I Became the Foolish Wife of the Villain - 41
“إيفلين.”
رفعت جفوني عند سماع الصوت الذي ناداني بلطف. كان أول ما دخل مجال رؤيتي هو عالم ضبابي غير واضح.
إنه مكان مألوف. غرفة نومي في قصر ولية العهد. رمشت ببطء ثم أدرت رأسي.
ثم دخل شخص آخر في مجال رؤيتي.
‘سيرتين…. ‘
وجهه الناعم يبتسم لي، عيناه الزرقاوان العميقتان تحملان دفئًا ثقيلًا، تعبير قاسٍ بشكل غريب وخدود متصلبة. كان التعب الشديد واضحا حول عينيه و شعره أشعثا. كل ذلك كان يشكّل سيرتين.
هذا أيضا أيضًا مألوف.
“…..”
لا أعرف كيف أتصرف. التناقض بين دوق سبيلمان الذي رأيته آخر مرة وسيرتين الذي أمامي الآن كان كبيرًا جدًا.
شعرت بضيق في التنفس.
“…إيفلين.”
ناداني سيرتين مرة أخرى، وكأنه يعلم ما أمرّ به. تنهد مع نطقه لاسمي.
وضع يده على جبيني، وانتقل إليّ دفء جسده الساخن عبر راحة يده.
“لقد انخفضت حرارتك.”
هل كنت مصابة بالحمى؟
“نامي قليلًا بعد.”
لم يبدو أن سيرتين ينتظر مني أي إجابة. كان يبدو وكأنه قد وجد كل الأجوبة بالفعل.
ماذا حدث؟
هل كنت نائمة لفترة طويلة؟
ما الذي دار بين دوق سبيلمان وسيرتين من حديث؟ أشعر بالارتباك. سأحتاج إلى بعض الوقت لفهم الموقف.
في هذا القصر، حيث لا أحد في صفي.
لا أعرف ما الذي يجب أن أقوله لسيرتين، أو كيف يجب أن أتفاعل معه…
آه، أنا متعبة .
هكذا يكون الأمر عندما لا تجد أحدًا لتبوح له بما في داخلك. إنه شعور خانق.
أردت أن أرتاح. أن أنام كما قال سيرتين. لا، لو كان ممكنًا، أردت أن أنام لبقية حياتي.
عضضت شفتي بإحكام.
وفي تلك اللحظة، تحدث سيرتين وكأنه يقرأ أفكاري بالكامل.
“لا بأس.”
كان صوته منخفضًا، مشبعًا بالدفء. حمل نبرة جعلتني عاجزة عن التفكير في أي شيء آخر.
التقت عيناي بعينيه.
“كل شيء سيكون على ما يرام، إيفلين. لن يحدث شيء.”
لماذا شعرت بالراحة عند سماع تلك الكلمات؟
انتهى بي الأمر بالبكاء بشكل يرثى له. غطيت عيني بيدي لمنع الدموع من التدفق.
“هاه…”
خرج صوت بكائي مشوهًا، غير جميل على الإطلاق. لم يكن بكاءً مصطنعًا أو مجبرًا.
كان بكاءً نابعًا من أعماقي.
الخوف الذي شعرت به عندما تم اختطافي بدلًا من فيرونيكا.
وجه دوق سبيلمان وهو يحدق بي كحاكم في الظلام.
تلك اللحظات التي اضطررت فيها لاتخاذ العديد من القرارات في فترة قصيرة، وكأنني عشت في الجحيم.
كل ذلك بدا وكأنه يمسك بي ويهزني بقوة.
تداخلت ذكرياتي القديمة مع هذه الذكريات الجديدة.
إيفلين… كان الأمر كما لو كنتُ هي، بكل وضوح. كل المشاعر التي شعرت بها شعرت و كأنها أصبحت ملكي.
“لا بأس.”
ربّت سيرتين على شعري ليهدئني.
كانت لمسته وكأنها تهمس لي، وكأنه يقول لي إنه يعلم كل شيء، وأنه لن يحدث شيء سيئ.
