I picked up the emperor's nephew one day - 72
لم يكن المكان الذي وصلنا إليه بواسطة النقل الآني بحيرة سينتريتي، بل كان مطعمًا.
كان ذلك لأن كاليكس قرر أن نتناول الطعام أولًا قبل التوجه إلى البحيرة.
تحمستُ لكلامه عن أنه بدأ يتغذى بشكلٍ مناسب منذ إفطارنا السابق، فتبعته دون أن أسأل عن وجهتنا.
كان المطعم الذي وصلنا إليه معروفًا لدرجة أنني، رغم نشأتي في الأطراف، كنت على درايةٍ بسمعته الطيبة.
يُقال أن فنانًا أجنبيًا بارزًا تأثر بالفن الكلاسيكي للإمبراطورية العظمى ديكارت خلال رحلته، فوقع في حب المطبخ التقليدي وقرر افتتاح هذا المكان.
كما أنه معروف كموقع لاستقبال كبار النبلاء، حيث يُقال أن الشيف يسكب روحه وفنه في كل طبق، حتى أُطلق عليه لقب “الرسام” بدلًا من “الطاهي” تكريمًا له.
ويُحكى أن كل طبق من صنع يديه يُثير الإعجاب بجماله الآسر. لذا، من المستحيل أن يكون هذا المطعم خاليًا من الزبائن، ولكن…..
“لا يوجد…..أي زبائن؟”
رمشتُ بعيني وأنا أتأمل المطعم الهادئ.
كان المكان فارغًا لدرجة أن عدد الموظفين بدا أكثر من عدد الزبائن، حيث لم يكن هناك سوى كاليكس وأنا.
“يبدو أننا جئنا في وقت هادئ تمامًا. نحن محظوظان.”
قال كاليكس ذلك مبتسمًا بخفة، ثم طلب الطعام قبل أن أتمكن من طرح أي سؤالٍ آخر.
لم يدم استغرابي طويلًا، إذ سرعان ما تلاشى مع وصول الطعام.
استمتعتُ بالأطباق التي بدت كأنها أعمال فنية، تمامًا كما يشاع عن هذا المكان، وأُسرتُ بنكهاتها الفريدة.
حتى أنني صفقتُ بحماس أثناء مشاهدتي لعرض النار المشتعلة على الأطباق التي تم تحضيرها أمامنا مباشرة.
وأثناء تناول الطعام، كنا نتبادل الابتسامات كلما تلاقت أعيننا عبر الطاولة، مستمتعين بهذه اللحظات البسيطة.
تبادلنا الحديث أيضًا أثناء تناول الطعام.
بعد انتهائنا من العشاء، كانت وجهتنا التالية مخبزًا شهيرًا.
كان هذا المكان معلمًا بارزًا في العاصمة، معروفًا بوصفته التقليدية للتارت بالبيض التي تعود إلى 150 عامًا، ويُقال إن طعمها خياليٌ لدرجة أن الزبائن يصطفون منذ الفجر قبل افتتاح المحل لشرائها.
كما اشتهر بقصة رفضه الصارم لعرضٍ من أمير أجنبي، كان مستعدًا لدفع مئات القطع الذهبية مقابل مجموعة من التارت، بحجة أن الوفاء بوعده للزبائن أولى من أي ثروة.
وعليه، كان من المفترض أن يكون هذا المكان مزدحمًا بالبشر كما يزدحم النمل حول العسل…..
لكن بدلًا من ذلك، كان المكان خاليًا.
هبّت الرياح، ورسمت إحدى الأوراق المتساقطة شكلاً ملتوياً وهي تتطاير.
“جلالتك…..هذا المكان أيضًا لا يوجد فيه أحد؟”
“يبدو أننا محظوظون اليوم.”
محظوظون؟
رمقتُ كاليكس بنظرة جانبية، وأنا أشعر بالريبة.
رغم أنه كان يحدّق بالمخبز بملامح هادئة، إلا أنني وحدي لاحظت زاوية شفتيه ترتفع بخفة و بالكاد تُلحظ…..
كان يبدو غريبًا بشكل مريب، وكأن هذا الوضع يرضيه تمامًا.
هل كان المطعم والمخبز حقًا مجرد حظ؟ أم ربما…..
“لماذا تنظرين إليّ هكذا؟”
شعر كاليكس بنظرتي الغامضة والتفت نحوي.
و لم أرغب في إفساد الموعد، لذا تجاهلت الشعور المزعج.
“لا شيء…..”
نعم، لا بد أنه مجرد تفكير لا داعي له.
