أتمنى لو كان زوجي ميتًا - 102
الفصل 102 : عقدٌ مع الشيطان ¹³
بينما كانت ماتيلدا مذهولةً، بدأت كورديليا تُركز مرةً أخرى. بما أنها قد جربت الأمر مرةً مِن قبل، كانت المرة الثانية أسهل قليلًا.
“أوه.”
لكن يبدو أنْ جسدها لَمْ يوافقها الرأي. سرعان ما ارتفعت الدماء مرةً أخرى، ملأت رائحةُ الحديد فمها.
بصقت كورديليا الدم المُتجمع في فمها وأخذت تتنفس بصعوبة. قالت ماتيلدا:
“توقفي، هَذا السحر يستهلكُ طاقةً عقليةً هائلة. إذا واصلتِ دوّن راحة، فلَن يصمُد جسدكِ. رُبما عليَّ أنْ أفعل…”
“لا، أنا أستطيع… أستطيعُ فعل ذَلك. لا تقلقي عليَّ، اذهبي إلى مُعلمي، إنهُ بحاجةٍ إليكِ أكثرَ مني.”
لَمْ تستطع ماتيلدا إنكار كلامها. الوضع كان سيئًا للغاية، نازازبوت الذي تعمق ارتباطهُ بمُضيفهِ كان يزدادُ جنونًا. على الرغم مِن أنْ ليونارد كان يُقاوم، إلا أنهُ كان يُقاوم أيضًا.
“اصمًدي قليلًا.”
“اذهبي بسرعة.”
نظرت ماتيلدا إلى كورديليا بقلقٍ، ثم غادرت.
شددت كورديليا قبضتها على رُكبتيها المُتمايلتين وركزت على التعويذة. فجأةَ، سمعت صوتًا بجانبها.
[هل أنتِ بخير؟]
“لوتي.”
اقتربت الكلبة الرمادية وهي تعرج نحو كورديليا. وعندما ألقت نظرةً سريعة، رأت أنْ ساقها الأمامية كانت مُغطاةً بالدم ومُنحنيةً بشكلٍ مُخيف، وكانت أضلاعُها بارزة. على الرُغم مِن إصاباتها، لَمْ يتغيّر صوتُها. بل إنها كان قلقةً على كورديليا.
[لا تًرهقي نفسكِ كثيرًا.]
“أنا بخير.”
في تلكَ اللحظة، وبصوتٍ حاد قُطع الهواء، سقطت عشرات الصخور بحجم القبضة اليد مِن السماء. لَمْ يكًن هُناك وقتٌ كافٍ لتجنُبها. لحُسن الحظ، منعت لوتي بعضًا منها بجسده، لكن البعض الآخر أصاب كورديليا مُباشرةَ.
“أوه!”
فقدت توازنها وسقطت. لحُسن الحظ، أصابت الحجارة ذراعيها وساقيها فقط، فلَمْ يكُن هُناك إصاباتٌ خطيرة.
“هاه… هاه.”
جلست كورديليا على الأرض وهي تتنفسُ بصعوبة. كانت ذراعها المُصابة تنبضُ بالألم، بالكاد استطاعت رفعها. بطبيعة الحال، توقفت عن إكمال السحر.
نظرت لوتي إلى السماء للحظة، ثم هرعت إلى جانبها.
[علينا الهروب، هيا!]
“لا أستطيع. إنْ لَمْ أستخدم السحر الذي علّمتني إياه، فسيموت مُعلمي، الآخرون…”
كانت قوة هَذا الشيطان تفوقُ التوقعات. كان يُقاتل أربعة سحرةٍ أقوياء ولَمْ يُظهر أيَّ ضُعف. بل بدا أقوى مِما كان عليهِ في البداية.
قطعت لوتي حديثها وهي تدفعُ جسدها بأنفها على عجل.
[إنهُ يُحاول الآن استدعاء ‘بيريوكوم’. علينا أنْ نخرج مِن هُنا فورًا!]
“ما هو الـ بيريوكوم؟”
[إنها صخرةٌ كبيرة تخرجُ مِن السماء.]
“هل هُناك صخرةٌ في السماء؟”
[الحجارة التي سقطت الآن هي مُجرد شظايا مِن تلكَ الصخرة، وهي البداية فقط. إذا سقطت علينا تلكَ الصخرة، سيموت الجميع. حتى أنا لا أستطيع منع ذَلك. تحركي بسرعة، هيا!]
مع تصاعد طاقةٍ هائلةٍ حول نازازبوت، تأكدت كورديليا مِن صحة كلام لوتي. حتى في وضح النهار، شعرت بأنْ درجة الحرارة قد أنخفضت.
