I picked up the emperor's nephew one day - 52
“لوسينا!”
صرخةُ بايسر جذبت أنظار الناس نحوي.
رغم أن النظرات الحادة التي اخترقت وجهي كانت مزعجة، إلا أن ما كان يهمني هو شيءٌ آخر.
الشخص الذي فاز في بطولة المبارزة ولوّح بيده فوق رأسه بابتسامةٍ بريئة وبسيطة، لم يكن سوى بايسر، أفضل عريس مؤهل في هينغتون، حتى عند النظر إليه مرة أخرى كان هو حقاً.
‘قال إنه سيغادر القرية ليأتي لرؤيتي، لكنه شارك في بطولة المبارزة بدلاً من ذلك……’
كان ذلك تصرفًا غريبًا وغير متوقع جعلني مذهولة.
خلال السنوات الثلاث التي قضيتها في هينغتون، لم يمسك بايسر بالسيف قط، ولم أسمع يومًا أنه بارعٌ في المبارزة.
بل على العكس، كان شخصًا يبتعد عن العنف، حتى لو أثار الغرباء المشاكل، كان يكتفي بتلقي بعض اللكمات وينهي الأمر دون استخدام القوة.
لم يكن له أي علاقة بالأمور التي تتطلب مجهودًا جسديًا.
‘لذا، كنتُ أوبخه قائلةً، لا تبقَ مكتوف الأيدي، على الأقل جرب أن تسدد لكمة!……’
“لوسينا، أنا هنا!”
كان بايسر لا يزال يبتسم بوجهٍ مشرق وهو يلوّح بيده.
رغم دهشتي، لم أستطع إنكار أنني كنت سعيدةً برؤيته أيضًا.
لوّحت له بيدي بابتسامةٍ باهتة. و في تلك اللحظة، شعرتُ بقشعريرةٍ تسري في جسدي بسبب طاقةٍ قوية قادمة من الخلف.
ببطء، وكأن مفاصلي ستصدر صوت احتكاك، التفتُّ لأنظر إلى كاليكس.
كانت عيناه الحمراء تحدقان في بايسر بوميضٍ خطير يثير الخوف.
“من يكون ذلك الشخص؟”
تحت تأثير هالةٍ قاتمة تكاد تخنق أنفاسي، أمسكت بيدي الأخرى التي كنت ألوح بها وأنزلتها.
أدركت بشكل غريزي أن الوقت ليس مناسبًا للتلويح بيدي بسعادة.
“من هو الذي ينادي اسمكِ بهذه الأريحية؟”
قال ذلك بصوتٍ يبدو بأنه يكبت غضبًا عارمًا.
ابتسمتُ بتوترٍ له.
“إنه صديق.”
رفع كاليكس حاجبًا وهو ينظر نحوي.
“صديق؟”
“نعم، إنه صديقٌ تعرفت عليه في هينغتون، وقد ساعدني في بيع الأعشاب.”
بعد إجابتي، أصبحت نظرةُ كاليكس أكثر هدوءًا. فشعرت بارتياحٍ وأطلقت زفرةً خفيفة من الأنفاس التي كنت أحبسها.
عاد نظر كاليكس نحو بايسر.
“لا أظن ذلك.”
“ماذا؟”
“يبدو أن الأمر ليس كما يبدو لكِ.”
قال ذلك ببرود، مشيرًا برأسه إلى جهةٍ معينة.
وهناك……
“لوسينا! انظري هنا!”
كان بايسر ينزل من المنصة إلى المقاعد، و يلوّح بيده نحوي بحماس، وكأنه يمتلك ذيل كلبٍ يهتز بسرورٍ واضح.
***
ما إن عدتُ إلى القصر الإمبراطوري، أرسلت رسالةً إلى زعيم القرية. و أوضحت فيها أن بايسر قد فاز في بطولة المبارزة، وأنه سيبدأ العمل قريبًا في القصر.
وبعد بضعةِ أيام، تلقيتُ ردًا من زعيم القرية بدا وكأنه كان ينتظر هذا الخبر. و طلب مني إقناع بايسر بالعدول عن الأمر وإعادته، لأنه لا يرحب بفكرة حمله للسيف.
ما أثار دهشتي هو القصة التي رافقت الرسالة.
