I Shall Master This Family - 86
تمتمتُ و أنا أسحق فتات الكوكيز بأطراف أصابعي.
“الرّجال…”
“سعال!”
سعل بيريز ، الذّي سمعني أتكلّم مع نفسي ، و هو بجانبي.
لقد التقيتُ ببيريز بعد وقت طويل بعد أن أتيتُ إلى القصر الإمبراطوريّ لألعب دوري كرفيقته في اللّعب.
لكنّني لم ألتقِ ببيريز في قصر بويراك.
لقد كانتْ حديقة القصر الرّئيسيّ ، التّي كانتْ مفتوحة لكلّ الزّوار.
أنا لم أرتكب جريمة ، و لم يكن هناك أيّ سبب لأبقى عالقة في قصر بويراك كلّ الوقت.
وضعتْ كايتلين و كايلوس الطّاولات و الكراسي في أفضل بقعة مشمسة بالقرب من النّافورة.
هذه المرّة أيضًا ، تمّ وضع الكعكة التّي أحضرتُها من ‘شارع الكراميل’ في صحن جميل.
وُضع الحليب الأبيض بدلاً من المشروب الذّي وُضع في البداية لأنّني لم أحبّه.
لقد كان كلّ من بيريز و الشّاي يكبران.
لكن الآن ، لم أكن أشعر بأنّني أريد أكل الكعك.
حدّقتُ في قطعة أخرى من الخبز و نقرتُ عليه بأطراف أصابعي.
“…تيا؟”
ناداني بيريز و على وجهه نظرة مذهولة ، لكنّني لم أجب.
أنا أخبركَ ، فيستيان يحاول جعلي لا أثق أبدًا في الرّجال.
كان ذلك الوجه المبتسم يجول في ذهني
“حسنًا.”
نظر بيريز إليّ بإلحاح قليلاً للحظة ، ثمّ جال بنظره فجأةً.
ثمّ نهض من مقعده ، و مشى بعيدًا قليلاً نحو مشتل الأزهار ، و قطف العديد من تلك الأزهار.
لقد كانتْ زهورًا ببتلاّت صغيرة بيضاء ناعمة مُزهرة و وضعها على شكل باقة دائريّة.
و وضعها في يدي.
بصراحة ، لا أستطع البقاء متهجّمة أكثر.
إنّه يمتلك قلبًا طيّبًا للغاية.
كان بيريز ، الذّي نظر إلى عينيّ عن كثب ، حرفيًّا ‘جمالاً مجنونًا يهدّأ الغضب’.
تنهّدتُ برفق و اشتّممتُ الزّهرة بعد أن استسلمتُ تقريبًا.
كانتْ الرّائحة الحلوة و التّي تستمرّ طويلاً للزّهرة الموجودة تحت طرف أنفي تهدّئ من اضطراب المعدة الذّي كنتُ أشعر به قليلاً.
“شكرًا لكَ يا بيريز.”
“هل تشعرين بتحسّن الآن؟”
شعرتُ بالأسف قليلاً.
أحسستُ بأنّه لم يكن يجب عليّ إظهار غضبي أمام بيريز.
شرحتُ محرجةً.
“أنا لم أكن غاضبةً عليكَ منذ البداية.”
“أنا أعلم.”
“إذن لمَ أعطيتَني الزّهور؟”
“كنتُ أتساءل ما إذا كنتِ ستشعرين بتحسّن إذا ما رأيتِ زهورًا لطيفة و حلوة.”
“آهه.”
“تيا تحبّ الزّهور.”
حسنًا ، ذلك صحيح.
لقد كان من الغريب قليلاً لأنّ بيريز بدا و كأنّه يقرأ ذهني.
خصوصًا عندما نظرتْ تلك العينان الحمراوتان إليّ دون أن تتحرّك ، اعتقدتُ بأنّه سيكتشف كلّ أسراري.
هذا سيجعلني أشعر بالغرابة مجدّدًا.
ارتشفتُ رشفةً من الحليب ، محاولةً التّملّص من نظرته.
ثمّ نظرتُ بجانب عيني ، و كان بيريز يمسح العشب من ملابسه بعد أن التصق به و هو يقطف الزّهور ، و كانتْ كايتلين ، الواقفة بجانبه ، تساعده.
البعض قد قال بأنّ ذلك الفتى البالغ من العمر ستّ عشرة سنة يمرّ بفترة من الهيجان و أنّه أصبح قبيح المظهر.
و على عكسه ، بيريز يزداد وسامةً أكثر فأكثر.
حتّى الآن ، يبدو و كأنّه ينفض ملابسه فقط ، لكنّه كان يشدّ انتباه الجميع دون أن يدرك ذلك ، و كان أنفه و خطّ فكّه الأنيق و كأنّهما منحوتان.
و أنا أنظر إلى ذلك الوجه ، و قلتُ باندفاع.
“بيريز ، لا يجب عليكَ أن تخون لاحقًا.”
توقّف.
توقّف بيريز و كايتلين عن التّحرّك.
و نفس الحال مع كايلوس ، الذّس كان ينظمّ وعاء الكعكة التّي كنّا نأكلها.
