح مُثمنة سحرية و تعيشُ حياتهت هادئة.
لكن قطب جبينه بشدة
لكن ليونارد عبس عندما سمع كلمة “مُثمن”.
“ماذا؟ مُثمن سحري؟ هل تفكرين حقًا في أن تصبحي مُثمنة سحرية أو شيء مِن هَذا القبيل؟”
“نعم، وما الخطأ في أن أكون مُثمنة سحرية؟”
“هراء. هَذا مستحيل.”
“لماذا، لماذا … ؟”
خُطَّط حياتها التي وضعتها بجد جرى رفضها في لحظة. حاولتْ كوردليا الاحتجاج، لكن كما هو الحال دائمًا، لم يعرها ليونارد انتباهًا.
“أنتِ تلميذتي الأولى. لذَلك يجب أن تكوني قادرةً على إدارة نجمٌ واحدٌ على الأقل في سن الخامسة والعشرين.”
“سيدي، هُناك خمسُ سحرةٍ فقط عبر التاريخ استطاعوا إدارة نجمٍ في سن الخامسة والعشرين. وكوردليا ستبلغ مِن العمر عشرين عامًا فقط هَذا العام.”
“خمس سنوات كافية.”
لم تعد كوردليا تتفاجأُ بظهورِ البارون المُفاجئ مِن أكواب الماء أو الأحواض. سألتْ كورديليا البارون بعيون مغمضة.
“قلتُ مِن قبل، لكن ما معنى إدارة نجمٍ؟”
“هذا يعني أن تؤسسِ مدرسةً سحريةً باسمكِ، بعد تحقيقِ إنجازاتٍ عظيمةٍ في علم السحر.”
“ماذا؟ تأسيسُ مدرسةٍ؟ وفي سن الخامسة والعشرين؟ مهلاً، أنا فقط أريدُ أن أتعلمَ السحر ليساعدني…”
“بارون، لماذا أنتَ مُتشائم هَكذا، نحنُ لم نبدأ بعد؟”
“هذه هي المشكلة، لم تبدأ بعد. الأمر يستغرق حياة كاملة لتحقيقهُ. هل تعتقد أنهُ يمكن تحقيقُه في خمسِ سنوات؟”
“همم. إذا كانت تلميذتي، فهَذا يجب أن يكون متوقعًا. إذا قرأتِ خمس أوراقٍ بحثية يوميًا ونمتِ ثلاث ساعات فقط، ستُنجزين ذَلك سريعًا.”
في حديثهم، ظهرت كلمة لم تستطع كوردليا تجاهلها.
“انتظر لحظة، سيدي؟ إذا نمتُ ثلاث ساعات فقط يوميًا، سأموت. لا أريدُ إدارة نجمٍ، فقط كُل ما اريدُه هو تعلم بعض السحر البسيط…”
“ثلاث ساعات؟ هَذا لا يكفي. حتى لو زادت ساعة سيكونُ ذَلك قليلًا.”
“إذن النومُ لمدة ساعةٍ يكفيكِ. لا داعي للقلق بشأن ذَلك. إذا كنتِ تلميذتي، يجب أن تتوقعي هَذا.”
فجأة، قُصِّر وقتُ نومِ كورديليا بسبع ساعات. صرخت داخليًا.
في تلكَ اللحظة، اختفى البارون فجأة. في نفسِ الوقت، سُمعت صوتُ الخادمة خارج الغرفة.
“الفيكونت ديلون قد وصل.”
قبل أن يُعطي ليونارد الإذن، اقتحمَ أرنولد ديلون الغرفة.
بمجرد أن رأى ليونارد، ابتسمَ بشكلٍ مُبالغ فيه واقترب منه.
“أوه، كريج! كيف كان حالك؟”
“مَنْ؟”
“إنهُ أنا. خالُك. أوه، يبدو بأنكَ لم تستعد ذاكرتكَ تمامًا بعد.”
ظهر بريقٌ في عينيّ أرنولد، كان مِن الواضح ما كان يُفكر فيه.
قدمت كورديليا تحية خفيفة ولكن كما هو الحال دائمًا، لم يلتفت أرنولد إليها.
