Husband theft - 9
بدا على كلايسي التعب، إذ كانت تستند بذقنها على يدها وتنظر إلى الأطباق، ورغم اقتراب أحدهم منها مباشرة، لم ترفع رأسها.
وضع ديرنيك الباقة فوق طبق كلايسي.
“هل يمكنني الجلوس؟”
عندما تفتحت الأزهار أمامها وسمعت صوتًا ناعمًا يتحدث، رفعت كلايسي رأسها أخيرًا بعينين متسعتين.
تغير تعبير وجهها بسرعة من الدهشة إلى العبوس عندما تعرفت على ديرنيك.
“لماذا أنت هنا؟”
سألت كلايسي بحدة، وهي تراقب الباقة، كانت الباقة مليئة بالزهور البيضاء والصفراء الزاهية والجميلة.
للحصول على مثل هذه الزهور الطازجة في منتصف الشتاء، من المرجح أن يكون قد تم إنفاق مبلغ كبير من المال.
أرادت كلايسي أن تسأل عن الباقة، لكنها كانت أكثر اهتمامًا بمعرفة سبب وجود هذا الشخص الغريب هنا، لذا انتظرت بصبر تفسيره.
جلس ديرنيك على الكرسي، وأشار للنادل أن يقترب، ثم رد قائلاً:
“كيشين لن يأتي، لذا، جئت بدلاً منه.”
عبست كلايسي، لم يكن لديها أي ثقة في الرجل ذي الشعر الفضي، فمنذ لقائهما الأول، لم يكن بينه وبين كلايسي سوى الكذب الخداع.
“لا أصدقك”
تمتمت كلايسي بصوت متجهم.
تجاهلها ديرنيك وأخذ القائمة من النادل الذي اقترب منه.
“فقط اختر شيئًا”
بمجرد أن تلقى ديرنيك القائمة، أعادها إلى النادل، نظر النادل بين كلايسي وديرنيك والباقة قبل أن يتجه إلى المطبخ.
وبمجرد أن غاب النادل عن الأنظار، مد ديرنيك يده.
“أنا ديرنيك، سعيد بلقائكِ، لم أتمكن من تقديم نفسي المرة الماضية بسبب الظروف، أنا آسف لذلك.”
“لقد أعطيتني اسمك، لكنه كذبة”
“إذاً، لم أخبركِ باسمي فعليًا، أليس كذلك؟”
غمز ديرنيك بعين واحدة، ثم صفق بيديه وهو ينظر إلى الأطباق الممتلئة.
“آنسة كلايسي، يبدو أنكِ تأكلين كثيرًا.”
أرادت كلايسي على الفور أن تمسك بحقيبتها وتغادر، هل حقًا لن يأتي كيشين هايد؟.
“هل كيشين… حقًا لن يأتي؟”
بدلاً من المغادرة، سألت كلايسي بأسى، رغم أن ديرنيك كان غريب أطوار، إلا أنه بدا قريبًا من كيشين، لذا قررت أن تسأله.
“آه، نعم”
“لماذا؟”
“حسنًا، هو هكذا دائمًا، لا يحب النساء”
اتسعت عينا كلايسي بدهشة، وانفجر ديرنيك بالضحك.
“بماذا تفكرين؟، ليس للأسباب المريعة والسيئة التي تتخيلينها”
“إذًا؟”
“إنه فقط غير مهتم بالرومانسية أو الزواج على الإطلاق”
رمشت كلايسي بعينيها، كيشين يبدو في نفس عمرها لكنه غير مهتم بالرومانسية أو الزواج… هل يعني ذلك أنه لا يملك إرث أو لقب ليمرره؟.
إذا كانت لديه علاقة سيئة مع والديه، فلن يحتاج إلى أن يكون مرتبطًا بزواج مدبر، وينطبق الأمر نفسه على الأشخاص الذين بنوا أنفسهم بأنفسهم، هل كان كيشين هايد من تلك الحالات؟.
