ربيت ثعلبًا ذا تسعة ذيول بشكلٍ خاطئ - 2
كانت سيليا وحيدة دائمًا.
عندما وُلِدت، تم هجرها على ضواحي المملكة المقدسة دون أن يقطعوا حبلها السري.
قبل أن تصبح وجبة للوحوش، قام مالك دار الأيتام بكفلها منقذًا لحياتها.
لم تكن بيئة سيئة تمامًا.
كانَ دارًا رثًا وقديم، لكنها كان بيئة متناغمة.
حتى لو جاع الأطفال احيانًا، لم يكن مكانًا حيث افتقر فيه الأطفال إلى المودة.
لكن كان هناك خطبٌ واحد مع سيليا.
فقط هي، لقد كانت العيب الوحيد.
“أيها الكاهن! سيليا على وشك أن تصبح وحشًا مجددًا!”
شعر مثل الشمس الساطعة، بشرة حليبية، و أعين عميقة خضراء أنيقة و جادة، حصلت سيليا على إعجاب الناس بسهولة بسبب مظهرها المحبّب، وبسرعة كما حصلت على تفضيلهم، تحول هذا إلى كره.
كان هذا بسبب الوصمة الملعونة على كتفها الأيسر.
همس الناس في المعبد بأن مظهرها الجميل كان لأجل جذب انظارهم بعيدًا لنشر اللعنة.
“هي بالتأكيد ساحرة أو وحش”
“هذا صحيح، لقد قلتَ أن الساحرات يمتلكن أوجهًا جميلة، إنها تحاول قتلنا باللعنة”
كما تحدث رفقائها، فكرت سيليا.
‘هذا صحيح، يجب ان يكون هذا هو سبب هجر والداي لي’
شعرت سيليا بالألم بين أيدي الكهنة الذين حاولوا معاملتها بلطف، حتى لو كانوا مرغمين على فعل هذا، كان الأمر اشبه بالحفر في صدرها لأنها علمت أنه لم يكن حبًا حقيقيًا.
خاصة في الأيام التي تصاب فيها بالنوبات، صرخ الأطفال قائلين بأن سيليا ستصبح وحشًا أخيرًا.
“سيليا!”
صوت الكاهن مناديًا لإسمها بدا كصراخ بين ثرثرة الأطفال.
أرادت سيليا دومًا الاختباء تحت السرير، لولا الألم الحارق في كتفها، كانت لتكون مختبأة، لكنه يؤلم كثيرًا، لم تستطع فعل أي شيء سوى النضال.
اللعنة لم تكن خطرة على الآخرين فقط لكن أيضًا مؤلمة لسيليا ذاتها.
“آآآآهه! آآآآههه!”
كان وجهها اللطيف ملتويًا بوحشية وارتعشت أطرافها بعنف مثل عنكبوت مقلوب.
كان ألمًا فظيعًا والذي لم تمتلك فيهِ خيارًا سوى أن تصبح هكذا.
لكن لم يعلم أي أحد عن ألمها.
لا أحد.
كِلا الكهنة والأطفال اشمئزوا ببساطة من كفاح سيليا اليائس.
عندما بدأت سيليا بالحصول على نوباتها، قام الكهنة الكبار بالتشبث بها واحتجزوها بطريقة وحشية.
امسك رأسها بلا رحمة على الأرض، تم التغلب على جسدها المتعرق بالقوة، و سترتها خُلعت كما لو كانت تتمزق لأشلاء.
تم إظهار الندبة السوداء للعنة على كتفها الأيسر.
“هذا يؤلم! يؤلم كثيرًا!”
بتجاهل الصيحات المليئة بالدموع من سيليا، سكب الكهنة الماء المقدس على كتف سيليا مما جعل صيحاتها أعلى فحسب.
كانت مثل حشرة يتم قتلها بواسطة مبيد.
عشرات الأزواج من مقل العيون ينظرون اليها من النافذة وحافة الباب، يستخدمها الأطفال للتجسس عليها، بينما كان الكاهن يسحقها وهي تتلوى من الألم.
