ربيت ثعلبًا ذا تسعة ذيول بشكلٍ خاطئ - 7
كانت المرة الأولى التي يرى فيها القائدة بهذا القرب، لأنها عادة ما تكون هالتها مثل مكعب من الثلج.
ولدت ببشرة بيضاء طبيعية. شعرها الأشقر الذي بدت رائحته كضوء الشمس عندما لمسه كان يلمع بحرارة أمام أنفه. كانت عيناها المستديرتان رقيقتين جدا حتى انه تساءل هل هذه القائدة؟
على الرغم من أنها عادت إلى تعابير وجهها المعتادة على الفور، كان لدى لاونر نظرة على وجهه كالذي رأى شبحاً.
“مهلا، ما خطبك؟”
سأل فيلياتو بينما كان يضرب لاونر بمرفقه
“أكان من المفترض أن تبدو القائدة هكذا؟ كنت أعرف أنها كانت جميلة من البداية، ولكن……”
“رجلٌ مجنون”
هز فيلياتو رأسه و ذهب
“سأذهب بمفردي، يمكنكما العودة”
طلبت سيليا بصرامة.
لقد قيل هذا من قبل. بالطبع، الاثنان لم يفهما ما قصدت. كما كان متوقعًا، احنوا رؤوسهم في خوف واختفوا.
تبعها إيريك حتى النهاية.
“الكاهنة شولا. هل أنتِ هناك؟”
“ماذا حدث؟”
لحسن الحظ كانت شولا في مركز العلاج
“أعتقد أن القائدة أصيبت بجروح خطيرة. هل يمكنكِ أن تلقي نظرة؟”
“نعم”
“شكرا لكِ!”
حالما سقط الإذن، هرب إيريك. كان هناك صمت شديد في مركز العلاج.
“لماذا تقفين هكذا؟”
كانت شولا منزعجة.
“تعال هنا واجلسِ، لماذا لم تأتي إلى هنا؟”
‘لأنه غير مريح’
فكرت سيليا في نفسها
“هل تجنبتِه لأنه كان غير مريح؟”
هذه المرة، مهما كان وجه سيليا في لعبة البوكر، لم تستطع إلا أن تتفاجأ.
ابتسمت شولا وطحنت الدواء
وعلى حد علم سيليا، كانت شولا امرأة في عمرها، لكنها كانت كرجل مسن يستمتع بقول النكات الرديئة للشباب.
“إنه لا شيء…”
“ماذا تعنين بأنه لا شيء؟ فعنقك يكاد يكون مقطوعًا إلى نصفين، ولن يكون من المستغرب ان ينزلق ويتدلى رأسك حول عنقك عند هبوب الريح”
ألقت شولا نظرة خاطفة على الجرح في عنق سيليا واستمرت في الكلام دون مبالاة.
“هل فعل الثعلب ذو الذيول التسعة هذا؟”
“……”
“لا بد أنه يؤلم كثيرًا. ستصابين بالدوار إذا نزفتِ بهذا القدر”
كانت سيليا صامتة
كما كانت تفعل دائماً
“الدرع الرئيسي للبالادين لديه ياقة في الثياب التي تُلبس تحته، وهي متينة جدا”
وتابعت شولا كلماتها وهي تنقر اصابعها على عنقها.
“لذا في كل مرة تديرين رأسك سيحفر الطوق في الجرح”
“……”
“عشرات، بل آلاف المرات. لكن القائدة تحمّلت الالم”
“……”
“يبدو لي أن قائدتنا تحب تحمل الألم”
خلطت شولا أعشابها الطبية بسرعة لم تستطع سيليا مجاراة ذلك، لففتها بورقة في لحظة، ثم رمتها عليها. لقد تلقت ظرفاً أخضر غامق و نظرت إليه وكان له رائحة لاذعة.
“تذهبين إلى إخضاع الوحوش مع هذا الجسم~ ومجرد التلويح بالسيف~ أنتِ تقومين بعمل جيد على أي حال، لذلك تتركينها كما هي، أليس كذلك؟”
“أنا آسفة… هل يمكنك التوقف عن معاتبتي؟”
“هيا، اجلسي هنا”
فأشارت شولا الى كرسي امامها وأمرتها بوجه مبتسم. فمها يبتسم، لكن إذا نظرت عن كثب، يمكنك رؤية تجعيد يظهر من جبهتها.
“الآن”
لقد كان وجهاً أكثر رعباً من الوحش قامت سيليا بإبتلاع اللعاب الجاف، وجثمت على الكرسي المنخفض.