“هل جئتَ لتتحقق مِن مقدار عودة ذاكرتي؟”
“هاها. بالطبع لا. جئتُ لرؤيةِ وجهُ ابنُ أختي والحديث معهُ بعد غيابٍ طويل.”
“لكن لماذا لم تُلقِ التحية؟”
“تحية؟ إذا كنت تقصد التحية، فقد ألقيتها عندما رأيتك سابقًا.”
“إذا كان الفيكونت قد رأى السيدة بجانبي، فمِن المفترض أن يُلقي التحية أولاً. أليس هَذا مِن البديهيات؟”
“…”
احمرّ وجهُ أرنولد على الفور. لكنهُ قد استعاد هدوءهُ بسرعة وابتسم مُبتهجًا لـ كورديليا بالتحية.
“نعم، كورديليا. هاها. مر وقت طويل.”
“نعم.”
كانت هَذهِ أول تحية تتلقاها كورديليا منذُ أن عاشت في هَذا المنزل لمدة عامٍ كامل. تلقت التحية بشكلٍ مُحرج للغاية.
كان مِن المُضحك كيف أنهُ لم يعترف بها مِن قبل، ولكن بمجرد أن تحدث ليونارد، غيّر موقفهُ فورًا.
خفض أرنولد صوتهُ واقترب مِن ليونارد.
“لكن، كريج، لدي أمرٌ هامٌ يجب أن أتحدثَ عنه.”
“بما أنكَ قد قررتَ بالفعل التحدُث معي، فلا يُمكنني منعُك. قُل ما عندك.”
“ها، هاها. لكن يبدو أن طريقتكَ في الكلام قد تغيرت قليلاً. كما قُلت، أنا خالكَ يا كريج.”
“حسنًا. يالي مِن محظوظ لديّ خالٌ لم يزُر ابن أختِه المريض لمُدة خمسة أشهر.”
“هَذا لأنني كُنتُ مشغولًا جدًا ربما لم تكُن تُدرك ذَلك وأنت مُستلقٍ، لكن أبرامز لا يُمكن أن تعمل ليوم واحد بدون وجودي. خلال الأشهر الخمسة التي قضيتها مُستلقيًا، كُنت مشغولًا للغاية.”
تفاخر أرنولد وأطال الحديث. عندها قطع ليونارد كلامه بمضض.
“إذن، ما هو الأمر الهام الذي تُريد التحدثِ عنه؟”
“أهم ما أردتُ قولهُ هو أنكَ لن تستطيع فعل أيِّ شيءٍ بمفردكَ. هل تعرف كم عدد الذين يعارضونكَ الآن؟ إذا لم تكُن حذرًا، فإن جيرالد إبرامز سيأخُذ اللقب مِنك!”
“هممم.”
“لقد انضم كل من راسيل وفنيسنت ومانياس لـ جانب جيرالد. هؤلاء الحمقى الذين لا يعرفون مكانتهم.”
بينما كان أرنولد يتحدث بحماس، بدا ليونارد يشعر بالملل بشكلٍ مُتزايد.
“سأتولى هَذا الأمر بنفسي، لذَلك لا داعي لقلقكَ.”
“كريج! لماذا تقول ذَلك؟ لماذا لا ينبغي ليّ أن أقلق؟ نحنُ عائلتكَ. نحنُ نريدً بشدةٍ أن تُصبحَ الكونت.”
“عائلتي؟ من تقصد؟”
“أنا وهيلينا بالطبع! سمعتُ عن ما حدث لهيلينا. إنهُ حقًا مُخجل. لكنها تبقى والدتكَ. إذا ركزتَ على هَذهِ الأمور الصغيرة الآن، ستفوتكَ الأمورُ الكبيرة.”
“هل يبدو لكَ أن اختلاس أموال العائلة بشكلٍ غير قانوني هو مِن الأمور الصغير؟”
“آه، لقد بحثتُ في الأمر، واتضح أن هُناك سوء فهم. أقسم أنهُ لم يحدث شيءٌ مِن هَذا القبيل. لا أعرف مَنْ قال لكَ ذَلك، لكنهُ مخطئ.”