“إذًا، هل لدى السير كيشين… شخص آخر يحبه؟”
“لا، ليس لديه أحد، إنه غير مهتم تمامًا بتلك الأمور، إنه مهووس بالعمل، إذا تزوج يومًا ما، فإن زوجته ستكون على الأرجح مرتزقة او سيافة مرعبة”
شعرت كلايسي بالإحباط، سواء كان كيشين جنديًا بنى نفسه بنفسه أو شخصًا لديه علاقة سيئة بعائلته، لم يكن الأمر مهمًا إذا لم يكن لديه أي اهتمام بهذه الجوانب على الإطلاق.
أحضر النادل الطعام.
“هل تريدين المزيد من الطعام؟”
قدم ديرنيك نصف طعامه أمام كلايسي.
هزت كلايسي رأسها، كانت البيضة تبدو لذيذة، لكنها كانت ممتلئة بالفعل، كانت قد طلبت المزيد من الطعام فقط أثناء انتظارها لكيشين.
لم يبدُ أن ديرنيك يهتم، وبدأ في تناول الطعام بمفرده، رغم أنه تحدث بأسلوب غريب وتصرف وكأنه محتال، إلا أن ديرنيك كان يتمتع بشكل مفاجئ بآداب طعام مثالية.
بينما كان ديرنيك يتناول نصف طعامه تقريبًا، جلست كلايسي غارقة في التفكير، ما الذي لم يعجب كيشين فيها؟.
بعد مرور بعض الوقت، لاحظت أن ديرنيك قد توقف عن الأكل وكان الآن يحدق بها بتركيز، أسند ذقنه على يده، وأخذ يتأملها علنًا.
“ما الأمر؟”
سألت كلايسي بانزعاج بسبب نظراته الفاحصة، وابتسم ديرنيك وهو يجيب.
“هل تشعرين بالندم؟”
“الندم على ماذا؟”
“على كتابة الرسالة، أنت نادمة على كتابة رسالة إلى كيشين وإيذاء كبريائك فقط”
“لا.”
أجابت كلايسي بحدة ونظرت بضعف إلى باقة الزهور.
“كاذبة، أنت نادمة، أليس كذلك؟”
واصل ديرنيك، وكأنه ضبع سعيد يستمتع.
كلايسي، التي كانت متعبة جدًا للمجادلة، ردت :
“ليست أول أو ثاني مرة يتم رفضي فيها، لو كنت قد مررت دون أن أعبر عن مشاعري، لكنت ندمت أكثر، من الأفضل أن يتم رفضي مباشرة”
أخفت كلايسي الجزء الذي كانت تفكر فيه أن الرفض كان أفضل بمئة مرة من أن يتم أخذ كيشين منها بابتسامة ميرين الملائكية.
بشكل مفاجئ، بعد التفكير بهذه الطريقة، تحسنت حالتها المزاجية بشكل ملحوظ.
حقًا، أن يتم رفضها من قبل كيشين هايد نفسه كان وضعًا أفضل بكثير من أن تتدخل ميرين بابتسامتها الملائكية وتأخذه منها.
حتى أن تحسن حالتها المزاجية جعل ديرنيك، الذي كان يبدو كغريب تمامًا، يبدو نوعًا ما مقبولًا.
بحلول هذا الوقت، كان ديرنيك قد مسح الابتسامة من وجهه وكان ينظر إلى كلايسي بتعبير جدي.
ابتسمت كلايسي بتوتر وهي ترتب الزهور وقالت تحيتها المتأخرة:
“هل جئت مكان كيشين لأنه رفضني دون أن يقول كلمة؟، لتقدم لي بعض العزاء، ربما؟، شكرًا لك.”
“ليس لهذا السبب جئت”
لكن، رؤية الابتسامة ذات المغزى على وجه ديرنيك جعلت امتنان كلايسي يختفي مثل الرمال التي تجرفها الأمواج.
