I intended to get a divorce - 32
كان “نويل” قد أُصيب بالحمى في الليل، ورغم أنه بدا نشيطًا ويتحدث حين يكون مستيقظًا، فقد غط الآن في نوم عميق بسبب التعب. كانت “تشيري” تتحرك برفق، تجلب الماء وتمسح عرق نويل، ثم تجلس على الكرسي وتأخذ نفسًا بينما تنظر إلى وجهه النائم.
قالت “تشيري” بهدوء: “لم أقرر بعد كيف سأحكي لك عن أختي، ولم أغنِّ لك أغانيها من قبل.”
أحد الأسباب الرئيسية كان أن “تشيري” تحمل مشاعر معقدة تجاه أختها، التي تركت طفلها وعادت إلى ساحة المعركة حيث ماتت هناك. بعد أحداث الليلة الماضية، بدأت تشيري تشعر ببعض الارتياح تجاه تلك المشاعر التي كانت تعتمل في نفسها.
قالت بصوت خافت: “يومًا ما، عندما يحين الوقت لأحكي لك عن والدتك الحقيقية، سأعلمك أغنية أختي.”
الأغاني، بخلاف الكلمات أو الرسومات، هي فنٌّ صوتيٌّ لا يُمكن توثيقه كذكرى دائمة. لكنها اكتشفت أن شخصًا ما، لا يعرفهم، كان يحتفظ بصوت “رامونا” في ذاكرته، وقد أعرب عن امتنانه لها وكان يتمنى لها الحياة. ورغم أن صوت “رامونا” لم يعد موجودًا على هذه الأرض، فقد اكتشفت تشيري أنها تستطيع تقليد صوتها. أرادت أن تعلم نويل هذه الأغنية قبل أن تنسى، وأخيرًا، شعرت بأنها مستعدة لمواجهة هذا الشعور.
ستحكي له يومًا ما، قائلة: “والدتك الحقيقية، كانت المغنية الجميلة “رامونا”.
نظرت إلى السماء، قائلة: “يا له من يوم جميل… ترى هل عادت كارولينا؟ يبدو أنني سأغفو إن بقيت جالسة هنا.”
وأثناء تفكيرها في الذهاب إلى المطبخ لإلقاء نظرة، غلبها النعاس وأغمضت عينيها. وفجأة، قطع السكون صوت رجل بعيد يصرخ: “ألا يوجد أحد هنا؟!”
استيقظت تشيري مذعورة، وأفكارها مضطربة: “ما الذي يحدث؟ هل دخل أحد إلى المنزل؟”
تذكرت تحذيرات “برنارد” بضرورة إغلاق الأبواب والحيطة من الغرباء، وشعرت ببرودة غريبة في بطنها، واقتربت ببطء نحو الباب. فكرت: “ماذا حدث لـ “كارولينا”؟ وإذا كان سارقًا، كيف سأنقذ “نويل”؟ هل “ماريا” بخير؟ وهل ستبقى الدجاجات هادئة؟”
أصغت عند الباب بقلب ينبض بقلق، وسمعت الصوت مجددًا.
قال الرجل بصوت مرتفع: “وجدت ابنتكم ملقاة في الحديقة! إذا لم يكن هناك أحد، سأدخل بنفسي!”
***
كانت لدى الشاب انطباع بأنه رأى هذا المكان من قبل، مؤخرًا على الأرجح، وربما تلقى معاملة لطيفة هنا.
قال بتردد: “ألم تكوني… برفقة الأمير؟”
نظر إلى أعلى السلم نحو مدخل القاعة، حيث تلاقت عيناه بعيني الفتاة. كان الشاب، رغم أنه لم يكن مرتديًا سترته، شعره البني المتموج يتدلى بشكل عشوائي على كتفيه، يمتلك حضورًا آسرًا لا يجرؤ أحد على معارضته بسبب وسامته الحادة.
قال لها بابتسامة جانبية: “آه، إنها المغنية من الأمس! رغم أنك تبدين كخادمة منزلية الآن، هذا يناسبك أيضًا.”
ثم أمال رأسه نحو “تشيري” ليظهر لها وجه “كارولينا” التي كانت فاقدة الوعي بين ذراعيه.
“كارولينا!”
بدافع القلق، بخطوات سريعة على الدرج، ركضت “تشيري” حتى وقفت بجوار الشاب.
قال الشاب بلهجة حازمة: “وجدتها ملقاة في الخارج، وحرارتها مرتفعة. سأنقلها إلى غرفة بها سرير، وإذا أفاقت، فمن الأفضل إعطاؤها بعض الماء. هل الغرفة في الطابق الثاني؟”
ثم بدأ بالصعود على الفور وبسرعة ملحوظة. تبعته “تشيري” بسرعة واجتازته لتقوده إلى الغرفة قائلة: “من هنا”.
