Forest Fairy - Chapter 3
استفاقت جوليا من نومها لتجد نفسها مستلقية تحت الشجرة الكبيرة التي تقع بالقرب من منزلها. نظرت حولها بقلق، وكانت تشعر بنوع من الارتباك، إذ لم تستطع رؤية الرجل الغريب الذي رأت حالته يثير الفزع في قلبها. انتابتها مشاعر الخوف، فاتخذت قرارًا سريعًا بالهروب قبل أن يعود هذا الشخص ويقوم بأمر غريب آخر.
بدأت جوليا تجري بسرعة نحو منزلها، وعندما ابتعدت قليلاً، فإذا بألبرت يقفز من فوق الشجرة الكبيرة، وقد كان ينظر في الاتجاه الذي اتجهت إليه جوليا. بصوتٍ هادئ ولكن يحمل في طياته تهديدًا، قال: سنلتقي مرة أخرى، وعندها لن أسمح لك بالهرب.
♧♧◇♧♧
**المخيم**
تُقف إليزابيث أمام خيمة ألبرت، تنتظر الإذن بالدخول لتقدم له دواءً يُفيد في علاج الأرق، كما تدعي.
قال الحارس متأسفًا: آسف يا أميرة إليزابيث، لكن الأمير ألبرت لم يستيقظ بعد.
أجابته إليزابيث بحدة: كف عن اختلاق الأعذار، ودعني أدخل قبل أن أجعل والدي يُلقي بك إلى الموت!
بينما كانت إليزابيث تصرخ في وجه الحارس، فاجأها صوت مرعب يناديها، والذي كان ينتمي إلى ألبرت نفسه، الذي كان متجهم الوجه ويشيع منه غضب شديد بسبب تصرفات إليزابيث المزعجة.
دون أن تأبه بغضب ألبرت، دخلت إليزابيث الخيمة بكل وقاحة، وتقدمت نحوه ملوحةً بيدها التي تحمل صينية الدواء، مستعدة لتقديم ما اعتقدت أنه العلاج المناسب.
قالت بصوت يتسم بالتظاهر بالخجل:
لقد جلبت لك دواءً لمساعدتك على التغلب على الأرق الذي تعاني منه، ألبرت.
بينما كانت إليزابيث تتحدث، وقف ألبرت أمامها، وكانت نيران الغضب تتأجج في عينيه، إلا أنه لم يتفوه بكلمة واحدة، بل اكتفى بالاستماع إليها. وعندما أنهت حديثها، أمسك ألبرت بالدواء الموجود على الصينية، والذي كان عبارة عن محلول مائي، وسكبه فوق رأس إليزابيث، ثم قال:
في المرة القادمة، لن أكتفي فقط بسكب الماء عليك، بل سأقطع رأسك عن جسدك. هل فهمتِ؟ والآن، اخرجي من هنا.
لم تتمكن إليزابيث من تحمل هذا الموقف، فقالت بغضب وهي تلقي بالصينية على الأرض:
سأخبر أبي وسيجعل منك عبرة، أيها الوضيع ذو الدماء القذرة!
لم تكمل إليزابيث حديثها حتى أمسكها ألبرت من عنقها بشدة، وابتسمت على وجهه علامات الغضب. قال لها بنبرة متوعدة:
أستطيع أن أقتلك أنت ووالدك وعائلتك بلا رحمة. هذا الشخص ذو الدماء القذرة والمقززة هو من تتبعينه ككلب أجرب يبحث عن اهتمام سيده. وأنا أيضًا أعلم تمامًا كيف يتعامل الدوق مع من يحاول سحبه إلى أسفل، حتى لو كان ذلك الشخص هو ابنته الوحيدة.
بدأت الدموع تتجمع في عيني إليزابيث، بينما كان ألبرت يضغط بقوة على عنقها، مما جعلها غير قادرة على النطق بكلمة. وما إن تركها ألبرت حتى سقطت على الأرض، ثم قامت بسرعة وركضت خارج الخيمة وهي تبكي بحرقة.
♧♧◇♧♧
**منزل جوليا**
– قال الجد بصوت يحمل بعض القلق: جوليا عزيزتي، أين كنتِ ليلة الأمس؟ استيقظت ولم أجدك.