اتضح أن بايسر كان مرتزقًا سابقًا، و يمتلك مهاراتٍ بارزة في المبارزة، وأنه في الماضي لم يكن معروفًا بحسن السلوك. لكنه تغيّر وأصبح شخصًا أفضل قبل ثلاث سنوات.
‘بايسر؟ ذلك الرجل البسيط من القرية؟ كان متنمرًا وأصبح الآن مثالًا للالتزام؟’
رغم صعوبة تصديق الأمر، إلا أن الحركات التي رأيتها منه في بطولة المبارزة كانت تثبت أنه ليس شخصًا عاديًا.
ووفقًا للتعليمات المتعلقة بالتحقق من هويته، لن يتمكن بايسر من دخول القصر الإمبراطوري الا بعد أسبوع.
كنت متأكدةً من أن مشاركته في بطولة المبارزة كانت من أجلي، مما جعلني أشعر بمسؤوليةٍ كبيرة تجاهه.
قبل أن تزداد مخاوف زعيم القرية، كان علي إقناع بايسر وإعادته قبل أن يستمر في تصرفاته غير المعقولة.
“سيستغرق الأمر أسبوعًا حتى ألتقي به……”
تمتمتُ بصوتٍ منخفض، وشعرتُ بنظراتٍ تراقبني من الجهة المقابلة.
“هل يشغل ذلك الرجل بالكِ؟”
وضع كاليكس فنجان الشاي جانبًا ورفّ بجفنيه بكسل.
لم أدرك أنه كان يتابع تقرير فصل الصباح حتى التقت عيني بعينيه.
“بالطبع يشغل بالي، إنه صديقي.”
“همم……”
عقد كاليكس ذراعيه ورفع ذقنه بتعبيرٍ متأمل.
“ما الأمر؟”
“أعبرُ عن استيائي.”
‘هل هو مستاءٌ مني؟’
عضضتُ شفتي وأنا أسترجع أحداث اليوم السابق.
الآن وقد فكرت في الأمر، لاحظتُ أن كاليكس قد التزم الصمت طوال الطريق من القصر بعد حفل اختتام بطولة المبارزة.
“هل كان أدائي في التعامل مع قوة روبيلين هو المشكلة؟ أم أنني ارتكبتُ خطأً ما؟”
التقت عيني بعيني كاليكس للحظة. و كان يسند رأسه على يده، و ملامحه تعبر عن الضيق.
“عندما أفكر في الأمر، يبدو أنكِ لم تفكري بي يومًا فقط. سابقًا كنتِ منشغلةً بروبيلين، والآن تفكرين فقط بصديقكِ.”
هل يمكن أن يكون……؟
“……هل تشعرُ بالغيرة؟”
“بشدة. كيف لا أغار حين ينادي الآخرون اسمكِ بأُلفة الذي لا أجرؤ حتى على التفوه به بخفةٍ كهذه؟”
تلك الكلمات المباشرة جعلتني أشعر بالخجل لدرجة أنني لم أستطع الرد.
“هل تشعرين بالخجل رغم أنكِ من طرحتِ السؤال؟”
عندما تهربت بنظري بخفة، ظهرت على وجه كاليكس ابتسامةٌ تدل على تحسن مزاجه.
“المربية لوسينا.”
نهض كاليكس من كرسيه، ودار حول الطاولة متجهًا نحوي.
كان طويلًا كعمودٍ شاهق، وعندما أمسك بمسند كرسيي ودفعه ليديره، وجدت نفسي أستدير بلا مقاومة.
حتى تلك اللحظة، لم أستوعب الموقف، فظللت أحدق فيه بذهولٍ بينما كان يقترب منحنياً نحوي.
في لحظةٍ خاطفة، أغمضت عيناي وفتحتهما، ليطبع شفتيه على جبيني.
“جلالتك!”
تراجعتُ بسرعة للخلف، ووضعتُ يدي على جبيني.
التقت عيناي مباشرةً بعينيه الممتلئتين بمشاعر لا يمكن إنكارها. و شعرتُ وكأن قلبي كان في قبضته تمامًا.
“أعتقد أنني قلتها من قبل……لا أنوي البقاء مكتوفَ الأيدي و أنتظركِ.”
لم أتمكن من النطق واكتفيت بتحريك شفتي بصمت، فعبس كاليكس بابتسامةٍ ماكرة.