نظر الأشخاص الثّلاثة دون أن يقولوا كلمة.
ماذا؟ لماذا؟
أوّل من أظهر ردّة فعل مغايرة كان كايلوس.
لقد عضّ شفته السّفليّة ، محاولاً إخفاء ابتسامته و وجهه الذّي كان يبدو كإيموجي.
فتحتْ كايتلين عينيْها على مصرعيْهما و رمشتْ بضعة مرّات و هي تبدو متفاجئة ، و تنظر إلى بيريز.
و بيريز.
“هل… هل أنتَ بخير؟”
نقرتُ على ظهر يده و سألتُ.
لقد كان وجهه الشّبيه بالثّلج و كأنّه قد اشتعلتْ فيه النّار.
لقد بدا الأمر و كأنّه على وشك الإنفجار.
لقد أصبح وجهه الأبيض أحمرًا من جبهته إلى أسفل عنقه ، و كذلك كان الحال مع أذنيْه.
“أوه ، أجل…”
أومأ بيريز ببطأ.
ما الخطب مع ردّة فعلهم؟
هل قلتَ شيئًا لا يجب عليّ قوله؟
“وجهكَ…إنّه أحمر حقًّا. هل أُصبتَ بنزلة برد؟”
هل المكان بارد قليلاً في الخارج؟
“أوه ، لا. الأمر على ما يرام.”
ردّ بيريز ، و هو يخفي وجهه بيديْه.
كانتْ يداه كبيرتان جدًّا لدرجة أنّ وجهه قد اختفى.
“أنا متفاجئ.”
“من إخباركَ ألاّ تخون؟”
“أه…”
ما الخطب في هذا؟
“لكنّ بيريز قد وصل إلى ذلك العمر ، أليس كذلك؟”
“ذلك العمر؟”
“همم. العمر الذّي تصبح فيه مهتمًّا في النّساء.”
ستصل إلى سنّ البلوغ قريبًا.
أخفض بيريز يده التّي كانتْ تغطّي وجهه ببطأ و سألني.
“إذن ماذا؟”
“لذلك إن كوّنتَ علاقة ، يجب عليكَ ألاّ تخون أبدًا.”
“…إذن هذا ما قصدتِه.”
تمتم بيريز بصوت منخفض.
“هوا..”
“تنهّد..”
تنهّد كايلوس و كايتلين في نفس الوقت.
“ما الخطب معكم؟”
سألتُ ، لكن كايتلين و كايلوس تجنّبا عينيّ.
في المقابل ، سألني بيريز الذّي كان يبدو و كأنّه قد قد استعاد وضعه المعتاد.
“ألهذا السّبب كنتِ في مزاج سيّء اليوم؟”
“نعم ، عليّ أن أحلّ مشكلة ما.”
“رجل؟”
حسنًا ، فيستيان رجل أيضًا.
أومأتُ.
و سأل بيريز مجدّدًا.
“…رجل؟”
أوه ، لقد قلتُ نعم للتّوّ.
أومأتُ مجدّدًا.
لكنّ الجوّ المحيط ببيريز كان غريبًا.
كما لو أنّه بارد و مشتعل في نفس الوقت.
لم أعد أشعر بالرّيح المنسم ، و بالمقابل ، شعرتُ بأنّ الهواء أصبح ثقيلاً.
“تيا.”
“هاه؟”
“حبيب…؟ هل تمتلكين واحدًا؟”
ما الذّي يتكلّم عنه؟
“ماذا أمتلك؟”
“رجل.”
“لا ، ليس بعد.”
أنا في الحادية عشرة فقط.
“إذن ، ماذا كنتِ تقصدين قبل قليل؟”
“أوه ، ليس أنا. إنّه شخص أعرفه.”
لم أكن أريد أن أتكلّم عن شؤون العائلة لشخص خارج لومباردي ، لذلك أجبتُ سطحيًّا.
“آههه.”
مسح بيريز على وجهه بيد واحدة و بلع الحليب.
نظرتُ إلى بيريز و قلتُ.
“يجب عليكَ ألاّ تجرح قلب امرأة. حسنًا يا بيريز؟”
أفرغ بيريز في النّهاية كأس الحليب و مسح فمه بظهر يده.
و ردّ بصوت شرس قليلاً.
“لا أظنّ بأنّه يجب عليكِ أن تقلقي حيال ذلك.”
“أنا أعلم ، أنا أعلم. أنتَ لستَ شخصًا سيئًا هكذا.”
بالتّأكيد.
إنّه غير مطابق أبدًا لفيتسان.
حاولتُ الشّرح بسرعة قبل أن يسيء بيريز فهمي.
“لكن…”
“لكن؟”
“أنا أنصحكَ كصديق فقط من باب الاحتياط. لقد كبرتَ كثيرًا في الآونة الأخيرة.”
عندما أفكّر بالمرّة الأولى التّي التقيتُه فيها ، تغيّر بيريز كثيرًا لدرجة أنّه لا يمكنني أحيانًا تصديق أنّهما نفس الشّخص.
