I Reincarnated As The Blind Princess - 2
“حتى لو ألغيتُ الخطوبة، فلن يتغير شيء.”
فضلًا عن ذلك، من المرجح أن الدوقة كانت تتمنى أن تراني أتوسل لها باكيةً كي تفسخها.
“لن أمنحها متعة رؤيتي بتلك الحالة، حتى لو انتهى بي الأمر مطرودة.”
في اليوم التالي، طلبتُ من إحدى الخادمات أن تساعدني في توضيب أمتعتي.
طرقتُ عصاي على الأرض بصوتٍ واضح، وبينما كانت الخادمة منشغلة بتحضير أمتعتي، قالت لي:
“سيدتي، الشمال بارد، لذا أعددتُ لكِ الكثير من الملابس الدافئة.”
“أشكركِ على مساعدتكِ.”
مررتُ يدي على الصندوق الذي ناولتني إياه الخادمة.
كان يحتوي على أشياء عملية للحياة في الشمال، لا على المجوهرات أو المهر المعتاد الذي تحمله العروس إلى خطيبها.
ملابس سميكة مصنوعة من فرو الثعلب، وأحذية من جلد الحمل، وأغطية للحفاظ على حرارة الجسد. و…
“قميص للنوم؟ وكأنني سأحظى بفرصة لاستخدامه.”
تنهدتُ بصمت ثم، ممسكةً بالصندوق بيدٍ وعصاي باليد الأخرى، غادرتُ القصر.
“سيدتي، هل هذه كل أمتعتكِ؟”
“نعم، أعني… نعم، هذا كل شيء.”
منذ أن استعادتُ ذكرياتي، أصبح الحديث بغير تكلف مع الخدم أو السائقين يبدو لي غريبًا.
ربما كانت هذه آخر لمحة من اللطف يمنحها لي والدي—إذ رتب لي عربةً تأخذني إلى الشمال.
“ليس أن أحدًا من عائلتي جاء ليودعني.”
بحلول الآن، لا بد أن الدوقة وأختي تراقبانني من خلف نوافذ القصر الزجاجية، مستمتعتين بمشهد إرسالي كالمواشي إلى الذبح.
“لن أمنحهما متعة رؤيتي وأنا أنهار.”
وضعتُ الصندوق داخل العربة، ثم، بمساعدة الخدم، تسلقتُ إلى الداخل.
“سيدتي، الطريق إلى الشمال وعرة أرجو أن تكوني حذرة في رحلتكِ.”
سمعتُ أصوات الخدم يلقون عليّ وداعهم بأدب.
تساءلتُ عما كانوا يعتقدونه عني.
“هل يرونني حمقاء مسكينة، لم تختر موتًا مشرفًا، بل رمت بنفسها إلى التهلكة؟”
لم يعد يهمني الأمر.
أخرجتُ رأسي من نافذة العربة، متظاهرةً بالابتسام للخدم الذين يودعونني.
“كونوا بخير، جميعكم.”
رفع السائق اللجام، وأطلقت الخيول صهيلًا حادًا عمّ الصمت بين الخدم الذين كانوا يودعونني، ربما ليستمتعوا بلحظة رحيل الضيفة غير المرغوب فيها أخيرًا.
أسندتُ ذراعي على حافة النافذة، تاركةً النسيم البارد يلامس وجهي وشعري بينما بدأت العربة رحلتها.
لا بد أنني غفوت.
استيقظتُ على صهيل الخيول الهائج، والتوقف المفاجئ للعربة الذي جعلني أفيق بفزع.
“ما الذي يحدث؟”
تحسستُ عصاي، وبدأ القلق يتسلل إليّ.
شعورٌ مريب اجتاحني ناديتُ السائق بصوتٍ حذر.
“ما الذي يجري؟”
“س-سيدتي، إنهم…”
كان صوته يرتجف خوفًا.
“ما الذي قد يُرعب سائقًا متمرسًا إلى هذه الدرجة؟”
لا يمكن أن يكون الأمر مجرد طريق وعر أو جسر منهار—كان ليعرف طرقًا بديلة إلى الشمال.
“هذا لا يترك سوى احتمالٍ واحد.”
كمين.
قطاع طرق ينتظرون في الطريق—أسوأ مخاوفي قد أصبح حقيقة.