“هذه المرة، فكري بي طوال اليوم.”
ألقى كاليكس هذه الكلمات و كأنها قنبلة، ثم غادر بسهولة بحجةِ وجود أعمالٍ خارجية عليه إنهاؤها، تاركًا إياي خلفه غير قادرةٍ على النهوض بسبب ارتخاء ساقي.
“أنا بالفعل أفكر فيه بما يكفي……”
ظللت أغطي وجهي بيديّ حتى ظهور يوكار لاحقًا.
***
كان بايسر يسير في ممرات القصر الإمبراطوري، متبعًا أحد الفرسان الذي كان يرشده، بينما ينفض الغبار عن زيه الرسمي بيده.
بينما كان في طريقه إلى قاعة الاستقبال، توقف فجأةً عندما لمح القصر الإمبراطوري الأول الواقع داخل الحديقة الرئيسية.
‘لوسينا……هناك….’
عندما رأى لوسينا في الساحة أثناء المباراة، كان من الواضح من هيئتها أنها تعيش ظروفًا أفضل مما توقع، وهذا كان ما يبعثُ الراحة……لكن……
استحضر بايزار صورة كاليكس الذي كان يقف بجانب لوسينا بثقة، فقبض على أسنانه بغضبٍ مكبوت.
‘كيف يمكنه أن يلفق اتهامًا للوسينا ويجبرها على رعاية ابنته؟’
قبل ثلاث سنوات، كان بايسر مرتزقًا.
بعد وفاة والدته التي كانت ضعيفة البنية منذ ولادتها، فقد معنى حياته وبدأ يتخبط بلا هدف.
وبسبب طبيعته الحساسة التي كانت دائمًا مصدر قلقٍ لمن حوله، قرر العودة إلى مسقط رأسه، هينغتون. و في يوم عودته إلى القرية، أقسم على ألا يمسك بالسيف مرة أخرى……
لكن الآن، قبض بايسر يده بقوة ورفع رأسه بنظرةٍ حازمة.
‘سآخذ لوسينا معي وأعود إلى هينغتون، مهما كلفني الأمر. حتى لو اضطررت إلى خيانة وعدي بعدم حمل السيف مجددًا.’
“تعال بسرعة!”
لاحظ الفارس الذي كان يسير أمامه توقف بايسر، فأسرع في تحفيزه للمضي قدمًا.
قبض بايسر يده بقوة وأشار بها، ثم استأنف السير خلف الفارس.
عندما وصل إلى قاعة الاستقبال، تلقى تعليماتٍ من الفارس قبل أن يدخل الغرفة.
وبمجرد أن وطأت قدماه أرض القاعة، شعر بشيءٍ غريب يضيق أنفاسه فجأة، مما جعله يرتعش دون أن يدرك.
كانت القاعة مشبعة بالطاقة السحرية التي كانت تملأ الأجواء.
لكن بايسر لم يتراجع، بل ثبت عينيه على الأمام.
هل هذا هو الإمبراطور؟
كان كاليكس يجلسُ على الأريكة بشكلٍ مائل، و ينظر إلى بايسر بلا تعبير، كما لو أنه كان ينتظره. بينما كان المستشار الذي يقف وراءه يرفع نظارته ببطء، محاولًا تحليل بايسر بتمعن.
‘على عكس ما قاله والدي، مظهره ليس وحشيًا.’
على العكس، كان مظهره رائعًا كتمثالٍ يوناني، لدرجة أننه، كرجُل، لم يستطع أن يرفع عينيه عنه.
والأهم من ذلك، كانت نظراته الحادة التي تتناقض مع ملامح وجهه الباردة وكأنها تجبر رأسه على الانحناء وتطلب الطاعة.
وصل بايسر إلى قدمَي كاليكس و ركع على ركبةٍ واحدة.
“أحيي إمبراطور الشمس، جلالتكَ……”
“لن أدعوكَ فقط للتحية، أليس كذلك؟”
توقفت كلماته فجأة. و عبس بايسر.
‘هل يعني أنه لا يريد حتى أن يتلقى التحية مني؟!’
كانت هذه كلماتٌ صريحة من العداء.
“ما علاقتكَ بالمربية لوسينا؟”
“إنها صديقةٌ قديمة.”
