Hush Now, Saintess! - 12
كان الصوت قادمًا من الحديقة الجنوبية الواقعة بين المكتبة والمبنى الرئيسي.
“يبدو وكأنه صوت ماء جارٍ.”
حين فكرت في الأمر، أدركت أنني لم أتجول في هذه الحديقة بشكل صحيح من قبل.
بينما كنت مضطرة لدخولها والخروج منها تحت تهديد شارلوت، كنت أمشي وأنا أنظر إلى الأرض، ولم أتمكن من استكشاف ما حولي.
حتى الذكريات التي ورثتها عن رويلا كانت مليئةً بالثغرات، فلم يكن لدي أي شيء واضح عن هذا المكان.
“هل يجب أن أذهب لاستكشافه؟”
لطالما حلمت ببيت قريب من حديقة.
والآن، لدي حديقةٌ أجمل من أي منتزه بجوار المنزل، فمن الطبيعي أن أشعر بالحماس.
على أي حال، لدي أيضاً وقت فراغ.
نظرت إلى الساعة مرة أخرى، ثم توجهت نحو الحديقة الجنوبية.
“سأقوم بجولة سريعةٍ فقط.”
*****
صرير.
انفتح باب المكتبة الضخم بصوت خافت، ليعكس تاريخها العريق.
عند صوت فتح الباب، انتفض أمين المكتبة الذي كان يغفو قليلاً، واستيقظ مفزوعًا قبل أن ينحني ليحييني.
“أهلًا وسهلًا، آنستي.”
“هل غفوت مجددًا اليوم؟ لا بأس، هل حضر المعلم؟”
لقد أصبحت على معرفة جيدة مع أمين المكتبة بعد زياراتي المتكررة إلى المكتبة وأنا في حالتي البائسة.
في البداية، كان يشعر بعدم الارتياح عند لقائي، لكن بعد حديثنا اليومي أثناء دخولي وخروجي، بدأ يتصرف بشكل طبيعي معي.
خاصةً عندما رآني أقول له مازحة بعد أن رأيتُ وجهه المتقلب النائم.
“امسح وجهك بعد ان تغفول.”
ويبدو أن ذلك ترك انطباعًا كبيرًا لصورتي في ذهنه.
“نعم، لقد وصلتِ قبل المعلم. إنه أمر مذهل، آنستي، فأنتِ لم تتأخري اليوم.”
“هذه أول مرةٍ منذ أن بدأت عملك كأمين مكتبة، أليس كذلك؟”
“نعم، إنها المرة الأولى!”
قال أمين المكتبة بدهشة وإعجاب.
كما قال، كانت رويلا دائمًا تتأخر عن الدروس في الماضي.
لكنني لستُ كذلك.
‘أنا ملتزمة بالوقت تمامًا.’
ابتسمت بخفة، وانا اشعرُ بالفخر الذي اجتاحني بلا سبب واضح.
“إذن، اعتنِ بنفسك……وأمسح وجهم بعد الغفوة.”
“نعم، آنستي!”
بينما كنت أتلقى تحية أمين المكتبة الحماسية، اتجهت نحو المكتبة الداخلية حيث ستُعقد الدروس.
وأنا أدندن بلحن صغير بينما أرتب الكتب، سمعت طرقًا على الباب.
“تفضل بالدخول.”
توقف مقبض الباب للحظة قبل أن يُفتح ببطء.
وما ظهر بعد ذلك كان شابًا غريباً. ربما كان في منتصف العشرينات أو أواخرها.
كان يمشي بظهرٍ مستقيم، بشعره الأبيض وعينيه الذهبية، مما أضفى عليه هالة من الفخر وكأنه يقول:”أنا كاهنٌ رفيع المستوى.”
بدا عليه بعض الارتباك، مثل أمين المكتبة، مما أوضح لي أنه يعرف جيدًا سمعتي السيئة بالتأخير.
لابد أنه سمع عني من المعلمين الذين كانوا معلمين لرويلا.
لذا، ابتسمت عن عمد وحييته أولاً.
“تشرفنا يا معلمي. أنا رويلا برييتا.”
سرعان ما استعاد الرجل، الذي كان في حالة من الذهول، تعابير وجهه.
رفع الرجل نظارته الأحادية التي كانت معلقة على إحدى عينيه، ثم انحنى بأدب.
“……أعتذر عن تأخري في التحية. اسمي فيكتور إمبيريوم، وقد تم تعييني كالمعلم الكاهن الجديد لآنستي.”
هممم، إذن اسمه فيكتور إمبيريوم.
