High Class Society - 190
“إذا عدت إلى البر، هل سيكون هذا وداعًا بيني وبينك؟”
“أنتِ لن تأتي إلى بورتناتي…”
سأل الصبي وهو يمسح شعر المرأة، وحركت هي زعنفة أذنها.
“أين بورتناتي؟”
“همم… هل تعرفين نهر لاكرِما؟”
شرح الصبي بحماس عن بورتناتي ونهر لاكرِما. لحسن الحظ، فهمت المرأة.
“المياه هناك ضحلة جدًا. هناك العديد من الناس. إنه خطر، لذلك لا يذهب أحد منا إلى هناك.”
“…أه.”
شعر الصبي بحزن عميق. ولكن عقله الذي كان يبحث عن حل بسرعة بدأ يفكر في طريقة لمقابلة المرأة مجددًا.
“إذا كانت بورتناتي مستحيلة، فلنذهب إلى أدوور. يمكننا الذهاب إلى أدوور على ظهر الخيل، ثم نركب القارب إلى البحر البعيد. سأتعلم السباحة أيضًا. إذا بذلت هذا الجهد، ربما أتمكن من مقابلة المرأة مجددًا.”
ولكن عندما شرح الصبي خطته، ردت المرأة برد فعل هادئ.
“لماذا كل هذا؟”
“ألا تعجبين بي؟”
“أنا لا أعرفك.”
“لكن قلت إن عيوني جميلة.”
“نعم. عيونك جميلة حقًا. لكن هذا لا يعني أننا يجب أن نلتقي مرة أخرى.”
“إذاً سترجعني؟”
“إذا كنت تريد ذلك.”
لم تبدُ المرأة حزينة لذلك. كان الصبي وحده هو الذي يشعر بالضيق. فاحتضن المرأة بقوة أكبر.
“البحر واسع، أليس كذلك؟ هل أنتِ لستِ وحيدة؟”
“قلت لك، أمي تحبنا.”
“إذن لماذا لن تمسكي بيدي؟”
“أنت مدلل.”
“أنا لا أحب المدللين.”
صمتت المرأة للحظة ثم أجابت بصوت مليء بالتردد لأول مرة.
“لا أعرف. لم ألتقِ بأحد مثلك من قبل.”
“هل هذا يعني أنكِ لا تحبينني؟”
سأل الصبي بقلق وهو يفصل نفسه عنها. تبادل الاثنان نظراتهما، ثم هزت المرأة رأسها.
“لا أظن أنني لا أحبك.”
“أنا أيضًا أحبك.”
أمالت المرأة رأسها وضربت الماء بذيلها في حركة متسائلة.
أشعر بذلك بقدر ما كان يبدو هذا لطيفًا، نسى الصبي دموعه وضحك.
“أنتِ أنقذتني، رغم أنك لا تعرفين ما هو الكوكب الأزرق، ودون أن تطلبي شيئًا بالمقابل.”
“كان فقط فضولًا.”
“لكنني ممتن لك. حتى لو لم أكن من أسرة بونابارت، فقد علمتني أنه يمكنني الحصول على مساعدة من شخص ما، وأنني يمكنني أن أحتضن شخصًا.”
“…”
نظرت المرأة إلى الصبي بصمت. مع تلك النظرة، شعر الصبي فجأة بالخجل.
“إذن…”
“…”
“هل ستبقين بجانبي؟”
“…”
لم تجب المرأة. أخذ الصبي يد المرأة بهدوء.
لم ترد المرأة بعد، لكنها لم تسحب يدها. فقط نظرت إلى اليدين المتشابكتين بنظرة صفراء غامضة، كما لو كانت تفكر بشيء غير معروف.
الصبي لم يشعر بالبرد بعد الآن.
—
“سأنتظرك.”
بعد أن وعدت الصبي، عبرت المرأة البحر. في منتصف البحر، حيث لا ريح، كان هناك جزيرة صغيرة بيضاء. كانت عائلة المرأة تسميها الأرض المقدسة. توجهت المرأة وحدها نحو تلك الجزيرة.
عندما اكتشفت عائلتها نيتها في التوجه إلى الأرض المقدسة، حاولوا تحذيرها وطلبوا منها التراجع، ولكن دون جدوى.
“ستتحولين إلى رغوة البحر.”
كانت المرأة تعرف أن واحدة من أخواتها قد تحولت إلى رغوة بحر بالفعل. لم تكن تعرف لماذا كانت على وشك التضحية بهذا العالم الجميل من أجل الصبي. ولكن قلبها كان يدفعها لذلك، ولهذا راحت تسبح نحو تلك الأرض الصغيرة البيضاء.
طوال الطريق، كانت المرأة تفكر في الصبي.
لقد عاشت المرأة وقتًا طويلاً، وخلال تلك الفترة، لم يسبق لأحد أن تعامل معها بهذا الشكل. كانت قوانين الطبيعة والبحر ثابتة، ولم يحاول أحد أن يخالفها. حتى لو مر مئة عام، لن يتغير البحر.
لكن الصبي كان مختلفًا. كان ذاك الطفل ذو العيون مثل الشمس، يصر على تحدي كل شيء وتحقيق ما يريد. لقد مارس السباحة حتى في جزيرة الصخور تلك، وأصبح الآن قادرًا على السباحة بشكل غير متقن. نفس ذلك الصبي الذي كان يكاد يغرق عندما التقيا أول مرة.
ومع ذلك، كان يعبر عن امتنانه بعينيه البريئتين عندما يحصل على المحار والصخور.