تكوّرت على نفسي وأطلقت العنان لدموعي.
أنا بأمان.
لن يتمكن دوق سبيلمان من إيذائي بعد الآن.
على الأقل، في هذه اللحظة، لن يتمكن أحد من إيذائي.
شعرت بقناعة غريبة بذلك.
في تلك اللحظة، لم يكن هناك في الواقع سوى دموعي الساخنة التي بللت أصابعي ولمسات سيرتين التي تهدئني.
تحولت تلك اللحظة إلى شعور بالراحة.
وبدون أن أدرك، كنت قد بدأت في الاعتماد على سيرتين.
من فضلك انقذني
ارجوك احمني
أتمنى أن يكون دفؤه هذا حقيقيًا.
أرجوك، لا تتخلى عني.
****
كانت ليلة طويلة.
استيقظت إيفلين قبل الفجر، وبكت طويلًا قبل أن تغفو مرة أخرى.
بقيت في ذاكرة سيرتين صورة عينيها، اللتين كانتا تذكرانه بعيني غزال صغير، عندما استيقظت ونظرت إليه.
بدت وكأنها تسأله بصمت:
“هل ستؤذيني أنت أيضًا؟”
في تلك اللحظة، تمنى سيرتين لو أن إيفلين تستطيع التخلي عن كل شيء والراحة لبعض الوقت.
كان كلاهما يركضان بلا توقف—سواء إيفلين أو سيرتين.
لكن الفرق بينهما كان أن سيرتين كان لديه أشخاص يعتمد عليهم.
كان لديه روجر، الذي يمكنه الوثوق به وكان لديه مورتيغا، حتى وإن لم يكن جديرًا بالثقة تمامًا.
و إلى جانبه، كان هناك أيضًا العديد من الأشخاص الذين تبعوه.
أما إيفلين، فلم يكن لديها أحد.
“هاها.”
ضحك سيرتين ضحكة جافة بلا معنى.
لطالما راوده ذلك التفكير—أن الحاكم قد تخلّى عن الإمبراطورية، وتخلّى عنه أيضًا. رغم أنه لم يكن يؤمن به في المقام الأول.
ولكن كان هناك شخص أسوأ منه.
إيفلين، التي بدت كقطرة حبر سوداء وحيدة سقطت على صفحة بيضاء.
كانت تلك المرأة حقًا بائسة، لا تملك شيئًا، لدرجة أنها أثارت في نفسه شفقة لم يكن معتادًا على الشعور بها.
مرر سيرتين يده على وجهه.
وحين ظهرت ملامحه مجددًا، كانت باردة كما لو أنها غارقة في الظلام. تعبيره بدا كأنه يلتهم ضوء الشمس المنعكس على وجهه.
كانت الليلة الطويلة قد انقضت، وحلّ الصباح مرة أخرى.
وقفت جوليا تحدق في سيرتين بصمت قبل أن تتحدث أخيرًا.
“……هل أنت بخير؟”
أجاب سيرتين بصوت متشقق:
“إيفلين بخير. استعادت وعيها للحظة عند الفجر.”
ثم أضاف
“لابد أن قواها قد انهارت تمامًا. قدّمي لها طعامًا مقويًا، واستدعي طبيبًا موثوقًا ليشرف على علاجها. أرجوك اعتني بها جيدًا لبعض الوقت.”
تنهدت جوليا وهي ترد
“ما هذا الكلام؟ أنا في الحقيقة كنت أسأل إن كنت أنتَ بخير.”
لم تكن جوليا قد نامت جيدًا أيضًا.
بسبب ليا التي ظلت تبكي، لم تستطع حضور الحفل.
لم تعرف ما الذي حدث هناك إلا بعد عودة ديميتور في وقت متأخر من الليل، وقبل أن يتسنّى لها حتى سماع التفاصيل كاملة، اضطرت للمجيء إلى هنا.
ما سمعته من مساعد سيرتين كان صادما لدرجة جعلتها عاجزة عن الكلام.
قضت الليل كله قلقة على كلاهما، إيفلين وسيرتين.
