I Sought Out the Tragedy’s Scheming Mastermind - 122
رحلة الوصول إلى مملكة لاميتا كانت شاقّةً للغاية.
استغرقت إليانا، وقد استسلمت للتعب، في النوم وهي متكئةٌ على صدر فيركلي.
فتح فيركلي النافذة بلطفٍ وأخذ يمسح عرقها بمنديله، محاولًا تخفيف معاناتها.
على الرغم من أن الطريق كان وعِرًا للغاية، فإن تخفيف السرعة لم يُجدِ نفعًا.
شعر فيركلي بالألم لرؤية إليانا تتألّم، كان يعلم جيدًا سبب هذا النوع من الصدمة، ممّا جعله يشعر بالعجز أمامها.
تمنّى لو أنه يستطيع تحمّل الألم بدلًا منها.
بعد وقتٍ قصير، أعلن السائق وصول العربة إلى الميناء.
بصوتٍ دافئ، أيقظ فيركلي إليانا برفق.
“ليلي … افتحي عينيكِ، لقد وصلنا.”
رفعت إليانا جفونها المُثقَلة ببطء، ونظرت حولها بينما كانت قد توقفت العربة بالفعل.
سألت بصوتٍ أجشٍّ يحمل آثار النعاس.
“هل وصلنا بالفعل؟”
“نعم. هل شعرتِ بتحسّنٍ قليلاً بعدما نمتِ؟”
“نعم. لكن، ألم يتسبّب ذلك في ألمٍ لكتفيك؟”
“ليس كثيرًا.”
ردّ فيركلي وهو يرفع كتفيه، ثم خرج من العربة ومدّ يده لها.
حينما خرجت إليانا من العربة، ألقت نظرةً على الميناء، الذي بدا ساحرًا رغم ازدحامه.
رفعت ذراعيها لتتمطى وقالت.
“لون البحر هنا عميقٌ وكأنه أزرق داكن.”
“لأن المياه هنا عميقة. لكن الجزيرة التي سنذهب إليها ستكون مياهها بلون الزمرّد.”
سألت إليانا بعيونٍ متّسعة.
“هل سبق وزرتَها؟”
بينما كان فيركلي يُعدّل ملابسها، أجاب.
“نعم، حين كنتُ صغيرًا مع والدتي.”
“كم هذا رائع! سيكون من الجميل أن نزور المكان ذاته الذي زرتَه.”
بدت إليانا مليئةً بالحيوية وهي تمسك بيد فيركلي.
“حسنًا، لنفعل ذلك.”
قال فيركلي وهو يطبع قبلةً خفيفةً على يدها، ثم رافقها للصعود إلى السفينة.
بعد لحظات، أطلقت السفينة التي تعمل بطاقة الأحجار السحرية صوت البوق معلنةً انطلاقها.
***
ما إن صعدت إليانا على متن السفينة، حتى بدت أكثر حيويّةً ممّا كانت عليه.
كانت تتنقّل على سطح السفينة بخفّة، ثم أمسكت بحافّة السور وصرخت:
“بيل! انظر هناك، أليس هذا حوتًا؟”
“ليلي، احذري. قد تسقطين.”
أمسك فيركلي بخصرها وسحبها للخلف، ممّا جعل إليانا تلتفت نحوه بخدودٍ محمرّة.
“إنه أمرٌ رائعٌ حقًا أن أرى البحر مجدّدًا.”
“أعتقد أنكِ ستثيرين فوضى أكبر عندما نصل إلى مملكة لاميتا.”
“أحبّ نسيم البحر! حتى هذه الرائحة المالحة رائعة.”
ضحكت إليانا بخفّة وهي تراقب الأمواج، بينما ظلّ فيركلي يحيطها بذراعيه، يشاهد البحر معها.
كانت السفينة تشق طريقها بين الأمواج، تاركةً خلفها زبدًا أبيض، والرياح الباردة تداعب المكان.
كان شعر إليانا الذهبي يتطاير مثل ألوانٍ متناثرةٍ بفعل الرياح.
“هل أُحضر لكِ رباط شعر؟”
سألتها فين وهي تقف بجانبها، فأومأت إليانا بالإيجاب.
حين أحضرت فين بإحضار رباط الشعر وبدأت في ربطه لها، تدخّل فيركلي.
“سأفعل ذلك.”
مدّ فيركلي يده ليوقفها.
أعطت فين فيركلي ربطة الشعر بابتسامةٍ على وجهها وانحنت.