انتظري لحظة……فيكتور إمبيريوم؟
بينما كنت أكرر اسمه في ذهني، فتحت فمي على مصراعيه ونظرت إليه بذهول.
هل هذا الرجل هو معلمي؟
لم أستطع إخفاء دهشتي.
ولم يكن ذلك غريبًا، فقد كان فيكتور سيصبح في المستقبل خليفة الكاهن الأكبر.
لقد كان يمتلك قوة روحيةٍ هائلة، وشخصية باردة، ومع ذلك كان يتمتع بقلب دافئ يقبل الجميع، مما جعله يحظى بدعم شعب الإمبراطورية ومعبدها.
وبالطبع، كان الكاهن الأعظم نفسه يعامله كابن له، ويعترف به كخليفته.
‘عندما ظهرت القديسة الحقيقية لاحقًا، كان فيكتور أحد الذين دعموها بقوة.’
في البداية، عندما أثار ظهور القديسة الحقيقية المفاجئة الشكوك بين الناس، كان فيكتور هو الذي تدخل لتهدئة هذا الجدل.
وهذا يعني أنه كان الشخص الذي قاد الجهود لكشف أن رويلا كانت قديسة مزيفة.
‘لهذا السبب كان يكره رويلا بشدة في الرواية.’
يبدو أن فيكتور قد كوّن مشاعر عدائية تجاه رويلا أثناء فترة تدريسه لها، خاصة وأنه قد اندهش كثيراً لمجرد عدم تأخري عن الدروس.
من السهل تخمين مدى سوء سلوك رويلا في الرواية خلال حصصها معه.
‘لكن لماذا أخفت الرواية هذا التفصيل المهم؟’
هل كانوا يخططون لشرحه في قصة جانبية؟ أم أنهم اختصروا المعلومات لأنه يتعلق بالشرير؟
“سيدتي؟ هل هناك شيءٌ ما؟”
“آه، لا، لا شيء. أنا فقط أشعر ببعض الحرج عند مقابلة أشخاص جدد.”
هززت رأسي بسرعة، مشيرةً بأدب نحو المقعد الفارغ أمامي.
“حسنا، من فضلك، اجلس يا معلمي.”
“شكرًا لكِ.”
أومأ فيكتور برأسه ببرود وجلس.
ابتسمت ابتسامة خفيفة وقررت في نفسي.
‘سأحاول بكل الطرق كسب نقاط معه، حتى يكون كرهه لي أقل في المستقبل.’
كونه في صف البطلة يعني أنه عدو للشريرة أيضًا، ولا أرغب في أن يكون شخص مثل فيكتور عدوي.
عليّ تحسين علاقتنا من البداية، حتى لا تصل الأمور إلى ذلك.
‘بالإضافة إلى ذلك، إذا تمكنتُ من تكوين علاقةٍ جيدة مع فيكتور، فسيكون ذلك مفيدًا عندما يتعلق الأمر بالتبرعات وغيرها من الأمور. سيكون ذلك جيدًا أيضًا لبناء سمعتي.’
كان من الواضح أن تكوين علاقة معه سيكون له العديد من الفوائد.
بينما كنت منهمكة في التفكير والتخطيط، فتح فيكتور كتابه.
“حسنًا، دعين نبدأ الدرس.”
“نعم، معلم. أعلم أنني طالبة تفتقر للكثير، لكن أرجو أن تساعدني.”
أجبت بأدب وكأني طالبةٌ أمام أستاذها القديم.
وبهذا، بدأ الدرس.
لكن بعد بضع دقائق فقط، ورغم قراري بأن أترك انطباعًا جيدًا، وجدت نفسي أنظر نحو الفراغ.
‘هذا صعب جدًا……لا أفهم شيئًا.’
على الرغم من أنني كنت أظن أنني درست بما فيه الكفاية من خلال زيارتي المتكررة للمكتبة، إلا أن كل شيء في الدرس بدا جديدًا عليّ.
لم أفهم أيٌ مما قاله.
حتى لو حاولت الاعتماد على معرفة رويلا في ذكرياتها، لم يكن هناك الكثير لأستفيد منه.
‘وربما حتى تلك المعرفة لم تكن مفيدة للغاية.’
بينما كنت أعاني من ثقل عقلي الذي لم يكن يعمل كما يجب، شعرت بالألم.
“آنستي.”
نادى فيكتور علي وهو يغلق كتاب *العلم المتقدم* بصوت عالٍ.
“نعم، معلم؟”
ابتلعت ريقي بصعوبة، بينما كان فيكتور يقف دون أن يجيب، ثم اختفى خلف رفوف الكتب.