لم يكن هناك شخص مثل ذلك في حياة المرأة. حتى أول صديقة لها من أوركينيانا لم تكن بهذا الشكل.
بينما كانت تراقب الصبي، بدأت تتساءل عن العديد من الأشياء.
ما نوع الأرض التي نشأ فيها هذا الصبي؟ هل هناك الكثير من الأشخاص مثله هناك؟ هل الجميع في تلك الأرض بهذا القدر من القوة والعزلة؟ وإذا كان الأمر كذلك، هل سيعود الصبي إلى الأرض في النهاية ويصبح مثلهم؟
شعرت المرأة بحزن خفيف في قلبها لهذا الواقع. كانت تأمل أن لا يفقد الصبي عزيمته وقوة إرادته، وألا يذبل ضوء شمس عينيه.
لقد كان الجمال في هذا الصبي هو مصدر الإلهام.
في ليلة اكتمال القمر، جلست المرأة على الجزيرة وغمضت عينيها، غنية بالأغاني التي ورثتها عبر الأجيال.
ظن الصبي أن تلك الأغاني كانت أغنية تهويدة.
بين البحر الأزرق والسماء، كان صوتها يمتد طويلًا إلى أعلى الأماكن. وكان في بعض الأحيان يُسمع صوت دلافين وكأنها تحاول منعها. لكن المرأة لم تتوقف عن الغناء.
عندما انتهت الأغنية، فتحت عينيها ببطء. أمامها كان القمر الكامل الكبير والذهبي، كما الشمس.
“…”
تنهدت المرأة بضعف وعادت إلى البحر مجددًا.
عندما قابلت عائلتها للمرة الأخيرة، كانت عيونهم تدمع مثل حبات اللؤلؤ.
“عودي دائمًا، إذا قتلته، يمكنك العودة إلينا.”
أومأت المرأة برأسها، لكنها كانت تدرك بداخلها أن هذا لن يحدث.
عندما عادت المرأة إلى الجزيرة حيث كان الصبي، كان الصبي نائمًا.
سحبت المرأة الصبي برفق وسبحت به نحو البر. طوال الطريق، كانت تهمس بتلك الأغنية. ربما بسبب ذلك، لم يفق الصبي، بل استمر في مواجهة الماء بهدوء.
وضعت المرأة الصبي برفق على الشاطئ.
حتى عندما نظرته مجددًا، كان صغيرًا جدًا. لم يكن لديها أدنى فكرة عن مدى قدرته على الوفاء بالوعد.
لكنهم تعاهدوا بأن يلتزمان به.
“سننسى كل شيء. لأن هذا هو ما تريده الأم.”
همست المرأة للفتى النائم: “إذا لم تجدني، فإن جزيرتك ستغرق بالكامل في الأمواج. إذا لم ترغب في رؤية ذلك، سيكون من الأفضل أن تلتزم بالوعد.”
على الرغم من الكلمات التي بدت كتهديد، ظل الفتى نائمًا بعمق. نظرت المرأة إليه بتركيز ثم أطلقت ضحكة خفيفة. “أنت، أيها الكائن الصغير والضعيف، لا يمكن أن تلتزم بالوعد.”
لكن… نظرت المرأة إلى إصبعها الصغير في صمت. كانت لمسة أصابع الفتى الدافئة ما زالت حية في ذاكرته. كما كانت كلمات الفتى المليئة بالحرص والإصرار ما زالت واضحة في أذنه.
“أعدك. سأعطيك كل شيء.”
ابتسمت المرأة ابتسامة خفيفة، ثم وضعت شفتيها برفق على جبهة الفتى. “سأنتظرك.”
—
عندما استفاق من حلمه، نظر سيزار إلى السقف شاردًا. مع تزايد وضوح ذهنه، شعر بشيء يختفي سريعًا من ذاكرته، مما جعله يشعر بحزن عميق. “لا… لا تختفي.”
في تلك اللحظة، امتلأ قلبه بشعور من الثقل. “…همم.”
تحركت أديل بيبي التي كانت نائمة بجانبه، مما جعل سيزار يعود إلى وعيه تمامًا. ضباب الذاكرة اختفى، وأصبح يشعر براحة عميقة.
نظر سيزار بهدوء إلى وجه أديل النائم. كان وجهها جميلًا ومليئًا بالشوق. لم يشعر أبدًا بالشوق تجاهها من قبل، لكن الآن، كان يشعر بنفس المشاعر معًا، الشوق والفرح.
“هل التقيتها عندما كانت تعمل كخادمة تنظيف الأحذية؟” لم يكن يعرف.
الأهم هو أنهم اجتمعوا مجددًا. قرر سيزار أن يهدي حياته كلها إلى أديل، وكان مستعدًا أن يمنحها كل ما يملك. كانت تستحق ذلك.
مد سيزار يده ببطء وأمسك بيد أديل. ومن دون معرفة السبب، شد أصبعه الصغير بإصبعه.
في تلك اللحظة، شعر بشيء يكتمل تمامًا، وابتسم على شفتيه. همس إلى المرأة في أحضانه:
“شكرًا على انتظارك.”
>النهاية<
هيما: وانتهت الفصول الجانبية وياربي كانن يجننن واحلى فصول جانبية ترجمتهن بحياتي كلها + تابعوني على الأنستغرام علمود تعرفون خاف بعد اكو قصص جانبية او خاصة للرواية.
الانستغرام: zh_hima14