“إذًا؟، هل جئت فقط لتضيع الوقت وتخبرني بذلك؟”
“لا.”
عندما غمز ديرنيك، تساءلت كلايسي للحظة إن كان بالفعل أحمقًا.
“حقًا؟”
بينما حاولت كلايسي أن تبقى متماسكة، دفع ديرنيك الباقة نحوها، وسأل:
“أنتِ خالة ميرين، أليس كذلك؟”
“……”
“من فضلك اوصلي هذه لابنة أختك”
شعرت كلايسي وكأن قلبها يغرق بالألم، كانت تظن أن رفض كيشين كان أمرًا جيدت مقارنة بالتورط مع ميرين، لكن الآن، ميرين تتلقى اهتمامًا من شخص ما أمامها مباشرة.
فركت كلايسي جبهتها ووقفت.
“أوصلها بنفسك، أنت تعرف مكان إقامتها.”
“أوه، سيكون الأمر محرجًا للغاية.”
“ميرين مشهورة وتتلقى الكثير من الزهور، لن تشعر بالحرج، أوصلها بنفسك.”
قالت كلايسي ذلك ببرود، ثم وقفت، غطى ديرنيك وجهه بكلتا يديه، متظاهرًا بالخجل وخافضًا رأسه.
ما هذا؟، بينما كانت مذهولة، نظر ديرنيك إليها بتظاهر بالحياء وهمس :
“أنا محرج جدا”
كلايسي شعرت برغبة في ضرب رأسه بباقة الزهور، هل هذا الرجل يحاول استفزازها؟.
“تجاوز الأمر!”
صرخت كلايسي بغضب، جمعت أغراضها وسارت نحو الصندوق.
بعد سماع المحادثة بأكملها، نظر إليها أمين الصندوق بنظرة متعاطفة وقال:
“المدير يمنحكِ خصمًا على وجبتكِ لأنكِ أكلتِ كثيرًا.”
هل كان الخصم حقًا بسبب تناولها الكثير، أم أن المدير سمع المحادثة؟.
شعرت كلايسي بالشك، لكنها كانت ممتنة، شكرت أمين الصندوق، دفعت الفاتورة بسرعة وغادرت المطعم دون أن تنظر إلى الخلف.
كان جزء من صدرها يؤلمها، ليس من الرفض، بل بسبب الانزعاج من ذلك الأحمق.
أنهى ديرنيك وجبته وحده، حتى بعد مغادرة كلايسي، العاملون في المطعم، الذين كانوا على علم بأنها كانت تنتظر شخصًا منذ الصباح الباكر، نظروا إليه بطرف أعينهم، لكنه واصل تناول الطعام بهدوء.
أكل ببطء شديد وبدون اهتمام حتى أن العاملين تعبوا من التحديق فيه في النهاية.
عندما انتهى من وجبته وسار نحو الصندوق، تحدث أمين الصندوق بنبرة ملؤها الضيق:
“عليك أن تأخذ باقة الزهور معك”
“أوه.”
نظر ديرنيك إلى باقة الزهور التي تركها على الطاولة وكأنه نسيها، ثم أخرج ثلاث عملات ذهبية من محفظته وقدمها.
“سلمها إلى المنزل ذو السقف الأزرق في شارع هورد الثاني عشر.”
عند رؤية العملات الذهبية اللامعة، خفت حدة انزعاج أمين الصندوق، وسأله بلطف:
“إلى من يجب أن تُسلم؟”
“إلى الآنسة ميرين.”
بعد ذلك، تجول ديرنيك بلا هدف ولعب قبل أن يعود إلى المنزل.
ومع ذلك، عندما دخل منزله وهو يصفر، وجد الخادم يقف هناك بابتسامة متوترة وسلوك مهذب.
“ما الأمر؟، ماذا يحدث؟”
شعر ديرنيك بالقلق وتراجع نصف خطوة وسأل.