ردت جوليا بينما كانت تقوم بنشر الغسيل، ورفعت صوتها قليلاً وكأنها تحاول التهرب من الإجابة: آه يا جدي، لو كنت تعلم كم كنت أشعر بالحر ليلة أمس. لذلك، خطر في بالي أن أذهب إلى البحيرة وأنعش نفسي بمياهها الباردة.
سألها الجد: لم تخافي من مصادفة أحد النبلاء في طريقك؟
أجابت بحماس: ولماذا أخاف؟ كما أن الوقت كان متأخراً، ولا بد أنهم كانوا نائمين في ذلك الوقت.
قال الجد بتحذير: حسناً، لكن احذري من التجول في الغابة بينما هم هنا.
أجابت جوليا بلهجة مطمئنة: حسناً جدي.
فكرت جوليا قليلاً قبل أن تتحدث بصوت مليء بالفرح، قائلةً:
جدي، هل يمكنك السماح لي بالذهاب إلى المدينة والمبيت عند صديقتي لاريت؟
عبس الجد قليلاً، وكأن عليه التفكير في الطلب، قبل أن يجيب بصوت صارم:
سأسمح لك بذلك، ولكن فقط هذه المرة.
أشرق وجه جوليا بابتسامة عريضة، وهي تتطلع إلى جدها العبوس، وأكملت ببراءة:
أرجوك، جدي، توقف عن العبوس. أعلم أنني ينبغي ألا أذهب إلى هناك، لكنني أفتقد صديقتي كثيرًا. وأيضًا، نحن بحاجة إلى بعض التوابل والطعام من المدينة.
أجاب الجد بجدية: حسنًا، لكن لا تنسي أن تغطي شعرك، وأن ترتدي النظارات، و أن لا تخلعيها أبدًا.
أعدك يا جدي، لكن يجب عليّ الذهاب قبل أن يحل منتصف النهار.
قامت جوليا بتجهيز حقيبتها، ووضعت على رأسها قبعة كانت تغطي شعرها البرتقالي. كما ارتدت نظاراتها قبل أن تخرج، بعد أن ودعت جدها بحب وتقدير.
♧♧◇♧♧
لقد كان الوقت قد تجاوز منتصف النهار عندما كان ألبرت مستلقيًا في خيمته، حيث قرر عدم الانضمام إلى الفريق الاستكشافي الذي انطلق لاستكشاف الغابة. بينما كان ألبرت منهمكًا في تأمل السوار الذي أخذه من جوليا أثناء نومها، دخل زاك الغرفة وهو يقول: سموك يطلب حضورك لدى الملك بسرعة، فقد عثر فريق الاستطلاع على منزل خشبي قريب من هنا، يسكنه أحد القرويين.
لم يمضِ وقتٌ طويل قبل أن يستنتج ألبرت أن المنزل الذي يبحث عنه قد يكون منزل الأرنب الصغير. لذلك، خرج مسرعًا وهو يأمل ألا يكون هناك أحد هناك. عندما وصل ألبرت إلى المنزل الخشبي، لاحظ عددًا من الحراس يحيطون برجل كبير في السن كان يركع أمام الملك. بدأ ألبرت يمعن النظر في هذا الرجل، إذ كان يبدو عليه القلق الشديد، حيث كان يتفقد طريق الغابة وكأنه يخشى ظهور شخص ما. وفي تلك اللحظة، تأكد ألبرت أن الفتاة التي رآها عند البحيرة تعيش في هذا المنزل. لذا، أشار ألبرت لزاك بالبحث عن الفتاة.
♧♧◇♧♧
وصلت جوليا إلى المدينة في المساء، وعندما عبرت بوابة المدينة، شاهدت صديقتها لاريت في انتظارها برفقة والدتها. بمجرد أن رأتهم، ركضت إليهم وعانقتهما بحرارة. ثم استأنفوا طريقهم باتجاه منزل لاريت. خلال المشي، بدأت والدة لاريت، زوي، بالتحدث قائلة:
انظري إلى نفسك يا جوليا، لقد أصبحت فتاة بالغة الآن. ألا يفكر جدك في إخراجك من تلك الغابة؟
فردت لاريت بامتعاض: أمي، يكفي…
استمرت زوي في الحديث: ما الذي يفكر فيه ذلك العجوز حتى يحبسك في تلك الغابة؟ لن تجدي زوجاً لك هناك…
أجابت لاريت مرة أخرى بجدية: أمي، قلت لك هذا يكفي.