كانت تنوي إيصاله إلى غرفة “كارولينا”، لكنها وبسبب اضطرابها، وجدت نفسها تتجه نحو غرفتها التي ينام فيها “نويل”. وحين فتحت الباب، أدركت خطأها.
عندما تبعها الشاب إلى الداخل ورأى “نويل” ممددًا على السرير، تمتم بذهول: “ما هذا البيت؟ مليء بالمرضى؟ وأين بَرْنَارد؟”
أجابته “تشيري” بصراحة: “ذهب اليوم إلى البلدة لاستدعاء الطبيب…”
وبعدما أجابت، شعرت بتوتر شديد لأنها كشفت عن أن البيت فيه الآن نساء وأطفال مرضى فقط.
ضحك الشاب بخفة وهو ينقل “كارولينا” إلى السرير بجانب “نويل”، حيث كانت هناك مساحة كافية ليرقد شخص آخر، ووضعها بحرص لافت على السرير.
قال الشاب: “إذا كنت تقومين برعاية الجميع بمفردك، فمن الأفضل جمعهم في مكان واحد. هل هناك ماء؟”
أجابت “تشيري”: “نعم، ولدينا قارورة ماء مخصصة لكارولينا، سأجلبها حالاً.”
ثم خرجت بسرعة لجلب القارورة، رغم ترددها في ترك هذا الضيف مع المرضى. وبعد لحظات عادت ومعها القارورة، فوجدت الشاب يمسح العرق عن جبين “كارولينا” بمنشفة.
اقتربت “تشيري” وناولته القارورة، فوضعها برفق بالقرب من فم “كارولينا”.
فكرت “تشيري” في نفسها: (هل يفعل ذلك بنفسه؟ يبدو أنه متقنٌ لهذا الأمر).
وبحلول هذا الوقت، أدركت “تشيري” هوية هذا الشخص؛ إنه الشاب النبيل الذي كان برفقة الأمير في الحفل الليلة الماضية. بدا كشخص يستطيع فعل كل شيء، وربما كان جنديًا سابقًا مثل “برنارد”. ورغم ذلك، شعرت بالدهشة من رعايته للمرضى.
سأل الشاب “كارولينا” بلطف: “هل تستطيعين الشرب؟”
فتحت “كارولينا” عينيها قليلاً ونظرت إليه بنظرة ضبابية، وتمتمت بصوت خافت: “أمير…؟”
قال الشاب بهدوء: “إذا كان بوسعكِ التحدث، فمن الأفضل أن تشربي الآن.”
أدخل ذراعه خلف ظهرها وساعدها على الشرب، ثم أعادها إلى وضعها الأصلي بهدوء بعد أن تأكد من ارتوائها.
راقبت “تشيري” هذه اللحظة بدون أن تنطق بكلمة.
(أمير… كأنه أمير حقيقي! ربما تحقق حلم “كارولينا” التي لم تتمكن من حضور الحفل…)
رغم أن الموقف لا يحتمل هذه الأفكار، فقد أدركت “تشيري” أن “كارولينا” تنظر إلى الشاب بنظرة حالمة، وأنها وجدت في هذه اللحظة ما كانت تتوق إليه.
عاد الشاب ليتفقد “كارولينا” و”نويل”، ثم اقترب من “تشيري”.
قال: “لقد جئت لألتقي بـ “رامونا” و”برنارد”، لكن يبدو أن الوضع أصبح معقدًا. لا يبدو أن هناك أحدًا غيركم هنا؛ ألا يوجد خدم في المنزل؟”
عندما ذكر اسم أختها “رامونا”، ارتجفت “تشيري” وشعرت بالمفاجأة.
سألته: “لأي غرض حضرت هنا؟”
ابتسم الشاب بابتسامة واثقة وساحرة وقال: “أنا “كونراد أورسولا”، يُطلق علي لقب “دوق أورسولا”. أعمل كمرافق للأمير “هيوغو”. الأمير اهتم بأمر المغنية في الأمسية الماضية وأراد رؤية الزوجين اللذين يشتهران بالترابط. ولأنني المسؤول عن دعوتهم، جئت لأحذركم قبل أن يصل مبعوث الأمير، حاملاً الحذاء الزجاجي.”
أضاف قائلاً: “حسب ما أعلم، اسمكِ تشيري، صحيح؟ هل رامونا هو اسم مستعار؟”
أدركت تشيري أنه هو الشخص الذي أشار إليه “برنارد” بأنه “شبيه الأمير”، وقالت: “أوه! أنت هو “الصديق الذي يشبه الأمير!” صحيح، تمامًا كما قال برنارد!”
ابتسم “كونراد أورسولا” وقال: “بالضبط، هذا أنا”، مؤكداً حدسها بابتسامة صغيرة.
–ترجمة إسراء