كنت أتحرك بتوتر في مقعدي، متسائلة عن الموقف، قبل أن يعود فيكتور حاملاً كتابًا في يده.
و الكتاب الذي كان في يده هو……
*العلم الأساسي للأطفال* – الجزء الأول.
……هاها، تبًا.
يا لها من لحظةٍ محرجة.
“هل تعرفين خلفية تأسيس الإمبراطورية؟”
سألني بينما فتح الكتاب، فأومأت برأسي بخجل.
الرسوم التوضيحية الكبيرة والمحببة المرسومة في الكتاب جعلتني أشعر بمزيد من الإحراج.
ولكن ما باليد حيلة. هذا هو مستواي الحالي.
“نعم. أعرف بعض الشيء. عندما غرقت الدنيا في الفوضى، ظهر الحاكم وأنقذ العالم، أليس كذلك؟”
“يبدو أنك تعرفين بعض الشيء بالفعل.”
أشحتُ بنظري في حرج. حسنًا، لقد قلت إنني أعرف القليل فقط.
“بما أنه اليوم الأول، سأشرح الأمور ببساطة.”
“نعم! سأحاول تذكرها هذه المرة!”
في هذا الموقف، كان من الطبيعي أن يتنهد فيكتور من الإحباط، لكنه لم يظهر أي تعبير يدل على ذلك.
لقد كان حقًا خليفة مثاليًا للكاهن الأكبر الأصغر سنًا.
بدلاً من أن يغضب، واصل فيكتور الشرح بهدوء وبالتفصيل.
“عندما بدأ العالم وولد البشر، كان هناك توازن بين الخير والشر.”
“نعم.”
“ولكن في لحظة معينة، بدأ الحاكم الشرير ‘أهوبيب’ في التدخل في عالم البشر، وتفوقت قوى الشر على قوى الخير. وعندما اختل التوازن في العالم، سرعان ما حلت الفوضى. وقد تحول العالم إلى جحيم حي.”
“جحيم؟”
“نعم، جحيم. الكائنات الشريرة استغلت الشقوق المتزايدة بين العوالم لتدمير النظام في هذا العالم. بدأ الناس في الشك ببعضهم البعض، وفقدوا الثقة، فقتلوا بعضهم البعض.”
ثم استمر فيكتور في شرح الأحداث التي تلت ذلك.
“في وسط تلك الفوضى المروعة، اتى الحاكم *لوكير* أخيرًا لينقذ البشرية. شعر لوكير بالشفقة على البشر وقرر مساعدتهم. قام بتقسيم جسده، و روحه، النور والظلام، إلى أربعة أجزاء وختمها في أنحاء الإمبراطورية الأربعة: الشرق، الغرب، الجنوب، والشمال. وفي النهاية، ختم أيضًا قلب *أهوبيب* الشرير، وكذلك نفسه.”
لقد ضحى بنفسه ليعيد السلام إلى العالم.
كنت أدوّن الملاحظات بحماس، ثم رفعت رأسي وسألت.
“لكن قلت إن الأجزاء الأربعة خُتمت في جهات الإمبراطورية، أليس كذلك؟”
“نعم، هذا صحيح.”
“إذًا، ماذا عن القلب؟ أين خُتم القلب؟”
صمت المعلم للحظة بعد سؤالي. شعرت أنني قد سألت عن شيئٍ لا ينبغي لي السؤال عنه، فبدأتُ انظر الى الدفتر بحذر.
لكنه أجاب في النهاية.
“لا أحد يعرف مكان القلب بالضبط. الحاكم لوكير أخفى الموقع حتى لا يقع في الأيدي الخاطئة التي قد تستغله. لكن يُعتقد أنه موجود في العاصمة.”
“لأن العاصمة هي مركز الإمبراطورية، صحيح؟”
“بالضبط. والمكان الذي يقع في قلب العاصمة هو القصر الإمبراطوري.”
قال المعلم وهو يرفع نظارته مرة أخرى ويواصل الشرح.
“قد يكون مرتبطًا بقلب اهوبيب الشرير، ولكن عائلة القصر الإمبراطوري تُعرف كحماة من نوع ما. لقد ورثوا البركات عبر الأجيال، ولديهم واجب الحفاظ على ختم اهوبيب الشرير. لذلك، هم يختلفون قليلاً عن الناس العاديين.”
________________________
يرجال مدري وش قاعد ترطن بس عساه وسيم؟ رويلا ماقالت شي عن وجهه حسوفه🙂↔️
Dana