قبل أن يجيب الخادم، ظهر المتسبب الرئيسي بالقلق نازلًا من السلالم، كان كيشين.
توتر ديرنيك، لكنه استرخى بعد رؤية تعبير كيشين.
“ماذا الآن؟”
كان الآخرون لا يستطيعون تمييز تعابير كيشين الباردة، لكن ديرنيك كان يفهم تعابيره جيدًا، في تلك اللحظة، كان كيشين يبدو بملامح محايدة.
بمجرد دخولهما إلى الغرفة، قام ديرنيك بصب الشاي لكيشين وسأله:
“لماذا جئت دون إخباري؟، حتى خادمي كان متوترًا بسبب زيارتك.”
رفع كيشين فنجانه برشاقة ورد بسؤال:
“هل تخبرني عندما تذهب إلى مكتبي؟”
“حسنا لا بأس”
ابتسم ديرنيك وهز رأسه موافقًا، ثم جلس على طرف مكتبه، ناظرًا إلى كيشين، لم يكن يهمه أن كيشين جاء دون إعلان مسبق، لكنه كان فضوليًا بشأن سبب زيارته.
رغم أنهما كانا صديقين مقربين، لم يكن كيشين يأتي لزيارته لمجرد “قضاء الوقت”.
أخذ كيشين رشفة من الشاي، عبس، وبعد لحظة من الصمت سأل:
“هل قابلت الآنسة كلايسي؟”
رفع ديرنيك حاجبيه وابتسم بإشراق.
“ما الذي حدث لك لتسأل عن ذلك؟، هل شعرت بالندم بعد رفضك لها؟، لقد وجدتها لطيفة بعض الشيء عندما تحدثنا.”
أشار كيشين بصمت إلى الجدار.
عندما استدار ديرنيك للنظر، رأى باقة الزهور المألوفة بجوار الستائر، كانت نفس سلة الزهور التي طلب أن تُرسل إلى ميرين.
أشار ديرنيك إلى باقة الزهور وابتسم مع عبوس.
“لماذا هي هنا؟”
“أنا من أحضرها.”
أجاب كيشين ببرود وهو يضع فنجانه.
ظل ديرنيك في حيرة وسأل:
“لماذا أحضرتها؟، لقد أرسلتها إلى الآنسة ميرين.”
“والآنسة ميرين أرسلتها إليّ، قالت إنها كانت عبئًا كبيرًا عليها، لذا أعادتها.”
“ماذا؟، لماذا أرسلتها إليك؟”
“لهذا جئت لأبحث عنك، بسبب إعادة تلك الباقة الكبيرة إلى بيت الحرس، أصبحت… مرفوضًا علنًا”
كان من الكارثي أن يضحك الآن، غطى ديرنيك فمه بيده وفتح عينيه على اتساعهما من المفاجأة.
لكن كما كان ديرنيك يعرف كيشين جيدًا، كان كيشين أيضًا يعرف ديرنيك، لاحظ كيشين سخرية ديرنيك ونهض من الأريكة، تراجع ديرنيك بسرعة، رافعًا يده وكأنها درع.
“انتظر، انتظر، الأمر ليس خطئي، أعتقد أن الآنسة كلايسي ربما انتقمت منك.”
ابتسم ديرنيك بإشراق بينما يطرح تخمينًا آخر.
ظهر تجعيد طفيف على جبهة كيشين الملساء.
“انتقام؟”
“لقد رفضت الآنسة كلايسي”
“ليس هناك ما يدعو للانتقام، ليس لدي التزام بمواعدة الآنسة كلايسي.”
“صحيح، لكنك رفضتها بفظاظة، أليس من الممكن أنها سعت للانتقام؟”
“!”
“أخبرت الآنسة كلايسي أنك لا تهتم بالنساء، لذا من الممكن أنها أرسلت باقة الزهور إليك عمدًا للإضرار بسمعتك، ما رأيك؟، ألا يبدو ذلك معقولاً؟”