شددت كورديليا قبضتها ووقفت، لكنها لَمْ تذهب إلى المكان الذي أشارت إليّهِ لوتي.
“مُعلم، مُعلمي!”
كان نازازبوت قد تراجع قليلًا ليستعد لأداء سحرٍ كبير. استجاب ليونارد فورًا لنداء كورديليا وركض نحوها بعد أنْ ألقى نظرةً سريعةً على نازازبوت.
“هَذا المكان خطر، ادخلي إلى المبنى. ما هَذا الدم؟ هل أًصبتِ؟”
نظر ليونارد إلى الدم على ملابسها وسأل بقلق. لكن كورديليا هزّت رأسها بعناد.
“لا شيء، لكن يا مُعلمي، الشيطان نازازبوت يُحاول استدعاء بيريوكوم.”
“نازازبوت؟ هل هَذا هو اسم الشيطان؟”
“نعم، لوتي أخبرتني بذَلك. والآن، قوة هائلة تتجمع حول نازازبوت.”
عند سماع كلامها، تغيرت ملامحُ ليونارد إلى الجدية.
“إذا استدعى نازازبوت بيريوكوم، ستتحول المنطقة بأكملها إلى خراب.”
“ماذا يحدُث؟”
وصلت ماتيلدا، كاينون، وروزنبلور إلى المكان. أعادت كورديليا شرح ما أخبرتها بهِ لوتي. كان يبدو أنْ الجميع يُريد أنْ يسأل كيف علمت بذَلك، لكن ليونارد قطع الحديث.
“الآن ليس الوقت المُناسب لهَذا. إذا سقط الـ بيريوكوم هُنا، فسيكون هُناك مئاتُ الضحايا.”
“يجبُ أنْ نوقفهُ قبل أنْ يُكتمل الاستدعاء.”
قالت ماتيلدا وهي تُزيل الغبار عن عباءتها. كاينون، الذي كان يضغطُ على جُرح في جنبهِ، عبس وسأل:
“كيف؟ حتى الآن، لَمْ نستطع قطع حتى إصبعٍ من الشيطان.”
“هُناك طريقةٌ واحدة.”
نظرت ماتيلدا نحو كورديليا. تلقائيًا، نظر الجميع إليها أيضًا.
“أنا؟”
“نعم، إذا استطعتِ إضعاف نازازبوت باستخدام السحر، فسنُهاجمهُ جميعًا بنفس الوقت. يستغرقُ استدعاء الـ بيريوكوم وقتًا طويلًا، وإذا ألحقنا بهِ جرحًا كبيرًا، فَلَن يتمكن مِن مواصلة الاستدعاء.”
“ما هو ذَلك السحر؟” سأل روزنبلور. قامت ماتيلدا بالشرح بدلًا مِن كورديليا بإيجاز عن ماهية هَذا السحر.
“هل يوجد مثلُ هَذا السحر؟”
“لَمْ أسمع بهِ مِن قبل.” نظر كاينون وروزنبلور معًا مُباشرةً إلى وجه كورديليا. ماتيلدا ترددت قليلًا وسألت:
“أعتذر، لكن هل تستطيعين القيام بذَلك؟”
“نعم، سأحاول.”
أومأت كورديليا برأسها دوّن تردد. إذا تراجعت الآن، فقد يموت مئات الأشخاص.
وضع ليونارد يدهُ بلطفٍ على كتفها.
“هل أنتِ بخير حقًا؟”
“بالطبع.”
لَمَ تكُن بخيرٍ على الإطلاق. كانت تشعرُ بأنْ معدتها في حالةٍ سيئة لدرجة أنها أرادت أنْ تتقيأ على جذع شجرة، ورأسها كان ينبضُ كأنها ضُربت بمطرقةٍ.
ومع ذَلك، ابتسمت كورديليا في وجههِ. بل كانت سعيدةً قليلاً، لأنها للمرة الأولى كانت قادرةً على مُساعدته، بعدما كانت تحتمي خلفهُ دائمًا.
أرسلت كورديليا مُعلمها، الذي بدا عليهِ القلق، أولًا ثم انتقلت إلى موقعٍ آخر. لاحظت لوتي عزمها الراسخ، فتنهدت بعمقٍ بدلًا مِن أنْ تمنعها.
[آه، ما كان يجبُ عليّ أنْ أُعلمكِ ذَلك السحر.]
“آسفة، لكنني مُمتنةٌ، لوتي. شُكرًا لأنكِ تحميني.”