قال أرنولد بوقاحة.
على الرغم مِن أن ليونارد كان لديهِ الكثير مِن الأدلة على اختلاس أرنولد، إلا أنهُ لم يُكلف نفسهُ عناء إخراج تلكُ السجلات.
“يا، هل قلتَ أن اسمكَ هو الفيكونت ديلون؟”
“ما هَذا الأسلوب الوقح، ها؟ كريج، أنا خالُكَ…”
“لا تتصرف كأنكَ مِن العائلة بينما لا يوجد بيننا قطرةٌ دمٍ واحدة. هَذا مُثيرٌ للاشمئزاز.”
تجمد الهواء فجأة. ربما كانت كورديليا الوحيدة التي شعرتْ بذلك. كانت تحدقُ في ليونارد وأرنولد، مُتيبسةً.
احمرَ وجهُ أرنولد حتى كاد ينفَجر. بدا وكأنهُ يريدُ الصراخ، وقبضتهُ كانت ترتعش.
لكن ليونارد لم يعرهُ أيَّ اهتمام.
“إذا كُنتَ قد قُلتَ كُل ما لديك، فاخرُج. لا أحتاجُ لـ مساعدتك.”
“ستندم على هَذا.”
“حسنًا، فهمت، الآن اخرُج.”
أشار ليونارد بيده كما لو كان يطردُ ذبابةً مزعجة.
خرج أرنولد مِن الغرفة بغضب، وقبل أن يُغلق الباب خلفه، سألتهً كورديليا بتردد.
“هل لا بأس حقًا بهَذا؟ ماذا لو انضم الفيكونت ديلون إلى الجانب الآخر؟”
“لينضم. هل تعتقدين أنني لا أستطيع الحفاظ على لقب الكونت في هَذا المكان الريفيّ الصغير؟”
“أعتقد ذَلك.”
بالطبع، لم يكن ليونارد عاجزًا أمام أرنولد، لكنها شعرت بعدم الارتياح حيال ذلك.
* * *
“يا لهُ مِن طفلٍ وقح!”
بمجردِ دخولهِ غرفته، بدأ أرنولد في إلقاء الأشياء مِن حوله. تحطمت مزهرية مُصدرةً صوتًا حادًا.
حتى بعد تحطيم الأشياء، لم يهدأ غضبُه حتى أصبحت الغرفة فوضى بالكامل.
“أرنولد! يا إلهي، ماذا حدث هُنا؟”
“ماذا حدث؟ هل تعرفين ما الذي قالهُ لي كريج للتو؟”
دخلت هيلينا الغرفة وبدت مذهولة مِن الفوضى. أخذ أرنولد يروي لها ما قالهُ كريج.
تحدثت هيلينا عندما سمعت شيئًا غير مُتوقع.
“هل أخبرك كريج أن تُلقي التحية على كوردليا؟”
“نعم. لقد طلب مني أن أنحني لتلك المرأة التي اشتراها بالمال.”
“هَذا غريب. هُناك شيءٌ غيرُ طبيعي.”
كانت هيلينا تتمتم وهي تمسح وجهها بيدها. ركل أرنولد الأريكة بنزق.
“ليس فقط غريبًا، إنه يبدو وكأن عقله قد تشوش تمامًا.”
“لا. أعتقد أن كريج لم يقُل هَذا بنفسه.”
“إذا لم يفعل، فمن فعل ذَلك؟”
“بالتأكيد تلكَ المرأة هي التي كانت وراء ذِلك.”
“مِن؟ هل تعني امرأة باسكويز؟”
“نعم. ألا تجد ذلك غريبًا؟ كيف تغير كريج فجأة؟”
بالفعل، تغيرت شخصيةُ كريج بشكلٍ كاملٍ. فقد ابتعد عن كل عشيقاتهِ المفضلات وابقى فقط بكورديليا بجانبه.
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
قناتي بالتليغرام انزل فيها كل شي ♡ 《التليغرام》
حسابي بالواتباد 《cynfti》