لمجرد التفكير بذلك، سرت قشعريرة في جسدي عادت إليّ ذكريات موتي على يد اللصوص في حياتي السابقة، الخوف المحفور في عظامي لا يزال حاضرًا.
لم يكن هناك سوى طريقة واحدة للنجاة من هجوم قطاع الطرق:
وبينما كنتُ أمد رأسي من نافذة العربة لأنادي طلبًا للمساعدة، قاطعني صوتٌ خبيث.
“ما الذي لدينا هنا؟ آنسة صغيرة، وحيدة تمامًا.”
كان صوت رجل، يقطر بالسوء.
في اللحظة ذاتها، شعرتُ بشيءٍ دافئ يتناثر على وجهي، مترافقًا مع صوتٍ حاد.
الرائحة المعدنية للدم… والطعم المالح على شفتيّ أخبراني بالضبط ما حدث.
السائق قد قُتل.
وقعت الحقيقة عليّ كالصاعقة، وبدأ جسدي يرتجف لا إراديًا.
“حسنًا، حسنًا، ما الذي يجلب آنسة راقية إلى الشمال؟”
كان الصوت ساخرًا، نبرة رجالٍ يعتاشون على نهب الآخرين.
استنشقتُ بعمق، مركزةً على الأصوات من حولي أنصتُ بعناية، وأحصيتُ الخطوات.
“واحد، اثنان، ثلاثة، أربعة… ثمانية، على ما أظن.”
الضحكات الهامسة، الخطوات الخفيفة اللامبالية—كان واضحًا أنهم أقل من عشرة رجال.
“يجب أن أجد طريقة للنجاة، حتى لو كنتُ وحدي لا يمكنني أن أسمح للخوف أن يشلني وأموت هنا.”
بينما كنتُ أبحث عن مخرج، شعرتُ بشيءٍ بارد وحاد يُضغط على عنقي.
“هل أفتح الباب بنفسي، أم ستخرجين بإرادتكِ، يا سيدتي؟”
تهكم الرجل الذي يمسك بالشفرة، وعيناه تلتهماني بنظراته الجائعة.
قبضتُ على عصاي بكلتا يديّ، وأجبرتُ نفسي على التحدث بأكثر نبرة هدوء استطعتُ افتعالها.
“سأخرج بنفسي.”
“آه، فتاةٌ عاقلة مطيعة، أليس كذلك؟ على عكس هذا السائق المسكين، الذي لم يعرف مكانه، فلقى حتفه.”
تعالت ضحكاتُ بقية الرجال، مستمتعين بسخرية رفيقهم.
“إنهم غير مبالين… لقد خفضوا حذرهم.”
ابقِ هادئة.
“هناك فرصة واحدة فقط.”
“مهما حاولتُ أن أستجمع شجاعتي، ظلت يداي ترتجفان بلا سيطرة لكن لم يكن أمامي خيار آخر.”
“ما الذي تنتظرينه؟ أسرعي و—اهخ!”
دوّي!
ألقيتُ بثقلي بالكامل على باب العربة، دافعةً إياه بعنف تأوه اللص الذي كان يضغط نصله على عنقي وتراجع إلى الخلف مترنحًا.
“هذه فرصتي الوحيدة للهروب!”
اعتمادًا على الرائحة والرطوبة، كنا لا نزال قرب الحدود بين الجنوب والشمال، ولم ندخل الشمال بعد.
“إذا كنتُ محظوظة، فقد يكون هناك دورية جنود تحرس الغابة القريبة وإن لم يكن، فلا بد أن هناك طريقًا في هذا المكان يربط بين المنطقتين.”
“إذا سألتُ الأشجار، فستعرف الطريق الأشجار تتذكر كل ما يمر بها.”
“لكن أولًا، عليّ الفرار!”
في اللحظة التي واتتني فيها تلك الفكرة، شعرتُ بيدٍ خشنة تجذب شعري بعنف.
صرختُ متألمة، وسقطت عصاي من يدي.
“آآههخ!”
“أيتها الوغدة الصغيرة! إلى أين تظنين أنكِ ذاهبة؟!”
“دعني وشأني!”
بدأتُ أخمش اليد التي تشدني بأظافري بجنون، لكن دون جدوى.