“استدعوني عندما تحتاجونني. سأذهب وأعتني بشيءٍ آخر.”
لم يكن هناك شيءٌ آخر يمكنها فعله. أرادت فقط تجنّب إزعاج الأجواء المريحة بينهما.
“حسنًا.”
عندما أجاب فيركلي بإيجاز، تراجعت فين.
بينما اختفت فين، ابتسم فيركلي ببطءٍ وبدأ في ربط شعر إليانا.
كلّما هبّت الريح، تمايل شعر إليانا برفقٍ بينما تفوح منه رائحة عطرها المميّز، الذي لطالما شعر به سواء عند استيقاظه صباحًا أو قبل أن يغفو ليلًا.
حفيف الشعر وهو يُجمَع اختلط مع صوت الرياح الخفيفة.
“ها قد انتهيت.”
استدرات إليانا عندما قال فيركلي بابتسامة.
“الآن دوري لأُعيد ترتيب شعرك. يبدو أن الرياح أفسدته تمامًا.”
“آه.”
أطلق فيركلي تعجّبًا واستدار دون تفكير، كان نسيم البحر قويًّا لدرجة أن شعره كان في حالة فوضى. وكان طول شعره الغريب سببًا في جعله أكثر فوضوية.
فتحت إليانا فمها وهي تصلح شعره.
“يبدو أن شعركَ قد طال قليلاً.”
“حقًا؟”
“متى بدأتَ تطويل شعرك؟”
في الواقع، لطالما كانت إليانا تتساءل عن ذلك، لأن هذا العالم لم يكن يهتمّ بالحفاظ على الجسم كما هو عليه مثلما تفعل بعض التقاليد الأخرى.
أجابها فيركلي بصوتٍ منخفض.
“لأنه لم يكن هناك أحدٌ ليقصّه لي.”
“…حقًا؟”
تغيّرت ملامح إيليانا بينما استحضرت في ذهنها الأوقات الصعبة التي مرّ بها فيركلي عندما كان مُهمَلاً. حتى لو كان مجرّد إمبراطورٍ شكلي، فمن غير المعقول ألا يُعتَنى حتى بشعره.
حين ثقل صوتها من الحزن، أجابها بابتسامةٍ خفيفة.
“كنتُ أمزح. كنتُ فقط أفكّر أن المقص قد ينتهي به المطاف على عنقي.”
“آه …”
“في ذلك الوقت، لم أكن أخشى الموت، لكنني لم أستطع تحمّل أن أبدو ضعيفًا. كان الأمر مؤلمًا أيضًا.”
“فهمت.”
شعرت إليانا بشيءٍ من الحزن. ولهذا، ما إن انتهت من ترتيب شعره حتى وضعت يديها حول خصره وعانقته بقوّة.
“هل يجب أن أتعلّم قص الشعر؟”
“لماذا؟ هل لا يعجبكِ شعري الطويل؟”
“لا، سواء كان شعركَ طويلًا أم قصيرًا، فإنه يناسبك. في الواقع، لم أرَ أحدًا يناسبه الشعر الطويل كـبيل.”
“إذا كنتِ تحبّينه، سأتركه كما هو. أريد أن أظلّ مميزًا لكِ.”
وضع فيركلي يده على يدها بلطفٍ بينما كان يجيبها.
كان دائمًا هكذا، يمزح ثم فجأةً يلتفت بجديّةٍ مطلقة، مما يجعلها تشعر بالارتباك.
“لا يوجدٌ أحد يمكنه أن يحلّ محلَّك.”
“حتى لو أصبحتُ عجوزًا ممتلئ البطن؟”
عندما سألها مازحًا، ضحكت إليانا بخفّة.
“همم؟ لا أعتقد أنني سأقبل بذلك.”
“هذا ظلم!”
ضحك فيركلي بصوتٍ عالٍ وهو يستدير ليعانقها مجددًا.
“عندما نصل إلى المنزل الصيفي، سنقضي كلّ اليوم معًا.”
“اتفقنا.”
ردّت إليانا بحزمٍ وهي تعانقه مجدّدًا.
استمرّ الاثنان في حديثهما على سطح السفينة حتى دخلا إلى المقصورة.
بعد يومين من الإبحار، وصلوا أخيرًا إلى مملكة لاميتا.
***
عند دخولهما لاميتا، اتّجه فيركلي وإليانا مباشرةً إلى المنزل الصيفي الذي اشترته العائلة الإمبراطورية.