في تلك الأثناء، بدا أن التحضيرات قد انتهت، و فُتحت النافذة الصغيرة في واجهة الزجاج.
وفي الوقت نفسه، دار اللوح الخشبي المعلق على النافذة بسرعة.
“لقد فتحنا!”
ظهر الخباز مرتديًا قبعته البيضاء ليعلن بدء العمل، ثم أشرق وجهه عندما رأى كاليكس.
“أنتَ…..!”
تصلبت ملامح كاليكس التي كانت هادئةً قبل لحظات.
“ألست المنقذ الذي أنقذني من أن تصدمني العربة بالأمس؟!”
منقذ؟
قبل أن أستوعب الأمر، اندفع الحلواني راكضًا نحونا حافي القدمين، وأمسك بكاليكس وسحبه إلى داخل المحل.
“لقد فوجئتُ كثيرًا عندما علمت أنكَ كنت في طريقك إلى متجرنا! وكما وعدت بالأمس، أغلقت المتجر أمام الزبائن هذا الصباح وقررت فتحه فقط في فترة ما بعد الظهر بانتظارك! سمعت أنكَ تحب تارت البيض، فتفضل وكل منه ما شئت!”
“ليس أنا بل…..”
“لقد تعلمت أن رد الجميل واجب علينا عبر الأجيال! تفضل بالدخول!”
رمشت بعيني في ذهول، ثم دارت حدقتاي وأنا أتابع كاليكس وهو يُسحب بعيدًا مع الحلواني.
حينها فقط أدركت حقيقة الموقف، فسرت خلف كاليكس بخطواتٍ سريعة وسألته.
“ألم تقل أننا كنا محظوظين اليوم؟”
نظر كاليكس ببرود إلى الحلواني المندفع بلا تردد.
“…..الآن بعد أن فكرت في الأمر، يبدو أنه لم يكن قرارًا جيدًا المجيءُ الى هنا.”
بووف.
لم أستطع منع ضحكتي عند سماع كلماته المنخفضة.
بسبب الحلواني، كُشف بطريقة سخيفة أن المطعم والمخبز كانا من ترتيبات كاليكس.
راقبت بصمت الجدال الدائر بين الحلواني، الذي أصرّ على تغليف تارت البيض، وكاليكس، الذي رفض ذلك بوضوح واستياء.
تلاشت ابتسامتي الهادئة تدريجيًا، وشعرت بقلبي يثقل كالإسفنج المشبع بالماء.
‘لا بد أنه استأجر المطعم بأكمله أيضًا…..لماذا بذل كل هذا الجهد؟ لا بد أنه متعب بالفعل…..’
شعرت بالامتنان لكاليكس، الذي جهّز كل شيء بعناية لمجرد أنه أراد قضاء هذا الموعد معي.
في اللحظة التي أخذت فيها نفسًا عميقًا، انتشر في الأجواء عبق قوي لتارت البيض الطازج.
امتلأ المكان برائحة الزبدة والحلاوة، وبدأ الناس يتجمعون واحدًا تلو الآخر ليصطفوا في طابور.
حتى أنا لم أستطع أن أشيح بنظري عن مشهد موظف المخبز وهو يضع التارت الطازج في واجهة العرض.
لأضع الأسئلة والتأثر جانبًا أولًا…..
“هل نشتري بعضًا لروبيلين والبقية أيضًا؟”
التفت كاليكس نحوي بعد أن كان يرد على الحلواني بنبرةٍ غير راضية. وعندها فقط، رأيت تجاعيد العبوس على جبينه تتلاشى ببطء.
“إن كان هذا ما ترغبين به.”
وبدلًا من الحلواني، الذي أصرّ على عدم استقبال الزبائن كنوع من رد الجميل، قمت بتدوير اللافتة إلى جهة “مفتوح”، ثم طلبت توصيل بعض تارت البيض.
بعد ذلك، تسللنا خفيةً من المخبز المزدحم وانطلقنا نحو البحيرة.
***
شووو-
مستحيل، أليس كذلك؟
“كنت متأكدةً أن الطقس كان جميلًا حتى قبل قليل…..”
أثناء انتقالنا نحو البحيرة، اختفى ضوء الشمس الساطع الذي كان يكاد يعمي الأبصار. و ازدادت رائحة الماء الزنخة حدة، وسرعان ما بدأت قطرات من مطر الخريف تتساقط، معلنةً قدومه.
عندما وصلنا، كانت قطرات المطر تتساقط على سطح البحيرة الهادئة، محدثةً دوائر صغيرة تنتشر بهدوء، بينما راحت الأوراق الخضراء تهتز بشكل متقطع تحت وقع المطر.