“انظر إلى هذا”
“آغ، أشعر بالسوء”
تفهمت سيليا الأصدقاء الذين بغضوها، حتى الكهنة الذين لم يستطيعوا إخفاء الاحتقار في وجههم، لقد تفهمتهم أيضًا.
الأشخاص الذين ينشرون الشائعات السيئة عن سيليا و يحاولون أن يكونوا وقحين اتجاهها، كان هذا شائع الحدوث.
نزلت من الدرج و في اسوأ الحالات قد يغمى عليها.
كانت اللعنة حقيقية.
سيليا لعنت طفلًا حقًا.
كان من الطبيعي ان تكون مكروهة.
“سيليا طفلة ملعونة، يجب علينا اخذ أنفاسها الشريرة حالًا”
“هي تمتلك طاقة إلهية قوية، من واجبنا أن نرعى جميع الأطفال مع القوى الإلهية بأمان وثم إرسالهم لخدمة الأرض المقدسة”
على الرغم من أن الكاهن تظاهر، كانت سيليا تعلم.
لقد كانوا خائفين فقط.
يحاولون اغماض أعينهم بذريعة امتلاكها قوة مقدسة، خشية أن تؤذيهم لعنة سيليا.
“سيليا أنتِ ملعونة، لكن سولار الرحيمة قد منحت بركاتها لكِ، وبما أننا مجرد أتباع لها، فإن إرادة الإله هي شيء لا يمكننا معرفته، يجب ألا تكوني راضية عن حقيقة أن لديك قوة مقدسة، إذا كنتِ ترغبين في الحفاظ على حياتك المريحة جيدًا حتى النهاية، فكوني مطيعة”
كنت ممتنة للكاهن الذي لم يطردني فورًا.
“هل ستلعنيننا إذا لم نلعب معكِ لعبة الاختباء؟”
“لقد كنتِ تبدين فظيعة جدًا عندما تلقيت الماء المقدس، كنتِ تكافحين هكذا! كان الأمر أشبه بيرقة مسحوقة!”
حتى لو تم مضايقتها وإزعاجها من قبلهم، فقد كانت ممتنة لأصدقائها الذين حاولوا وضع سيليا في مسرحيتهم على أي حال.
حتى لو كانت كلمات من الكراهية والاشمئزاز وجميع أنواع الخناجر، الكلمات التي تنطلق كسرب من النحل……
لا يزال بإمكاني العيش…
أنا أريد أن أعيش.
“لستُ مضطرة للعب لعبة الاختباء، سألعب بالدمى”
أريد فقط أن أعيش.
أدركت سيليا في وقت مبكر، أنها لم تكن حتى في وضع يسمح لها بالحزن.
لذلك عاشت بامتنان لكونها على قيد الحياة.
استخدمت قوتها المقدسة التي قدمتها سولار آلهة القارة الغربية كدرع.
لم تكن تريد أن تموت، لذلك أصبحت مواطنة متجنسة في الارض المقدسة .
لكنها لم تمتلك حتى الآن راحة البال، لذلك أصبحت بالاداين.
تم إغلاق الدار في الضواحي حيث نشأت، بعد فترة وجيزة لأنها كانت في منطقة يصعب فيها تربية الأطفال
أولئك الذين أغلقوا أفواههم بحزم خوفًا من اللعنة، تناثروا في جميع أنحاء الأرض المقدسة واختفوا مثل السراب
ارتدت سيليا، التي أصبحت بالادين، دروعًا لإخفاء اللعنة.
ارتدت قناعا باردًا، ولم تعطِ مجالًا لأي أحد.
وهكذا، كانت لوحدها حتى الآن.
لم تبكي أبدا أو تتكئ على أي شخص، لم تنهر أبدًا، ولم تقُل كلمات ضعيفة أبدًا.
منفردة.
فقط لوحدها.
كل ما يمكنها فعله هو المناضلة بجهل.
لقد قمعت وحدتها من خلال التدريب، والحزن من خلال إخضاع الوحوش، والألم عن طريق إخراس ذاتها.
لطالما عاشت هكذا.