الآن ، مظهره يبدو قطعًا كمظهر أمير.
الأمر ليس فقط فيما يتعلّق بالقامة أو الوجه.
“في مأدبة بيليت ، سمعتُ اسمكَ كثيرًا.”
كوني صغيرة أمر مريح.
على عكس البالغين من لومباردي ، الذّين يتمّ التيقّظ منه في كلّ مكان يذهبون إليه ، لقد كنتُ حرّة نسبيًّا.
لذلك كان بإمكاني سماع الكثير من الأحاديث في المأدبة.
لقد كان اسما أستانا و بيريز يتكرّر كثيرًا على أفواه النّبلاء.
“الكثيرون منههم قد اختاروكَ لأنّه لم يتمّ الاعتراف بأستانا رسميًّا كوليّ العهد بعد.”
“…أنا؟”
بدا بيريز متفاجئًا قليلاً.
حسنًا.
ما زال بيريز لم يدرك بأنّه أمير تمامًا.
“مثلما حدث في الحادثة الأخيرة ، لقد تسرّبتْ الكثير من إنجازاتكَ الأكاديميّة.”
أنا لا أعلم إن كانتْ تتسرّب أو أنّ شخصًا ما ينشرها عمدًا.
إلى جانب جدّي ، الذّي يدعم بيريز ، هناك قلّة من الذّين سيستفيدون من مثل هذه الشّائعات.
على سبيل المثال ، الإمبراطور ، الذّي يحاول الموازنة بين بيريز و أستانا الذّي يمتلك كأنجيناس كعائلة نبيلة داعمة.
“لا يوجد شيء يمكننا فعله من البداية. على أيّ حال ، إلى جانب أستانا ، أنتَ الأمير الوحيد الذّي نجا و كبر.”
لم يكن الإمبراطور يمتلك محظية ، لكنّه كان يمتلك الكثير من العشيقات.
لا يمكن أن يكون هناك أستانا و بيريز فقط.
لكنّ بيريز هو الوحيد الذّي ‘نجا’.
الإمبراطورة قاسية بلا قلب كعادتها.
ستفعل أيّ شيء لتجعل ابنها الإمبراطور التّالي.
و بالنّسبة لمثل هذه الإمبراطورة ، بيريز هو شوكة لا يمكن تحمّلها.
“هل ما زالتْ تضغط عليكَ لتذهب إلى الأكاديميّة؟”
“…لقد استدعتْني الإمبراطورة منذ وقت ليس بطويل. و قد أخبرتْني أن أذهب إلى الأكاديميّة.”
كان صوت بيريز المتكلّم منخفضًا بطريقة غير عاديّة.
“هل حدث ذلك؟”
لقد قرأتُ ذهنيْ كايتلين و كايلوس.
أنا متأكّدة من الأمر كان أكثر من مجرّد ما قاله ، بالنّظر إلى وجهيهما اللّذان تصلّبا.
لكن بيريز لم يقل أكثر من ذلك.
يبدو بأنّه لا يريد أن يذكر ذلك مجدّدًا.
إذا كان الأمر كذلك ، لا يوجد شيء يمكنني فعله.
أومأتُ متنهّدةً و قلتُ لبيريز.
“ربّما سيحدث ذلك أكثر في المستقبل. حتّى تخرج من القصر الإمبراطوريّ و تتوجّه إلى الأكاديميّة.”
“لكنّني لا أريد الذّهاب إلى الأكاديميّة.”
“نعم ، ذلك الأمر يعود إليكَ بعد كلّ شيء. مهما كانتْ قوّة الإمبراطورة ، هي لا تستطيع إجباركَ على الدّخول إلى الأكاديميّة.”
تمّ وضع هذاا القانون لحماية أولئك الذّين لا يستطيعون الفوز في معركة خلافة عائلاتهم من التّوجه إلى الأكاديميّة مجبرين كما لو أنّه قد تمّ طردهم.
دخول الأكاديميّة يجب أن يكون قرارًا صادرًا من ذات الشّخص الذّي يريد الدّخول.
و إلاّ لا ، لقامتْ الإمبراطورة برمي بيريز إلى الأكاديميّة منذ وقت طويل.
“إذن فهي تحاول إقناعكَ.”
“…إذن الأمر غير مهمّ.”
أجاب بيريز بهدوء.
“ما لم تجبرني ، أنا لن أدخل إلى الأكاديميّة.”
لقد كان موقفًا حازمًا كعادته.
تمّ قطع الحديث لفترة.
غرق بيريز في التّفكير ، أتساءل حول ماذا يفكّر.
تساءلتُ ما إذا كان هناك أيّ شيء يمكنني فعله لإبهاج بيريز ، و فجأة تذكّرتُ الهديّة في حقيبتي.
لقد أحضرتُها لأعطيها لبيريز.
أخرجتُ صندوقًا أسود بحجم الكفّ ، وضعتُه أمامه ، و ارتشفتُ من الحليب بغير مبالاة.
“ما هذه…؟”
سأل بيريز بانذهال.
لم أجب.
“لقد التقطتُها في طريقي.”