‘صديقة؟’
ضحك كاليكس ضحكةً قصيرة، كأنه كان مذهولًا من الكلمات.
في الساحة، تجنبت لوسينا النظر إليه، ومع ذلك كان ينطقُ الكلمات الكاذبة بكل سلاسةٍ رغم أنه كان يحدق به كما لو كان سيقتله.
“هي مجردُ صديقة، ومع ذلك تبدو مخلصًا جدًا.”
“إنها واحدةٌ من أصدقائي القلائل الذين أعتبرهم غالينَ عليَّ.”
“أوه، المربية لوسينا أيضًا مهمةٌ جدًا بالنسبة لي.”
للحظة، تغير وجه بايسر وأصبحت ملامحه متجهمة.
ثم سخر كاليكس منه.
“سمعتُ أنك كنت مرتزقًا. هل تسعى لتحقيق الشهرة؟”
“كنتُ أعيش كنجار خشب، و أبحث عن قوتي اليومي. كل ما أريده هو أن ألتقي بصديقتي التي ابتعدت عنا.”
“ماذا عن الإشراف على الحراسة الخارجية؟”
عبس بايسر قليلاً. هل يعني أنه لن يسمح له حتى بدخول القصر؟
رفع بايسر نظره ببطء، وواجه نظرات كاليكس الحادة التي كانت تبدو وكأنها ستخترق قلبه.
أحس بذلك على الفور. ‘آه، هذا الرجل يعلم ما أريدُ فعله.’
“إنه منصبٌ أكبر من أن أستحقه. أنا فقط بحاجةٍ إلى حمايةِ المربية لوسينا.”
ضحك كاليكس ضحكةً خفيفة، و كانت مليئةً بالسخرية.
“حماية؟ هل ستتمكن من ذلك؟ مع مهاراتك، لن تتمكن حتى من قتل حشرة.”
شعر بايسر بالإهانة من ازدراء كاليكس، فقبض على يده التي كانت موضوعةً على ركبته.
توجهت عينا كاليكس نحو يد بايسر المضمومة، وراقبهُ بنظرةٍ باردة، محاولًا تقييمه مرة أخرى.
بما أن بايسر كان صديقًا للوسينا، فقد كان يشكل خصمًا صعبًا لا يمكن تجاهله.
كان أهل قرية هينغتون يشكلون أهميةً خاصة بالنسبة للوسينا. و كان من الواضح أنها كانت ترسل أموالًا صغيرةً بشكل منتظمٍ لدعم ازدهار القرية في أيام الرواتب.
ببساطة، منذ اللحظة التي وصفت فيها لوسينا بايسر بصديق، أصبح بمثابة شخصٍ مُحرمٍ لا يمكن لكاليكس الاقتراب منه.
لكن ذلك لا يعني أنه كان يخطط للسماح لبايسر بالبقاء بالقرب من لوسينا.
كان كاليكس يشعر بغريزةٍ قوية أنه على الرغم من أن بايسر دخل القصر الإمبراطوري من خلال مسابقة المصارعة، إلا أن هدفه الحقيقي كان أخذ لوسينا معه.
ثم نهض كاليكس بتعبيرِ وجه يعكس فقدان الاهتمام.
“سأعينك كحارسٍ في القصر الإمبراطوري. بهذا ستتمكن من رؤيتها بين الحين والآخر.”
“……شكرًا.”
انحنى بايسر عميقًا.
“آه. هل اسمك بايسر؟”
توقف كاليكس فجأةً قبل أن يغادر تمامًا، ونظر إلى بايسر بعينين باردتين خاليتين من التعبير.
“من الأفضل أن تحذر من التصرفات المتهورة. لا أريد أن أفعل شيئًا يجعل المربية لوسينا تشعر بخيبة أمل.”
“…….”
“من يعرف كيف يحافظ على الحدود هو من يبقى حيًا.”
قال كاليكس ذلك بصوتٍ بارد مثل الرياح الشمالية قبل أن يغادر قاعة الاستقبال.
ظل بايسر صامدًا في مكانه، ممسكًا بأسنانه حتى جاء الفارس لإرشاده.
___________________________
كاليكس حس بالخطر😭😭😭
المهم بايسر ذاه نشبه اتمنى ينقلع بدري ✨
Dana