وكما كان الحال في المكان السابق، لم يكن هناك أحد عند البحيرة أيضًا. ربما كان ذلك بسبب الطقس، لكن كان لدي شعورٌ بأن كاليكس استأجر المكان بأكمله.
قادني كاليكس، الذي بدا مستغربًا من ردة فعلي، إلى أسفل شجرةٍ قريبة.
تحت ظلها، احتميت من المطر بينما كنت أنفض عن شعري وملابسي القطرات العالقة، ثم ألقيت نظرةً حولي.
لم يكن هناك غناء الكناري، ولا القوارب الصغيرة، ولا حتى المناظر الطبيعية الساحرة.
هذه المرة، أنا من خطط للمسار، لكنه لم يكن يقارن حتى بأدنى مجهود بذله كاليكس، مما جعلني أشعر بالإحباط.
بعد أن رتبت ملابسي، رفعت رأسي لأجده يحدق بصمت في البحيرة، وخصلات شعره مبللة تلتصق بجبهته.
“جلالتك، شعرك قد ابتل.”
“أوه…..”
أغمض كاليكس عينيه وانحنى قليلًا، وكأنه يطلب مني أن أنفض عنه الماء.
تفاجأت من تصرفه العفوي، لكنني سرعان ما امتثلت، وأخذت أنفض بلطف خصلاته المبللة حتى لا تتشابك.
ربما كان ذلك بسبب الطقس الغائم، لكن بشرته بدت أكثر شحوبًا من المعتاد، مما جعل رموشه السوداء الطويلة تبدو أكثر بروزًا.
لم أستطع تحمل هذا الجو المحرج، فقررت كسر الصمت وتحدثت أولًا.
“يبدو أنني أجلب المطر أينما ذهبت.”
أجابني كاليكس بصوتٍ يحمل ابتسامةً وهو مغمض العينين.
“الآن بعد أن فكرت في الأمر، في اليوم الذي ناولتني فيه بطانية القلوب في الحديقة، وأيضًا في اليوم الذي عانيتُ فيه من الآثار الجانبية، كان المطر يهطل هكذا أيضًا.”
ثم رفع شفتيه المبللتين بالمطر بسلاسة، وكأنه يوافق على حديثي.
“هذا مؤسف…..كنت أتوقُ لرؤية البحيرة.”
في تلك اللحظة، سقطت قطرةُ مطر من ورقة شجرة على ظاهر يدي.
“…..لقد انتهيت.”
عندها فقط أدركت أنني كنت أحدق في شفتيه، فسارعت إلى نفض بضع قطرات من شعره وتراجعت بسرعة.
أطلق كاليكس تنهيدةً وكأنّه يأسف على لمستي الراحلة، ثم فتح عينيه بتثاقل. و بشكل طبيعي تجنّبت نظراته وحدّقت في البحيرة.
“…..إنها أشبه بوابل مطرٍ مستمر، هل ننتظر حتى يخفّ ثم نتحرك؟”
“لنفعل ذلك.”
بينما كنت أحدّق بصمت في البحيرة، اجتاحتني قشعريرةْ مفاجئة. و مسحت ذراعيّ بيدي لمقاومة البرد، لكنه عانقني من الخلف.
“جلالتك؟”
في تلك اللحظة التي حدث كل شيء فيها بسرعة، بدأ قلبي ينبض كقرع الطبول، وكنت أخشى أن يسمع نبضاته.
“هل تشعرين بالأسف لأنكِ لم تستطيعي ركوب القارب الصغير؟”
عندما شددت جسدي من التوتر واستمررت بالتحديق في البحيرة، سألني بهدوء. يبدو أنه أساء الفهم وظنّ أنني أحدق فيها بأسف لأنني لم أتمكن من ركوب القارب.
“بالنسبة لي، ما دمتُ معكِ، فسيصيح هذا الجذع الخشبي هو قاربي الصغير، وصوت المطر هو غناء الكناري، وهذه البركة الصغيرة هي البحيرة.”
وضع كاليكس ذقنه على كتفي واحتضنني بشدة.
“هل ذلك غير كافٍ؟”
كان كلامه صحيحًا. فلم يكن هناك ما نحتاجه سوى وجودنا معًا في نفس المكان.
أدرت رأسي لألتفت إليه وأنا محاصَرةٌ بين ذراعيه.
“هذا كافٍ.”
نظر كلانا إلى بعضنا البعض وانفجرنا في ضحكةٍ هادئة اختلطت مع صوت المطر.