“أنتِ مخدوشة في كل مكان. لا تكوني صبورة في المستقبل وتعالِ على الفور هل أنا آكل الناس؟”
كانت تشعر بأنها نصف مأكولة، لكن سيليا لم تتكلم. حتى لو قالت ذلك، يبدو انها لن تتجاوب معها.
“خذِ الدواء الذي أعطيتك إياه بعد الوجبات”
“حسنًا”
“إذا كان هناك شيء آخر غير مريح…”
“لا”
فقطعت سيليا كلام شولا التي كانت على وشك ان تجرّدها من ثيابها بقوة شديدة.
شولا لم تمانع
قائدتنا ذئب وحيد، أنتِ تدفعين الجميع بعيداً بينما تضعين حداً بجدران حديدية كقلعة امبراطورية.
بالطبع، فمها المزعج دائماً لم يتوقف، قوة شولا الشافية الممتازة التي تمت الإشادة بها في المملكة المقدسة لم تذهب إلى أي مكان. ومع ذلك لم يتحسن فمها، و شعرت أنها سترسل في نهاية المطاف إلى موقع معزول آخر بهذا المعدل.
“شكرا لكِ”
“مما أراه، يبدو أن القائدة خجولة جداً. هل يجب أن أقول أنه إلى درجة متطرفة قليلاً؟”
“…ماذا؟”
“إن أمعنت النظر، فأنتِ لطيفة”
“……؟”
“على أية حال، أنتِ ستستمرين بتربيته بينما تتأذين هكذا؟ ماذا لو حدث شيء ما وقتلك الوحش؟”
“أنا لن أقتل ذلك الثعلب ذو التسعة ذيول، بالطبع لن أُقتل أنا أيضاً”
هزّت سيليا رأسها و ارتدت معطفها
“سيكون من الأفضل أن نبقيه قريباً ونراقبه”
“هذا بسبب حدسك الشبحي، صحيح؟ وهذا يعطيك شعورا بأنك لا تستطيع قتله ”
“نعم”
حدس سيليا
هذا الشعور كان دائما مشكلة
ربما لأن حدس سيليا أرسل لها إشارة حمراء ثم ذهبت إلى الكاهنة القديمة دون قتل الثعلب ذو التسعة ذيول. بدلا من رؤيا غير عقلانية. تصرفت كحقيقة ثابتة تلزم سيليا. طالما شعرت سيليا أنّه لا ينبغي عليها قتله، فلن تتراجع عن أفعالها.
ويرجع ذلك إلى أن “حدسها” لم يخطئ قط.
تماما مثل “وحي” القديس.
بل كانت تعطي رؤيا أكثر دقة من القديس نفسه، الذي نزل على الملكوت المقدس.
شولا، التي فكرت في ذلك البعد، هزت رأسها على حين غرة. هذه الفكرة كانت تجديف ولا يجب أن تأخذهم
تنهدت وقالت
“أخبريني كيف تسير الأمور أحياناً، أنا المسؤولة عن العلاج، أليس كذلك؟ اشعر بالراحة عندما اعرف ما يجري”
“حسنا……”
“بالحديث عن ذلك، أخبريني. ماذا تفعلين هذه الأيام لتتأذي هكذا”
اما سيليا التي صمتت، فتأملت طويلاً قبل ان تفتح فمها.
“ركَّزت على تعليم آداب السلوك، واصبحت الامور جامحة جدا”
كانت شولا تشك في وجهها من الكلمات التي كانت في أذنيها.
“آداب السلوك؟ إلى ثعلب ذو تسعة ذيول؟”
* * *
“الثعلب الصغير”
دخلت سيليا منزلها ونادت الثعلب. وبما انه لم يرد، حاولت ان تنادي بالاسم الذي اعطاها اياه هذه المرة.
“ران؟”
من بعيد، سُمعت صرخة غير راضية. لقد كانت صرخة باكية، كما لو أنه لم يرغب بذلك الاسم
مشت سيليا إلى حيث كان ران يبدو أنه كان نائماً في السرير
الليلة الماضية، ران لم يحاول الهرب للمرة الأولى لذا وضعت سيليا حاجزًا على منزلها وأطلقت سراح ران كمكافأة. لقد وضعت وسادة ناعمة على الأرض لكنه في النهاية سيستيقظ على سريرها كما يفعل الآن
“ألا تحب الوسادة؟”
زأر ران
“تعال هنا”
الغريب، أن ران فهم كلماتها.
قيل انه وحش ولد من مخلوق سماوي، لذلك كانت تتوقع انه سيكون مختلفا من كل النواحي، لكن سيليا لم تكن تعرف انه سيفهم كل شيء.