هذه المرّة، لم يستخدموا العربة بل اختاروا ركوب الخيل مراعاةً لإليانا.
ركبا على الحصان معًا، كانت إليانا قد تعلّمت ركوب الخيل لكن لم تكن جيدةً بعد، بينما كان فيركلي بارعًا في ذلك منذ صغره.
استندت إليانا على صدره بإحساسٍ من الراحة.
كان المنزل الصيفي في منطقةٍ منعزلةٍ محاطًا بغابةٍ لتأمين الخصوصية.
مع اقترابهم من المنزل عبر الممرّات المظلّلة، كانت الأجواء هادئةً وخلّابة.
بدأت ملامح المنزل الصيفي تظهر عن بعد. لم يكن باذخًا كالقصر الإمبراطوري، لكنه كان يتمتّع برونقٍ يتناسب مع أجواء لاميتا.
خلف المنزل، ظهرت لمحةٌ من الشاطئ، ممّا ينبّئ بإطلالةٍ رائعةٍ من الشرفة.
عند البوابة، استقبلهم كبير الخدم بابتسامةٍ مهذّبة:
“لقد كنتُ في انتظاركم، جلالة الإمبراطور، وجلالة الإمبراطورة.”
“لقد مرّ وقتٌ طويل يا ماركر، حوالي 20 عامًا، أليس كذلك؟”
“لقد مرّ أكثر من 20 عامًا، هذه هي المرّة الأولى التي أراكَ فيها منذ أن كنتَ صغيرًا جدًا.”
“هذا صحيح.”
أومأ فيركلي برأسه، فسألت إليانا بفضول.
“هل مكثتَ هنا من قبل؟”
“نعم، كانت والدتي تحبّ هذا المكان. في ذلك الوقت، كانت الجغرافيا غير مألوفةٍ لي، أعتقد أنني ضللتُ طريقي في الغابة حينها.”
“هل ضللتَ؟”
“نعم.”
حكّ فيركلي مؤخّرة رأسه بارتباك، فضحك ماركر بصوتٍ عالٍ وقال.
“من المدهش أن تتذكّر ذلك بعد كلّ هذه السنوات.”
“أعتقد أنني أتذكّر ذلك لأن والدتي وبّختني بشدّةٍ وقتها.”
تجسّدت على وجهه ملامح الحنين أثناء استرجاع ذكرياته. كانت تلك هي المرّة الأولى التي يتحدّث فيها عن والدته بهذا الشكل الطبيعي.
خلال العام الماضي، بدا فيركلي أقلّ توتّرًا وأكثر استرخاءً.
عندما التقته إليانا لأوّل مرّة، عندما كان يتظاهر بالضعف والبراءة لكنه يحمل جوًّا حادًّا حوله. أمّا الآن، فقد بدا مرتاحًا جدًا حتى يمكن أن يُقال أنه بلا حذر.
كان لا يزال شقيًّا، لكن كان من السهل الشعور بأن اللجام الذي كان يربطه قد تم إطلاقه.
‘بالتفكير بالأمر، لا أعرف الكثير عن طفولة فيركلي.’
بطريقةٍ ما، شعرت إليانا أنها يمكن أن تتعرّف على فيركلي بشكلٍ أفضل هنا.
كان ماركر يبدو كشخصٍ يعرف الكثير عن ماضيه الأسود، ممّا جعل عينيها تلمعان حماسًا.
شعر فيركلي بهذا الحماس وقال بحذر.
“لماذا تبدين سعيدةً فجأة؟”
“همم … لأننا في رحلة؟”
“لا أعتقد أن هذا هو السبب.”
ضيّق فيركلي عينيه محاولًا فهم نواياها. بينما تظاهرت إليانا بالبراءة وقالت.
“أريد النزول بسرعة.”
هزّ فيركلي رأسه وكأنه لا يستطيع إيقافها ونزل عن الحصان، ثم مدّ يده لمساعدتها.
قفزت إليانا بين ذراعيه لتترجّل عن الحصان، ممّا جعل ماركر ينظر إليهما بابتسامةٍ دافئة.
بعد فترة، فتح ماركر فمه وقال مشيرًا إلى الداخل.
“من الأفضل أن ترتاحا أولًا. لقد قمنا بتحضير حمامٍ ساخنٍ للاسترخاء.”
“شكرًا لك، ماركر!”
أجابت إليانا بحماسٍ بينما كانت تسحب فيركلي نحو المنزل الصيفي.
زيّنت ابتسامةٌ ذات معنى وجهها المُشرق.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1