دعيني أتحدث بما يجول في خاطري، لا يبدو أن أحدًا يتذكر تلك الحادثة، فلماذا لا يزال يحبس هذا السر في الغابة؟ هناك الكثير من الرجال الذين سيكونون مستعدين لدفع مبالغ طائلة مقابل هذا الجمال.
_لاريت_: آمي، يكفي! جوليا لم تصل بعد لتسمع تذمرك. … جوليا، أعتذر لك عن وقاحة أمي في الكلام.
_جوليا_: لا بأس، لاريت، لم يحدث شيء. لكن يجب أن أعود إلى جدي، فمن المحتمل أنه لم ينم بسبب خوفه علي. لذلك، أنا آسفة، يجب أن أغادر الآن.
_لاريت_: جوليا، انتظري… جوليا، هل رأيت ما فعلته يا أمي؟ لقد أحزنت الفتاة.
عادت جوليا إلى الغابة وعيونها مشبعة بالدموع. على الرغم من أنها لم تكن مسؤولة عن تلك الحادثة التي تعرضت لها، إلا أن الناس لم يتوقفوا عن انتقادها منذ طفولتها. هذه الانتقادات جعلتها محاصرة ومعزولة، حيث منعت من الذهاب إلى المدينة. لقد كانت جوليا تتمنى دائماً أن يأتي اليوم الذي تستطيع فيه أن تسأل جدها عن تلك الحادثة الغامضة، أو عن السبب الذي يدفعها لتغطية شعرها البرتقالي، الذي كان يميزها عن الآخرين.
لكن كلما حاولت جوليا فتح هذا الموضوع مع جدها، كان يغضب بشدة ويرفض التحدث عنه، مما زاد من إحباطها واندفاعها للبحث عن الحقيقة. وفي هذه المرة، كانت عزيمتها قوية، وقررت أنها لن تتردد أو تنثني عن فتح الموضوع. كان لديها شعور عميق بأن الوقت قد حان لتعرف الحقيقة، وأنها لن تجد الراحة حتى تفهم ما جرى بالفعل. كانت مشاعرها متأججة، وقررت أن تتحدث مع جدها اليوم، مهما كلفها الأمر.
بينما كانت جوليا تسير في الغابة تحت ضوء القمر الذي كان يتلألأ، شعرت وكأن هناك من يراقبها، مما أثار لديها شعوراً عميقاً بالخوف. إلا أن شجاعتها تغلبت على مشاعرها، واستمرت في طريقها نحو المنزل. لكن عندما اقتربت من المنزل، لاحظت أن أنواره مطفأة، مما زاد من قلقها ورعبها. وعندئذٍ، بدأت تركض بسرعة نحو المنزل، وعندما وصلت، تفاجأت بوجود الحراس الذين كانوا مختبئين في المنزل الخشبي. وما إن أمسكوا بها حتى قاموا بتقييدها وأخذوها معهم إلى المخيم.
عندما وصلوا إلى المخيم، أدخلوها إلى خيمة الملك روبرت، الذي كان ينتظر بداخلها مع أبنائه. وما إن وطأت قدم جوليا داخل الخيمة، حتى لمحت جدها وهو يركع أمام الملك، مكبلاً ومعزولاً. شعرت جوليا بدموع تحرق عينيها، معلنة عن عمق حزنها على جدها الذي كان في حالة يرثى لها. كان فمه ممسوكًا بقطعة قماش، مما جعلها عاجزة عن التعبير عن مشاعرها بالكلام.
اقترب منها أحد الحراس، وجعلها تركع بجانب جدها في موقف يبعث على الأسى. وعندما نظرت جوليا أمامها، رأت الملك وأبناءه جالسين هناك. من بين هؤلاء الأبناء، كان هناك رجلٌ رأته من قبل عند البحيرة، وكان يمشي بنظرة غامضة تجاهها، نظرة لم تتمكن من فهمها أو تفسير معناها. هذه اللحظات اجتمعت فيها مشاعر الحزن والخوف والارتباك، بينما كانت قلب جوليا مليئًا بالغموض والأسئلة.