أليست هذه القارة الغربية؟
‘لابد أنه أتى من الشرق، هل تعلم لغتنا بهذه السرعة؟ أم لأنه ابن كائن سماوي، فلا يهم في أي لغة نتكلم؟’
هزّت كتفيها ووضعت قفص الدجاج على الأرض.
“تعال هنا، ران. هاه؟”
وسرعان ما زحف ران الى هناك.
فروه الفضي يلمع بشكل خافت مثل ضوء القمر الذي يتدفق في سماء الليل. كان يسير بسلاسة، ولكن ما ان اقترب منه حتى هرع الى ذراعيها.
حاولت سيليا الدفاع عن نفسها بالطاقة المقدسة، ولكن عندما لاحظت أن كفي الثعلب الأمامية كانت متفحمة، توقفت.
كاو.
عندما عضّ ذراعها، كانت زوايا عينيها مشوّهة. هو لم يعض بقوة لذلك لم تنزف
مجرد خدوش صغيرة على الجلد
وبالنظر الى هذا، اعتقد انه لا يريد ان يؤذيني حقا
كانت في حيرة من أمرها ونادت الثعلب.
“ران. كنت تحاول الخروج من المنزل بينما كنت غائبة”
“غررر…”
“لمست الحاجز و احترق فرائك”
قام ران بتلويح مخالبه بينما كانت تخرج رأسها لفحصه وقد تفادت سيليا هجومه برفق قبل أن تتفقد المنطقة المتضررة.
لحسن الحظ، فقط الفراء احترق كانت سيليا مرتاحة، ووضعت وجهها الصارم.
“ران. قلت لك لا تعض الناس”
“كررر……”
“ماذا قلت لك انني سأفعل إذا ما استمريت بفعل هذا؟”
هدر ران بتحدٍ
“أنا لست فريستك، اتركني”
أمسك ران ساعدها بعناد ولم يفلتها
“إذا واصلت فعل ذلك، لن يكون لدي خيار سوى أن أبعدك بالقوة المقدسة”
“……”
“عندها فرائك الجميل سيحترق. لا أريد أن أؤذيك”
أقنعته سيليا باستمرار.
“اتركني يا ران”
لم تغضب أبداً بغض النظر عن كيفية هجومه، فإنها لم ترد بالعنف، وأقنعته بالكلمات حتى النهاية. وبعد حوالي أسبوع، غطت الندوب جسمها. كان الوضع عكس الثعلب المتمرد الصغير الذي تلتئم جروحه من تلقاء نفسها.
“ران، ما هو سبب غضبك؟”
في لحظة، جفل جسم ران الصغير. أنزلت سيليا رأسها ونظرت بعمق في عيني ران الذهبيتين
“هاه؟ الثعلب الصغير مهما كنت غاضبًا مني او مهما هاجمتني، فلن اكرهك ابدا”
“……”
“لذا، هل بالإمكان أن تخبرني لماذا؟”
وكانت عيناه الذهبيتان المرتعدتان مبللتين بالدموع. لم يكن من الممكن أن يتحدث بجسد ثعلب سيليا لم تكن تطلب جواباً أيضاً. أرادت فقط أن يفهم ران قلبها
“سأسألك للمرة الأخيرة. اتركني”
أطلق الثعلب الذراع التي كان يعضها
“فتى جيد”
ربتت على رأس ران بحرص وفتشت حقيبة الأمتعة التي كانت ترتديها، نظر رغن لما تفعله بعيونه الرطبة
“ران، هل تأكل الأشياء الميتة غير الأحياء أيضًا؟ جلبت هذا لأنه كان هناك لحم مقدد جيد بين المؤن”
سيليا، التي تم عضها وكان لديها ذراع حمراء متورمة، سحبت هذا و ذاك. ثم أخرجت اللحم المقدد وأمسكته، مبتسمة قليلا.
لم يكن فقط لمرة أو مرتين أن يتم عضها هكذا، وابتسمت ببراءة شديدة لدرجة أن قلبه كان غير مرتاح. انفطر قلب الثعلب الصغير من الألم
ولكن الغريب انه لم يكره هذا الالم.
لم يكن الثعلب يعرف أن الإحساس يرجع إلى الفرحة الشائكة للحنان، فبالنسبة له، شعر بالألم. [1]
كان شعورا بأنه سيعرف فقط عندما يكبر
✦ ✧ ∘₊✧──────✧₊∘ ✧ ✦
[1]زبدة الكلام: يكره ويحب انها تتألم عشانه
IG@/im0rphevs