كما أن تغير مكان نومها لم يساعدها على الراحة.
لكن على الرغم من كل شيء، بدا أن سيرتين أكثر إنهاكًا منها—وكأنه هو من تعرض للاختطاف.
ابتسم سيرتين ببرود.
“لا تقلقي. لست على وشك الموت بعد.”
“صاحب السمو…”
“لكن هناك شخصًا آخر يبدو وكأنه على وشك ذلك.”
تلاشى بعض القوة من صوته وهو يكمل
“عندما يُحاصر الإنسان في الزاوية، قد يرتكب أفعالًا لا ينبغي له القيام بها. أحيانًا، يتخلى عن نفسه تمامًا. راقبي إيفلين عن كثب.”
“……هل تعني أن سموها في مثل هذه الحالة الآن؟”
“من يدري.”
اتسعت عينا جوليا بدهشة. لم تستطع فهم ما كان يقصده.
هل كان يرى إيفلين بطريقة مختلفة عن الآخرين؟
إيفلين كانت أنقى وأصفى من أي شخص آخر.
وكأنها تهرب من ظلام هذا العالم إلى أعماق اللاوعي، وتترك خلفها فقط جزءًا طاهرًا لا تشوبه شائبة.
لكن لماذا إذن؟
وضع سيرتين يده برفق على كتف جوليا وقال
“من المؤسف حقًا. أحيانًا، أشتاق إلى الزمن الذي كانت فيه الوحشية جزءًا من الرومانسية.”
كان ذلك طريقته غير المباشرة في القول بأنه يريد قتل دوق سبيلمان أو شخصٍ ما.
ثم عبر بجانبها و رحل.
حدّقت جوليا في ظهره بقلق.
سيكون ليلًا طويلًا آخر بالنسبة لسيرتين.
كل ما كانت تتمناه هو أن يجد ولو لحظة من السلام خلال هذه الفترة الطويلة.
****
دوق سبيلمان كان يعبث بكأس الشراب أمامه.
قضى الليل وهو يعيد التفكير فيما رآه وما أدركه.
ظهر سيرتين و كأنه يحمل أغلى ما لديه بين ذراعيه، ثم اختفى.
وظلّ ذلك المشهد عالقًا في ذهنه.
“……ذلك الأحمق فعل شيئًا صعبًا حقًا.”
ارتسمت ابتسامة باردة على شفتي الدوق.
لم يكن يعرف ما الذي يدور في ذهن ذلك الرجل، لكن ما كان مؤكدًا هو أن إيفلين قد أصبحت جزءًا من قلبه.
“أخيرًا، حصلت على مقابل لإبقائها على قيد الحياة.”
لم يكن من غير المعتاد أن يرسل النساء إلى سيرتين.
كانت هناك عدة حالات تم فيها إرسال نساء خيمته في ساحة المعركة، بل و كانت هناك أيضًا حالة تم فيها تجريد سيدة نبيلة من ملابسها و دفعها إلى غرفة نومه. على أمل أن يقع، مثل والده، في وهم النساء وينتهي به الأمر إلى ارتكاب الأخطاء وإفساد كل شيء.
لكن لم يحدث أن سقط سيرتين في الفخ ولو مرة واحدة.
والآن، إيفلين فعلت ما لم تستطع أي امرأة قبلهن فعله.
دون أن تخلع قطعة واحدة من ملابسها.
“كما هو متوقع، إنها ابنتي.”
لم يكن من الصعب وضع السم في يدها.
كما أنه لن يكون صعبًا وضع خنجر في يدها أيضًا.
“آه يا أبي… لقد كانت إيفلين مخطئة.”
تذكّر تلك العيون النقية التي نظرت إليه كأنه حاكم، وتلك الأيدي الصغيرة التي امتدت إليه.
ذلك الشعر القرمزي الشفاف، الذي ورثته كدليل على اختلاط دماء العائلة الإمبراطورية منذ زمن طويل.
شعرٌ لم يكن حتى سيرتين يملكه، لكن إيفلين كانت تمتلكه.
كم كان ذلك مُرضيًا.