‘تربية الثعلب الصغير…’
شعرت بالاختناق حتى ذقنها.
* * *
حدقت سيليا في القفص الحديدي المغطى بصمت.
استيقظت في منتصف الليل، بدون أن تأخذ عيناها بعيدًا عن القفص، جلست في نفس الوضع وفعلت الشيء ذاته لساعات.
كان شعرها الأشقر الجميل متشابكا مثل القش، لكنها لم تكن في مزاج لتنظيم مظهرها، لأنها حظت بحلم غريب وكان عقلها معقدًا.
‘من ذلك الرجل؟’
رجلٌ في احلامها احتضنها بإحكام.
كانت سيليا شخصًا ليس لهُ تاريخ للعناق من قِبَل أي شخص منذ أيام طفولتها المبكرة.
لم تستطع نسيان الرجل لأن مظهره كان جمالًا من شأنه أن يجعل الناس يبكون.
‘لم أرى رجٌلًا كهذا من قبل’
لم تر قط مثل هذا الرجل ذو المظهر المغري بينما كان شعره مرفوعًا إلى الأعلى.
طوال حياتها، تعاملت سيليا فقط مع البالاداين أو تجولت حول الوحوش، كانت مفتونة حقا برجل لم يسبق لجماله مثيل منذ ولادتها.
‘لا أمتلك خيالًا جيدًا، لذا لا أظن أنه مجرد حلم…’
عادت سيليا فجأة إلى رشدها وهزت رأسهاظ
‘هذا ليس الوقت المناسب لأكون هكذا، يجب أن أفكر فيما يتوجب علي فعله’
تعثرت ثم نهضت وسارت إلى القفص.
‘هل يجب أن أنظر إلى حالته؟’
عندما أزالت سرًا قطعة القماش القطنية، وجدت ثعلبا مصابا بجروح بليغة ملقى بلا وعي داخل القفص.
عندما رأته، أظلمت عيناها.
“كيف أعالجه؟”
معالجة؟
لا أصدق أنني بحاجة إلى شفائه.
‘يا إلهي….’
كيف يمكن لإنسان ملعون أن يحتضن ويشفي هذه الروح الصغيرة.
إذا كان بين يداي، فسوف يموت بالتأكيد.
لكن الثعلب كان على وشك أن يفقد أنفاسه، إذا لم أتخذ أي إجراء، فسوف يموت غدًا.
“غررر…”
الصيحة المليئة بالألم كسرت سلسلة ذعر سيليا.
“آسفة”
اعتذرت بشكل أخرق وأخذت الثعلب ذو التسعة ذيول خارج القفص.
‘لأنه وحش، فإن الماء المقدس لن يعمل، أليس كذلك؟’
غطت سيليا الجروح بالأعشاب التي تلقتها من المعالجين، لكنها لم تكن متأكدة مما إذا كانت قد فعلت ذلك بشكل صحيح.
بالنظر إلى الثعلب الذي كان مريضا جدًا، فقدت سيليا افكارها للحظة.
“هنننغ، هننغ···”
بدأ الثعلب في الأنين بلا وعي.
تخفي الحيوانات والوحوش وجودها عند الإصابة بجروح خطيرة.
لذا، إذا بكى من الألم، فسيكون ذلك بسبب كابوس.
“ششش···”
حملت الشبل الملفوف في الضمادات بين ذراعيها.
الدفء المريح الذي لامس بشرتها، أعطاها قشعريرة.
كان دفئ حياة كائن آخر غيرها، غير مألوف ومحرج.
‘ماذا علي أن أفعل معك؟’
تنهدت سيليا، لأنها تذكرت فجأة الكاهنة المعالجة وكانت مضطربةط
كانت المعالجة غريبة الأطوار وصريحة، لكنها لم تكن شخصًا سيئًا.
‘إذا تركته هكذا فقد يموت الثعلب، يجب أن أطلب المساعدة’
حتى لو كانت الكاهنة غير راضية، فلن تكون قادر على تجاهل آلام الآخرين.