وعندما هدأت ضحكتنا، سألت ما كنت فضوليةً بشأنه طوال الوقت.
“لكن الشخص الذي يعرف ذلك جيدًا، لماذا فعل هذا اليوم؟ كان من الواضح أن جلالتك مشغول، لكنك قمت بكل هذا التحضير…..هل هذا بسبب قولي بأنني أريد الخروج وقضاء الوقت معكَ؟ لم أرد أن أزعجك…..”
“لا أعلم. لا أفهم ما تعنينه يا لوسينا.”
“أعلم أن جلالتك هو من حضّر المطعم والمخبز. هل ستنكر ذلك الآن؟”
عندما ضغطت عليه بابتسامةٍ خفيفة، تنهد بعمق كما لو أنه لا يستطيع فعل شيء.
“ألم يكن ممتعًا؟”
“كان ممتعًا جدًا، كنت سعيدةً للغاية.”
“أجل، هذا هو.”
“ماذا؟”
“كنت أرغب في رؤية سعادتكِ.”
استدرت تمامًا وواجهته، واشتبكنا في نظراتٍ حادة.
كانت عيناه الحمراء تبدو وكأنها تغلي بحرارة أكثر من المعتاد.
“عندما سمعت عن حياتكِ السابقة، استطعت أن أقدّر مدى تقيدكِ في حياتك. فقط من رؤيتكِ سعيدةً بسبب نزهة بسيطة، عرفت ذلك.”
ابتسم ابتسامةً مريرة، وأخذ خصلات شعري المبللة وأدخلها خلف أذني.
“كنت أرغب في رؤية سعادتكِ بينما تستمتعين بالأشياء البسيطة التي لم تتمكني من الاستمتاع بها من قبل.”
هل عشت بتقيد؟
ترددت وأومأت بعينيّ مندهشة.
بالتأكيد كنت هكذا في حياتي السابقة، ولكن…..
“جلالتك لقد أسأتَ الفهم.”
“أسأتُ فهم؟”
عبس كاليكس كما لو أنه لا يفهم ما أقوله.
“ما أسعدني هو أنني كنت مع جلالتك و روبيلين. لو لم أكن معكما، لما كنت سعيدة. حتى اليوم، لو لم أكن مع جلالتك، لما استمتعت هكذا.”
ظهر على وجهه ملامح الدهشة، ثم تزينت شفتاه بابتسامةٍ كما لو كانت ثمرةً تنضج.
“وأنا أيضًا.”
“نحن نتحدث عن نفس الشيء منذ قليل.”
في اللحظة التي تبادلنا فيها ابتساماتٍ خفيفة ونحن نلتفت إلى بعضنا البعض، سقطت قطرة من الندى على عيني.
وكان شكلها وهي تتدحرج يشبه أثر دمعة. فقام هو بمسح عينَيّ بيده وأخفض رأسه.
عندما اقترب صوت تنفسنا من صوت المطر، تلامست شفاهنا.
وعندما أمسك بيدي، شعرت بالبرد الذي أحدثه المعدن البارد. وعندما فتحت عينيّ، تراجعت شفتاه.
ما شعرت به في يده هو خاتم التحكم بالقوة. و عند لمس أصابعه، ضاقت عيناي بشكل تلقائي بسبب الأشواك السوداء التي كانت تحيط بمفاصل يده.
مسح كالكس جبيني بحركة حب عميقة ليفتح تجاعيدي.
“في يوم ما، سأتمكن من ملامستكِ دون أن أحتاج لمساعدة الخاتم.”
“سيأتي ذلك اليوم، لا محالة.”
“نعم، لا محالة.”
إذا تمكنا من العثور على الإنديل. في هذه الحالة…..
بينما كنت أفكر، توقفت العاصفة التي كانت تنهمر كما لو كانت قد أحدثت ثقبًا في السماء، وتلاشت السحب السوداء.
بعد فترة، رفعت كعبي قليلًا، مقلدةً حركاته مع بداية الموعد، وهمست في أذنه مازحة.
“اليوم، أصبحت سعيدةً بفضل جهدك، وأتمنى أن يتوقف المطر وتزول السحب السوداء بفضلي أيضًا.”
ضحك كاليكس بشمس مشرقة على وجهه حتى مع نكتتي التافهة، وابتسم ببساطة.
________________________
احس خلاص مفروج يتزوجون وتنتهي الروايه بفصول اضافيه✨
الروايه مالها فثول اضافيه للأسف🥲
يمكن اذا صارت مانهوا مع انه احتمال بعيد
Dana