دار رأسي بقسوة، وطعم الدم المعدني ملأ فمي.
توالت الصفعات القاسية على وجنتيّ، وبدأتُ أفقد إحساسي بالواقع.
طنين حاد في أذني، والضوضاء من حولي باتت خافتة ومبهمة.
“أيتها اللعينة…! كنتُ أنوي الاستمتاع بكِ طويلًا، لكنكِ تجرأتِ—!”
عندها فقط أدركتُ أنني لم أكن سوى سمكة ملقاة على لوح التقطيع بالنسبة لهؤلاء اللصوص.
سواء كنتُ متسولة في حياتي السابقة أو نبيلة في هذه الحياة، كنتُ دومًا رهينة لرحمة الآخرين، مجرد دمية في أيدي الأقوى.
قدرتي على سماع أصوات الأشجار كانت بلا فائدة هنا، بلا معنى تمامًا.
كنتُ أسمع صياحهم، لكن أصواتهم لم تعد تصلني بوضوح.
“عصاي سقطت… لا يوجد مهرب الآن.”
“كل ما تمنيتُه يومًا هو حياة طبيعية، أن أعيش بحرية ولو لمرة واحدة… لماذا كان ذلك كثيرًا عليّ؟”
لم أطلب معجزة قط، لا في حياتي السابقة ولا هذه ورغم ذلك…
رنّ صوت جديد، واضح وغريب عني.
“هذا يكفي.”
طرقة!
صوت فرقعة أصابع تردّد في الهواء.
في اللحظة ذاتها، انتشرت رائحة ناعمة من النعناع، اخترقت ضباب الخوف الذي كان يخيّم على عقلي.
“آآآهه!”
“ما هذا بحق الجحيم؟! من أين جاءت هذه الأشواك؟!”
“آآهه! لا أستطيع تحريك جسدي!”
فجأة، أفلتت اليد التي كانت تمسك بشعري.
انهرتُ أرضًا، ضعيفة ومرتجفة، محاوِلةً البحث عن عصاي الملقاة.
“ما الذي يحدث؟”
كان ذهني في فوضى مطلقة.
إذا لم يكن أحد من اللصوص يلمسني، فهذا يعني أن هناك من قام بشلّ حركتهم لكن كيف؟
“القيود لن تنفكّ دون إذني تولّوا أمر البقية.”
“أمرك، سيدي!”
بينما كنتُ أحاول استيعاب ما يجري، سمعتُ وقع أقدامٍ تقترب حاولتُ التركيز على عدّها، لكن رائحة النعناع ازدادت قوة، مشوّشة أفكاري.
“شخصٌ ما يقترب.”
حاولتُ أن أرفع جسدي عن الأرض، لكن ساقي لم تستجبا لا بد أن تأثير الصفعات جعلني أشعر بالدوار، فكلما حاولتُ النهوض، اجتاحتني دوامة من الدوار.
“لا يمكنني فقدان الوعي الآن!”
لكن جسدي لم يطاوعني.
سقطتُ مجددًا على الأرض، عاجزة عن المقاومة.
”…خذوها إلى غلاسييس… فورًا…”
وصلتني الكلمات متقطعة، مشوشة.
“صوت من هذا؟”
فتحتُ عينيّ على ظلامٍ دامس، لم أرَ شيئًا كل ما استطعتُ الشعور به كان رائحة النعناع تقترب، تلتفّ حولي.
بعد ذلك، لم أعد أذكر شيئًا.
شعرتُ بذراعين دافئتين تحتضنانني، وأصواتًا مستعجلة تتردد من حولي.
“… هل يُعقل أن تكون هي حقًا… ابنة دوقه…؟”
” … لا تتركها وحدها حتى تستيقظ…”
حتى وأنا أغرق في الظلام، فكرت:
” إن كان هذا آخر مشهد أراه، فهو ليس سيئًا. “
“… أنتِ محظوظة. “
وسط الأصوات المتداخلة همس أحدهم بهذه الكلمات، بنبرة خافتة لكنها تحمل ارتياحا واضحًا.
“محظوظة؟”
” لقد كنتُ منحوسة منذ حياتي السابقة.”
بفكرة مريرة، استسلمت أخيرًا للظلام.
• نهـاية الفصل •
حسـابي انستـا [ i.n.w.4@ ].