[إذا فشلتِ هَذهِ المرة، فعديني بالهرب.]
“حسنًا.”
لَمْ تكُن كورديليا تُخطط للموت دوّن فعل شيء. كانت تفعل كًل ما في وسعها.
بدأت المًحاولةٌ الثالثة. ركزت وبدأت في صياغة الطاقة السحرية بهدوء.
نظرًا لحالتها الجسدية السيئة، كانت الطاقة السحرية تنحرفُ، ولكنها قامت بجمعها وترتيبها في مكانها المقصود. كان السحر مُعقدًا، ولكن بمُجرد رؤيته، يُصبح الحساب سهلًا. الآن سيأتي الألم. أغمضت كورديليا عينيها وأخذت نفسًا عميقًا.
“أوه.”
رغم توقعها للألم، إلا أنهُ كان لا يزالُ قاسيًا. كان شعورًا مُرعبًا وكأن شيئًا يُمزق أحشاءها.
في كُل مرةٍ شعرت فيها بالرغبة في التوقف والاستسلام، كانت تحفرُ أظافرها في راحة يدها. كان الألم البسيط يُساعدها على الاستمرار.
عندما بدأت في توزيع الطاقة السحرية، غمُرها ألمٌ شديدٌ قد تفوق على ما شعرت بهِ مِن قبل.
‘مؤلم، مؤلم، مؤلم!’
شعرت وكأنْ دودةً كانت تأكُل أحشاءها، وارتجف جسدُها كما لو كان يُعاني مِن قشعريرة. بدا وكأنْ السماء أصبحت أكثر ظلامًا.
لكن الأمرُ الجيد هو أنْ الطاقة التي كانت تتجمعُ حول نازازبوت بدأت تتلاشى. رُغم ذَلك، لَمْ يكُن بإمكانها الاطمئنان تمامًا. لَمْ يكُن مِن الواضح ما إذا كان ذَلك بسبب نجاح سحرها أم لأنهُ لَمْ يعُد بحاجةٍ إلى المزيد مِن الطاقة.
بدأ السحرة الأربعة يُهاجمون نازازبوت بكُل قوتهم.
بسبب الطاقة الكبيرة التي استخدمها نازازبوت لاستدعاء بيريوكوم، أصبحت حركاتهُ بطيئةً جدًا. قبل قليل، لَمْ يتمكنوا مِن إصابته، ولكن الآن أصابت تعاويذهم جسدهُ خمس مراتٍ مِن أصل عشر.
“آااااه!”
صرخ نازازبوت فجأةً ولف جسدهُ، وفي تلكَ اللحظة انقض السحرةُ الأربعة عليهِ معًا. انتشرت سحابةٌ مِن الدُخان وأخفت نازازبوت.
جمع ليونارد طاقتهُ السحرية ليوجه لهُ الضربةً الأخيرة. ولكن في تلكَ اللحظة، طار نازازبوت فجأةً في السماء مِن بين الدخان.
‘طار؟’
راقبت كورديليا، التي كانت تُتابع مِن بعيد، بذهولٍ شكل نازازبوت وهو يطير.
كيف؟ كان هَذا السؤال يدور في ذهنها، ولكن سرعان ما وجدت الإجابة. ظهر خلف نازازبوت جناحان أسودان مُشوهان. حتى مِن بعيد، شعرت كورديليا بوضوحٍ أنهُ كان يُحدقُ بها. ثم اندفع نحوها بسرعةٍ كبيرة.
[لا!]
كات لوتي أول مَن أدرك ما يحدُث وركضت لتقف أمامها. امتدت مخالبُ نازازبوت بسرعةٍ، ومزق لوتي دوّن تردد. رغم أنْ جسدُ لوتي كان نحيفًا وضخمًا، إلا أنْ الدم تدفق بغزارةٍ.
“لوتي!”
بدا الوقت وكأنهً يتحركُ ببُطء. بفضل الوقت الذي كسبتهُ لوتي، كان بإمكان كورديليا إلغاء السحر الذي يفصل بين الشيطان ومُضيفه واستخدام تعويذة الحماية. ولكن، إذا فعلت ذَلك، فإنْ كُل شيءٍ سيذهبُ هباءًا. رُبما لَن يكون هًناك محاولةٌ رابعة.
قررت كورديليا بسرعة.
أغمضت عينيها وركزت أكثر على السحر الموجه نحو نازازبوت. لَمْ تعُد تشعر بأيِّ ألمٍ أو وجع. كُل ما بقي هو قرارُها بمواجهة المُستقبل القادم.
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿《التليجرام》