كانت الكاهنة شخصا لديه شعورٌ بالهوية في وظيفتها ولم تتردد في التعبير عن مشاعرها
تجنبها الجميع لأنها كانت كاهنة خشنة وغريبة أطوار، ولكن بسبب صراحتها، وثقت بها سيليا.
‘إلى جانب ذلك، لسبب ما، يبدوا أنها معجبة بي’
وجدت سيليا الأمر غريبا للغاية، لكنها شعرت أنه من حسن الحظ أن الوضع قد وصل إلى هذا الحد
‘سيكون من المقبول الحصول على بعض المساعدة’
كانت هذه هي المرة الأولى التي أطلب فيها المساعدة من شخص ما
توقفت المشاعر غير المريحة في الحال، وكانت متشككة في القيام بشيء لم تفعله من قبل في حياتها
“سأربيك وأطلق سراحك لاحقًا لذا لتكبر جيدًا، حسنا؟”
همست سيليا كأنها تغني تهويدة، حاملة الثعلب الصغير بين ذراعيها
“يتعلق الأمر بالنمو والاستقلال، عندما تصبح بالغا، سأتركك تذهب دون ندم، يمكنك أن تحلق بعيدًا مثل فراشة”
بحرية.
على عكس نفسها التي لا تستطيع الهروب من اللعنة.
“قد تكون وحشا الآن، لكنك ابن الآلهة الحارسة، لذلك إذا تدربت، يمكنك أن تصبح وحشا سماويا بنفسك”
“……”
“كن وحشا سماويا واحصل على الكثير من الحب، كون الكثير من الأصدقاء أيضا، قابل ثعلبة جميلة وشارك معها حبك، كن حرًا وسعيدًا”
غنت سيليا تهويدة بينما نقلت بفارغ الصبر كل الأحلام والأمنيات التي كانت تعتز بها إلى الثعلب الصغير
وفي الوقت نفسه، سقط الثعلب الذي ابتلي بالكوابيس قبل لحظة واحدة فقط، نائما بعمق
في الوقت نفسه، وضعت سيليا الثعلب الصغير الهادئ مرة أخرى في قفصه
“آغه!”
بدأ ألم طاعن مفاجئ ينتشر في كتفها الأيسر. حبست سيليا أنينها كالمعتاد، وذهبت عميقًا في غرفة النوم بينما كانت تكمم فمها
“آك······”
الآن عرفت كيف تمنع الأنين والصراخ، كانت على دراية بهذا بشكل جيد…
حتى هذا الألم الوحشي
لقد اعتادت الآن على الألم الرهيب الذي ابتلع حياتها
في ليلة هادئة حيث كان الثعلب الصغير نائما، بدأت سيليا جهودها المؤلمة لقمع ألمها، وتدفق الوقت بهدوء
* * *
في صباح اليوم التالي، اتصلت أخيرا بالكاهنة بسبب الثعلب الصغير، الذي كان يتعرق من الحمى
بمجرد أن سمعت الكاهنة طلب سيليا، أجابت كما يليق بشخصيتها
“لماذا تطلب مني القائدة المساعدة؟”
ومع ذلك، حزمت ملحقاتها بجد وتابعت سيليا، مع وجه متحمس جدا للتحضير
“هل سنتعرف أخيرا على بعضنا البعض قليلًا؟”
تمتمت لنفسها، لكن كان سريعًا لدرجة أنه كان من الصعب فهمه
على أي حال، كانت سيليا سعيدة لأنه بدى وكأن الكاهنة كانت مؤاتيه لها وأظهرت الثعلب الصغير
الكاهنة، والتي كانت متحمسا قبل لحظات وحتى أنه همهم في سعادة، أمسك بخديه في خوف
“وحش!”
كانت صرخة عالية النبرة تعادل صرخة دولفين
✦ ✧ ∘₊✧──────✧₊∘ ✧ ✦
ر.م:
زي ما لاحظتم، الرواية تتنقل بين صيغة منظور الشخص الأول ومنظور الشخص الثالث :> فراح احاول اعدله بحيث ما يطلع بشكل محير <٤
IG@/im0repheus